إيران تخفف القيود الاجتماعية لإخفاء تصعيد القمع ضد المعارضة

تواجه ضغوطاً خارجية بشأن «النووي» وتتوقع مزيداً من العقوبات

إيرانيون أمام الحديقة الجوية الفضائية الوطنية التابعة لـ«الحرس الثوري» في طهران يوم 13 نوفمبر (أ.ب)
إيرانيون أمام الحديقة الجوية الفضائية الوطنية التابعة لـ«الحرس الثوري» في طهران يوم 13 نوفمبر (أ.ب)
TT

إيران تخفف القيود الاجتماعية لإخفاء تصعيد القمع ضد المعارضة

إيرانيون أمام الحديقة الجوية الفضائية الوطنية التابعة لـ«الحرس الثوري» في طهران يوم 13 نوفمبر (أ.ب)
إيرانيون أمام الحديقة الجوية الفضائية الوطنية التابعة لـ«الحرس الثوري» في طهران يوم 13 نوفمبر (أ.ب)

خففت إيران القيود الاجتماعية لإخفاء تصعيد القمع ضد المعارضة؛ إذ قال أربعة نشطاء داخل إيران إن السلطات الدينية تكثف حملة إجراءات صارمة ضد المعارضة السياسية لبث الخوف ومنع أي اضطرابات.

وفي المقابل، ذكر ثلاثة مسؤولين إيرانيين ومسؤول كبير سابق من التيار الإصلاحي أن استراتيجية السلطات محسوبة، وهي تخفيف القيود الظاهرة لتهدئة الرأي العام، وسط عزلة اقتصادية متزايدة، مع تكثيف حملة الإجراءات الصارمة على المعارضة السياسية لكن في هدوء.

وتعرض مئات من الصحافيين والمحامين والطلاب والكتاب والمدافعين عن حقوق الإنسان للمضايقات أو الاستدعاء أو الاحتجاز أو لإجراءات عقابية أخرى في الأشهر القليلة الماضية، وفقاً لجماعات حقوقية ونشطاء.

وفي شوارع طهران الصاخبة تبدو علامات التغير واضحة لا تخطئها عين... نساء يَسرن دون حجاب مرتديات الجينز والأحذية الرياضية، ورجال ونساء يتسامرون معاً في المقاهي وسط أنغام الموسيقى الغربية الهادئة أو يتجولون متشابكي الأيدي، في مشاهد تقوض تدريجياً القواعد الاجتماعية الصارمة التي طالما عرفت بها إيران. لكن تحت السطح، تتكشف حقيقة أكثر قتامة.

وقال ألكس فاتانكا، مدير برنامج إيران في «معهد الشرق الأوسط» الذي يتخذ من واشنطن مقراً، إن هذه الاستراتيجية تعكس «نهجاً مرحلياً محسوباً»، مع بقاء الخطوط الحمراء للحكومة دون تغيير. وأضاف لوكالة «رويترز»: «هذا التناقض مقصود: متنفس للشعب تقابله قيود صارمة على المعارضة الحقيقية».

أحد أصعب الاختبارات

تواجه المؤسسة الدينية الحاكمة في إيران أحد أصعب الاختبارات منذ ثورة عام 1979. فقد ألحق الصراع مع إسرائيل أضراراً بالغة بمواقع عسكرية ونووية إيرانية في يونيو (حزيران)، وأضعف شبكة حلفاء إيران في المنطقة؛ من حركة «حماس» في غزة، إلى جماعة «حزب الله» في لبنان، والفصائل المسلحة في العراق. وفي الداخل، يعاني الاقتصاد من انهيار العملة (الريال الإيراني)، والتضخم الجامح، وأزمات خانقة في توفير الطاقة والمياه.

وقال فاتانكا: «إيران تواجه وضعاً غير مسبوق، ونهج النظام الحالي يبدو أقرب إلى سلسلة من محاولات قصيرة الأمد للنجاة من لحظة متقلبة، لا إلى استراتيجية واضحة المعالم». وصار فرض ارتداء الحجاب انتقائياً، بعد أن أشعل الإصرار على الإلزام به احتجاجات حاشدة عندما توفيت الشابة مهسا أميني في حجز الشرطة في عام 2022 بعد القبض عليها بسبب انتهاك قواعد الزي الإسلامي.

ورفض الرئيس مسعود بزشكيان تطبيق قانون «الحجاب والعفة» المدعوم من غلاة المحافظين، والذي تمت الموافقة عليه أواخر العام الماضي، خوفاً من تجدد الاحتجاجات في أنحاء البلاد وسط تصاعد الغضب الشعبي. وعلى شبكة الإنترنت، يرسم سيل من مقاطع الفيديو صورة لإيران النابضة بالحياة والمنفتحة.

وينشر أجانب مؤثرون في مجال السفر، بعضهم بدعوة ورعاية حكومية، مقاطع عن انبهارهم بالآثار القديمة والبازارات (الأسواق) الصاخبة والوجبات الفاخرة. وغالباً ما يصورون البلاد على أنها تتعرض لسوء الفهم والتشويه.

ويشكل هذا المحتوى، الذي يشاركه الملايين من المتابعين، جزءاً من جهود المؤسسة الدينية لإعادة رسم صورة إيران بوصفها وجهة آمنة وجذابة.

في الوقت نفسه، تظهر مقاطع مصورة من حفلات موسيقية في الشوارع شابات لا يرتدين الحجاب ويرقصن ويغنين على أنغام الأغاني الرائجة في مواقع تخضع للمراقبة، وهي مشاهد لم يكن من الممكن تصورها قبل عامين.

ارتفع معدل تنفيذ الإعدام

لافتة ضد الإعدام في إيران خلال احتجاج ضد النظام عقب وفاة مهسا أميني... الصورة في برلين 10 ديسمبر 2022 (رويترز)

يقول منتقدون إن هذه المشاهد منظمة بعناية، وتهدف لإظهار الانفتاح في حين أنها ستار يخفي حملة قمع متزايدة. وارتفع معدل تنفيذ الإعدام في إيران إلى مستويات لم تشهدها منذ عام 1989، وتقول مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إن السلطات أعدمت ما لا يقل عن 1176 شخصاً في عام 2025 حتى 21 أكتوبر (تشرين الأول)؛ أي بمعدل أربعة أشخاص يومياً.

وقال أحد النشطاء: «تتصاعد الضغوط من تهديدات لعائلاتنا إلى اعتقال النشطاء والطلاب والصحافيين. يريدون سحق أي معارضة». وتعرض هذا الناشط للسجن في عام 2019 خلال احتجاجات على ارتفاع أسعار الوقود سرعان ما تحولت إلى احتجاجات سياسية تطالب «بتغيير النظام».

وتحدث جميع النشطاء لـ«رويترز»، شريطة عدم الكشف عن هوياتهم، خوفاً من الانتقام. وتجد النخبة الحاكمة في إيران نفسها عالقة بين السخط في الداخل وتعثر المحادثات النووية مع واشنطن لإنهاء النزاع المستمر منذ عقود وهو مزيج ترك البلاد في عزلة سياسية ومالية خانقة.

ومن شأن إعادة تفعيل آلية العودة السريعة لعقوبات الأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول)، بعد الإخفاق في التوصل إلى اتفاق نووي، أن يزيد الضغط على اقتصاد إيران بشكل هائل ويقلص تجارتها مع الدول التي كانت تتجاهل في السابق العقوبات الأميركية المنفردة.

وعلاوة على ذلك، يتصاعد القلق في أروقة السلطة في طهران من احتمال تجدد الضربات الإسرائيلية إذا انهار مسار الدبلوماسية مع الولايات المتحدة، بحسب المسؤولين. وسيزيد مثل هذا السيناريو الضغوط الداخلية والخارجية المتفاقمة بالفعل على المؤسسة الحاكمة.

توجيه ضربات جديدة لإيران

صورة من قمر اصطناعي تُظهر حفراً في منشأة نطنز عقب غارات جوية أميركية وسط الصراع الإيراني - الإسرائيلي (رويترز)

وتحذر الولايات المتحدة وإسرائيل من أنهما لن تترددا في توجيه ضربات إلى إيران مرة أخرى إذا استأنفت تخصيب اليورانيوم الذي يمكن أن تستخدمه لتطوير أسلحة نووية. وتنفي طهران سعيها لامتلاك قنابل نووية.

وتهدد طهران من جانبها بالرد بقوة إذا ما تعرضت لهجوم مرة أخرى. وتقول طهران إنها ترحب بإبرام اتفاق نووي «سلمي».

ويقول فاتانكا: «احتمال تجدد الاضطرابات الشعبية أمر قائم، فالمجتمع الإيراني لا يزال يشعر بالغضب وخيبة الأمل كما أنه مقتنع بأن الأفق الاقتصادي والدبلوماسي المسدود أمامه لن ينفتح».

ويضيف فاتانكا أن استراتيجية المرشد علي خامنئي تبدو ذات مسارين: «خارجياً، هو يُبقي باباً دبلوماسياً ضيقاً مفتوحاً لتجنب الحرب مع إسرائيل أو الولايات المتحدة. وداخلياً، يجرب تقديم تنازلات محسوبة». واشتد التضييق على المعارضة السياسية بعد الحرب التي استمرت 12 يوماً مع إسرائيل في يونيو (حزيران)، والتي أسفرت عن مقتل عدد من كبار المسؤولين العسكريين وهزت أركان القيادة الإيرانية.

وقال الناشط الثاني إن تخفيف القيود الاجتماعية هو وسيلة لإبعاد الناس عن الشوارع. ومضى يقول: «لكنها مجرد مُسكنات. لقد تم استدعائي وتهديدي من قبل السلطات الأمنية بعد نهاية الحرب في يونيو... لقد هددوا باعتقال شقيقي الأصغر إذا انخرطت في أي نشاط سياسي».

وفي أعقاب الحرب، تذرعت السلطات بالأمن القومي لتبرير حملة القمع الواسعة. وأطلق القضاء الإيراني العنان لإجراء محاكمات سريعة للمتهمين بالتعاون مع إسرائيل، في حين أقر البرلمان تشريعاً يوسع استخدام عقوبة الإعدام في حالات التجسس.

ويستهدف القانون الجديد أيضاً النشاط عبر الإنترنت، ويجرّم المنشورات التي يعتبر أنها تردد «معلومات كاذبة».

ووفقاً للقضاء الإيراني، فقد جرى إلقاء القبض على أكثر من 21 ألف شخص، بينهم صحافيون ونشطاء وأفراد من الأقليات مثل الأكراد والبلوش والعرب.

وبحسب منظمات حقوقية، فقد جرى أيضاً توجيه اتهامات لأفراد من أقلية البهائية الدينية بأنهم «جواسيس للصهاينة» واعتُقل بعضهم في مداهمات للمنازل وصودرت ممتلكاتهم. وقال مسؤول إصلاحي كبير: «تتزايد الضغوط الدولية، وهم يخشون خسارة السلطة، لذا فهم يشددون قبضتهم في الداخل على المعارضة السياسية». وسبق أن أمضى هذا المسؤول سنوات في السجن بتهمة «العمل ضد الأمن القومي»، بسبب آرائه السياسية.


مقالات ذات صلة

«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

شؤون إقليمية بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)

«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

يواجه الإيرانيون العاديون عقوبة قد تصل إلى السجن 10 سنوات أو حتى الإعدام إذا استخدموا منصة «إكس» لكتابة أي شيء تراه الحكومة انتقاداً لها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية مركز كيندي سيكون مقراً لسحب قرعة كأس العالم 2026 في واشنطن (رويترز)

إيران ستحضر قرعة كأس العالم بعد التلويح بالمقاطعة بسبب التأشيرات

ذكرت تقارير إعلامية، اليوم (الخميس)، أن وفداً إيرانيّاً سيحضر قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 غداً (الجمعة) رغم إعلان إيران سابقاً مقاطعة الحفل المقرر بواشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (أ.ب)

إيران تدعو وزير خارجية لبنان لزيارتها ومناقشة العلاقات الثنائية

قالت وزارة الخارجية الإيرانية، اليوم الخميس، إن الوزير عباس عراقجي دعا نظيره اللبناني يوسف رجي لزيارة طهران قريباً لمناقشة العلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (طهران)
تحليل إخباري ولدان يجلسان على خط الأنابيب العراقي - التركي في قضاء زاخو بمحافظة دهوك بإقليم كردستان العراق (روترز)

تحليل إخباري صراع خطوط الأنابيب... ازدياد النفوذ الأميركي في العراق وتراجع الهيمنة الإيرانية

شهدت الأشهر القليلة الماضية تصعيداً خفياً وفعالاً للضغط الدبلوماسي الأميركي على الحكومة العراقية، نتج عنه إعادة فتح خط أنابيب كركوك-جيهان.

«الشرق الأوسط» (بغداد، واشنطن)
شؤون إقليمية زوارق سريعة لـ«الحرس الثوري» خلال مناورات سابقة في مضيق هرمز (أرشيفية - تسنيم)

مناورات بحرية لـ«الحرس الثوري» الإيراني

أعلنت القوة البحرية لـ«الحرس الثوري» الإيراني، الأربعاء، عن إجراء مناورات في مياه الخليج العربي، «ابتداءً من الخميس ولمدة يومين، وتشمل مناطق الخليج وجزر نازعات…

«الشرق الأوسط» (طهران)

إسرائيل تحدد ميزانية «الدفاع» لعام 2026 عند أكثر من 34 مليار دولار

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تحدد ميزانية «الدفاع» لعام 2026 عند أكثر من 34 مليار دولار

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

أعلن مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس اليوم (الجمعة)، أن ميزانية الدفاع الإسرائيلية لعام 2026 قد حُددت عند 112 مليار شيقل (34.63 مليار دولار)، بزيادة على 90 مليار شيقل كانت مُدرجة في مسودة سابقة، وفقاً لوكالة «رويترز».

واتفق كاتس ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، على إطار الإنفاق الدفاعي، حيث بدأ مجلس الوزراء مناقشة ميزانية العام المقبل، والتي تجب الموافقة عليها بحلول مارس (آذار)، وإلا قد تؤدي إلى انتخابات جديدة.

وبدأ الوزراء ما يُعرف بجلسة ماراثونية يوم الخميس قبل التصويت الذي قد يُجرى صباح الجمعة. وفي حال إقرارها، ستُعرض على البرلمان للتصويت الأولي.

وأكد كاتس أن الجيش سيواصل جهوده لتلبية احتياجات مقاتليه وتخفيف العبء عن جنود الاحتياط.

ونقل مكتبه عنه قوله: «سنواصل العمل بحزم لتعزيز جيش الدفاع الإسرائيلي، وتلبية احتياجات المقاتلين بشكل كامل، وتخفيف العبء عن جنود الاحتياط - من أجل ضمان أمن دولة إسرائيل على جميع الجبهات».

وكانت حرب غزة مكلفة لإسرائيل، التي أنفقت 31 مليار دولار في عام 2024 على صراعاتها العسكرية مع «حماس» و«حزب الله» في لبنان.

ومنذ ذلك الحين، أبرمت إسرائيل اتفاقيات لوقف إطلاق النار مع الجماعتين المسلحتين. وصرح مكتب سموتريتش بأن ميزانية الدفاع لعام 2026، شهدت زيادة قدرها 47 مليار شيقل مقارنة بعام 2023 عشية الحرب. وقال سموتريتش، وفقاً لمكتبه: «نخصص ميزانية ضخمة لتعزيز الجيش هذا العام، ولكنها أيضاً ميزانية تسمح لنا بإعادة دولة إسرائيل إلى مسار النمو والراحة للمواطنين».


لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
TT

لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)

اختتمت لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» البرلمانية المعنية بوضع الإطار القانوني لنزع أسلحة حزب العمال الكردستاني وعملية السلام في تركيا جلسات الاستماع الخاصة بالعملية.

وقال رئيس البرلمان التركي رئيس اللجنة، نعمان كورتولموش: «من الآن فصاعداً، سنُنجز أخيراً بعض واجباتنا الأساسية، وسنعرض النتائج التي حققناها على البرلمان»، مُعرباً عن أمله أن تثمر جهود اللجنة عن نتائج إيجابية. وأضاف كورتولموش، في مستهل أعمال الجلسة 19 للجنة التي عقدت بالبرلمان التركي، الخميس، أن عملية «تركيا خالية من الإرهاب» (الاسم الذي تستخدمه الحكومة التركية للإشارة إلى «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي» كما يسميها الأكراد)، لا تقتصر على عمل اللجنة، لكنه جزء منها فقط.

رئيس البرلمان التركي نعمان كوتولموش (حساب البرلمان في إكس)

وأشار كورتولموش إلى أنه «بعد إعلان المنظمة الإرهابية (حزب العمال الكردستاني) قرارها بحلّ نفسها - في 12 مايو (أيار) الماضي - وبدء عملية تسليم أسلحتها بمراسم رمزية، تسارعت وتيرة هذه العملية»، وأن «اللجنة البرلمانية، المؤلفة من 11 حزباً بالبرلمان، أوفت بمسؤولياتها، حتى وصلت العملية إلى المرحلة الحالية».

مرحلة حساسة

وذكر كورتولموش أن اللجنة استمعت، منذ تأسيسها في 5 أغسطس (آب) حتى الآن، إلى 134 فرداً ومنظمة من المجتمع المدني.

وتابع كورتولموش: «من الواضح أننا دخلنا مرحلة تتطلب من الجميع توخي المزيد من الحذر والتصرف بحساسية أكبر من الآن فصاعداً، واختيار الكلمات والأسلوب بعناية، لأن أي كلمة ممكن أن تؤثر على هذه العملية سلباً أو إيجاباً».

وخلال الاجتماع، استمع أعضاء اللجنة، في الجلسة التي عقدت بشكل مغلق أمام الصحافة، إلى إحاطة من وفدها الذي زار زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان في سجن إيمرالي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

امرأة كردية ترفع صورة لأوجلان وهو يقرأ نداءه لحزب العمال الكردستاني في 27 فبراير الماضي خلال احتفالات عيد النوروز في تركيا في 21 مارس (رويترز)

وقال كورتولموش، خلال كلمته الافتتاحية، إنه «بهذه الزيارة، اختتمت لجنة التحقيق مرحلة الاستماع، وانتقلت إلى مرحلة إعداد التقارير»، مُعرباً عن أمله في إعداد تقرير نهائي يعكس رؤية اللجنة لتحقيق هدف «تركيا خالية من الإرهاب»، من خلال مراعاة الحساسيات والآراء المشتركة.

وأضاف أنه بإعداد هذا التقرير تكون هذه العملية «التاريخية» تجاوزت مرحلة حاسمة أخرى، وتكون اللجنة أوفت بمسؤولياتها، لافتاً إلى أنها «ليست عملية تفاوض، بل سياسة دولة».

موقف أوجلان

وفي تصريحات سبقت اجتماع اللجنة، قال كورتولموش إن اجتماع وفد اللجنة مع أوجلان كان قراراً اتخذ بالأغلبية المطلقة داخل اللجنة، ولن يبقى مضمونه سراً.

وأكّد كورتولموش ضرورة اختتام العملية بنجاح، نظراً للظروف الإيجابية في تركيا وسوريا والعراق. ولفت إلى أن أوجلان لم يتخل عن الإطار العام المتمثل في «تلبية مطالب مواطنينا الأكراد بمعايير ديمقراطية أكثر تقدماً»، لكنه لم يقدّم أيّ مطالباتٍ بفيدرالية أو كونفدرالية أو دولة مستقلة، أو مناقشة المواد الأربع الأولى من الدستور التركي، التي تحدد شكل الجمهورية وهويتها وعلمها ولغتها.

بروين بولدان ومدحدت سانجار عضوا وفد إيمرالي (حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب - إكس)

وعشية اجتماع اللجنة، أكّد أوجلان إرادته القوية وموقفه الحازم تجاه عملية السلام، رغم كل محاولات «الانقلاب» عليها، فيما يُعدّ رداً على إعلان قياديين في الحزب تجميد أي خطوات جديدة بإقرار قانون للمرحلة الانتقالية لـ«عملية السلام» التي بدأت في تركيا عقب دعوته لحل الحزب ونزع أسلحته.

وقال حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، في بيان حول زيارة وفده لأوجلان، الثلاثاء، إن الأخير أكد ضرورة وضع قانون انتقالي لعملية السلام. وطالب الرئيس المشارك للحزب، تونجر باكيرهان، ضرورة الكشف عن محاضر اجتماع وفد اللجنة مع أوجلان.

وزير العدل التركي يلماظ تونتش (من حسابه في إكس)

في السياق، حذر وزير العدل، يلماظ تونتش، من أنه «في هذه المرحلة، قد يكون هناك من يسعى لتخريب العملية، ومن لا يريدها أن تستمر، ومن يريد عودة الإرهاب كما حدث في الماضي، ومن يريد نصب الفخاخ لتركيا وشعبها»، مؤكداً أن الدولة ستواصل توخي اليقظة.


«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
TT

«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)

يواجه الإيرانيون العاديون عقوبة قد تصل إلى السجن 10 سنوات أو حتى الإعدام إذا استخدموا منصة «إكس» لكتابة أي شيء تراه الحكومة انتقاداً لها. لكن ما لم يكن المواطنون يدركونه هو أنّ المسؤولين الحكوميين ومؤيدي النظام يستخدمون الموقع نفسه، رغم أنّه محظور داخل إيران.

وقد كُشف عن هذا الأمر بعد أن أطلقت منصة «إكس»، التي يملكها الملياردير الأميركي إيلون ماسك، تحديثاً يُظهر موقع كل مستخدم.

وفضح التحديث وزراء حكوميين، وشخصيات في وسائل الإعلام الرسمية، ومسؤولين سياسيين، وحسابات موالية للنظام، إذ ظهر أنهم يدخلون إلى المنصة المحظورة من داخل إيران باستخدام شرائح «وايت سيم» (الشرائح البيضاء) الخاصة.

كان من المفترض أن تساعد ميزة تحديد الموقع الجديدة على رصد الحسابات الوهمية، لكنها بدلاً من ذلك كشفت عن الفجوة الرقمية في إيران، التي تُعد إحدى أكثر دول العالم خضوعاً للرقابة، وفق ما ذكرت صحيفة «التلغراف» البريطانية.

ويصف منتقدو النظام هذه الفجوة بأنها نوع من «الفصل العنصري الرقمي»، حيث لا يستطيع الوصول الحر إلى الإنترنت إلا مجموعات معينة.

الإيرانيون العاديون

متسوقون في بازار بشمال طهران (أرشيفية - أ.ف.ب)

في المقابل، يضطر الإيرانيون العاديون إلى استخدام تطبيقات «في بي إن» (VPN) التي تُخفي موقعهم الحقيقي، لتجاوز الحظر. وإذا ضُبطوا وهم ينشرون على منصة «إكس» فإن السلطات الإيرانية تعاقبهم، وإن كانت منشوراتهم مناهضة لإيران أو مؤيدة لإسرائيل، فهم يواجهون الإعدام أو أحكاماً بالسجن.

أما الحسابات الحكومية والموالية للنظام فتستخدم شرائح الـ«وايت سيم» للحصول على دخول غير مقيّد إلى الإنترنت وتجاوز القيود التي يفرضونها هم أنفسهم.

أحمد بخشايش أردستاني، وهو سياسي إيراني وعضو في لجنة الأمن القومي، انتقد استخدام هذه الشرائح، قائلاً: «كثير من الناس يريدون استمرار الحجب لأنهم يريدون تطبيقات (في بي إن) والمتاجرة فيها».

وأضاف أن سوق هذه التطبيقات المستخدمة من قبل المواطنين العاديين «حجمها المالي كبير، وتتحكم به عصابات مافيا».

وعند الدخول إلى منصة «إكس» باستخدام تطبيقات «في بي إن»، يظهر الموقع الجغرافي للدولة التي يوجد فيها الخادم (Server) وليس الموقع الحقيقي للشخص المستخدم.

ومن المنصات المحظورة الأخرى في إيران: «فيسبوك»، و«يوتيوب»، و«تلغرام». وقال أحد المواطنين الإيرانيين لصحيفة البريطانية إن «هذا تمييز واضح في الحقوق العامة ويتعارض مع النص الصريح للدستور»، في إشارة إلى ضمان الدستور الإيراني للمساواة بين المواطنين.

وقال آخر: «عندما تستخدمون أنتم أنفسكم شرائح (وايت سيم) الخاصة، فكيف يمكن أن نتوقع منكم أن تفهموا معاناتنا مع الحجب؟ وكيف نتوقع منكم السعي لرفعه؟».

شخصيات وحسابات مستثناة

أرشيفية لوزير الخارجية الإيراني الأسبق محمد جواد ظريف خلال حضوره تأبيناً لدبلوماسيين إيرانيين (تسنيم)

وزير الاتصالات ستّار هاشمي، ووزير الخارجية السابق جواد ظريف، والمتحدثة الحكومية فاطمة مهاجراني، إضافة إلى عشرات الصحافيين العاملين في وسائل إعلام رسمية.

كما كُشف أيضاً عن شخصيات سياسية، ومنشدين دينيين يمدحون النظام الإيراني في المناسبات الرسمية، وحسابات ادّعت عبر الإنترنت أنها معارضة، بما في ذلك صفحات مَلَكية وانفصالية تعمل من داخل إيران على ما يبدو بموافقة رسمية.

ويقول محللون إن الهدف هو إبقاء أجزاء من الخطاب المعارض - الصفحات المَلَكية والانفصالية - تحت سيطرة المؤسسة الدينية الحاكمة. وكانت الفضيحة محرجة بشكل خاص للمسؤولين الذين سبق أن عارضوا علناً الامتيازات في الوصول إلى الإنترنت.

فقد ادّعت مهاجراني أنها تستخدم برامج «في بي إن»، مثلها مثل المواطنين العاديين، قائلة: «الإنترنت الطبقي لا أساس قانونياً له، ولن يكون أبداً على جدول أعمال الحكومة».

وقال مهدي طباطبائي، نائب وزير الاتصالات وله دور في متابعة رفع حجب الإنترنت، إن «تقسيم المجتمع إلى أبيض وأسود هو لعب في ملعب العدو». وشبّه الصحافي ياشار سلطاني الوضع برواية جورج أورويل «مزرعة الحيوان»، قائلاً: «عندما تُقنّن الحرية، فهي لم تعد حرية – إنها تمييز بنيوي».