اتهمت طهران مديرَ الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي بالإدلاء بتصريحات «مهّدت الطريق» لضربات أميركية-إسرائيلية استهدفت المنشآت النووية الإيرانية في يونيو (حزيران).
ونقلت وسائل إعلام رسمية إيرانية عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيراني، إسماعيل بقائي، قوله اليوم (الخميس) إن غروسي «يدرك جيداً أن البرنامج النووي الإيراني ذو طابع سلمي بالكامل»، مشدِّداً على ضرورة امتناعه عن الإدلاء بتصريحات غير مثبتة، أو لا أساس لها في هذا الصدد.
جاء تعليق بقائي، الذي نقلته وسائل إعلام رسمية، غداة تأكيد غروسي أنه جرى رصد حركة بالقرب من مخزون إيران من اليورانيوم المخصب، لكن هذا «لا يعني وجود نشاط تخصيب».
وجدَّد بقائي اتهامات إيرانية لغروسي بأن مواقفه مهّدت الطريق لإسرائيل والولايات المتحدة لقصف المواقع النووية الإيرانية في يونيو.
وأضاف بقائي: «لقد كانت للتصريحات غير المسؤولة لغروسي عواقب كارثية، إذ هيَّأت الظروف لعدوان أميركي-صهيوني على إيران. وعلى غروسي أن يتجنَّب إطلاق مزاعم لا أساس لها تتعلق بملفنا النووي».
وحمّل المسؤولون الإيرانيون الوكالة مسؤولية تبرير القصف الإسرائيلي الذي بدأ في اليوم التالي لتصويت مجلس محافظيها على إعلان أن إيران «غير ممتثلة» لالتزاماتها بموجب معاهدة حظر انتشار السلاح النووي.
وقال غروسي للصحافيين في نيويورك، الأربعاء، إن الوكالة تجري عمليات تفتيش في إيران، ولكن ليس في المواقع الثلاثة التي قصفتها الولايات المتحدة في يونيو. وأضاف: «نحاول إعادة ترتيب الأمور، ونجري عمليات تفتيش في إيران، ليس في كل المواقع التي ينبغي لنا القيام بذلك فيها، لكننا نعود تدريجياً. لا نفتش الأماكن المتضررة... نحن في نقاش مع إيران». ورداً على سؤال بشأن ما لاحظته الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران، قال: «لا نرى أي شيء يدعو إلى افتراض وجود أي عمل جوهري هناك». ومضى قائلاً: «هذه مواقع صناعية كبيرة تشهد حركة، ونشاطاً مستمراً، ونحن نسارع إلى الإشارة إلى أن هذا لا يعني وجود نشاط تخصيب»، حسبما أوردت وكالة «رويترز».
كما أبلغ غروسي، وكالة «أسوشييتد برس»، الأربعاء، أن إيران لا تبدو حالياً منشغلة بتخصيب اليورانيوم بنشاط، إلا أن الوكالة التابعة للأمم المتحدة رصدت في الآونة الأخيرة حركة متجددة في مواقعها النووية.
وأضاف: «مع ذلك، فإن المواد النووية المخصّبة بنسبة 60 في المائة لا تزال في إيران. وهذه إحدى النقاط التي نناقشها؛ لأننا بحاجة إلى العودة إلى هناك، والتأكد من أن المواد موجودة في أماكنها، ولم يجر تحويلها إلى أي استخدام آخر. وهذا أمر مهم جداً جداً».
وحذَّر غروسي من أنَّ تلك الكمية من المخزون قد تتيح لإيران تصنيع ما يصل إلى 10 قنابل نووية، إذا قرَّرت تحويل برنامجها إلى الاستخدام العسكري، لكنه شدَّد على أن ذلك «لا يعني أن إيران تمتلك مثل هذا السلاح».
وكانت إيران قد علّقت في يوليو (تموز) تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية عقب حرب استمرت 12 يوماً في يونيو اندلعت إثر غارات إسرائيلية غير مسبوقة استهدفت خصوصاً منشآت نووية إيرانية، وتخللتها ضربات أميركية ضد أهداف داخل إيران، ردّت عليها طهران بإطلاق صواريخ ومسيرات على إسرائيل.
ووقعت إيران والوكالة التابعة للأمم المتحدة اتفاقاً، الشهر الماضي في القاهرة، يمهّد الطريق لاستئناف التعاون، بما في ذلك إعادة إطلاق عمليات التفتيش في المنشآت النووية الإيرانية، إلا أن الاتفاق لم ينفّذ حتى الآن. وجاء الاتفاق بعدما علّقت طهران كل تعاون مع الوكالة في أعقاب الحرب مع إسرائيل، والتي استهدفت خلالها الولايات المتحدة عدداً من المواقع النووية الإيرانية.
وفي 20 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، أعلن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، أن بلاده ألغت اتفاق القاهرة الذي وقّعته مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وانهارت خمس جولات من المفاوضات جرت بين واشنطن وطهران، على أثر حرب يونيو. وترفض طهران استئناف المفاوضات. وأعاد مجلس الأمن العقوبات الأممية على إيران، بتحرك من القوى الأوروبية (بريطانيا، وألمانيا، وفرنسا).
ومرة أخرى، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الخميس إن «المفاوضات يجب أن تقوم على المصالح المتبادلة لا على الإملاءات».
ونقلت وكالة «إيسنا» الحكومية عن عراقجي قوله إن لدى وزارته مهمة خاصة في مجال رفع العقوبات، وتحييدها، والالتفاف عليها.
وأضاف خلال مؤتمر اقتصادي برعاية وزارة الخارجية في مدينة تبريز، شمال غربي البلاد: «لم تُسقط الجمهورية الإسلامية الإيرانية راية المفاوضات قط، لكن هذه المهمة تُنفّذ مع الحفاظ على الكرامة والمصالح الوطنية. ويجب أن تكون المفاوضات عادلة، وقائمة على المصالح المتبادلة، لا على الإملاء وتلقّي الأوامر».
وأضاف: «إيران ستدخل المفاوضات متى ما تخلّى الطرف المقابل عن الغطرسة وسلوك الإملاء، ووافق على حوار منصف».
ورفض المرشد الإيراني علي خامنئي، الأسبوع الماضي، عرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب إجراء مفاوضات. وقال خامنئي: «ترمب يقول إنه صانع صفقات، لكن إذا جاءت الصفقة مصحوبة بالإكراه ونتيجتها محددة مسبقاً، فهي ليست صفقة، وإنما فرض واستقواء». وأضاف: «يقول الرئيس الأميركي بفخر إنهم قصفوا القطاع النووي الإيراني ودمروه. حسناً، استمروا في الأوهام».
وتُعدّ إيران البلد الوحيد غير الحائز على السلاح النووي، والذي يخصّب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة، وهي نسبة قريبة من الحدّ التقني البالغ 90 في المائة اللازم لإنتاج قنبلة نووية، وفق الوكالة الذرية.






