اتهم رئيس بلدية إسطنبول المحتجز أكرم إمام أوغلو الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بمحاولة تجريده من شهادته الجامعية لتجنب هزيمة مؤكدة بالانتخابات الرئاسية المقبلة. وقال إمام أوغلو، خلال جلسة الاستماع الأولى في قضية إلغاء شهادته الجامعية المتهم فيها بـ«التزوير المتتالي لوثائق رسمية»، إن من صاغ هذه التهمة، شخص كان يعلم أنني سأهزمه في الانتخابات القادمة، في إشارة إلى الرئيس رجب طيب إردوغان.
وأضاف، خلال الجلسة التي عقدت في قاعة ملحقة بسجن سيلفري المحجوز به منذ مارس (آذار) الماضي، التي كانت الأولى في إطار القضية التي باتت تعرف باسم «قضية الشهادة الجامعية»، أن من صاغ هذه التهمة هو من هزم أمامي في الانتخابات المحلية في إسطنبول 3 مرات، وهو من يعلم جيداً أنه سيهزم أمامي لو خاض الانتخابات الرئاسية المقبلة.
تدابير مشددة
وعندما لخص القاضي الاتهامات، أجاب إمام أوغلو: «لا علاقة لي بأيٍّ منها، أود التأكيد على أننا حالياً بصدد انقلاب على إرادة الشعب، إنهم يُدمرون الأمل في هذا البلد، ولن أسمح بذلك».
واستقبل إمام أوغلو بالتصفيق لدى دخوله قاعة المحكمة، وعندما سُئل عن مؤهلاته من جانب القاضي، قال إنه يحمل درجة الماجستير.

وفرضت قوات الأمن تدابير مشددة حول القاعة التي عقدت فيها الجلسة، وأقامت حواجز سمحت بممر ضيق لدخول حضور الجلسة، الذين كان من بينهم عائلة إمام أوغلو، ورئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل، وعدد من مسؤولي الحزب ونوابه بالبرلمان، وعدد كبير من المحامين يتقدمهم رئيس نقابة المحامين في إسطنبول، إبراهيم كاب أوغلو، مراقبين للجلسة. وهتف أنصار حزب الشعب الجمهوري، الذين حضروا لمتابعة الجلسة، دعماً لإمام أوغلو: «الحق، القانون، العدالة»، خارج قاعة المحكمة. وطالبت النيابة العامة في لائحة الاتهام بالحكم على إمام أوغلو بالحبس لمدة تتراوح بين سنتين و6 أشهر و8 سنوات و9 أشهر، ومنعه من ممارسة أي نشاط سياسي لمدة مماثلة لمدة العقوبة، بتهمة «التزوير المتتالي لوثائق رسمية».
«الشعب الجمهوري» وماراثون قضائي
في الوقت ذاته، رفع حزب الشعب الجمهوري دعوى قضائية لإلغاء قرار تعيين نائبه السابق، جورسال تكين، وصياً على فرع الحزب في إسطنبول، وذلك بعد رفض المحكمة الجنائية الابتدائية في أنقرة، الخميس، دعوى لإلغاء المؤتمر العام الإقليمي للحزب في إسطنبول، الذي عقد في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بدعوى حدوث مخالفات في عملية التصويت خلال المؤتمر. واستند الحزب إلى قرار المحكمة الجنائية الذي رفض الدعوى من حيث المضمون، في دعواه لإلغاء قرار المحكمة المدنية الابتدائية في إسطنبول الصادر في 2 سبتمبر (أيلول) الحالي، بوقف رئيس فرع الحزب، أوزغور تشيليك، ومجلس إدارة الحزب، احترازياً، لحين انتهاء النظر في قضية بطلان المؤتمر العام.

وتأتي هذه التطورات، قبل أيام قليلة، من جلسة للمحكمة المدنية الابتدائية في إسطنبول، للنظر في دعوى «البطلان المطلق» للمؤتمر العام الـ38 لحزب الشعب الجمهوري، الذي عقد في 4 و5 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، وانتخب فيه أوزغور أوزيل، رئيساً للحزب خلفاً لرئيسه السابق، كمال كليتشدار أوغلو، بعد خسارته الانتخابات الرئاسية أمام إردوغان في مايو (أيار) من العام ذاته.
وستقرر محكمة أنقرة الابتدائية، الاثنين، ما إذا كانت ستقضي بالبطلان المطلق للمؤتمر العام العادي الـ38 والمؤتمر العام الاستثنائي الـ21 الذي عقد في 6 أبريل (نيسان) الماضي، وأعيد فيه انتخاب أوزيل رئيساً للحزب، بموجب دعوى أقامها رئيس بلدية هطاي السابق المنتمي للحزب، لطفي ساواش، وعدد آخر من أعضاء الحزب.
وفي حال اتخذت المحكمة قراراً بالبطلان، فقد يعود رئيس الحزب السابق، كمال كليتشدار أوغلو وفريقه الإداري، إلى رئاسة الحزب، أو قد يتم تعيين أوصياء لإدارته. وسيعقد الحزب مؤتمراً جماهيرياً حاشداً في أنقرة يوم الأحد، عشية انعقاد الجلسة، كما قرر عقد مؤتمر عام استثنائي في 21 سبتمبر، لتفويت الفرصة على بقاء الوصي أو كليتشدار أوغلو حال عودته، للبقاء على رأس الحزب أكثر من أسبوع واحد.
كما تقرر عقد مؤتمر عام استثنائي إقليمي في إسطنبول في 24 سبتمبر لإلغاء أي أثر لقرار المحكمة بتعيين أوصياء على فرع الحزب في الولاية.

وتظهر استطلاعات الرأي، المتعاقبة منذ الفوز الكبير لحزب الشعب الجمهوري في الانتخابات المحلية، التي أجريت في 31 مارس 2024، أنه يحافظ على المرتبة الأولى متفوقاً على حزب العدالة والتنمية الحاكم.
ويتعرض الحزب لضغوط شديدة وحملات قضائية واعتقالات طالت 9 من رؤساء البلديات المنتمين له، في مقدمتهم أكرم إمام أوغلو، الذي اعتقل في 19 مارس، في إطار تحقيقات تتعلق بشبهات فساد يحتجز بسببها، أيضاً، العشرات، من مسؤولي البلديات والبيروقراطيين. ويمكن للمحكمة أن تقضي بعودة كليتشدار أوغلو أو تعيين وصي على الحزب أو تختار تأجيل إصدار الحكم، كمخرج من حالة الاحتقان السياسي الحاد في البلاد.
ويقول إردوغان وحليفه رئيس حزب «الحركة القومية»، دولت بهشلي، إن ما يجري في حزب الشعب الجمهوري هو شأن داخلي، بينما تؤكد المعارضة أنها حملة من جانب إردوغان لا تستهدف هذا الحزب فقط وإنما تستهدف المعارضة وتستهدف الديمقراطية في تركيا.






