حذر رئيس الأركان الإيراني عبد الرحيم موسوي المسؤولين الغربيين والأميركيين من أن «أي عدوان جديد سيواجه بردٍ حاسم وساحق ومختلف عن الماضي»، وتوعد بالانتقام لضربات سابقة. وقبل ذلك بساعات، حذر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إيران من استئناف برنامجها النووي، وتخصيب اليورانيوم، ولوّح باتخاذ إجراء عسكري جديد.
ووصف ترمب في مؤتمر صحافي إيران بـ«مصدر الكراهية» و«مكان شرير جداً»، معرباً عن اعتقاده بأن الوضع سيكون مختلفاً جداً هناك في السنوات المقبلة، دون تقديم تفاصيل.
ودافع ترمب عن الضربات للبرنامج النووي الإيراني قائلاً: «لقد منعنا حروباً في الشرق الأوسط بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي».
وتابع ترمب: «بإمكانهم القول إنهم سيبدأون من جديد، لكن سنعود بمجرد أن يبدأوا». وأشار إلى التهديدات الإيرانية الأخيرة، قائلاً: «كلامهم مجرد كلمات».

وفي 22 يونيو (حزيران)، ضربت الولايات المتحدة منشآت نووية رئيسية في إيران في خضمّ الحرب الجوية الـ12 يوماً بين إسرائيل وإيران.
وقصفت قاذفات الجيش الأميركي موقع تخصيب اليورانيوم تحت الأرض في فوردو جنوب طهران، ومنشأتين نوويتين في أصفهان ونطنز (وسط)، قبل يومين من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 24 يونيو.
ونقلت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن رئيس الأركان عبد الرحيم موسوي أن بلاده «صمدت أمام الهجمات الشرسة» التي شنتها إسرائيل في حرب الـ12 يوماً بين البلدين في يونيو.
وقال إن بلاده «تقاتل الأعداء اليوم على جبهات متعددة». وأضاف: «يجب أن نكون مستعدين لجميع الساحات، ساحة الحرب العسكرية والمعرفية والإعلامية والثقافية والاقتصادية».
وأشار إلى مقتل قادة ميدانيين، وعلماء نوويين. وقال: «لقد أظهروا في زمن التهديدات، بتقديمهم المسؤولية التاريخية على المصالح الشخصية، أن هذه الأمة قادرة على صناعة القوة في أصعب الساحات».
وقال موسوي إن «الأحداث الأخيرة أظهرت بوضوح أن ادعاءات هذا الكيان الكاذبة لا قيمة لها، وأن هدفه الرئيس هو جر إيران إلى الفوضى والحرب. لكن الأعداء لا يعلمون أنه إذا وطئت قدم معتدٍ هذه الأرض، فإن الإيرانيين، بغض النظر عن المذهب أو العقيدة، سيقفون صفاً واحداً في وجهه».
وعن أوضاع إيران بعد الحرب، قال موسوي إن «قضبة إيران أكثر امتلاء، ووحدة الوطن أكثر متانة، وصوت صمود الأمن أعلى». وأضاف في السياق نفسه: «في هذا المسار، نحن جميعاً على دراية بمشكلات الشعب، ونعلم أن المسؤولين لديهم مهمة ثقيلة تجاه معيشة الشعب وراحته. ولكن يجب أن نكون متنبهين؛ لأن العدو يستهدف وحدتنا ومعنوياتنا الوطنية من خلال الحرب الهجينة».
أما عن مستقبل إسرائيل فقد قال موسوي: «ليس لها مستقبل. ما تظهره هو مجرد علامات على القلق والانهيار». وأضاف: «هذا الكيان مثل مركبة بفرامل مقطوعة، يتجه بلا هدف نحو السقوط».
وحذر مسؤولي الولايات المتحدة والغرب، قائلاً: «أسأل العقلاء في أميركا، هل تريدون حقاً التضحية بمصير بلادكم وأجيالكم المستقبلية لإنقاذ نتنياهو؟ الشعب الإيراني لن ينسى جرائم وخيانات أميركا، والأجيال القادمة ستصرخ عالياً منتظمةً ثأراً لمظلومية هذه الأمة».
وتحدث موسوي عن «جيل جديد من أبناء المقاومة». وفي المقابل، اتهم الولايات المتحدة باتخاذ «تصرفات عدائية في المنطقة». وخاطب الاستراتيجيين الأميركيين، قائلاً: «يظن مخططوكم أنه لا يوجد مستقبل، إن اليوم هو نهاية العالم، وكأنه لا يوجد غد سيلاحقهم في المنطقة، لكن هذا وهم ساذج، حتى لو بقي فرد واحد من الشعب الإيراني، فلن ينجو من صفعة انتقامه».

وقال موسوي إن رسالة إيران إلى المنطقة «هي السلام والاستقرار، وإنها عازمة على بناء أمنٍ مستدام مع دول الجوار، ولن تسمح للكيان الصهيوني بالمضي في مآربه التوسعية بالفتنة».
وهذه المرة الرابعة التي يجدد فيها ترمب تهديداته بشن ضربات جديدة لإيران خلال الأيام العشرة الأخيرة. والأسبوع الماضي، أعرب ترمب عن غضبه من تصريحات وردت على لسان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي لقناة «فوكس نيوز»، وتعهد فيها بمواصلة تخصيب اليورانيوم.
ومساء الأربعاء، قال وزير الخارجية عباس عراقجي في تصريح للتلفزيون الرسمي إن «الأميركيين أدركوا أن الخيار العسكري لم يُجدِ نفعاً».
وقلل عراقجي من الحصول على التزام أميركي بعد اللجوء إلى الخيار العسكري بوصفه شرطاً لاستئناف المفاوضات. وقال: «لا يمكننا التعويل على مثل هذا التعهد، ولا يستطيع أي أحد أن يقدم مثل هذا الضمان».
وأضاف: «لقد أعلنا رسمياً وبوضوح أنه إذا اعتقدوا أننا سندخل في مفاوضات لتحقيق ما فشلوا في تحقيقه عبر الضربات العسكرية، فهذا لن يحدث. كما لم يحدث خلال مفاوضات ما قبل الحرب، ولن يحدث الآن أيضاً. إذا ظنوا أن ضرب المنشآت غيّر موقفنا أو أننا سنتراجع، فليس الأمر كذلك، بل على العكس فإن موقفنا أصبح أكثر صلابة».
وتابع الوزير: «نشرت مؤخراً تغريدة مفادها أن منشآتنا النووية تضررت لكن إرادتنا لم تتأثر. وقلت للإعلام الأميركي إن المنشآت قد دمرت لكن يمكن إعادة بناء المباني، واستبدال المعدات والآلات. العلم باقٍ ولا يزول بالقصف. هذا الأمر يتكرر في الإعلام الأميركي: أن العمليات ضد المنشآت النووية الإيرانية فشلت في القضاء عليها».
ورداً على تهديدات الرئيس الأميركي، قال رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية، النائب إبراهيم عزيزي، الخميس، إن «إيران وريثة حضارة عريقة متجذرة في التاريخ العالمي. لغة التهديد أصبحت مكرورة وعاجزة أمام أمة خبرت آلاف السنين».
وأضاف في منشور على منصة «إكس»، الخميس: «ليعلم من يحلمون بالتوترات، أمن الوطن الإيراني خط أحمر، وردناً سيكون ذكياً، وحاسماً ويجلب الندم».
ومن جانبه، قال رئيس جهاز استخبارات «الحرس الثوري»، مجيد خادمي، إن بلاده استخلصت دورساً وخبرات ثمينة» من الحرب الأخيرة. وقال: «سنرغم العدو على الجلوس في مكانه لا محالة».
وأضاف خادمي الذي كان يلقي خطاباً في مراسم الذكرى الأربعين على مقتل سلفه محمد كاظمي، أن إيران «تملك باعاً طويلاً وخبرة كبيرة في ميادين الحرب». وتابع: «رغم أننا لم نبدأ حرباً قط، فإننا خرجنا منها بدروس عظيمة. واليوم، نحن قادرون على إعادة العدو إلى حجمه الحقيقي».
وأضاف: «في الحرب الأخيرة، لم نعتمد على أحد، ولْيعلم العدو أن نقاط ضعفه في المنطقة بأسرها تحت أنظارنا وتحت سيطرتنا الكاملة».


