إسرائيل تدرس تحفظات «حماس»... وترسل وفداً إلى الدوحة

الحركة أثارت ملاحظات على قضايا تموضع قوات الاحتلال ودخول المساعدات ووقف الحرب

أم فلسطينية وابنتها تهرعان للاحتماء خلال غارة إسرائيلية على مخيم البريج في وسط قطاع غزة يوم 4 يوليو 2025 (أ.ف.ب)
أم فلسطينية وابنتها تهرعان للاحتماء خلال غارة إسرائيلية على مخيم البريج في وسط قطاع غزة يوم 4 يوليو 2025 (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تدرس تحفظات «حماس»... وترسل وفداً إلى الدوحة

أم فلسطينية وابنتها تهرعان للاحتماء خلال غارة إسرائيلية على مخيم البريج في وسط قطاع غزة يوم 4 يوليو 2025 (أ.ف.ب)
أم فلسطينية وابنتها تهرعان للاحتماء خلال غارة إسرائيلية على مخيم البريج في وسط قطاع غزة يوم 4 يوليو 2025 (أ.ف.ب)

تستعد إسرائيل لإرسال وفد إلى الدوحة، الأحد؛ لإجراء محادثات مكثفة حول وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعدما أرسلت «حماس» ردَّها على المقترح الذي قدَّمه الوسطاء سابقاً، وكان إيجابياً، بحسب ما قالت الحركة، لكنه تضمَّن تحفظات وملاحظات حول 3 قضايا. وتفيد التقديرات في إسرائيل بأن المفاوضات ستحتاج إلى وقت لحسم هذه المسائل، إضافة إلى مسائل فنية أخرى.

وفي حين ترجِّح التوقعات أن ترفض إسرائيل تحفظات «حماس»، فإن هناك إمكانية كما يبدو للتوصُّل إلى هدنة مؤقتة لا تنهي الحرب، خصوصاً أن تل أبيب تصرّ على «مفخخات» في أي اتفاق تسمح لها باستئناف القتال في المستقبل.

وستُجرى المفاوضات المرتقبة في الدوحة عشية لقاء في البيت الأبيض بين الرئيس دونالد ترمب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، سيناقشان فيه وقف النار في غزة وإطلاق أسرى إسرائيليين محتجزين في القطاع.

وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، والقناتان 12 و13، ومواقع إخبارية أخرى في إسرائيل أن الدولة العبرية تدرس رد «حماس» الذي لم يكن مفاجئاً، وستحدِّد ما إذا كان يتوافق مع الخطوط الإسرائيلية العريضة، ومدى إمكانية التوصُّل إلى اتفاقات.

وتوضِّح مصادر إسرائيلية أن مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر الذي بدأ بمناقشة رد «حماس»، الجمعة والسبت، في جلسات متتالية، سيرسل وفداً للتفاوض الأحد، من أجل حسم الموضوعات محل الخلاف التي أثارتها «حماس»، وهي تموضع القوات الإسرائيلية، ومسألة المساعدات، ووقف الحرب.

وأعلنت حركة «حماس»، الجمعة، أنها قدَّمت رداً «إيجابياً» على أحدث اقتراح لوقف إطلاق النار في غزة، مضيفة أنها مستعدة لبدء محادثات «فورية» لسد الفجوات المتبقية. لكن رد الحركة تضمَّن 3 تحفظات عن قضايا أساسية، مما يترك عقبات يجب التغلب عليها.

جثامين ضحايا في مستشفى بمدينة غزة السبت بعدما قضوا بقصف إسرائيلي على مدرسة تابعة لوكالة «أونروا» ليلة الجمعة (رويترز)

وقال مصدر لموقع «تايمز أوف إسرائيل» إن «حماس» تريد لغة أوضح بشأن احتمال عدم الانتهاء من المفاوضات بشأن وقف النار الدائم بحلول نهاية الهدنة المقترحة لمدة 60 يوماً. وينصُّ النصُّ المُقدَّمُّ إلى «حماس» على إمكانية تمديد وقف النار لما بعد مدة الـ60 يوماً، ما دام الطرفان يتفاوضان بحسن نية. لكن المصدر قال إن «حماس» تريد إسقاط الشرط الأخير، عادّةً أنه بمثابة فرصة سيستغلها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لاستئناف الحرب، كما فعل في مارس (آذار) الماضي، عندما أفسد اتفاقاً تمَّ التوصُّل إليه في يناير (كانون الثاني) قبل دخول اتفاق وقف النار مرحلته الثانية. وبناء على ذلك، قال المصدر إن «حماس» تريد أن ينصَّ الاقتراح على أن تستمر المحادثات بشأن وقف دائم لإطلاق النار حتى يتم التوصُّل إلى اتفاق، وهو ما تعارضه إسرائيل خشية أن تماطل «حماس» في المحادثات إلى أجل غير مسمى.

أما تحفُّظ «حماس» الآخر فيتعلق بالمساعدات التي تريد الحركة استئنافها بالكامل من خلال آليات تدعمها الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة دولية أخرى، وليس فقط عبر «مؤسسة غزة الإنسانية» المثيرة للجدل، التي تدعمها الولايات المتحدة وإسرائيل.

والتحفظ الثالث في رد «حماس» يتعلق بانسحاب القوات الإسرائيلية خلال الهدنة، حيث تطالب الحركة بأن يتراجع الجيش الإسرائيلي إلى المواقع التي كان يسيطر عليها قبل انهيار وقف إطلاق النار السابق في مارس.

وأكدت مصادر لـ«يديعوت أحرونوت» والقناة 12 تحفظات «حماس».

وبحسب المصادر، فمن المرجح أن تواجه التحفظات الثلاثة رفضاً من إسرائيل، نظراً لأن نتنياهو يضع مفخخات منذ البداية بإصراره على أن تحتفظ إسرائيل بالقدرة على استئناف القتال، بدلاً من الموافقة مسبقاً على وقف إطلاق نار دائم. وقد جادلت إسرائيل بأن إنهاء الحرب سيترك «حماس» في السلطة، قادرة على إعادة تنظيم صفوفها، على الرغم من أن منتقدي الحكومة يؤكدون أن إسرائيل قد قامت بالفعل بتفكيك الحركة بشكل كافٍ.

كما تعارض إسرائيل آليات المساعدة الأخرى غير تلك التي تمرُّ عبر «مؤسسة غزة الإنسانية»، بدعوى أن الآليات الأخرى سمحت لحركة «حماس» بتحويل كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية لمصلحتها.

وترفض إسرائيل حتى الآن التنازل عن السيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي، بما في ذلك ما يُسمى «محور موراغ» في جنوب غزة، حيث من المرجح أن تضغط من أجل الإبقاء على قواتها، على غرار «محور فيلادلفيا» الذي يمتد على طول الحدود بين مصر وغزة.

وكتب المراسل العسكري آفي أشكنازي في صحيفة «معاريف» أن رد «حماس» يشير إلى أن الحركة لم تتراجع، بل هي تواصل نشاطها ولم تُحشَر في الزاوية.

وأضاف: «إذا قُبلت تحفظات (حماس)، فسيُعدّ ذلك فشلاً ذريعاً للخطوة العسكرية الأخيرة للجيش الإسرائيلي في غزة، المعروفة باسم (عربات جدعون). سيسمح هذا لـ(حماس) بالتعافي، وسيُفسَّر في الشرق الأوسط على أنه انتصار لها. لا جديد في رد (حماس)، إنما في طريقة تقديمه للعالم».

وتابع: «من المشكوك فيه جداً في الوقت الحالي أن تقبل إسرائيل ردَّ (حماس)، ليس فقط بوصفه أساساً للمحادثات. يجب على إسرائيل الآن إعادة النظر في خطواتها في غزة على مدار العامين الماضيين تقريباً، ودراسة أدوات الضغط التي نجحت في التأثير على (حماس)».

وإضافة إلى ملاحظات «حماس» التي بحاجة إلى حسم، ثمة مسائل غنية أخرى تحتاج إلى اتفاق.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن الوسطاء سيضغطون من أجل إبقاء الاتفاق كما هو، وإذا نجحوا في ذلك فستتبقى مسائل فنية متعلقة بعدد قليل من القضايا، مثل عدد وهوية الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم في الاتفاق والخرائط التي تُحدِّد انسحاب القوات الإسرائيلية.

دمار اليوم السبت في مدرسة تابعة لوكالة «أونروا» تعرَّضت لقصف إسرائيلي في مدينة غزة ليلة الجمعة (رويترز)

وأضافت «يديعوت أحرونوت» أن ثمة مسائل فنية مضنية يجب التفاهم حولها، مثل مَن هم الرهائن الذين سيتم إطلاق سراحهم، فخلافاً للمرة السابقة، عندما كانت قائمة المُفرَج عنهم معروفةً، واستندت إلى قائمة قدَّمتها إسرائيل قبل بضعة أشهر، ففي هذه المرة - إذا تم تنفيذ الصفقة الجزئية على الطاولة بالفعل - ليس من الواضح مَن هم الرهائن الـ10 الأحياء الذين سيتم إطلاق سراحهم من أسر «حماس»، ومَن هم أصحاب الجثامين الـ18 الذين سيتم نقلهم، ولا مَن سيُحدِّد القائمة، ومَن هم الأسرى الفلسطينيون الذين سيُفرَج عنهم. وينصُّ المخطط المنشور لاتفاق وقف النار وتبادل الأسرى، على أنه مقابل إطلاق سراح 10 أسرى أحياء و18 قتيلاً، ستُفرِج إسرائيل عن عدد مُتفق عليه من الأسرى الفلسطينيين. ورغم عدم تحديد عددهم، فإن تفاصيلهم معروفة نسبياً، ويُقدَّر عددهم بـ1000 أسير ونحو 100 سجين مؤبد. لكن «حماس» ستطالب بالإفراج عن «رموز» من بين الأسرى الفلسطينيين، وهو ما ستُعارضه إسرائيل.

وأضافت «يديعوت أحرونوت»: «في مسألة انسحاب الجيش وفقاً للخطة، سيُعاد انتشار قوات الجيش في شمال قطاع غزة وعلى محور نتساريم، وبعد أسبوع في جنوب القطاع. تطالب (حماس) بانسحاب تدريجي للجيش إلى المواقع المحدَّدة في اتفاق وقف النار السابق، بينما ينصُّ الاتفاق الجديد على أن إعادة الانتشار ستكون وفق (خرائط يُتفق عليها) - لذا، في الواقع، لم يُتفق على التفاصيل بعد. من المتوقع إجراء نقاش حول نطاق الانسحاب والخطوط الجديدة. توافق إسرائيل على الانسحاب إلى (محور موراغ)، وهو الممر الواقع في جنوب قطاع غزة والمعروف أيضاً باسم «فيلادلفيا 2»، لكنها تُصر على الحفاظ على محيط لا يقل عن 1.2 كيلومتر داخل قطاع غزة».

وإذا ما تم تجاوز هذه الخلافات، فستبقى مسائل أكثر تعقيداً على الطاولة تمثل طلبات «مفخخة». وقالت «يديعوت أحرونوت»، في هذا الإطار، إنه «على الرغم من أن المخطط المنشور للصفقة لم يتطرق إلى (اليوم التالي) لما بعد الحرب، ولا لنفي كبار مسؤولي (حماس) في القطاع، فإن نتنياهو أكد في اجتماع مجلس الوزراء المصغر أنه لن يتخلى عن هدف إخضاع (حماس)». وقال: «لن تتمكَّن (حماس) من البقاء في غزة. إنهم يتحدثون عن النفي، وإنهاء الحرب في غضون شهرين».

وتشترط إسرائيل نفي قادة «حماس»، وسحب السلاح قبل إنهاء الحرب، وهما مسألتان لن توافق عليهما «حماس» بسهولة، ما يجعل استئناف القتال في غزة مسألةً محتملةً.

وصرَّح مصدر إسرائيلي لـ«يديعوت أحرونوت» بأن التوجه في هذه المرحلة، هو أن نتنياهو وترمب سيعلنان الاتفاق بشكل مشترك خلال لقائهما في البيت الأبيض، يوم الاثنين. وأضاف: «جميع الأطراف تدعم الاتفاق. رئيسا الأركان وجهاز الأمن العام (الشاباك) يدعمان أيضاً اتفاقاً جزئياً. الجميع يقول إنه في النهاية، علينا التوصُّل إلى وضع يسمح لنا بالإفراج عن الرهائن، في أسرع وقت ممكن».


مقالات ذات صلة

نتنياهو يدفع لتحقيق منزوع الصلاحيات حول هجوم «7 أكتوبر»

شؤون إقليمية جندي إسرائيلي ينبطح أرضاً لدى سماعه دوي صفارات الإنذار بغلاف غزة في أكتوبر 2023 (أ.ب) play-circle

نتنياهو يدفع لتحقيق منزوع الصلاحيات حول هجوم «7 أكتوبر»

صادقت لجنة وزارية إسرائيلية على مشروع قانون قدمه حزب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتشكيل لجنة تحقيق في هجوم «7 أكتوبر» (تشرين الأول).

«الشرق الأوسط» (تل أبيب - غزة )
المشرق العربي فلسطيني يحمل جثمان رضيع توفي بسبب البرد القارس في خان يونس جنوب غزة (رويترز)

إسرائيل تُحرّك الخط الأصفر في جباليا لتعميق سيطرتها شمال غزة

تواصل القوات الإسرائيلية تعميق سيطرتها داخل قطاع غزة عبر إحكام قبضتها على العديد من المناطق، إذ توغلت آلياتها العسكرية بشكل مفاجئ في مخيم جباليا شمال القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)

ساعر: «حماس» تحاول ترسيخ سيطرتها على غزة... ولن نقبل ذلك

قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، اليوم (الأحد)، إن حركة «حماس» الفلسطينية لا تعمل على نزع سلاحها.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل في خان يونس خلال عمليات البحث عن جثامين ضحايا الحرب على غزة يوم السبت (إ.ب.أ)

انهيار مبانٍ على رؤوس قاطنيها... أحد جوانب حرب غزة القاتمة

انهار 20 مبنى ومنزلاً على الأقل بمدينة غزة في غضون 10 أيام؛ ما تسبب بوفاة ما لا يقل عن 15 فلسطينياً، بينهم أطفال ونساء.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي أطفال ينتظرون الحصول على نصيبهم من الطعام بمخيم النصيرات في غزة (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: ندعو لدخول الإمدادات والمعدات الطبية الأساسية لغزة

رحب مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الأحد، بالتقدم الذي أُحْرِزَ بشأن المجاعة في غزة، لكنه أوضح أن هذا التقدم لا يزال هشاً للغاية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الجيش الإسرائيلي يعلن القضاء على 3 عناصر من «حزب الله» بجنوب لبنان

السيارة التي استهدفها الجيش الإسرائيلي في صيدا بجنوب لبنان (د.ب.ا)
السيارة التي استهدفها الجيش الإسرائيلي في صيدا بجنوب لبنان (د.ب.ا)
TT

الجيش الإسرائيلي يعلن القضاء على 3 عناصر من «حزب الله» بجنوب لبنان

السيارة التي استهدفها الجيش الإسرائيلي في صيدا بجنوب لبنان (د.ب.ا)
السيارة التي استهدفها الجيش الإسرائيلي في صيدا بجنوب لبنان (د.ب.ا)

قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، اليوم الثلاثاء، إن «الجيش الإسرائيلي هاجم أمس وقضى على ثلاثة عناصر إرهابية من (حزب الله) دفعوا بمخططات إرهابية ضد قوات جيش الدفاع وكانوا يهمون بمحاولات اعادة اعمار بنى تحتية عسكرية في منطقة صيدا بجنوب لبنان».

وأضاف في منشور عبر «إكس»: «من التحقيق الاولي يتبين ان الغارة أسفرت عن القضاء على مخرب في حزب الله كان يخدم بالتوازي في وحدة الاستخبارات التابعة للجيش اللبناني».

وتابع: «كما أسفرت الغارة عن القضاء على مخرب أخر عمل في وحدة الدفاع الجوي في قطاع صيدا بحزب الله».

وزعم المتحدث وجود «علاقات تعاون» بين الجيش اللبناني و«حزب الله»، مؤكداً مواصلة العمل لإزالة «أي تهديد على مواطني دولة إسرائيل».

وأكد أن «جيش الدفاع يعمل ضد عناصر (حزب الله) العاملين في محاولة لاعادة اعمار بنى تحتية إرهابية في انتهاك خطير للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان».


مسؤولون إسرائيليون يحذرون: التسريبات الإعلامية حول إيران قد تشعل حرباً جديدة

أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية أثناء تصديها للصواريخ الإيرانية فوق تل أبيب في يونيو الماضي (أ.ب)
أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية أثناء تصديها للصواريخ الإيرانية فوق تل أبيب في يونيو الماضي (أ.ب)
TT

مسؤولون إسرائيليون يحذرون: التسريبات الإعلامية حول إيران قد تشعل حرباً جديدة

أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية أثناء تصديها للصواريخ الإيرانية فوق تل أبيب في يونيو الماضي (أ.ب)
أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية أثناء تصديها للصواريخ الإيرانية فوق تل أبيب في يونيو الماضي (أ.ب)

حذر مسؤولون عسكريون واستخباراتيون إسرائيليون من أن التسريبات والإحاطات الإعلامية الصادرة من إسرائيل في الأيام الأخيرة، بشأن احتمالية تجدد الاشتباك مع إيران، قد تؤدي بالفعل إلى رد فعل غير مدروس من طهران، وتتسبب في اندلاع حرب أوسع.

هل تشعل التسريبات الإسرائيلية حرباً حقيقية؟

ونقل موقع «واي نت»، التابع لصحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، عن المسؤولين، قولهم إنه «إلى جانب صرف الانتباه عن قضايا رئيسية أخرى في إسرائيل - بما في ذلك التحقيق الحكومي في هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول)، والتأخير في تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة مع (حماس) - فإن هذه التنسريبات والإحاطات الإعلامية، التي تُنسب غالباً إلى (مسؤول دبلوماسي رفيع المستوى)، أو (مصادر استخباراتية غربية)، تُنذر بخطر إشعال حرب حقيقية».

وحذر المسؤولون من أن سوء التواصل مع إيران «قد يُشعل فتيل صراع مُنهك آخر لا ينوي أي من الطرفين خوضه حالياً».

وقد حذر ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي مراراً وتكراراً هذا العام، لا سيما بعد الحرب التي اندلعت بين إسرائيل وإيران في يونيو (حزيران) الماضي، من أن سوء التعامل مع الملف الإيراني قد يكون الشرارة الرئيسية لتجدد الأعمال العدائية بين البلدين.

تحذير من هجوم إيراني استباقي

وفي الوقت الراهن، تعتمد تقييمات إيران للتهديدات بشكل كبير على التقارير الإعلامية الإسرائيلية، إذ يواجه عملاء المخابرات الإيرانية صعوبة متزايدة في العمل على الأرض داخل إسرائيل. ومنذ بداية الحرب، تم إحباط 34 محاولة تجسس إيرانية داخل إسرائيل.

وحذّر مسؤولون أمنيون إسرائيليون كبار قائلين: «إذا شعر الإيرانيون بأن رياح الحرب تهب من هنا مجدداً، فقد يفكرون في شنّ هجوم استباقي».

وأضافوا: «إذا كان الهدف هو استئناف الهجمات هناك أو الحفاظ على وقف إطلاق النار الحالي، فمن الأفضل التزام الصمت بدلاً من إغراق وسائل الإعلام بمثل هذه الضجة. وقد يكون النشاط غير المعتاد الذي رصدته وكالات الاستخبارات الغربية في إيران نابعاً جزئياً من شائعات لا أساس لها من الصحة انتشرت على قنوات (تلغرام) الإسرائيلية حول الاستعداد للتصعيد».

وقال المسؤولون إن تعافي إيران يمضي قدماً دون عوائق.

ولفتوا إلى أنه «في ظل غياب آلية إنفاذ دولية أو أي ترتيب دبلوماسي للحد من نفوذ طهران، شرعت القوات الإيرانية في إعادة بناء قدراتها الصاروخية فور انتهاء المواجهة التاريخية مع إسرائيل هذا الصيف. واستمر تدفق الخبرات المتقدمة في إنتاج الصواريخ والتمويل الكبير بشكل مطرد خلال الأشهر الأخيرة إلى وكلاء إيران الإقليميين، من اليمن إلى لبنان».

وقد خلص مسؤولون في الجيش الإسرائيلي إلى أنه في حال استمرار هذا التوجه، فمن المرجح اندلاع جولة أخرى من الأعمال العدائية مع إيران. ومع ذلك، فقد أوصوا إسرائيل بعدم شن أي هجوم إلا في حال تجاوز طهران لشروط بعينها.

الجيش يشكك في تصريحات القيادة السياسية

وفي الوقت الراهن، يعتقد المسؤولون العسكريون أن إيران لم تتجاوز هذه الشروط بعد. وقد أعربت مصادر في الجيش الإسرائيلي، يوم الاثنين، عن تشككها إزاء موجة التصريحات العلنية الأخيرة الصادرة عن القيادة السياسية؛ فعلى سبيل المثال، قالوا إن المناورات العسكرية الإيرانية التي أُجريت هذا الشهر، لا تشير بالضرورة إلى استعداد لشن هجوم وشيك على إسرائيل.

ويرى مسؤولون أمنيون إسرائيليون أن إيران لا تزال تفتقر إلى مصلحة استراتيجية في الرد على إسرائيل في هذه المرحلة، وهم يعتقدون أن طهران «تُركز على تحسين قدراتها العسكرية، مستفيدةً من إخفاقاتها خلال الصيف، وتعزيز قدراتها الاستخباراتية، وزيادة تسليح (حزب الله) والحوثيين»، مشيرين إلى أن دافع الحفاظ على الذات لدى النظام الإيراني يطغى حالياً على أي رغبة في الانتقام.


«الباليستي» الإيراني تحت المجهر الأميركي ــ الإسرائيلي

صورة نشرتها وكالة «ميزان» التابعة للسلطة القضائية من المناورات الصاروخية
صورة نشرتها وكالة «ميزان» التابعة للسلطة القضائية من المناورات الصاروخية
TT

«الباليستي» الإيراني تحت المجهر الأميركي ــ الإسرائيلي

صورة نشرتها وكالة «ميزان» التابعة للسلطة القضائية من المناورات الصاروخية
صورة نشرتها وكالة «ميزان» التابعة للسلطة القضائية من المناورات الصاروخية

وضعت الولايات المتحدة وإسرائيل البرنامج الصاروخي الإيراني تحت المجهر، مع تصاعد التوتر الإقليمي وتضارب المعطيات بشأن تحركات عسكرية داخل إيران. وتشير تقديرات غربية إلى أن طهران تسعى إلى إعادة بناء قدراتها الصاروخية والنووية بعد حرب يونيو (حزيران)، في حين تؤكد إيران أن برنامجها «دفاعي بحت» وخارج أي مسار تفاوضي.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، إن إسرائيل «على علم» بأن إيران تجري «تدريبات» في الآونة الأخيرة، لافتاً إلى أن الأنشطة النووية الإيرانية ستُبحث خلال لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، محذراً من أن أي تحرك إيراني سيُقابل برد عنيف، ومشدداً في الوقت نفسه على أن إسرائيل لا تسعى إلى مواجهة.

من جهته، قال السفير الأميركي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، إن طهران «لم تستوعب الرسالة كاملة» بعد القصف الأميركي لمنشأة فوردو خلال حرب يونيو. وفي تل أبيب، أعلن السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام تأييده توجيه ضربات لإيران، معتبراً أن إعادة بناء الترسانة الصاروخية باتت تضاهي خطورة البرنامج النووي.

في المقابل، شددت الخارجية الإيرانية على أن البرنامج الباليستي «خارج طاولة التفاوض»، فيما أكد قائد الجيش الإيراني أمير حاتمي أن القوات المسلحة «تراقب بدقة» تحركات خصومها وسترد «بحزم» على أي اعتداء.

وسجل الداخل الإيراني تبايناً بشأن تقارير عن مناورات صاروخية محتملة، إذ تحدثت وسائل إعلام قريبة من «الحرس الثوري» عن تحركات واختبارات في عدة محافظات، قبل أن ينفي التلفزيون الرسمي إجراء أي مناورات، مؤكداً أن المشاهد المتداولة «غير صحيحة».