اتهم زعيم المعارضة التركية رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل، الرئيس رجب طيب إردوغان وحكومته، بمحاولة اختلاق أدلة وهمية لدعم «الانقلاب» على إرادة الشعب، الذي بدأ باعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو في 19 مارس (آذار)، بمزاعم فساد وجرائم لا أساس لها من الصحة.
جاء ذلك في وقت يبحث فيه حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، برئاسة إردوغان، عن وسيلة لدفع حزب «الشعب الجمهوري» للمشاركة في أعمال وضع دستور جديد للبلاد يرفض الحزب المشاركة فيها.
وقال أوزيل إنهم يعددون الأمهات بأبنائهن، ويجبرون رجال الأعمال على التشهير باسم الاعتراف و«التوبة الفعالة» في «التحقيقات المستمرة منذ 87 يوماً يحتجز بسببها مرشحنا الرئاسي، أكرم إمام أوغلو، بلا ذنب أو جريمة ولا دليل واحد على شبهة مخالفة».
وأضاف أوزيل في كلمة أمام تجمع حاشد بمدينة بايبورت، الواقعة في شرق الأناضول والتي تعدّ من معاقل حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، أن الأسواق المالية انهارت، وهبطت الأسهم، وهرب المستثمرون الأجانب بسبب «انقلاب 19 مارس (آذار)»، الذي نفذه إردوغان على أقوى منافس له (إمام أوغلو) مستخدماً الادعاء العام.
تعهدات بالقضاء على الفقر
وتابع أنه من أجل إنقاذ تركيا من هذا «الكابوس»، وعدم الصمت على هذا الانقلاب، «ظللنا نندد بهذا الظلم، ونجوب أنحاء تركيا، وبينما قال إردوغان، منذ نحو 3 أشهر: (سترون، لن يتمكنوا من النظر بعضهم في وجوه بعض، ولا في أعين عائلاتهم)، أقول من هنا، وأنا أنظر في عيون أهالي بايبورت، إن كل ما يُقال افتراء».
وقال أوزيل: «عندما يصبح أكرم إمام أوغلو رئيساً، سيقضي على الفقر ويحقق العدالة في توزيع الدخل، سيأتي إمام أوغلو، وسيعود الفلاح سيداً للأمة، وسيجد هذا المجتمع السلام من جديد، وسننقذ هذا البلد معاً».
وتعد هذه هي المرة الأولى منذ 14 عاماً التي يعقد فيها حزب «الشعب الجمهوري» تجمعاً شارك فيه حشد كبير من سكانها، حيث عرفت بأنها من معاقل الحزب الحاكم.
وقال أوزيل إن بايبورت لم تعُد معقلاً لحزب «العدالة والتنمية»، ولن تكون هناك معاقل بعد الآن. وكرر مطالبته بتطبيق زيادة في الحد الأدنى للأجور، داعياً المتقاعدين والعمال إلى الاتحاد في نضالهم.
وفي رسالة وجهها من محبسه في سجن سيليفري إلى التجمع الذي عقد في إطار تجمعات «الأمة تدافع عن إرادتها»، قال إمام أوغلو إن «تركيا كلها تعلم أنه وزملاؤه أسرى بلا ذنب ولا إثم»، مؤكداً أنه «مع ازدياد قمعهم (الحكومة) سنُبعث من جديد، وسيزداد عددنا في كل ساحة».
وأضاف: «يحاولون منعنا من الانخراط في السياسة، ومن أن نكون صوت الأمة، هدفهم هو منعنا من خدمة الشعب، وإبعادنا عن الانخراط في السياسة من أجل هذه الأمة، لكنهم أدركوا أنهم لن يتمكنوا من تحقيق ذلك عندما توافد الشعب إلى الساحات ودافع عن إرادته».
الدستور الجديد
في الأثناء، تواصل لجنة إعداد الدستور الجديد التي شكلها الرئيس رجب طيب إردوغان من 10 قانونيين من الحزب، وعقدت اجتماعها الأول في 11 يونيو (حزيران) الحالي، برئاسة نائبه جودت يلماظ، بهدف وضع مسودة تكون جاهزة عند إدراج مشروع الدستور على جدول الأعمال، وبدء مناقشة مع الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني.
وقالت مصادر بالحزب إن إردوغان يريد تحقيق أكبر إجماع حول مشروع الدستور الذي لا تكفي أصوات نواب «تحالف الشعب» (حزبا العدالة والتنمية والحركة القومية) لإقراره.
ويسعى التحالف إلى ضمان دعم حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، في ظل رفض حزب «الشعب الجمهوري» له بسبب ما يقول رئيسه، أوزغور أوزيل، عدم الالتزام بالدستور الحالي وقرارات المحكمة الدستورية ومحكمة حقوق الإنسان الأوروبية.
ولا تكفي أصوات نواب الأحزاب الثلاثة (375 نائباً) لتمرير الدستور من البرلمان مباشرة، وهذا يكفي لإجراء تعديل دستوري مشروط بطرحه على الشعب للاستفتاء عليه، في حين أن موافقة 400 نائب من أصل 600 تجعل الدستور يمر مباشرة من البرلمان.
وعلى عكس حزب «الشعب الجمهوري»، لا يعارض حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» إنشاء لجنة لوضع الدستور، لكنه يتمسك بأن يخدم الدستور الجديد عملية التحول الديمقراطي في تركيا بعد حل حزب «العمال الكردستاني»، ويرفض، في الوقت ذاته، أن يكون الهدف من الدستور هو فتح الطريق لإردوغان للبقاء في الحكم. ويقول الحزب: «إن من يريدون تصويرنا على أننا في حالة تفاوض لا يعترفون بهذا الفهم السياسي».
ويرى بعض مسؤولي الحزب أنه في حال استمرار رفض «الشعب الجمهوري»، يمكن تشكيل لجنة دستورية جديدة بمشاركة حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» والأحزاب الأخرى في البرلمان، ووقتها لن يرغب الحزب في البقاء خارج المعادلة.