الضربة الإسرائيلية تسارعت بقفزات طهران «النووية»

خططها قديمة وهجوم «حماس» أخّر تنفيذها سنتين

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يشير إلى خط أحمر رسمه على صورة قنبلة تُستخدم لتمثيل البرنامج النووي الإيراني في أثناء إلقائه كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة السابعة والستين في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، 27 سبتمب  2012... يمثل الخط الأحمر نقطةً يعتقد نتنياهو أن على المجتمع الدولي أن يُبلغ إيران عندها بأنه لن يُسمح لها بالمرور دون تدخل (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يشير إلى خط أحمر رسمه على صورة قنبلة تُستخدم لتمثيل البرنامج النووي الإيراني في أثناء إلقائه كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة السابعة والستين في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، 27 سبتمب 2012... يمثل الخط الأحمر نقطةً يعتقد نتنياهو أن على المجتمع الدولي أن يُبلغ إيران عندها بأنه لن يُسمح لها بالمرور دون تدخل (أرشيفية - رويترز)
TT

الضربة الإسرائيلية تسارعت بقفزات طهران «النووية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يشير إلى خط أحمر رسمه على صورة قنبلة تُستخدم لتمثيل البرنامج النووي الإيراني في أثناء إلقائه كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة السابعة والستين في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، 27 سبتمب  2012... يمثل الخط الأحمر نقطةً يعتقد نتنياهو أن على المجتمع الدولي أن يُبلغ إيران عندها بأنه لن يُسمح لها بالمرور دون تدخل (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يشير إلى خط أحمر رسمه على صورة قنبلة تُستخدم لتمثيل البرنامج النووي الإيراني في أثناء إلقائه كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة السابعة والستين في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، 27 سبتمب 2012... يمثل الخط الأحمر نقطةً يعتقد نتنياهو أن على المجتمع الدولي أن يُبلغ إيران عندها بأنه لن يُسمح لها بالمرور دون تدخل (أرشيفية - رويترز)

كشفت مصادر أمنية في تل أبيب، عن أن الحرب التي شنتها إسرائيل على إيران، فجر الجمعة، كانت جاهزة منذ سنتين، ولكن الهجوم الذي شنته «حماس» في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على بلدات غلاف غزة، عرقل المخطط.

لكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ورئيس أركان الجيش أيال زامير، توصلا إلى قرار بضرورة تنفيذها في هذا الوقت بدعوى «الحصول على معلومات موثوقة تبين أن إيران قفزت عدة خطوات نحو القدرة على إنتاج قنابل نووية».

وتعود هذه الحرب إلى قرارات قديمة في إسرائيل، اصطدمت بالكثير من التردد والعراقيل. وبحسب صحيفة «معاريف»، الجمعة، فإن المشروع النووي الإيراني بدأ في عهد الشاه، في سبعينات القرن الماضي.

ومع أن إسرائيل كانت على علاقة جيدة مع طهران حينها، فقد أمر رئيس الوزراء الراحل إسحاق رابين، بفحص الأمر بعمق حتى تقرر تل أبيب مصلحتها. ولكن، قبل التقدم في الموضوع، جاءت ثورة الخميني (1979) إلى الحكم وجمدت المشروع. بيد أن الحرب مع العراق، غيّرت موقف إيران فقررت إعادة تفعيله. وباشرت إسرائيل عندئذ متابعته بقلق، لأن قادة الخطاب السياسي الإيراني استخدموا صيغة «تدمير إسرائيل».

خطة شارون

وفي مطلع القرن الحادي والعشرين، وضعت الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي تقريراً أمام رئيس الوزراء أرئيل شارون، يؤكد أن طهران أطلقت مشروعها النووي الذي يتضمن استخراج اليورانيوم وتخصيبه. وخلال المداولات طُرحت خطتان لمواجهة التطور الجديد: الأولى تتحدث عن العمل على إسقاط النظام، والثانية إجهاض المشروع النووي.

ولخص شارون النقاش بتفضيل تدمير المشروع النووي. وباشر الجيش وضع خطة، وكلف «الموساد» بتولي مسؤولية العمل داخل إيران. وتم الإعداد للخطة بهدوء وصمت، في زمن حكومة إيهود أولمرت، الذي قام بتدمير مفاعل نووي بدأت كوريا الشمالية بناءه في سوريا.

وبعد انتخاب نتنياهو لرئاسة الحكومة بسنتين، وتحديداً في سنة 2011، طرح وزير دفاعه إيهود باراك، اقتراحاً لضرب المنشآت النووية الإيرانية. لكن قادة الجيش والمخابرات رفضوا الفكرة، أولاً بسبب الاحتكاكات مع نتنياهو وانعدام الثقة به وبأقواله، وثانياً لأن ضرب إيران في هذه المرحلة غير ضروري.

وقال رئيس الموساد، مئير دجان، في حينه: «نضرب فقط عندما نشعر بأن شفرة السكين باتت على الرقبة». ويعدّ هذا الخلاف بين القيادتين السياسية والعسكرية بداية انشقاق خطير في المجتمع الإسرائيلي، تفاقم بسرعة إلى معركة مكشوفة. وراحت منابر نتنياهو واليمين تدير حملة تحريض على قيادة الجيش والأجهزة الأمنية.

لكن الجيش و«الموساد» لم يتوقفا عن الإعداد لضرب إيران، حتى عندما توصل الغرب إلى اتفاق مع طهران في 2015. وقد استغلت إيران الوقت جيداً لنشر مفاعلها النووية على مساحة واسعة من الأراضي الشاسعة، مما جعل إسرائيل غير قادرة على تدمير المشروع.

رجل يلتقط صورة لمبنى تضرر في غارة إسرائيلية على طهران 13 يونيو 2025 (أ.ف.ب)

وصارت تعمل في اتجاهين: إقناع الولايات المتحدة بعملية حربية مشتركة، باعتبار أن الجيش الأميركي يمتلك القدرات والأسلحة المناسبة لذلك، أو القيام بضربة إسرائيلية محدودة لكن مؤذية تحظى بدعم واشنطن، سياسياً ولوجيستياً.

وأعدت إسرائيل هذه الخطة. وبحسب جنرالات سابقين، فإنها استكملت في سنة 2023، وبقي القرار السياسي الذي يصادق على هذه الحرب. وفي هذه الأثناء، حصل هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، فتم تجميدها.

والتجميد، لا يعني إسقاط الخطة. فقد بقيت فرق الجيش و«الموساد» التي تعد لهذه الحرب، تجمع المعلومات. بل إنها أجرت عدة تجارب لفحص القدرات الإيرانية الدفاعية.

وخرج الجيش باستنتاج أنه قادر على توجيه ضربة يمكنها إقناع إيران بالتوقيع على اتفاق نووي جيد، تلتزم من خلاله بالتخلي عن النووي. لكنه طلب أن يكون موعدها بعد وقف الحرب في غزة.

سنة الحرب

بيد أن التغيير الذي أحدثه نتنياهو على قيادة الجيش جلب معه أيضاً تغييراً في الموقف. ومع أن الثقة بنتنياهو بدأت تهتز أيضاً لدى رئيس الأركان الجديد، فإنه قرر المضي قدماً في الإعداد للحرب.

وكان زامير أعلن أن 2025 ستكون سنة حرب على إيران وغزة. ويرى زامير أن تجربة الضربات السابقة لإيران في السنة الماضية وضعف الرد الإيراني، ليسا مجرد تكتيك تتبعه طهران، بل هو ضعف حقيقي. وأكد «الموساد» هذا الانطباع من خلال نشاطه العميق في قلب إيران.

مطار بن غورين في تل أبيب فارغاً من المسافرين عقب الهجوم على إيران (أ.ب)

نتنياهو من جهته، يريد الحرب لأنها الضمان الوحيد للبقاء في الحكم. وأبلغ الجيش أنه سيصادق على أي خطة حربية يقرها. وبحسب بيان نتنياهو، في الأسابيع القليلة الماضية، تلقى تقريراً من الاستخبارات العسكرية يفيد بأن إيران حققت في الشهور الأخيرة قفزات في التقدم في مشروعها النووي، لذلك أطلق الضربة.

ويغتبط نتنياهو بالحصول على دعم أميركي كبير في هذه الحرب. فالولايات المتحدة والرئيس دونالد ترمب شخصياً، ساهما في حملة تضليل طهران وطمأنتها بأن واشنطن لا تريد توجيه ضربة عسكرية طالما أن المفاوضات جارية. لكن هناك تحسباً أيضاً من أن ترمب سيطلب من نتنياهو وقف الحرب في غزة فوراً، ووقف الحرب على إيران، لإعادة المفاوضات من جديد مع طهران والتوصل إلى اتفاق لا يرضي الطموحات والمطامع الإسرائيلية.


مقالات ذات صلة

«أكسيوس»: تقديرات أميركية وإسرائيلية بأن اليورانيوم موجود في منشآت إيرانية «مغلقة»

شؤون إقليمية مفاعل فوردو النووي الإيراني (أ.ف.ب)

«أكسيوس»: تقديرات أميركية وإسرائيلية بأن اليورانيوم موجود في منشآت إيرانية «مغلقة»

ذكر موقع «أكسيوس» الإخباري، اليوم الاثنين، أن تقديرات أميركية وإسرائيلية تفيد بأن اليورانيوم عالي التخصيب موجود حالياً في منشآت مغلقة ومتضررة بشدة بإيران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية نتنياهو خلال زيارة لقيادة سلاح الجو برفقة وزير الدفاع يسرائيل كاتس في ديسمبر الماضي (د.ب.أ)

إسرائيل شكّلت «هيئة أركان ظل» تحسباً لهجمات إيرانية انتقامية

كشف النقاب (اليوم الاثنين) عن أن الجيش الإسرائيلي شكّل «هيئة أركان في الظل» الشهر الماضي تحسباً لاغتيال قادة الصف الأول خلال الحرب على إيران.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري سيارة إسعاف محترقة نتيجة هجوم إسرائيلي معروضة في طهران(نيويورك تايمز)

تحليل إخباري الصين وروسيا تحافظان على مسافة من إيران في خضم الأزمة

عندما استعانت روسيا بمساعدة الصين وكوريا الشمالية وإيران في حربها ضد أوكرانيا، بدأ بعض المسؤولين الأميركيين والبريطانيين يتحدثون عن «محور» جديد.

إدوارد وونغ (نيويورك)
شؤون إقليمية صورة نشرها موقع الرئاسة الإيرانية لبزشكيان خلال مقابلة مع تاكر كارلسون

بزشكيان: إسرائيل حاولت اغتيالي والمفاوضات مشروطة بالثقة

قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إن بلاده ليست لديها مشكلة مع المفاوضات، لكن «المآسي التي أوجدها الكيان الصهيوني في المنطقة، وإيران، جعلت الوضع حرجاً».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض (مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي) play-circle

نتنياهو يسعى لـ«ضوء أخضر» أميركي للتحرك ضد إيران في حال عاد التهديد النووي

قال مسؤول إسرائيلي إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيطلب من ترمب «ضوءاً أخضر» لاتخاذ إجراء ضد أي نشاط يتعلق بإعادة بناء طهران برنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

«أكسيوس»: تقديرات أميركية وإسرائيلية تفيد بأن اليورانيوم المخصب موجود في منشآت «مغلقة» في إيران

مفاعل فوردو النووي الإيراني (أ.ف.ب)
مفاعل فوردو النووي الإيراني (أ.ف.ب)
TT

«أكسيوس»: تقديرات أميركية وإسرائيلية تفيد بأن اليورانيوم المخصب موجود في منشآت «مغلقة» في إيران

مفاعل فوردو النووي الإيراني (أ.ف.ب)
مفاعل فوردو النووي الإيراني (أ.ف.ب)

ذكر موقع «أكسيوس» الإخباري، اليوم الاثنين، أن تقديرات أميركية وإسرائيلية تفيد بأن اليورانيوم عالي التخصيب موجود حالياً في منشآت «مغلقة ومتضررة بشدة» داخل المواقع النووية الإيرانية الثلاثة.

وقال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في مقابلة مع الإعلامي الأميركي تاكر كارلسون، في وقت سابق اليوم، إن المنشآت النووية تضررت بالفعل، لكن إيران لا تمتلك حتى الآن القدرة على تقييم الوضع بشكل دقيق.

وأكدت مصادر إسرائيلية وأميركية أن أجهزة الاستخبارات في البلدين تراقب بدقة أي تحركات إيرانية لنقل المواد أو استئناف العمليات النووية، حسب «أكسيوس».

ونقل الموقع الإخباري الأميركي عن رون ديرمر، كبير مستشاري رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قوله في اجتماعات مغلقة إنه خرج من زيارته الأخيرة إلى واشنطن بانطباع يفيد بأن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ستدعم ضربات إسرائيلية جديدة ضد إيران في ظروف معينة، ومنها أن تحاول إيران نقل اليورانيوم عالي التخصيب من المنشآت المتضررة في فوردو ونطنز وأصفهان.