بعد تاريخ من العداء... لماذا قررت إسرائيل مهاجمة إيران الآن؟

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير (وسط) يشرف على الهجمات ضد إيران من غرفة عمليات القوات الجوية في القدس (إ.ب.أ)
رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير (وسط) يشرف على الهجمات ضد إيران من غرفة عمليات القوات الجوية في القدس (إ.ب.أ)
TT

بعد تاريخ من العداء... لماذا قررت إسرائيل مهاجمة إيران الآن؟

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير (وسط) يشرف على الهجمات ضد إيران من غرفة عمليات القوات الجوية في القدس (إ.ب.أ)
رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير (وسط) يشرف على الهجمات ضد إيران من غرفة عمليات القوات الجوية في القدس (إ.ب.أ)

جاءت الضربة الإسرائيلية الضخمة على إيران صباح الجمعة بعد عقود من العداء بين الدولتين.

لطالما عدَّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إيران أكبر تهديد له، مشيراً إلى برنامجها النووي وخطابها العدائي ودعمها جماعات مسلحة في جميع أنحاء المنطقة. في غضون ذلك، أشارت إيران إلى أن عمليات الاغتيال والتخريب المتكررة التي شنتها إسرائيل ضدها، بالإضافة إلى حربها المدمرة على حركة «حماس» في قطاع غزة، سببٌ لعدائها.

في حين بدا أن البلدين يسيران على مسار تصادمي منذ فترة طويلة، فإن سلسلة من التطورات الأخيرة، بما في ذلك الضربات الإسرائيلية ضد إيران وحلفائها وإعادة انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ساعدت في تمهيد الطريق لهجوم الجمعة، وفقاً لصحيفة «واشنطن بوست».

مَركبات متضررة في أعقاب الضربات الإسرائيلية على طهران (رويترز)

لماذا تُعدّ إسرائيل وإيران عدوتين؟

بعد الثورة الإيرانية عام 1979، سارعت قيادة البلاد إلى عدّ الولايات المتحدة وإسرائيل عدويها الرئيسين. ويعود ذلك بشكل كبير إلى الروابط الأميركية والإسرائيلية مع آخر شاه إيراني، محمد رضا بهلوي، الذي فرّ من إيران وهو مريضٌ قبل الثورة.

على مدى العقدين الماضيين، اتهمت إسرائيل إيران مراراً وتكراراً بتطوير أسلحة نووية. تُصرّ إيران على أنها حافظت على برنامجها النووي للأغراض السلمية فقط، لكن رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية حذّر من أن طهران تمتلك ما يكفي من اليورانيوم المخصب لصنع «عدة» قنابل نووية إذا اختارت ذلك.

تُقيّم الوكالة الدولية للطاقة الذرية والدول الغربية أن إيران كان لديها برنامج مُنظّم للأسلحة النووية حتى عام 2003. تُصرّ إيران على أن برنامجها سلمي، بينما لا تزال تُخصّب اليورانيوم إلى مستويات قريبة من درجة صنع الأسلحة.

ترى إسرائيل أن امتلاك إيران للسلاح النووي يُشكّل تهديداً وجودياً لها، وكان كسر شبكة إيران الإقليمية من الجماعات المسلحة بالوكالة هدفاً رئيساً لها. وقال نتنياهو: «لعقود، دعا طغاة طهران بوقاحة وعلنية إلى تدمير إسرائيل... لقد دعموا خطابهم ببرنامج لتطوير أسلحة نووية».

على مدى العقود الأربعة الماضية، بنت إيران شبكة من الجماعات المسلحة أطلقت عليها اسم «محور المقاومة». وقد كان لهذه الجماعات – مثل «حزب الله » في لبنان، والحوثيين في اليمن، وجماعات أصغر في العراق وسوريا - نفوذ كبير في المنطقة خلال السنوات الأخيرة.

لكن هذا المحور ضعف منذ أن هاجمت «حماس» إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023؛ ما أشعل فتيل الحرب الدائرة في غزة، واشتدت المعارك في المنطقة.

وساهم ضعف «حزب الله» في سقوط حليف إيران في سوريا المجاورة، الرئيس بشار الأسد، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

بعد أن شنت إيران هجومين صاروخيين على إسرائيل العام الماضي، ردت إسرائيل بضربات جوية، بما في ذلك هجوم دمر مواقع صواريخ إيرانية وأضعف دفاعاتها الجوية.

أدى انهيار شبكة وكلاء إيران إلى خلق فرصة لإسرائيل لشن هجوم، بحسب تقرير «واشنطن بوست».

لماذا قررت إسرائيل شن هجوم الآن؟

صرح نتنياهو بأن الوقت ينفد لضرب إيران، زاعماً أن إيران اتخذت مؤخراً خطوات لتحويل اليورانيوم المخصب إلى أسلحة. وقال: «إذا لم تتوقف، فقد تتمكن إيران من إنتاج سلاح نووي في وقت قصير جداً».

في الوقت نفسه، أتاح وضع المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران فرصة سانحة. كانت هذه المحادثات متعثرة، ولكن هناك جهوداً لعقد جولة سادسة في عُمان يوم الأحد.

قد يؤدي الاتفاق إلى رفع الولايات المتحدة بعض عقوباتها الاقتصادية القاسية على إيران؛ ما يُصعّب على إسرائيل شن هجوم. خشي المسؤولون الإسرائيليون أن تكون المحادثات وسيلة لإيران لكسب الوقت في الوقت الذي تتخذ فيه خطوات سرية نحو امتلاك قنبلة نووية.

رجال الإطفاء يعملون في موقع انفجار بمجمع سكني شمال طهران (أ.ب)

يوم الخميس، ولأول مرة منذ 20 عاماً، انتقد مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إيران لعدم تعاونها مع مفتشيها. أعلنت إيران فوراً أنها ستنشئ موقعاً ثالثاً للتخصيب، وستستبدل بعض أجهزة الطرد المركزي بأخرى أكثر تطوراً.

وحتى ذلك الحين، يبدو أن إسرائيل كانت قد حسمت أمرها بالفعل.

وقال ترمب إنه طلب من نتنياهو عدم مهاجمة إيران أثناء استمرار المفاوضات. لكن الرئيس الأميركي، الذي يتمتع بسجل حافل من الدعم لإسرائيل، لم يقم بأي ردود فعل فورية تُذكر.


مقالات ذات صلة

اليهود المتشددون في إسرائيل يُصعدون موقفهم ضد الخدمة العسكرية

شؤون إقليمية «الحريديم» خلال مظاهرة بالقدس ضد قرار تجنيدهم في الجيش الإسرائيلي 30 يونيو 2024 (أ.ب)

اليهود المتشددون في إسرائيل يُصعدون موقفهم ضد الخدمة العسكرية

حذّر المرجع الروحي الأبرز لليهود المتشددين في إسرائيل، الخميس، من «الحرب» التي أعلنتها السلطات، ونيتها إشراك أعضاء هذا التيار بالخدمة العسكرية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا شاحنات المساعدات تصطف أمام معبر رفح استعداداً لدخول قطاع غزة (تصوير: محمد عبده حسنين)

تحذير مصري: من يقترب من الحدود فلا يلومنّ إلا نفسه

قال محافظ شمال سيناء، اللواء خالد مجاور، في تصريحات تلفزيونية، الخميس، إن أي محاولة للاقتراب من الحدود ستواجه بـ«رد مفاجئ».

فتحية الدخاخني (القاهرة )
المشرق العربي صور جوية للدمار الواسع الذي لحق بقطاع غزة من جراء الهجوم الإسرائيلي (أ.ب) play-circle

نتنياهو: سنسيطر على قطاع غزة ونريد تسليمه لقوات عربية

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الخميس إن إسرائيل تنوي السيطرة عسكرياً على قطاع غزة بأكمله وستسلّمه في نهاية المطاف إلى قوات عربية تحكمه

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية السفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هوكابي (رويترز) play-circle

هوكابي: أميركا تدعم «قرارات إسرائيل الصعبة» بشأن غزة

قال السفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هوكابي، الأربعاء، إن إسرائيل تحظى بدعم الولايات المتحدة لاتخاذ «قرارات صعبة» بشأن غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش (رويترز)

سموتريتش يريد «قراراً واضحاً» من الحكومة الإسرائيلية بـ«غزو كامل» لغزة

قال وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، المنتمي لليمين المتطرف، اليوم (الأربعاء)، إنه يأمل أن تتخذ الحكومة قرارا واضحا بغزو قطاع غزة بالكامل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

اليهود المتشددون في إسرائيل يُصعدون موقفهم ضد الخدمة العسكرية

«الحريديم» خلال مظاهرة بالقدس ضد قرار تجنيدهم في الجيش الإسرائيلي 30 يونيو 2024 (أ.ب)
«الحريديم» خلال مظاهرة بالقدس ضد قرار تجنيدهم في الجيش الإسرائيلي 30 يونيو 2024 (أ.ب)
TT

اليهود المتشددون في إسرائيل يُصعدون موقفهم ضد الخدمة العسكرية

«الحريديم» خلال مظاهرة بالقدس ضد قرار تجنيدهم في الجيش الإسرائيلي 30 يونيو 2024 (أ.ب)
«الحريديم» خلال مظاهرة بالقدس ضد قرار تجنيدهم في الجيش الإسرائيلي 30 يونيو 2024 (أ.ب)

حذّر المرجع الروحي الأبرز لليهود المتشددين في إسرائيل، الخميس، من «الحرب» التي أعلنتها السلطات، ونيتها إشراك أعضاء هذا التيار في الخدمة العسكرية.

كان عنوان صحيفة «ياتيد نئمان» الأرثوذكسية المتشددة، صباح الخميس، «الحرب»، عقب اعتقال منشقَّين عن الحركة. ونقلت الصحيفة عن الحاخام دوف لانداو قوله إن «السلطات (الإسرائيلية) ستواجه نزعة يهودية أرثوذكسية متشددة عالمية موحدة تُناضل لبقائها».

ويشكل هذا الموقف فصلاً جديداً في العلاقات المعقدة والمتوترة في كثير من الأحيان بين السلطات والأوساط الأرثوذكسية المتشددة، بينما تخوض إسرائيل حرباً في قطاع غزة، رداً على الهجوم الدامي الذي شنته «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

اليهود المتدينون أو «الحريديم» خلال مظاهرة بالقدس يوم 11 أبريل 2024 (رويترز)

يشكل اليهود المتشددون 14 في المائة من سكان إسرائيل، أو نحو 1.3 مليون نسمة، بينهم 66 ألف رجل في سن الخدمة العسكرية يجري إعفاؤهم من التجنيد.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، مطلع يوليو (تموز) الماضي، أنه سيجري إرسال طلبات التجنيد إلى آلاف من اليهود المتشددين الذين كانوا معفيين حتى الآن من الخدمة العسكرية، في قضيةٍ تُعرِّض مستقبل الائتلاف الحكومي الذي يرأسه بنيامين نتنياهو، للخطر.

وانسحب حزبان متطرفان من الحكومة منذ ذلك الحين، لكنهما ينتظران أن تمرر الحكومة قانوناً يجعل الإعفاء دائماً.

وبموجب ترتيب يعود إلى تاريخ إنشاء دولة إسرائيل عام 1948، يحظى الرجال الحريديم (المتدينون) بإعفاء من الخدمة العسكرية، بحكم الأمر الواقع، لعقود شرط أن يكرسوا أنفسهم للدراسة بدوام كامل للنصوص المقدسة اليهودية في المدارس الدينية.

وطعنت المحكمة العليا في هذا الإعفاء، في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، مما أرغم الحكومات المتعاقبة على وضع ترتيبات تشريعية مؤقتة لإرضاء المتشددين الأرثوذكس القادرين على تشكيل الائتلافات الحكومية وإسقاطها.

لكن المجتمع الإسرائيلي يجد صعوبة متزايدة في قبول هذه الترتيبات، بعد 22 شهراً من الحرب في غزة ضد حركة «حماس». وتستجيب نسبة ضئيلة من اليهود المتشددين تُناهز 2 في المائة، وفقاً للجيش، لدعوات التجنيد.

وفي الأسبوع الماضي، أقال الائتلاف رئيس لجنة الدفاع البرلمانية يولي إدلشتاين، العضو في حزب «الليكود» بزعامة نتنياهو، لمحاولته تمرير قانون يفرض عقوبات على المنشقّين المتشددين.

ومن المقرر تنظيم تظاهرة، الخميس، في القدس، دعت إليها هذه الجماعات المتطرفة.

يقول زعماء «الحريديم» إن إجبار طلبة المعاهد الدينية على الخدمة العسكرية ينذر بتدمير هويتهم (أ.ب)

وتتظاهر مجموعات متشددة أكثر تطرفاً بشكل منتظم ضد الدعوات للالتحاق بالجيش، تحت شعار «أُفضل الموت على التجنيد».

ودعا حاخامات؛ بينهم حاخام كبير سابق لإسرائيل، أتباعهم إلى مغادرة البلاد إذا لم يُمدّد الإعفاء في شكل قانوني.

وإذا قرر شركاء نتنياهو السابقون الانضمام إلى الاحتجاجات، فستواجه السلطات الإسرائيلية جبهة داخلية جديدة في خضم الحرب الدائرة بغزة.