أوجلان يدعو إلى «تحول كبير» في علاقة الأتراك والأكراد

تحرك بين الأحزاب بعد رسالة جديدة من محبسه

أكراد في جنوب شرقي تركيا يرفعون صورة لعبد الله أوجلان ابتهاجاً بدعوته لحل حزب «العمال الكردستاني» في 27 فبراير (أ.ف.ب)
أكراد في جنوب شرقي تركيا يرفعون صورة لعبد الله أوجلان ابتهاجاً بدعوته لحل حزب «العمال الكردستاني» في 27 فبراير (أ.ف.ب)
TT

أوجلان يدعو إلى «تحول كبير» في علاقة الأتراك والأكراد

أكراد في جنوب شرقي تركيا يرفعون صورة لعبد الله أوجلان ابتهاجاً بدعوته لحل حزب «العمال الكردستاني» في 27 فبراير (أ.ف.ب)
أكراد في جنوب شرقي تركيا يرفعون صورة لعبد الله أوجلان ابتهاجاً بدعوته لحل حزب «العمال الكردستاني» في 27 فبراير (أ.ف.ب)

أعطى الزعيم التاريخي لحزب «العمال الكردستاني»، عبد الله أوجلان، إشارة جديدة إلى ضرورة اتخاذ خطوات تترجم عملياً قرار الحزب حل نفسه استجابة لندائه الذي أطلقه في 27 فبراير (شباط) الماضي.

وقال أوجلان، في رسالة نقلها وفد من حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، والذي زاره في محبسه في سجن إيمرالي، الأحد، إن هناك حاجة إلى «تحول كبير» لإصلاح العلاقات بين الأتراك والأكراد بعد قرار الحزب حل نفسه وإلقاء أسلحته.

وبحسب ما نقلت نائبة حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، بروين بولدان، التي زارت أوجلان رفقة محاميه أوزغور إيرول، قال أوجلان إن «ما نقوم به ينطوي على تحول كبير... العلاقة التركية - الكردية أشبه بعلاقة أخوية مقطوعة. يتقاتل الإخوة والأخوات، لكنهم لا يستطيعون العيش من دون بعضهم».

ودعا أوجلان (76 عاماً)، القابع في سجن انفرادي بجزيرة إيمرالي في جنوب بحر مرمرة غرب تركيا، والواقع على بعد 51 كيلومتراً من مدينة إسطنبول، إلى اتفاق جديد «قائم على مفهوم الأخوة»، مضيفاً: «يجب أن نزيل كل الفخاخ وحقول الألغام التي تفسد هذه العلاقة، وإصلاح الطرق والجسور المقطوعة».

النائبة الكردية بروين بولدان متحدثة عقب زيارة أوجلان في محبسه (حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب - إكس)

وفي ندائه الأول الذي أطلقه أوجلان في 27 فبراير، والذي عنونه بـ«دعوة إلى السلام ومجتمع ديمقراطي»، تحدث أوجلان عن عوامل أدت إلى تفتيت وحدة الأتراك والأكراد، قائلاً إن «الحداثة الرأسمالية استهدفت خلال القرنين الماضيين تفتيت هذا التحالف»، وركز على دور للدولة والبرلمان والأحزاب السياسية في تحقيق دعوته.

مشاورات جديدة

وبدأ وفد من حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، الاثنين، ضم الرئيسين المشاركين للحزب تولاي حاتم أوغللاري وتونجر باكيرهان، والمتحدثة باسم الحزب عائشة غل دوغان، جولة ثانية على الأحزاب الممثلة في البرلمان، بدأها من حزب «الديمقراطية والتقدم» حيث التقى رئيسه علي بابا جان.

وسبق أن قام الحزب بجولة أولى على الأحزاب في يناير (كانون الثاني) الماضي، بعد أول لقاء له مع أوجلان في 28 ديسمبر (كانون الأول).

بابا جان خلال لقائه وفد حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» الاثنين (إكس)

وقالت أنقرة إنها ستراقب عملية نزع سلاح حزب «العمال الكردستاني». في المقابل، يتوقع المراقبون أن تظهر الحكومة التركية انفتاحاً متجدداً تجاه الأكراد.

ومن غير المرجح أن يطلق سراح عبد الله أوجلان؛ لأن حياته قد تكون مهددة، لكن من المرجح أن «تخفّف» ظروف سجنه، بحسب مسؤولين.

وجاءت الجولة الجديدة غداة الزيارة الخامسة التي قام بها وفد الحزب لأوجلان، الأحد، في مؤشر على انطلاق حراك سياسي يهدف إلى توافق على الخطوات التالية لإعلان حزب «العمال الكردستاني» في 12 مايو (أيار) الحالي حل نفسه وإلقاء أسلحته استجابة لدعوة أوجلان.

وفد «إيمرالي» أثناء مؤتمر صحافي عقب إطلاق أوجلان دعوته لحل «العمال الكردستاني» في 27 فبراير (حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب - إكس)

وأطلق أوجلان دعوته في 27 فبراير استجابة لمبادرة «تركيا خالية من الإرهاب» التي أطلقها رئيس حزب «الحركة القومية» الشريك الرئيسي لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم في «تحالف الشعب»، دولت بهشلي، في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بدعم من الرئيس رجب طيب إردوغان، وطالب من خلالها أوجلان بإطلاق دعوة لحل حزب «العمال الكردستاني» وإلقاء أسلحته.

وشدد إردوغان، السبت، على ضرورة تنفيذ القرار الخاص بحل حزب «العمال الكردستاني» الذي تصنفه تركيا وحلفاؤها الغربيون منظمة إرهابية، وإلقاء أسلحته.

وقال إن تركيا تجري محادثات مع الحكومة العراقية ومع سلطات إقليم كردستان العراق بشأن تفاصيل كيفية تسليم المسلحين الأكراد أسلحتهم.

مطالب وموقف حذر

ويتمسك حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» بتخفيف عزلة أوجلان في سجن إيمرالي والسماح له بحرية الحركة ولقاء الصحافيين وممثلي الأحزاب والمنظمات المدنية، وحزمة تعديلات قانونية تسمح بالإفراج عن السجناء من عناصر حزب «العمال الكردستاني» المرضى وكبار السن، وتعديل بعض مواد قانونَي تنفيذ الأحكام ومكافحة الإرهاب.

ويطالب الحزب كذلك بالإفراج عن السجناء السياسيين، وفي مقدمتهم الرئيسان المشاركان لحزب «الشعوب الديمقراطية»، صلاح الدين دميرطاش وفيجن يوكسكداغ، وبتعديلات دستورية تعزز الديمقراطية وحقوق الأكراد.

مسلحون من «العمال الكردستاني» في شمال العراق (إعلام تركي)

وتتعامل الحكومة التركية بنهج حذر تجاه العملية الجارية عقب إعلان حزب «العمال الكردستاني» حل نفسه، وقالت إنها ستراقب، من كثب، عملية نزع أسلحته.

وأكدت وزارة الدفاع التركية أن العمليات العسكرية في مناطق حزب «العمال الكردستاني» (في شمال العراق) ستستمر حتى التأكد من تطهيرها وزوال خطره بتنفيذ قرار حله وتسليم أسلحته.

ومن غير المرجح أن يطلق سراح عبد الله أوجلان الذي يطالب أيضاً بالبقاء في «إيمرالي» مع تخفيف ظروف سجنه، بعد مرور 26 عاماً على بقائه في الحبس الانفرادي، ضمن عقوبة السجن المشدد مدى الحياة.


مقالات ذات صلة

حليف إردوغان يحذر من تطورات إيران ويدعو لدعم مبادرة حل «الكردستاني»

شؤون إقليمية أنصار لزعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان يرفعون لافتة تحمل صورته وعلم الحزب دعماً لدعوته إلى حله (أ.ف.ب)

حليف إردوغان يحذر من تطورات إيران ويدعو لدعم مبادرة حل «الكردستاني»

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن تركيا تبذل جهوداً لمنع تحول هجمات إسرائيل على إيران إلى كارثة... ودعا حليفه دولت بهشلي لدعم حل حزب العمال الكردستاني.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أوزداغ ملوحاً لأنصاره لدى خروجه من سجن سيليفري (حزب النصر - إكس)

تركيا تفرج عن السياسي القومي المناهض للأجانب أوميت أوزداغ

قضت محكمة تركية بالإفراج عن رئيس حزب «النصر» القومي المعارض أوميت أوزداغ، المناهض للاجئين السوريين والأجانب في تركيا بعد معاقبته بالحبس لمدة سنتين و4 أشهر.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية زعيم المعارضة التركية رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل خلال تجمع في مدينة بايبورت السبت (حساب الحزب في «إكس»)

زعيم المعارضة التركية يتهم إردوغان بمحاولة إبقاء إمام أوغلو بالسجن

اتهم رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل الرئيس رجب طيب إردوغان وحكومته بمحاولة اختلاق أدلة وهمية لإبقاء أكرم إمام أوغلو في السجن

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية متظاهرون في تركيا يطالبون بالإفراج عن رئيس بلدية إسطنبول المحتجز منذ 19 مارس الماضي (حزب الشعب الجمهوري - إكس)

إمام أوغلو يقاطع إحدى محاكماته بسبب تغيير مكانها في آخر لحظة

أرجأت محكمة تركية نظر إحدى القضايا المتهم فيها رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أغلو، لمقاطعته وفريقه القانوني أولى جلسات الاستماع بسبب نقل مكان انعقادها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس حزب «النصر» القومي التركي المعارض أوميت أوزداغ يحاكم بتهمة التحريض على كراهية وعداء اللاجئين السوريين والمهاجرين الأجانب (من حسابه في إكس)

الادعاء العام بتركيا يطالب بحبس أوميت أوزداغ للتحريض على السوريين

أجّلت محكمة تركية محاكمة رئيس حزب «النصر» القومي المعارض أوميت أوزداغ بتهمة «تحريض الجمهور علناً على العداء والكراهية» إلى جلسة تعقد في 17 يونيو (حزيران).

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

الصراع الإسرائيلي - الإيراني يُضعف النفوذ الصيني في الشرق الأوسط

الرئيس الصيني شي جينبينغ (إ.ب.أ)
الرئيس الصيني شي جينبينغ (إ.ب.أ)
TT

الصراع الإسرائيلي - الإيراني يُضعف النفوذ الصيني في الشرق الأوسط

الرئيس الصيني شي جينبينغ (إ.ب.أ)
الرئيس الصيني شي جينبينغ (إ.ب.أ)

يرى محللون أن الصين لم تفعل سوى الوقوف مكتوفة اليدين أمام تصاعد الحرب بين إيران وإسرائيل، ما قوّض الجهود الدبلوماسية التي تبذلها منذ سنوات سعيا لترسيخ مكانتها كوسيط في الشرق الأوسط.

وسهّلت الصين التقارب الدبلوماسي التاريخي بين المملكة العربية السعودية وإيران عام 2023. وفي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، قدّمت نفسها كجهة أكثر حياداً من الولايات المتحدة.

ودعمت الصين في السنوات الأخيرة اقتصاد إيران بعدما خنقته العقوبات، بصفتها المستورد الرئيسي للنفط الإيراني.

ولكن في خضم الحرب الإيرانية الإسرائيلية الأخيرة والقصف الأميركي للمواقع النووية الإيرانية، اكتفت الدبلوماسية الصينية بدعوات لخفض التصعيد.

ويقول كريغ سينغلتون المتخصص في الشؤون الصينية في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مركز أبحاث أميركي، «لم تقدّم بكين أي مساعدة ملموسة لطهران وبقيت في الظل».

ويلفت إلى أن الصين «اكتفت بنشر تصريحات بينها إدانات، وبيانات للأمم المتحدة، ودعوات للحوار، لأن إعلان وعود كثيرة ثم تقديم القليل في النهاية يُظهر محدودية قدرتها على التصرف».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «في النتيجة، إنه ردّ خجول بوضوح يُظهر ضعف تأثير الصين الحقيقي على إيران عند اندلاع أعمال عدائية».

وعزّزت بكين علاقاتها مع طهران بعد انسحاب الولايات المتحدة في عام 2018 من الاتفاق النووي المبرم بين إيران والقوى الكبرى في عام 2015.

دخان القصف يتصاعد في إحدى مناطق طهران (أ.ف.ب)

في عام 2023، وصف الرئيس الصيني شي جينبينغ العلاقات الثنائية مع طهران بـ«الاستراتيجية»، وأكد دعمه إيران في حربها ضد التضييق عليها.

ويرى المسؤول الصيني المتقاعد ليو تشيانغ، مدير اللجنة الأكاديمية في مركز شنغهاي للدراسات الاستراتيجية والدولية (ريمباك)، «أن بقاء إيران مسألة أمن قومي للصين».

وكتب في مقال نُشر أخيراً على موقع «ايسي شيانغ» الأكاديمي، أن على الصين اتخاذ «تدابير استباقية» في الصراع لضمان «عدم سحق إيران في الحرب» أو «خنقها من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل».

ويعتبر محللون أن علاقات بكين مع طهران تهدف أيضا إلى موازنة النفوذ الإقليمي للولايات المتحدة وإسرائيل ودول الخليج.

ويوضح توفيا غيرينغ، الخبير في الشؤون الصينية في المجلس الأطلسي، وهو مركز أبحاث أميركي، أن «إيران جزء من استراتيجية الصين لمواجهة الهيمنة الأميركية، وبدرجة أقل، توسّع حلف شمال الأطلسي».

وعُززت هذه الاستراتيجية عقب سقوط حكم بشار الأسد في سوريا وضعف حركة «حماس» و«حزب الله» المدعومَين من طهران.

ويؤكد غيرينغ أن «بكين سعت إلى منع انهيار دور إيران الإقليمي كليا»، مُسلّطا الضوء خصوصا على المبادرات الصينية الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي.

ودانت الصين الضربات الأميركية الأخيرة على إيران، ودعت كل الأطراف إلى التهدئة، «خصوصا إسرائيل». كما أيدت التوصل إلى تسوية سياسية ووقف لإطلاق النار.

ويستبعد محللون أن تُزوّد بكين طهران بمعدات عسكرية متطورة، على الرغم من علاقاتهما الوثيقة، خشية وقوع صدام مباشر مع واشنطن.

ويقول الأستاذ في جامعة إكسيتر (إنجلترا) أندريا غيزيلي إن «إيران بحاجة إلى أكثر من مجرد تصريحات في الأمم المتحدة أو مكونات صواريخ». ويضيف: «إنها بحاجة إلى دفاعات جوية وطائرات مقاتلة يمكن للصين توفيرها، لكن ذلك سيستغرق وقتا، ناهيك بردّ فعل إسرائيل السلبي جدا» إزاء هذا الموضوع.

وحضّت الولايات المتحدة الصين على الضغط على إيران لمنع إغلاق مضيق هرمز الرئيسي لصادرات النفط والغاز بعد أن استهدفت طائرات أميركية منشآت نووية إيرانية رئيسية.

ويشكّك الباحث في مركز «تشاتام هاوس» البريطاني للأبحاث أحمد أبو دوح في قدرة بكين في تأثير إلى هذا الحد على إيران.

ويرى أن «مكانة الصين في الشرق الأوسط تراجعت بشكل كبير منذ بداية الصراع». ويضيف: «يدرك الجميع في المنطقة أن نفوذ الصين للاضطلاع بدور حقيقي في خفض التصعيد محدود، أو ربما معدوم».