واشنطن تشترط وقف إيران تخصيب اليورانيوم لإبرام اتفاق نووي

المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف (رويترز)
المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف (رويترز)
TT

واشنطن تشترط وقف إيران تخصيب اليورانيوم لإبرام اتفاق نووي

المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف (رويترز)
المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف (رويترز)

طالب المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، إيران بوقف تخصيب اليورانيوم قبيل جولة أخرى من المحادثات النووية، مشيراً إلى أن أي اتفاق نهائي لا بد أن يتوافق مع شروط الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وأكّد ويتكوف، في منشور عبر منصة «إكس»، اليوم (الثلاثاء)، أن «أي اتفاق نهائي لا بد أن يضع إطاراً للسلام والاستقرار والرخاء في الشرق الأوسط، بما يعني أن إيران لا بد أن توقف برنامج تخصيب اليورانيوم والتسلح النووي وتتخلص منه».

وكان ويتكوف لمح أمس(الأثنين) إلى احتمال قبول إدارة ترمب ببرنامج مدني إيراني دون تفكيكه. وقال ، في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز»، إن أي اتفاق حول برنامج إيران النووي سيتوقف بشكل أساسي على التحقق من مستويات تخصيب اليورانيوم وقدرات التسلح النووي.

وأضاف ويتكوف، أن «الاتفاق المرتقب سيركّز على تعزيز آليات الرقابة والمراقبة، بدلاً من تفكيك البنية التحتية النووية الإيرانية بشكل كامل»، من غير أن يدعو إلى تفكيكه بالكامل.

«الشيطان سيكمن في التفاصيل»

وأكد ويتكوف أن التحقق من قدرات «عسكرة» البرنامج النووي يُشكِّل نقطةً «أساسيةً» في المفاوضات مع إيران، مشيراً إلى أن «هذا يشمل الصواريخ... والصواعق (لتفجير) قنابل». وأضاف: «ليسوا بحاجة إلى التخصيب بأكثر من 3.67 في المائة»، وهي النسبة القصوى المسموح بها بموجب الاتفاق النووي المبرم في 2015، الذي انسحب منه الرئيس الأميركي دونالد ترمب في 2018.

ولفت ويتكوف إلى أنه «في بعض الحالات يصلون إلى 60 في المائة، وفي حالات أخرى 20 في المائة»، مضيفاً أن هذه النسبة تتعدى ما هو ضروري لبرنامج نووي مدني. وقال إن «الاجتماع الأول كان إيجابياً وبنّاءً ومقنعاً»، لكنه رأى أن «الشيطان سيكمن في التفاصيل».

وطالب عدد من النواب الجمهوريين ومسؤولين إسرائيليين بتفكيك البرنامج النووي، على غرار النموذج الليبي.

وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عقب لقائه الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأسبوع الماضي، ضرورة منع إيران من حيازة أسلحة نووية، مشدداً على أن «أي اتفاق ينبغي أن يتبع النموذج الليبي»، الذي يتضمَّن تفكيكاً كاملاً للمنشآت والمعدات النووية تحت إشراف دولي مباشر، تقوده الولايات المتحدة.

وفي هذا السياق، أبدى مسؤولون إسرائيليون ودبلوماسيون أوروبيون، في الأيام الأخيرة، قلقاً من أن تسوية محتملة قد لا تتضمن ضمانات كافية تحول دون تطوير إيران قدرات نووية مستقبلاً. وقال مسؤولون إسرائيليون لصحيفة «جيروزاليم بوست»: «مخاوفنا تتمحور حول ضعف محتمل في موقف واشنطن التفاوضي».

ويعدّ قبول إيران وقفاً شاملاً لبرنامجها للتخصيب النووي في إطار إبرام اتفاق أمراً بعيد الاحتمال للغاية.

«إيران تماطل»

واشتكى الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الاثنين، من وتيرة المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، حيث تبدأ الدولتان جولةً جديدةً من المفاوضات المحورية، السبت.

وقال ترمب إنه يعتقد أن إيران تؤخِّر عمداً التوصُّل إلى اتفاق نووي مع الولايات المتحدة، وإن عليها التخلي عن أي مسعى لامتلاك سلاح نووي، وإلا فسوف تواجه ضربةً عسكريةً محتملةً لمنشآتها النووية.

وأضاف ترمب للصحافيين، في تعليق على لقاء المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، في سلطنة عمان يوم السبت، وزير الخارجية الإيراني: «أعتقد أنهم (يسعون) لتضييع الوقت».

وعندما سُئل ترمب عمّا إذا كان الرد المحتمل قد يشمل توجيه ضربات إلى منشآت نووية إيرانية أجاب قائلاً: «بالتأكيد». وأضاف أن على الإيرانيين التحرك بسرعة لتجنب رد قاسٍ لأنهم «قريبون جداً» من تطوير سلاح نووي.

وهدّد ترمب مراراً بتعرض إيران لعواقب وخيمة بسبب برنامجها النووي، بما في ذلك هجوم محتمل على المنشآت النووية الإيرانية. وصرّح ترمب: «لا يمكن أن يحصلوا على سلاح نووي، ويجب أن يتحركوا بسرعة، لأنهم قريبون إلى حد ما من الحصول على سلاح نووي، ولن يحصلوا عليه».

ناقوس الخطر

وتخشى القوى الغربية من تغيير مسار البرنامج النووي الإيراني، بعدما أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن مخزون إيران من اليورانيوم بنسبة 60 في المائة بات يكفي لإنتاج 6 قنابل، إذا أرادت طهران رفع نسبة التخصيب إلى 90 في المائة المطلوبة لإنتاج الأسلحة.

وتفاقمت مخاوف طهران؛ بسبب إسراع ترمب بإعادة استراتيجية «الضغوط القصوى» حين عاد إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني).

وفي فترة ولايته الأولى، انسحب ترمب في عام 2018 من الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران عام 2015 مع 6 قوى عالمية، وأعاد فرض العقوبات على الجمهورية الإسلامية. ومنذ عام 2019، تجاوزت إيران بكثير الحدود التي يضعها اتفاق 2015 على تخصيب اليورانيوم، وأنتجت مخزونات من اليورانيوم المخصب بدرجة تفوق ما تقول قوى غربية إن له مبررات في برنامج مدني، وبدرجة تقترب من المستوى المطلوب للرؤوس الحربية النووية.

ودقَّت «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» ناقوس الخطر بشأن زيادة مخزون اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة لدى إيران، وأفادت بعدم إحراز أي تقدم حقيقي في حل القضايا العالقة منذ فترة طويلة، مثل وجود غير مبرَّر لآثار يورانيوم في مواقع سرية.

وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن رئيس «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، رافائيل غروسي، سيزور طهران، يوم الأربعاء، في محاولة لتضييق الفجوة بين طهران والوكالة بشأن القضايا العالقة. وقال غروسي على منصة «إكس»، الاثنين: «استمرار التواصل والتعاون مع الوكالة ضروري في وقت تشتد فيه الحاجة إلى حلول دبلوماسية».


مقالات ذات صلة

روبيو يؤكد عدم السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم

شؤون إقليمية وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو متحدثاً للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ اليوم (أ.ب)

روبيو يؤكد عدم السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم

قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، اليوم الثلاثاء، إن إدارة الرئيس دونالد ترمب تعمل على التوصل إلى اتفاق يسمح لإيران بامتلاك برنامج نووي مدني دون تخصيب

«الشرق الأوسط» (واشنطن - لندن)
شؤون إقليمية إيرانيان يمران أمام جدارية معادية للولايات المتحدة على حائط سفارتها السابقة في طهران (إ.ب.أ)

هل تقضي الحرب الكلامية على فرص التفاهم بين إيران وأميركا؟

وسط تصاعد التصريحات الإيرانية الرافضة موقف واشنطن بشأن تخصيب اليورانيوم، شدد نائب وزير خارجية طهران مجيد تخت روانجي على أهمية إدارة المفاوضات داخل غرفة التفاوض.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (د.ب.أ)

وزير الدفاع الإسرائيلي يكشف عن مخطط إيراني لـ«إيذائه»

كشف وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، عن أن إيران جندت إسرائيليين اثنين «لإيذائه»، في إشارة إلى الاعتقالات التي جرت في أبريل (نيسان) الماضي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية خامنئي يلقي خطاباً في مراسم إحياء الذكرى السنوية لوفاة الرئيس السابق إبراهيم رئيسي (موقع المرشد)

خامنئي يشكّك في نجاح المحادثات النووية مع أميركا

قال المرشد الإيراني علي خامنئي إنه «لا يعتقد» أن المفاوضات مع الولايات المتحدة حول الملف النووي الإيراني ستؤدي إلى نتيجة.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية ضباط الأدلة الجنائية في الشرطة البريطانية خلال عمليات اعتقال رجل إيراني بأحد منازل بلدة روتشديل قرب مانشستر الأحد (غيتي)

أزمة دبلوماسية بين لندن وطهران بعد اتهام إيرانيين بـ«التجسس»

استدعت بريطانيا وإيران دبلوماسيي كل منهما في لندن وطهران، الاثنين، بعد أن وجهت السلطات البريطانية اتهامات لثلاثة إيرانيين بالتجسس.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

لماذا صعّدت فرنسا لهجتها ضد إسرائيل؟

رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون خلال مشاركته الاثنين في منتدى «اختر فرنسا» لجذب الاستثمارات الأجنبية في بلاده (إ.ب.أ)
رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون خلال مشاركته الاثنين في منتدى «اختر فرنسا» لجذب الاستثمارات الأجنبية في بلاده (إ.ب.أ)
TT

لماذا صعّدت فرنسا لهجتها ضد إسرائيل؟

رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون خلال مشاركته الاثنين في منتدى «اختر فرنسا» لجذب الاستثمارات الأجنبية في بلاده (إ.ب.أ)
رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون خلال مشاركته الاثنين في منتدى «اختر فرنسا» لجذب الاستثمارات الأجنبية في بلاده (إ.ب.أ)

أخيراً، حزمت فرنسا أمرها، وقررت التخلي عن اللغة الدبلوماسية إزاء ما ترتكبه إسرائيل يومياً من انتهاكات للقوانين الإنسانية في غزة، إنْ من خلال عمليات القصف المتواصلة التي تقتل العشرات من المدنيين، غالبيتهم من النساء والأطفال، أو تجويع 2.1 مليون شخص، فضلاً عن استمرار العمليات العسكرية واسعة النطاق، وتقطيع أوصال القطاع والسعي للسيطرة عليه واحتلاله بكليته.

وما يثير حنق باريس ومعها العديد من الدول الأوروبية أن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تصم آذانها عن كل الدعوات التي تحضها على وضع حد لهذه الحرب المدمرة والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية لسكان غزة بعد أن منعت دخول أي شاحنة، مهما كانت حاملة، منذ الثاني من مارس (آذار) الماضي، فيما المنظمات الدولية تنبه للمجاعة المستشرية بين السكان ولاستحالة الوصول إلى المستشفيات التي لا تتردد القوات الإسرائيلية عن استهدافها مباشرة.

الاعتراف بالدولة الفلسطينية في يونيو

وإذا كانت باريس قد قررت خلع القفازات الدبلوماسية، فلأن الرأي العام الفرنسي، بما فيه مكسوب الولاء لإسرائيل، لم يعد يتقبل الممارسات الإسرائيلية، لا بل إن أوساط الجالية اليهودية نفسها أخذت تنتقد إسرائيل بعد أن التزمت التضامن معها والصمت عما ترتكبه منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

متظاهرون يلوّحون بالعلم الإسرائيلي خلال مسيرة لدعم إسرائيل في مرسيليا بجنوب فرنسا في 9 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

وظهرت في الآونة الأخيرة دعوات في الصحافة الفرنسية لمفكرين وأدباء وفنانين من كل التوجهات لرفض السكوت عما يجري. كذلك، برزت مخاوف من أن تجد فرنسا ودول أوروبية أخرى أمام المحكمة الجنائية الدولية بسبب ما يمكن اعتباره «تواطؤاً في ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية»، علماً بأن العديد من الدول الأوروبية ما زالت تصدر الأسلحة والذخائر لإسرائيل.

بناءً على ما سبق، ووفق ما تقوله مصادر سياسية في باريس، فإن الحكومة الفرنسية قررت تغيير لغتها واللجوء إلى التنبيه والتحذير والتهديد.

وبعد أن كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكد سابقاً أن بلاده يمكن أن تعترف بالدولة الفلسطينية بمناسبة المؤتمر الذي ستشارك في رئاسته مع المملكة السعودية في الأمم المتحدة ما بين 17 و20 يونيو (حزيران) ستترأسه لغرض إحياء الحل السلمي للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني على أساس حل الدولتين، فإن وزير الخارجية جان نويل بارو جزم، صباح الثلاثاء، في حديث لإذاعة «فرانس أنتير»، أن بلاده عازمة، بشكل نهائي، على الاعتراف بدولة فلسطين.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال لقائهما في 24 أكتوبر 2023 في رام الله بالضفة الغربية (أ.ب)

وقال بارو ما حرفيته: «لا يمكننا أن نترك لأطفال غزة إرثاً من العنف والكراهية. لذلك، يجب أن يتوقف كل هذا، ولهذا السبب نحن عازمون على الاعتراف بدولة فلسطين»، مضيفاً: «أنا أعمل على هذا (الأمر) بفاعلية لأننا نريد المساهمة في التوصل إلى حل سياسي يصب في مصلحة الفلسطينيين ولكن أيضاً في صالح أمن إسرائيل».

وكانت باريس تقول دوماً إن الاعتراف المذكور «لا يعد مشكلة بالنسبة إليها لكنها تريد اختيار الوقت المناسب». والحال أن تخوفها وتخوف الكثيرين أنه في حال استمرت الأمور على هذا المنوال، إن في غزة أو في الضفة الغربية، فلن تكون هناك دولة للاعتراف بها، خصوصاً في ظل اقتناع صريح بأن إسرائيل عازمة على ضم الضفة الغربية والسيطرة مجدداً على غزة.

فرنسا وبريطانيا وكندا: لن نقف مكتوفي الأيدي

تريد باريس أيضاً أن تلعب بادرتها دور «القاطرة» التي يمكن أن تجر دولاً أخرى، أوروبية أو غير أوروبية، للاحتذاء بها لجهة الاعتراف المشار إليه، ويبدو أنها نجحت في استقطاب بريطانيا وكندا غير المعروفتين أساساً بتأييدهما للفلسطينيين.

وبرز في البيان الثلاثي الذي صدر مساء الاثنين عن قادة الدول الثلاث (فرنسا وبريطانيا وكندا)، حيث ورد في فقرته الأخيرة ما يلي: «نواصل العمل مع السلطة الفلسطينية والشركاء الإقليميين وإسرائيل والولايات المتحدة من أجل التوصل إلى توافق بشأن الترتيبات المستقبلية لقطاع غزة، استناداً إلى الخطة العربية. ونؤكد على الدور المهم الذي سيلعبه المؤتمر رفيع المستوى حول حل الدولتين، الذي سيُعقد في الأمم المتحدة في شهر يونيو، من أجل التوصل إلى توافق دولي حول هذا الهدف. نحن عازمون على الاعتراف بدولة فلسطينية كإسهام في تحقيق حل الدولتين، ونحن مستعدون للعمل مع الآخرين لتحقيق هذه الغاية».

تهديد مباشر

لم تكتف الدول الثلاث بما سبق بل عمدت للمرة الأولى إلى توجيه تهديد مباشر للحكومة الإسرائيلية لدفعها لوضع حد لعملياتها العسكرية.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)

وجاء في بيانها: «لن نقف مكتوفي الأيدي بينما تواصل حكومة نتنياهو هذه الأفعال الفاضحة. إذا لم تنه إسرائيل هجومها العسكري الجديد، ولم ترفع قيودها عن المساعدات الإنسانية، فسنتخذ إجراءات ملموسة إضافية رداً على ذلك».

وأضاف البيان أن «رفض الحكومة الإسرائيلية تقديم المساعدات الإنسانية الأساسية للسكان المدنيين أمر غير مقبول، ويُنذر بانتهاك القانون الدولي الإنساني. ونحن ندين اللغة البغيضة التي استخدمها مؤخراً بعض أعضاء الحكومة الإسرائيلية، وكذلك التهديد المتكرر بالترحيل القسري للمدنيين الذين يواجهون دماراً يائساً في غزة. إن الترحيل القسري الدائم يُعدّ انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني». وباختصار، فإن الثلاثة حرروا مضبطة اتهامات بحق إسرائيل.

ورغم ما يمثله ذلك من تقدم، فإنهم في دعوتهم إسرائيل لوقف حربها على غزة، دعوا في بيانهم «لوقف العمليات العسكرية في غزة، والسماح فوراً بدخول المساعدات العسكرية». ولذا، طرح علامة استفهام حول امتناعهم عن استخدام كلمة «فوراً» بخصوص وقف العمليات العسكرية.

فرض عزلة اقتصادية على إسرائيل

في سياق ذي صلة، قال وزير الخارجية الفرنسي إن بلاده «تدعم مراجعة اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل لمعرفة ما إذا كانت إسرائيل تحترم التزاماتها تجاه حقوق الإنسان»، مضيفاً أن «هذا الوضع (في غزة) لا يمكن أن يستمر لأن العنف الأعمى الذي تمارسه الحكومة الإسرائيلية ومنع المساعدات الإنسانية حوّلا غزة إلى مكان للموت إن لم نقل مقبرة».

وهنا أيضاً يطرح سؤال في غاية البساطة: ألم تجد باريس وغيرها من العواصم الغربية ما يثبت لها أن إسرائيل لا تحترم التزاماتها تجاه حقوق الإنسان بعد عشرات آلاف القتلى الذي سقطوا بفعل القصف الإسرائيلي العشوائي وما يزيد على الضعفين من الجرحى؟ وكم من الوقت ستحتاج إليه مفوضية الاتحاد الأوروبي لتتحقق من انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان، علماً بأن مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد كايا كالاس ركزت حديثها إلى الصحافة على السلة السابعة عشرة من العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا متناسية ما يجري في غزة.

سيدتان تسيران بجوار أنقاض المنازل في مدينة غزة (رويترز)

يبقى أن صوتاً بالغ القوة لا يتردد في اتهام الحكومة الفرنسية بالتقاعس في التحرك إزاء ما يجري في غزة، وقال دومينيك دو فيلبان، رئيس الحكومة ووزير الخارجية الأسبق، الثلاثاء، متوجهاً إلى ماكرون: «أي مصداقية سنتمتع بها في الملف الأوكراني إذا لم يكن بمقدورنا سوى توقيع بيانات؟ يمكنني أن أقول لكم إن (الرئيس الفرنسي الأسبق) جاك شيراك لم يكن ليكتفي اليوم بتوقيع بيان مع كندا والمملكة المتحدة».

وطالب دو فيلبان المنتمي إلى اليمين التقليدي الديغولي بفرض «عزلة اقتصادية واستراتيجية» على إسرائيل لوضع حد لما تقوم به من «تطهير عرقي في قطاع غزة». كذلك دعا الأوروبيين إلى القيام بثلاث خطوات: «تعليق اتفاقية الشراكة الأوروبية مع إسرائيل، حظر الأسلحة من كل الدول الأوروبية، وإحالة كل الحكومة الإسرائيلية والسلطات العسكرية الإسرائيلية الرئيسية أمام المحكمة الجنائية الدولية... من خلال الكتابة إليها بشكل جماعي».