خامنئي و«فن التفاوض»: محادثات إيران مع أميركا بين الحذر والتفاؤل

إيرانية تمر أمام رسم مناهض للولايات المتحدة على حائط سفارتها السابقة وسط طهران (رويترز)
إيرانية تمر أمام رسم مناهض للولايات المتحدة على حائط سفارتها السابقة وسط طهران (رويترز)
TT

خامنئي و«فن التفاوض»: محادثات إيران مع أميركا بين الحذر والتفاؤل

إيرانية تمر أمام رسم مناهض للولايات المتحدة على حائط سفارتها السابقة وسط طهران (رويترز)
إيرانية تمر أمام رسم مناهض للولايات المتحدة على حائط سفارتها السابقة وسط طهران (رويترز)

سلّطت الصحف الإيرانية الضوء على أن المفاوضات مع أميركا تظهر تحولاً في السياسة الخارجية الإيرانية. ورأت صحيفة «كيهان» في تغير موقف المرشد الإيراني علي خامنئي جزءاً من «فن التفاوض».

حيث اختتمت إيران والولايات المتحدة جولة رابعة من المحادثات. وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن هناك «خلافات» لا تزال قائمة بين الجانبين الإيراني والأميركي، بعد اختتام الجولة الثالثة من المحادثات النووية غير المباشرة، التي ستستأنف السبت المقبل في مسقط.

وشدّد عراقجي على عدم طرح قضايا غير الملف النووي. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، إنّ المباحثات لا تتناول برامج إيران الدفاعية والصاروخية. وصرّح بقائي، أثناء المحادثات للتلفزيون الإيراني، أنّ «مسألة القدرات الدفاعية والصواريخ الإيرانية غير مطروحة... ولم تُطرح في المحادثات غير المباشرة مع الولايات المتحدة».

ونقلت «رويترز» عن عدد من الدبلوماسيين الأوروبيين أن الدول الأوروبية اقترحت على المفاوضين الأميركيين ضرورة أن يشمل الاتفاق الشامل قيوداً تمنع إيران من امتلاك أو استكمال القدرة على تركيب رأس نووي على صاروخ باليستي.

وقال وزير الدفاع الإيراني، عزيز نصير زاده، إن بلاده ستواصل تعزيز القدرات الدفاعية، معتبراً إياها «سبب جلوس الأعداء إلى طاولة المفاوضات». وقبل ذلك بساعات، نقلت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن نصير زاده قوله إن «المجال الدفاعي يجب ألا يتعرض للضعف، أو أن يتأثر بالقضايا السياسية، تحت أي ظرف من الظروف».

ونقلت وكالة «إرنا» الرسمية عن نصير زاده قوله: «إذا كان أعداؤنا اليوم يجلسون إلى طاولة المفاوضات، فذلك يعود إلى قوة الردع والقدرة الدفاعية للبلاد. فالدفاع هو الدعامة الحقيقية للدبلوماسية، وهذه حقيقة برزت بوضوح خلال السنوات الأخيرة».

وقالت صحيفة «كيهان» المتشددة إن المرشد علي خامنئي «مهّد الطريق لمفاوضات ذكية وشريفة». وأضافت أن «مسار المفاوضات مع أميركا إيجابي حتى الآن، لكن لا تفاؤل ولا تشاؤم تجاهها، وفقاً لتوجيهات المرشد».

وقال خامنئي، في فبراير (شباط) الماضي، إن «التفاوض مع حكومة مثل أميركا يُعدّ تصرّفاً غير عقلاني، ويفتقر إلى الحكمة، وليس مشرّفاً».

في 15 أبريل، دعا خامنئي كبار المسؤولين إلى ضرورة تجنّب «التفاؤل أو التشاؤم المفرطَين» حيال المفاوضات الجارية، وقال: «الخطوات الأولى من تنفيذ قرار البلاد بالتفاوض سارت بشكل جيد، لكن المرحلة التالية تتطلب الحذر، رغم أن الخطوط الحمراء واضحة تماماً بالنسبة لنا وللطرف الآخر».

وتحدثت «كيهان» عن «تمسُّك إيران بنهجها القائم على المصالح الوطنية وكرامة الشعب». واتفقت مع حكومة مسعود بزشكيان، المدعوم من الإصلاحيين في إيران، بقولها: «سنرحب في مسار المفاوضات بأي مبادرة عملية تهدف إلى رفع العقوبات، وتأمين حقوق الشعب الإيراني».

ودافعت عن تغيير موقف خامنئي بعد انطلاق المحادثات، مشددةً على أنه أحد «فنون التفاوض الحقيقي» التي «مكّنت من تشويه صورة ترمب عالمياً، قبل تمهيد الأرضيّة لمباحثات أكثر (ذكاءً وكرامة) تتماشى مع مصالح الأمة».

وقالت إنه في حال اعترفت أميركا بالبرنامج النووي الإيراني بنهاية المفاوضات، فسيكون ذلك «انتصاراً» لإيران. كما رأت أن طلب ترمب لقاء قادة إيران «يعكس ضعفاً، وليس قوة» ، مشيرة إلى أن خامنئي لم يرد على رسالة ترمب الأولى، بل تركها مرمية «تحت مقعد رئيس وزراء اليابان»، قبل أن «يضطر الأخير لإعادة الكتابة والتوسّل لبدء محادثات».

نسخة من صحيفة «طهران تايمز» الإيرانية خارج كشك في أحد شوارع طهران اليوم (إ.ب.أ)

أما صحيفة «جوان» التابعة لـ«الحرس الثوري» فقد رأت «دلائل على أن سير المحادثات كان إيجابياً وواعداً حتى الآن، كما تبدو تصريحات كبار المسؤولين في واشنطن شاهدةً على ذلك».

وأضاف أن «عراقجي في عمان لتحليل التناقض بين ما يعلنه الأميركيون وما يلمسه من إشارة إلى بعض الإيجابيات في مواقفهم».

وأعربت الصحيفة عن ارتياحها من مواقف الرئيس مسعود بزشكيان، قائلة إنه «يؤدي أفضل ما لديه، فهو يبتعد عن تضخيم النتائج أو استعراض الإنجازات، ولا يضع شروطاً مسبقة، أو يمارس أي سلوك قد يضرّ بسير المفاوضات».

بدورها، كتبت صحيفة «شرق» الإصلاحية، في مقال تحت عنوان «مصالح ومستقبل إيران مع تحقيق توافق مستدام»، إن «المحادثات الفنية بعد جولتين تدل على وجود توافق عام بين الطرفين».

ورأى كاتب المقال، محمد رضا يوسفي شيخ رباط، أن «قبول إيران التفاوض مع أميركا، خاصة في فترة ترمب، الذي انسحب من الاتفاق النووي عام 2018، يعكس تغيراً مهماً في سياستنا الخارجية. من الطبيعي أن التفاوض هو صفقة متبادلة، حيث يجب على كل طرف تقديم تنازلات للحصول على مكاسب. في هذا السياق، يجب أن نرى ماذا يريد كل طرف، وما الأهداف التي يسعى لتحقيقها، وما الأوراق التي يمتلكها للعب بها».

وتابع: «يعتقد البعض أن إيران، بسبب التغيرات في الظروف الإقليمية منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول)، كانت في موقف ضعف مقارنة بمفاوضات الاتفاق النووي، وأنها مضطرة لتقديم مزيد من التنازلات. وبناءً على هذه الفكرة، لا ينظرون بتفاؤل إلى المفاوضات».

وقال النائب السابق حشمت الله فلاحت بيشه، الذي ترأس لجنة الأمن القومي خلال فترة توقيع الاتفاق النووي، إن زيارات عراقجي الأخيرة إلى الصين وروسيا تهدف إلى إظهار صعوبة المفاوضات بين إيران وأميركا، مشيراً إلى استبعاد الصين وروسيا من المفاوضات بسبب الإرادة الأميركية، بينما «الوسطاء الغربيون، أي أوروبا، يلعبون دور (الهراوة) في المفاوضات بين إيران وأميركا بسلاح يسمى آلية (سناب باك)».

وحضّ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الأسبوع الماضي، الدول الأوروبية على اتخاذ «قرار مهم» بشأن تفعيل «آلية الزناد» التي نصّ عليها اتفاق 2015، ومن شأنها إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران تلقائياً، على خلفية عدم امتثالها للاتفاق النووي. لكنّ خيار تفعيل الآلية ينتهي في أكتوبر.

أشار فلاحت بيشه إلى طلب وزير الخارجية الأميركي «الحفاظ على هذه الهراوة في وضع نشط». وقال: «يريد الأميركيون وضع إيران في مأزق لانتزاع أقصى قدر من التنازلات، ومن ثم تحاول إيران من خلال هذه الزيارات الحفاظ على الأطراف الشرقية كحلفاء لها في المفاوضات».

وأضاف أن زيارة عراقجي «تهدف إلى طمأنة الشركاء الاستراتيجيين ومنع تكرار المخاوف التي نشأت بعد توقيع الاتفاق النووي عام 2015، عندما وقّعت طهران عقوداً أوروبية بقيمة 80 مليار يورو لم تُنفذ، ما أثار استياء بكين وموسكو». وأوضح أن الصين ألغت حينها زيارة للرئيس الإيراني، ما دفع طهران إلى إرسال وفد حكومي برئاسة رئيس البرلمان، وتوقيع اتفاقية شراكة استراتيجية لمدة 25 عاماً مع بكين.


مقالات ذات صلة

طهران تحذر من استهداف منشآتها عشية مفاوضاتها مع واشنطن

شؤون إقليمية 
عناصر شرطة وصحافيون أمام مدخل سفارة سلطنة عمان في روما حيث جرت ثاني جولة تفاوض بين الولايات المتحدة وإيران أمس (أ.ب)

طهران تحذر من استهداف منشآتها عشية مفاوضاتها مع واشنطن

أطلقت إيران تحذيرات لواشنطن وتل أبيب من أي عمل عسكري يستهدف منشآتها النووية، في وقت يترنح فيه المسار الدبلوماسي في ظل تشبث الطرفين «الإيراني والأميركي».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية عراقجي يتحدث خلال مقابلة مع قناة «الشرق»

عراقجي لقناة «الشرق»: تخصيب اليورانيوم العقبة الرئيسية في المفاوضات

قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في مقابلة خاصة مع قناة «الشرق» إن العقبة الرئيسية في المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة تكمن في ملف تخصيب اليورانيوم.

«الشرق الأوسط» (دبي)
شؤون إقليمية عناصر شرطة وصحافيون أمام مدخل سفارة سلطنة عمان في روما حيث جرت جولة التفاوض الثانية بين الولايات المتحدة وإيران (أ.ب)

المحادثات الإيرانية - الأميركية في جولة «كسر العظم» بسبب «الخطوط الحمراء»

تدخل المفاوضات الإيرانية - الأميركية، الجمعة، مرحلة كسر العظم مع تشبث الطرفين بـ«الخطوط الحمراء»، في خامس جولة من المسار الدبلوماسي بوساطة عمانية.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية المتحدث باسم «الحرس الثوري» علي محمد نائيني خلال مؤتمر صحافي (أرشيفية-تسنيم)

«الحرس الثوري» الإيراني يتوعد بردّ مدمر على أي هجوم إسرائيلي

توعّد «الحرس الثوري» الإيراني بردّ ساحق على أي «عدوان» إسرائيلي، مشدداً على أن «الرد سيكون في عمق الجغرافيا الهشة للكيان المحتل».

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)
شؤون إقليمية 
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يتحدث خلال مؤتمر صحافي في طهران السبت الماضي (الرئاسة الإيرانية)

إيران وأميركا إلى جولة خامسة وسط تباين بشأن التخصيب

أكد وزير الخارجية العُماني، بدر البوسعيدي، أن الجولة الخامسة من المحادثات بين واشنطن وطهران حول البرنامج النووي الإيراني ستعقد غداً (الجمعة) في روما.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

جماعة الحوثي قالت إنها استهدفت مطار بن غوريون الإسرائيلي بصاروخ باليستي (أرشيفية-رويترز)
جماعة الحوثي قالت إنها استهدفت مطار بن غوريون الإسرائيلي بصاروخ باليستي (أرشيفية-رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

جماعة الحوثي قالت إنها استهدفت مطار بن غوريون الإسرائيلي بصاروخ باليستي (أرشيفية-رويترز)
جماعة الحوثي قالت إنها استهدفت مطار بن غوريون الإسرائيلي بصاروخ باليستي (أرشيفية-رويترز)

أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم الجمعة إسقاط صاروخ أطلق من اليمن.

ودوت صافرات الإنذار في عدة مناطق في جميع أنحاء إسرائيل، حسبما ذكر الجيش الإسرائيلي على منصة التواصل الاجتماعي «إكس». ولم ترد تقارير أولية عن وقوع إصابات أو أضرار.

وتستهدف حركة الحوثي اليمنية المتمردة المدعومة من إيران إسرائيل بانتظام منذ بدء الحرب على غزة دعما لحركة حماس الفلسطينية التي تحاربها إسرائيل في قطاع غزة.