إيران تحقق في انفجار «بندر عباس»... وإسرائيل تنفي تورّطها

مئات القتلى والجرحى... وشكوك حول «حاوية» في الميناء

TT

إيران تحقق في انفجار «بندر عباس»... وإسرائيل تنفي تورّطها

رجل إطفاء إيراني وفي الخلفية يتصاعد الدخان الأسود في السماء بعد انفجار هائل هزّ ميناء بالقرب من مدينة بندر عباس الجنوبية في إيران يوم 26 أبريل 2025 (أ.ب)
رجل إطفاء إيراني وفي الخلفية يتصاعد الدخان الأسود في السماء بعد انفجار هائل هزّ ميناء بالقرب من مدينة بندر عباس الجنوبية في إيران يوم 26 أبريل 2025 (أ.ب)

تحقّق السلطات الإيرانية في انفجار كبير ضرب أكبر المواني بالبلاد، وسط تضارب في الأنباء حول الأسباب، وفي حين كانت المفاوضات بين واشنطن وطهران جارية في العاصمة العُمانية، سارعت إسرائيل إلى نفي تورطها في الانفجار.

ودوّى الانفجار في ميناء رجائي بمدينة بندر عباس جنوب إيران، السبت. وأظهرت مقاطع فيديو تصاعد أعمدة الدخان في الموقع، في حين أفادت وسائل إعلام رسمية إيرانية بمقتل 5 أشخاص وإصابة نحو 700 آخرين، حتى ساعة إعداد هذا التقرير.

وقال مسؤول دائرة الهلال الأحمر في محافظة هرمزجان، إن «سبب الانفجار لم يُحدد بعد؛ نحن في طور التقييم، وقد تم إرسال فرق الاستجابة السريعة إلى ميناء رجائي».

وقالت المتحدثة باسم الحكومة، فاطمة مهاجراني، إن «إعلان سبب حادثة ميناء رجائي سيستغرق وقتاً». وأوضحت أن «الحاويات التي كانت مكدسة في أحد أركان الميناء، والتي يُحتمل أنها كانت تحتوي على مواد كيميائية، قد انفجرت».

وأضافت: «حتى يتم إخماد الحريق بشكل كامل، فسيكون من الصعب والإشكالي الإدلاء بتصريحات دقيقة بشأن سبب الحادث وجوهره، وسيستغرق ذلك بعض الوقت».

إلا أن وكالة «تسنيم»، التابعة لـ«الحرس الثوري»، لخّصت تغطيتها للانفجار، عصر السبت، بأن «قيل في البداية إنه ناجم عن مخزن للوقود، في حين أشارت تحقيقات لاحقة إلى أنه ناجم عن انفجار حاوية في الميناء»، دون ذكر مزيد عن تلك التحقيقات.

وأشارت «تسنيم» إلى تعليق الأنشطة في الميناء حالياً، لضمان السيطرة السريعة على الوضع بواسطة القوات الأمنية وفرق الإنقاذ.

وفي وقت لاحق، قالت المتحدثة باسم الحكومة، فاطمة مهاجراني، إن التحقيقات الأولية توضح أن عدة حاويات، ربما كانت تحمل مواد كيميائية، انفجرت في الميناء. وأضاف التلفزيون الإيراني أن نائب الرئيس محمد رضا عارف أمر بفتح تحقيق في أسباب الانفجار الذي هزّ المدينة التي تقع في جنوب إيران.

في غضون ذلك، أكد مكتب محافظ هرمزجان أن «أي تكهنات حول أسباب الانفجار لا قيمة لها، وسيتم إعلان المعلومات الدقيقة للجمهور فور توافرها»، وفق وكالة «تسنيم» التي تحدّثت عن «تداول روايات متناقضة حول الانفجار».

مسعفون ينقلون جريحاً أُصيب في الانفجار بميناء رجائي (تسنيم)

وقالت «تسنيم» إن «شدة الانفجار كانت عالية جداً؛ مما تسبب في أضرار جسيمة». كما أفادت وكالة «فارس»، التابعة لـ«الحرس الثوري»، بأن «سكان بندر عباس وقشم شعروا بالانفجار بوضوح».

من جهتها، أفادت شركة توزيع المشتقات النفطية بأن انفجار ميناء رجائي لا علاقة له بالمصافي أو خزانات الوقود أو منشآت التوزيع وخطوط أنابيب النفط، وحالياً يتم تشغيل منشآت بندر عباس دون انقطاع.

وقال المتحدث باسم هيئة الطوارئ الإيرانية إنه يتم حالياً إخراج جميع الشاحنات التي أتمت إجراءاتها الجمركية من ساحة ميناء بندر عباس.

بدورها، رجّحت «الجمارك» الإيرانية، أن يكون مصدر الانفجار مستودع البضائع الخطرة والمواد الكيميائية الموجودة في ساحة الميناء، خصوصاً أن الانفجار وقع في ساحة الحاويات التابعة لشركة «سينا» ضمن محيط ميناء رجائي، على بُعد كيلومترَيْن من مبنى الجمارك الإداري.

دخان يتصاعد بعد الانفجار في ميناء رجائي (تسنيم)

حوادث متكررة

أظهرت مقاطع الفيديو المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي تصاعد سحب كثيفة من الدخان الأسود عقب الانفجار، في حين أظهرت مشاهد أخرى تحطّم نوافذ المباني الواقعة على بُعد كيلومترات من مركز الانفجار.

وتُعد الحوادث الصناعية ظاهرة متكررة في إيران، لا سيما في منشآتها النفطية القديمة التي تعاني من نقص قطع الغيار نتيجة العقوبات الدولية. ومع ذلك، أكدت القناة الرسمية الإيرانية أن البنية التحتية للطاقة لم تكن سبباً في الانفجار ولم تتعرّض لأي أضرار.

وأوضح مسؤول إدارة الكوارث في المحافظة، مهرداد حسن زاده، للتلفزيون الرسمي، أن فرق الإنقاذ تحاول الوصول إلى موقع الحادث، في حين تعمل فرق أخرى على إجلاء المنطقة.

وأضاف حسن زاده أن الانفجار نجم عن حاويات في ميناء رجائي، دون أن يقدم تفاصيل إضافية. كما أفادت القناة الرسمية بوقوع انهيار لأحد المباني نتيجة الانفجار، من دون الكشف عن مزيد من التفاصيل حتى اللحظة.

ويقع ميناء رجائي على بُعد نحو 1050 كيلومتراً جنوب شرقي العاصمة طهران، على مضيق هرمز، الذي يُعد ممراً حيوياً تمر عبره نحو 20 في المائة من تجارة النفط العالمية.

ويأتي هذا الانفجار في وقت كانت تُعقد فيه جولة ثالثة من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة في سلطنة عُمان بشأن برنامج طهران النووي المتسارع.

وفي وقت أعلن فيه نائب المدير العام لإدارة المواني والشؤون البحرية في هرمزجان، عباس كمالي، للتلفزيون الرسمي، أنه من أجل تعزيز السلامة والسيطرة على الأضرار الناجمة عن الحريق في ميناء رجائي، تم تعليق العمليات المينائية والبحرية مؤقتاً، وهذا لا يعني توقف العمليات في الميناء بشكل كامل.

وخلافاً لذلك، أكد مسؤول في وزارة النفط الإيرانية أن العمليات في منشآت النفط بميناء رجائي لا تزال مستمرة بعد الانفجار.

الجیش الإسرائيلي ينفي تورطه

وربط ناشطون بين احتمال استهداف شحنة وقود للصواريخ الباليستية والانفجار في الميناء الذي يستخدمه «الحرس الثوري» الإيراني.

وفي 31 مارس (آذار) الماضي، ذكرت مجلة «نيوزويك» أن سفينة مرتبطة بنقل مكونات الصواريخ الإيرانية، وخاضعة للعقوبات الأميركية، رست في ميناء بندر عباس، قادمة من الصين، حسب بيانات موقع «ماريتايم إكزكيوتيف» لتتبع السفن.

وارتبطت السفينة «جيران» بشراء إيران بيركلورات الصوديوم، وهي مادة كيميائية تُستخدم في وقود الصواريخ الصلب، حسب صحيفة «فاينانشيال تايمز».

في يناير (كانون الثاني)، أفادت مجلة «نيوزويك» بأن مصادر استخباراتية ذكرت أنها تعتقد أن إيران تحاول استيراد 1000 طن متري من بيركلورات الصوديوم التي إذا تم تحويلها إلى بيركلورات الأمونيوم يمكن أن تدعم إنتاج مئات الصواريخ متوسطة المدى.

ونقلت صحيفة «معاريف» عن مصادر في الجيش الإسرائيلي أنه لا علاقة له بالانفجار في إيران.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي تبادلت إيران وإسرائيل الضربات، وبعد الهجوم الإسرائيلي في 26 أكتوبر ذكرت تقارير غربية أن الهجوم الإسرائيلي دمّر مصانع لخلط وقود الصواريخ في منشأتي بارشين وخُجير في ضواحي شرق وجنوب شرقي طهران.


مقالات ذات صلة

عون وسلام يتفقان على تجنيب لبنان تداعيات الأوضاع الراهنة

الرئيس اللبناني جوزيف عون يلتقي رئيس الحكومة نواف سلام في قصر بعبدا (الرئاسة اللبنانية)

عون وسلام يتفقان على تجنيب لبنان تداعيات الأوضاع الراهنة

اتفق الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، اليوم (الأحد)، على العمل لتجنيب لبنان تداعيات الأوضاع الراهنة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية مفاعل بحوث نووي في مقر منظمة الطاقة الذرية الإيرانية تم تشغيله بمساعدة أميركية عام 1967 يوم 1 سبتمبر 2014 (أ.ب) play-circle

3 مواقع نووية إيرانية قصفتها أميركا... ماذا نعرف عنها؟

هاجمت القوات الأميركية، في ساعة مبكرة من صباح الأحد، 3 مواقع نووية إيرانية، ما زاد من حدة الحرب بين إسرائيل وإيران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (إ.ب.أ) play-circle

رئيس الوزراء البريطاني يدعو إيران «للعودة إلى طاولة المفاوضات»

دعا رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، إيران، الأحد، «للعودة إلى طاولة المفاوضات» بشأن برنامجها النووي، وذلك بعدما شنَّت الولايات المتحدة ضربات على مواقع نووية

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية صورة لطائرة إسرائيلية من طراز «إف - 15» (موقع الجيش الإسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات جديدة في غرب إيران

أعلن الجيش الإسرائيلي شنَّ ضربات جديدة، الأحد، على أهداف عسكرية، منها منصات لإطلاق صواريخ في غرب إيران، بعد ساعات من مهاجمة الولايات المتحدة 3 منشآت نووية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية منشأة «نطنز» النووية التي تعرَّضت لقصف إسرائيلي (أ.ب)

«الطاقة الذرية»: لم نرصد زيادة في الإشعاع... واجتماع لمجلس المحافظين غداً

أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، اليوم (الأحد)، أنها لم ترصد أي زيادة في مستويات الإشعاع خارج 3 مواقع نووية إيرانية تعرَّضت لهجوم أميركي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

طهران: نقلنا معظم اليورانيوم عالي التخصيب من «فوردو» قبل الهجوم الأميركي

تُظهر هذه الصورة الملتقطة بالأقمار الاصطناعية والمقدمة من شركة ماكسار تكنولوجيز والمُلتقطة في 19 يونيو الحالي محطة فوردو لتخصيب الوقود النووي الإيرانية شمال شرقي مدينة قم (أ.ف.ب)
تُظهر هذه الصورة الملتقطة بالأقمار الاصطناعية والمقدمة من شركة ماكسار تكنولوجيز والمُلتقطة في 19 يونيو الحالي محطة فوردو لتخصيب الوقود النووي الإيرانية شمال شرقي مدينة قم (أ.ف.ب)
TT

طهران: نقلنا معظم اليورانيوم عالي التخصيب من «فوردو» قبل الهجوم الأميركي

تُظهر هذه الصورة الملتقطة بالأقمار الاصطناعية والمقدمة من شركة ماكسار تكنولوجيز والمُلتقطة في 19 يونيو الحالي محطة فوردو لتخصيب الوقود النووي الإيرانية شمال شرقي مدينة قم (أ.ف.ب)
تُظهر هذه الصورة الملتقطة بالأقمار الاصطناعية والمقدمة من شركة ماكسار تكنولوجيز والمُلتقطة في 19 يونيو الحالي محطة فوردو لتخصيب الوقود النووي الإيرانية شمال شرقي مدينة قم (أ.ف.ب)

قال مصدر إيراني كبير لوكالة «رويترز» للأنباء إنه تم نقل معظم اليورانيوم عالي التخصيب في فوردو إلى مكان غير معلن قبل الهجوم الأميركي.

وأفاد المصدر أنه تم تقليص عدد الأفراد في موقع فوردو إلى الحد الأدنى.

وبقراره غير المسبوق بقصف المواقع النووية في إيران والانضمام مباشرة إلى هجوم إسرائيل الجوي على عدوها اللدود في المنطقة، اتخذ الرئيس الأميركي دونالد ترمب خطوة طالما تعهَّد بتجنبها وهي التدخل عسكرياً في حرب خارجية كبرى. وشملت الهجمات الأميركية استهداف المنشآت النووية الإيرانية الأكثر تحصيناً على عمق كبير تحت سطح الأرض.

وقال الرئيس الأميركي في خطاب مقتضب بعدما أبقى خلال الأيام الماضية الغموض بشأن احتمال تدخل بلاده لدعم حليفتها إسرائيل «تمّ تدمير منشآت التخصيب النووي الرئيسية في إيران بشكل تام وكامل. على إيران المتنمرة في الشرق الأوسط، أن تصنع السلام الآن».

وأضاف ترمب الذي كان محاطاً بنائبه جاي دي فانس ووزير الدفاع بيت هيغسيث ووزير الخارجية ماركو روبيو، «إذا لم يفعلوا ذلك، فإن الهجمات المستقبلية ستكون أكبر وأسهل بكثير».

وكان ترمب قد أعلن قبيل ذلك أن الولايات المتحدة نفذت هجوماً «ناجحاً جداً» على ثلاثة مواقع نووية إيرانية.

وقال ترمب عبر منصة «تروث سوشيال»، إن «حمولة كاملة من القنابل» أسقطت على منشأة فوردو الواقعة تحت الأرض والتي تحتل موقعاً مركزياً في البرنامج النووي الإيراني. أما الموقعان الآخران فهما نطنز، أشهر مواقع التخصيب، وأصفهان حيث مصنع لتحويل اليورانيوم. وأكدت وسائل إعلام إيرانية وقوع الهجمات على هذه المواقع النووية.