خلاف محتدم بين واشنطن وطهران حول صيغة محادثات مسقط

بزشكيان يصرّ على عدم سعى إيران لامتلاك قنبلة نووية ويعرض فرصاً تجارية لترمب

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يتوسط محمد إسلامي رئيس المنظمة الذرية ومحسن حاجي ميرزايي مدير مكتبه في معرض للبرنامج النووي (الرئاسة الإيرانية)
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يتوسط محمد إسلامي رئيس المنظمة الذرية ومحسن حاجي ميرزايي مدير مكتبه في معرض للبرنامج النووي (الرئاسة الإيرانية)
TT

خلاف محتدم بين واشنطن وطهران حول صيغة محادثات مسقط

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يتوسط محمد إسلامي رئيس المنظمة الذرية ومحسن حاجي ميرزايي مدير مكتبه في معرض للبرنامج النووي (الرئاسة الإيرانية)
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يتوسط محمد إسلامي رئيس المنظمة الذرية ومحسن حاجي ميرزايي مدير مكتبه في معرض للبرنامج النووي (الرئاسة الإيرانية)

احتدم الخلاف بين واشنطن وطهران بشأن صيغة المحادثات المقررة في سلطنة عمان بين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف السبت المقبل.

وقال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الأربعاء، إن عراقجي سيخوض السبت حواراً غير مباشر مع الولايات المتحدة في عمان؛ بناءً على توجيهات وتوصيات المرشد علي خامنئي.

وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب ليل الاثنين بشكل مفاجئ أن بلاده ستبدأ مباحثات «مباشرة» رفيعة المستوى مع إيران بشأن برنامجها النووي السبت المقبل، وذلك خلال استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، تامي بروس، للصحافيين: «إنها ليست مفاوضات»، موضحة أن الهدف منها «تحديد ما هو ممكن في المباحثات» مع طهران. وأضافت: «إنه اتصال، إنه لقاء وليس تفاوضاً»، حسبما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأكّدت طهران أن المحادثات ستعقد في عُمان، لكنها شددت على أنها ستكون «غير مباشرة». وسئلت بروس عن هذا الأمر، فرفضت الإدلاء بتفاصيل عن كيفية إجراء المحادثات أو مضمونها، لكنها ذكّرت بأن الرئيس الأميركي «يؤيد الدبلوماسية».

في الوقت نفسه، أفادت صحيفة «واشنطن بوست» بوجود احتمال عدم حضور المبعوث الخاص لرئيس الولايات المتحدة في اجتماع عمان إذا أصرت إيران على أن تكون المحادثات غير مباشرة.

وكان ترمب قد صرّح بأن المحادثات ستكون مباشرة — وهو أمر لم تستبعده الأوساط المقربة من حكومة بزشكيان بعد الجولة الأولى من النقاشات.

ونقل موقع الرئاسة الإيرانية عن بزشكيان قوله بمناسبة اليوم الوطني للصناعة النووية إن «موقف الجمهورية الإسلامية من القضايا الكبرى هو الموقف نفسه الذي أكد عليه المرشد مراراً وتكراراً بوضوح»، مضيفاً أنه «موقف واضح، راسخ، وغير قابل للتشكيك. أما في المواضيع الأخرى التي يمكن فيها التفاعل، فستجري الحوارات بناءً على ذلك» دون أن يحدد تلك المحاور.

إسلامي يشرح لبزشكيان أمام نماذج من أجهزة الطرد المركزي في معرض للبرنامج النووي (الرئاسة الإيرانية)

وقال: «كما صرح المرشد نحن مستعدون للحوار والتعامل، لكن يجب أن يكون ذلك غير مباشر ويحفظ كرامتنا ويشمل ضمانات واضحة؛ لأننا لا نزال غير واثقين من الطرف الآخر. نؤكد مرة أخرى أن إيران لم تكن ولن تكون ساعية لامتلاك القنبلة النووية».

وأشار بزشكيان إلى أن «سياسة إيران الثابتة رفض السعي لامتلاك الأسلحة النووية»، مشيراً إلى أن هذا الموقف نابع من «قناعة راسخة لدى المرشد وليس مجرد تكتيك أو مصلحة مؤقتة».

وأضاف: «لا يزال البعض يرددون مزاعم بأن إيران تسعى لامتلاك القنبلة النووية. يدّعون أنهم يسعون للتحقق، في حين أنهم قاموا بمئات عمليات التحقق ولم يجدوا شيئاً وحتى لو قاموا بألف عملية تحقق أخرى، لن يجدوا شيئاً نخفيه».

وأكد بزشكيان أن إيران «لا تسعى للحرب، لكنها ستدافع بقوة ضد أي عدوان»، مشيراً إلى أن «كل تهديد يزيد من قوة صمودها». وأضاف «إيران ليست معتدية ولا تنوي الهجوم على أي دولة».

ورفض الرئيس الإيراني مرة أخرى أن تكون بلاده «تمر بأضعف مرحلة»، وألقى باللوم على انسحاب دونالد ترمب من الاتفاق النووي قبل سبع سنوات، دون أن يذكر أسمه. وقال: «لم نكن نحن من بدأ بالانسحاب من الحوار، بل كان الآخرون هم من غادروا طاولة المفاوضات وهددونا. وفي مواجهة التهديدات، سنضطر إلى الرد والتصدي، لكننا ما زلنا نؤكد على الحوار والحلول السلمية».

من جهة أخرى، قال بزشكيان إن «المرشد لا يعترض على الاستثمارات الأجنبية، بما في ذلك من المستثمرين الأميركيين، بشرط ألا تكون مرتبطة بمؤامرات أو محاولات للإطاحة بالنظام أو سياسات غير صحيحة». وتابع: «إيران ليست مكاناً للمؤامرات والتسلل، بل هي ساحة للاستثمار والتنمية».

وتمثل تصريحات الرئيس الإيراني تحولاً في موقف طهران مقارنة بما بعد الاتفاق النووي لعام 2015 مع القوى العالمية، والذي سعت خلاله طهران إلى شراء طائرات أميركية، لكنها في الوقت ذاته منعت فعلياً دخول الشركات الأميركية إلى السوق الإيرانية.

وقد يلفت هذا العرض التجاري انتباه ترمب، الذي انسحب من الاتفاق النووي الإيراني ويبحث الآن عن اتفاق جديد مع طهران.

لطالما كانت إيران مترددة بشأن إقامة علاقات تجارية مع الولايات المتحدة. ففي عام 2015، عارض خامنئي استيراد السلع الاستهلاكية الأميركية أو الشركات الأميركية إلى إيران، حيث صرح قائلاً: «نحن لا نسمح بالتأثير الاقتصادي، ولا بالتأثير السياسي، ولا بالحضور أو التأثير الثقافي للأميركيين في بلادنا. سنواجه ذلك بكل الوسائل، ولن نسمح به».

وبعد تصريحات ترمب العلنية بشأن المفاوضات، أظهر الاقتصاد الإيراني المتهالك إشارات جديدة على الانتعاش. فقد تعافى الريال الإيراني، الذي كان قد سجّل أدنى مستوى له عند أكثر من مليون ريال مقابل الدولار الواحد، يوم الثلاثاء إلى 990 ألف ريال، حسبما أوردت وكالة «أسوشييتد برس».

وانتقد بزشكيان «الحملات الإعلامية ضد إيران، مؤكداً أن من يتهمها بالاضطراب في المنطقة هم من يسببون الفوضى من خلال التدخلات العسكرية وإشعال حروب بالوكالة».

وقال: «يدّعي هؤلاء السلام، لكنهم حولوا العالم ساحة نزاع لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية عبر بيع الأسلحة وإشعال الفتنة بين المسلمين وشعوب المنطقة، ويحاولون استغلال الأزمات لتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية». وأضاف: «نحن نسعى للسلام والأمن والحوار العقلاني، لكننا لن نتنازل عن إنجازاتنا، ولن نسمح لأحد بإعاقة إبداعه وتقدمه».

وتابع بزشكيان: «المحللون الذين يتوقعون فشلنا غالباً ما تكون توقعاتهم خاطئة. مهما كانت الخلافات الداخلية، فإننا متحدون في الدفاع عن وحدة أرضنا وكرامتنا». وأضاف: «الشعب الإيراني مستعد للدفاع عن وطنه، ولن نسمح لأحد بتقويض أمننا واستقلالنا. من يعتقد أنه يمكنه استغلال الظروف ضد إيران يعيش في أوهام».

من جانبه، قال رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، محمد إسلامي، إن «أنشطة منظمة الطاقة الذرية استمرت بقوة رغم التهديدات والتخريب والعمليات الإرهابية والمضايقات الخارجية».

مظاهرة في طهران

وتظاهر مئات الأشخاص في طهران، الأربعاء، حيث أحرقوا دمية تمثل عَلم الولايات المتحدة وسط هتافات مناهضة لأميركا وإسرائيل، بما في ذلك «الموت لأميركا!» و«الموت لإسرائيل!». وفي جانب المظاهرة، وٌضعت توابيت مزيفة تحمل أسماء مسؤولين إسرائيليين، من بينهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. كما رفع المحتجون لافتات تندد بمقتل المدنيين في حرب غزة.

في هذه الأجواء، صرحت إحدى المتظاهرات، التي كانت تحمل لافتة «الموت لإسرائيل» وفضلت عدم كشف هويتها خوفاً من الانتقام، قائلة: «مفاوضات مع من؟ مع قاتل؟ مع محتل؟»، وتابعت: «يجب أن نضع هذه الأمور في الحسبان، فهم دائماً يظهرون طبيعتهم الحقيقية»، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس».

وكان هناك رفض من بعض الأوساط الإيرانية للحوار مع الولايات المتحدة، فقد كان هناك غضب تجاه ترمب من جانب الهيئة الحاكمة الإيرانية، خصوصاً بسبب قراره بشن غارة بطائرة مسيَّرة أسفرت عن مقتل مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري» الجنرال قاسم سليماني في بغداد عام 2020. وقال مسؤولون أميركيون إن ترمب تعرَّض لتهديدات بالاغتيال من قِبل إيران قبل الانتخابات الرئاسية في 2024.


مقالات ذات صلة

إيران تعتزم فرض قيود على الإنترنت... وتَوقُّف كامل للشبكة

شؤون إقليمية دخان يتصاعد في سماء طهران بعد ضربة إسرائيلية 18 يونيو 2025 (أ.ف.ب)

إيران تعتزم فرض قيود على الإنترنت... وتَوقُّف كامل للشبكة

أعلنت وزارة الاتصالات الإيرانية أن طهران ستفرض قيوداً مؤقتة على الوصول إلى خدمات الإنترنت، بينما شبكة الإنترنت في البلاد «شبه متوقفة بالكامل».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية صورة مأخوذة من فيديو بثه التلفزيون الرسمي الإيراني في 18 يونيو 2025 يظهر حطام طائرة مسيّرة مسلحة من طراز هيرمس تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي تم إسقاطها في أصفهان (أ.ف.ب) play-circle 00:18

إسقاط مسيّرة إسرائيلية في أصفهان (فيديو)

بثّ التلفزيون الإيراني الرسمي أولى لقطات لطائرة إسرائيلية مسيّرة أُسقطت خلال الحملة الإسرائيلية على إيران.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية صورة انتشرت على شبكة «تلغرام» لانفجار ضخم يعتقد أنه بمنشأة «بارشين» الحساسة في جبال شرق طهران

«الوكالة الذرية»: إسرائيل دمرت مبنيين لإنتاج «أجهزة الطرد» قرب طهران

أعلنت «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» أن الضربات الإسرائيلية على إيران، فجر الأربعاء، «دمرت» مبنيَين لتصنيع أجهزة الطرد المركزي في غرب طهران.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية تصاعُد الدخان جراء غارة إسرائيلية استهدفت مطار «بيام» العسكري في مدينة كرج غرب طهران play-circle

الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير «المقر العام للأمن الداخلي» الإيراني

أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم (الأربعاء)، أن سلاح الجو دمَّر «المقر العام للأمن الداخلي» الإيراني.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص مسافرون ينتظرون في مطار بيروت إثر الإرباك الحاصل نتيجة الحرب الإيرانية - الإسرائيلية (إ.ب.أ)

خاص الحرب تربك مطارات المنطقة وتحوّل المسافرين إلى رهائن

أربكت الحرب الإسرائيلية - الإيرانية حركة الملاحة الجوية وعطّلت معظم مطارات الشرق الأوسط وحوّلت المسافرين إلى رهائن جرّاء إلغاء مئات الرحلات والتعديل في برنامجها

يوسف دياب (بيروت)

البرنامج النووي الإيراني... ما حجم الضرر جراء الهجمات الإسرائيلية؟

صورة للأقمار الاصطناعية تظهر محطة أصفهان النووية في 3 يونيو 2025 (أ.ب)
صورة للأقمار الاصطناعية تظهر محطة أصفهان النووية في 3 يونيو 2025 (أ.ب)
TT

البرنامج النووي الإيراني... ما حجم الضرر جراء الهجمات الإسرائيلية؟

صورة للأقمار الاصطناعية تظهر محطة أصفهان النووية في 3 يونيو 2025 (أ.ب)
صورة للأقمار الاصطناعية تظهر محطة أصفهان النووية في 3 يونيو 2025 (أ.ب)

شنت إسرائيل هجمات عسكرية واسعة النطاق على إيران، وأصابت مواقع من بينها بعض من أهم منشآتها النووية.

فيما يلي ملخص لما هو معروف عن الأضرار التي لحقت بالبرنامج النووي الإيراني، بما في ذلك بيانات من التقرير الفصلي الأخير الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 31 مايو (أيار).

نظرة عامة

تخصب إيران اليورانيوم بدرجة نقاء تصل إلى 60 في المائة. ويمكن بسهولة رفع نقاء هذا اليورانيوم إلى نحو 90 في المائة، وهي درجة نقاء تسمح بتطوير الأسلحة.

وتقول وكالة الطاقة الذرية، التي تتفقد المواقع النووية الإيرانية، بما في ذلك محطات التخصيب، إن هذا الأمر «مقلق للغاية»؛ لأنه لا توجد دولة أخرى خصبت اليورانيوم إلى هذا المستوى دون إنتاج أسلحة نووية. وتقول القوى الغربية إنه لا يوجد مبرر مدني للتخصيب إلى هذا المستوى.

وتنفي إيران سعيها لامتلاك أسلحة نووية. وتشير إلى حقها في الحصول على التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية، ومنها التخصيب، باعتبارها طرفاً في معاهدة حظر الانتشار النووي.

أما إسرائيل، وهي ليست طرفاً في المعاهدة، فهي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي يُعتقد على نطاق واسع أنها تملك أسلحة نووية. ولا تنفي إسرائيل ذلك أو تؤكده.

تخصيب اليورانيوم في قلب البرنامج

كان لدى إيران ثلاث محطات عاملة لتخصيب اليورانيوم عندما بدأت إسرائيل هجماتها:

محطة تخصيب الوقود في «نطنز» (تدمير مصدر الكهرباء)

منشأة شاسعة تحت الأرض مصممة لتحتوي على 50 ألف جهاز طرد مركزي، وهي الآلات التي تخصب اليورانيوم.

كانت هناك دائماً تكهنات بين الخبراء العسكريين بشأن ما إذا كانت الغارات الجوية الإسرائيلية قادرة على تدمير المنشأة نظراً لوجودها في نقطة عميقة تحت الأرض.

ويشير آخر إحصاء إلى أن هناك نحو 17 ألف جهاز طرد مركزي موجودة هناك، منها تقريباً 13500 تعمل، وذلك لتخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى خمسة في المائة.

وأبلغ المدير العام لوكالة الطاقة الذرية رافائيل غروسي مجلس الأمن الدولي، الجمعة، بأن البنية التحتية للكهرباء في «نطنز» دمرت، وتحديداً محطة كهربائية فرعية ومبنى إمدادات الطاقة الكهربائية الرئيسي وإمدادات الكهرباء في حالات الطوارئ والمولدات الاحتياطية.

صورة للأقمار الاصطناعية تظهر محطة نظنز النووية بعد تعرضها لقصف إسرائيلي في 15 يونيو (رويترز)

وقال غروسي لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، أول من أمس الاثنين: «مع هذا الفقدان المفاجئ للطاقة الخارجية، هناك احتمال كبير أن تكون أجهزة الطرد المركزي قد تضررت بشدة إن لم تكن قد دمرت بالكامل».

وأعلنت وكالة الطاقة الذرية، أمس، وجود مؤشرات على «تأثيرات مباشرة على قاعات التخصيب تحت الأرض في نطنز».

ولم تجر الوكالة أي عمليات تفتيش منذ الهجمات، وتستخدم صور الأقمار الاصطناعية لتقييم الأضرار.

محطة التخصيب التجريبية للوقود في «نطنز» (دمرت)

أصغر محطات التخصيب الثلاث، ولأنها فوق سطح الأرض فكانت أسهل هدف بين محطات التخصيب. وكانت هذه المحطة منذ فترة طويلة مركزاً للبحث والتطوير، واستُخدم فيها عدد أقل من أجهزة الطرد المركزي مقارنة بالمحطات الأخرى، وغالباً ما تكون متصلة في مجموعات أصغر من الأجهزة فيما يعرف باسم السلاسل.

ومع ذلك، فقد كان بها سلسلتان مترابطتان بالحجم الكامل تضم كل منهما ما يصل إلى 164 جهاز طرد مركزي متقدم، لتخصيب اليورانيوم إلى 60 في المائة. وبغض النظر عن ذلك، لم يكن هناك سوى 201 جهاز طرد مركزي عامل في محطة تخصيب اليورانيوم التجريبية بنسبة تصل إلى اثنين في المائة.

ونُقل معظم أعمال البحث والتطوير الخاصة بالمحطة التجريبية في الآونة الأخيرة إلى محطة تخصيب الوقود النووي تحت الأرض في نطنز، حيث يعمل أكثر من ألف من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة لتخصيب اليورانيوم إلى خمسة في المائة.

وقال غروسي إن محطة التخصيب التجريبية للوقود في نطنز دمرت في الهجوم الإسرائيلي.

محطة «فوردو» لتخصيب الوقود (لا أضرار مرئية)

أكد غروسي أن أعمق موقع تخصيب في إيران، والمحفور في جبل، لم يتعرض لأضرار، وفقاً لما يمكن رؤيته.

ورغم أنه لا يعمل فيه سوى نحو ألفي جهاز طرد مركزي، فهو ينتج الغالبية العظمى من اليورانيوم الإيراني المخصب إلى 60 في المائة، باستخدام العدد نفسه من أجهزة الطرد المركزي تقريباً التي كانت تعمل في محطة التخصيب التجريبية في نطنز؛ لأنه يعتمد على التغذية باليورانيوم المخصب إلى 20 في المائة في تلك السلاسل، مقارنة مع خمسة في المائة في محطة «نطنز» التجريبية.

صورة للأقمار الاصطناعية تظهر محطة فوردو النووية في شهر يناير 2025 (أ.ب)

وبالتالي، أنتجت فوردو 166.6 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب إلى 60 في المائة في الربع الأخير. ووفقاً لمقياس «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، فإن ذلك يكفي من حيث المبدأ، إذا ما جرى تخصيبه بدرجة أكبر، لأقل من أربعة أسلحة نووية بقليل، مقارنة بنحو 19.2 كيلوغرام في محطة تخصيب الوقود النووي التجريبية، أي أقل من نصف الكمية اللازمة لقنبلة.

منشآت أخرى

قالت وكالة الطاقة الذرية إن الهجمات الإسرائيلية ألحقت أضراراً بأربعة مبان في المجمع النووي في أصفهان، منها منشأة تحويل اليورانيوم والمنشآت التي يجري فيها العمل على معدن اليورانيوم.

وعلى الرغم من أن له استخدامات أخرى، فإن إتقان تكنولوجيا معدن اليورانيوم خطوة مهمة في صنع نواة سلاح نووي. وإذا حاولت إيران صنع سلاح نووي، فسيتعين عليها أخذ اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة وتحويله إلى معدن اليورانيوم.

وعملية تحويل اليورانيوم هي العملية التي تُحول من خلالها «الكعكة الصفراء» إلى سداسي فلوريد اليورانيوم، وهو المادة الخام لأجهزة الطرد المركزي، بحيث يمكن تخصيبه. وإذا تعطلت منشأة تحويل اليورانيوم فإن اليورانيوم القابل للتخصيب سينفد من إيران في نهاية المطاف، ما لم تجد مصدراً خارجياً لسداسي فلوريد اليورانيوم.

وأعلنت وكالة الطاقة الذرية، أمس، تعرض منشأتين لإنتاج أجهزة الطرد المركزي في كرج وطهران للقصف. وكانت المنشأتان تخضعان سابقاً لرقابة الوكالة. ويقول مسؤولون إن الوكالة لا تعلم عدد ورش إنتاج أجهزة الطرد المركزي التي تملكها إيران.

العلماء

قال مصدران في منطقة الخليج، الأحد، إن 14 عالماً نووياً إيرانياً على الأقل قتلوا في هجمات إسرائيلية منذ يوم الجمعة، بعضهم في سيارات ملغومة.

وذكر الجيش الإسرائيلي أسماء تسعة منهم، السبت، قائلاً إنهم «لعبوا دوراً محورياً في التقدم نحو امتلاك أسلحة نووية، وإن القضاء عليهم يمثل ضربة كبيرة لقدرة النظام الإيراني على امتلاك أسلحة دمار شامل». ولم يتسن التحقق من هذا التصريح بعد

وكثيراً ما قالت القوى الغربية إن التقدم النووي الإيراني يوفر لها «مكسباً معرفياً لا رجعة فيه»، مما يشير إلى أنه في حين أن فقدان الخبراء أو المنشآت قد يبطئ التقدم، فإن التقدم موجود على الدوام».

مخزون اليورانيوم

تملك إيران مخزوناً كبيراً من اليورانيوم المخصب بمستويات مختلفة.

ووفقاً لمقياس وكالة الطاقة الذرية، تشير التقديرات إلى أنه حتى 17 مايو (أيار) فإن إيران قد حازت ما يكفي من اليورانيوم المخصب إلى 60 في المائة لصنع تسعة أسلحة نووية.

أما عند مستويات التخصيب المنخفضة فلديها ما يكفي لصنع المزيد من القنابل، على الرغم من أن الأمر سيتطلب المزيد من الجهد: ما يكفي من اليورانيوم المخصب إلى 20 في المائة لصنع قنبلتين أخريين، وما يكفي من اليورانيوم المخصب إلى خمسة في المائة لصنع 11 قنبلة أخرى.

وقال مسؤولون إن معظم مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب مخزن في أصفهان بمعرفة وكالة الطاقة الذرية. ولم تذكر الوكالة مكان تخزينه، ولم تذكر ما إذا كان قد تأثر بالضربات.

وقال غروسي: «في أصفهان، هناك مساحات تحت الأرض أيضاً، ولم تتأثر فيما يبدو»، لكن وكالة الطاقة الذرية تراجعت بالفعل عن تقييم مماثل للمحطة تحت الأرض في نطنز قائلة، الاثنين، إن صور الأقمار الاصطناعية عالية الدقة تشير إلى تعرضها لإصابة مباشرة.

كيف سترد إيران؟

قال نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي للتلفزيون الرسمي، السبت، إن إيران ستتخذ إجراءات لحماية المواد والمعدات النووية التي لن تُخطر وكالة الطاقة الذرية بها، ولن تتعاون مع الوكالة كالسابق.

ويعد المشرعون كذلك مشروع قانون يمكن أن يدفع إيران إلى الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، لتسير على خطى كوريا الشمالية التي أعلنت انسحابها في 2003، ثم مضت في اختبار أسلحة نووية.

ولا تعرف وكالة الطاقة الذرية عدد أجهزة الطرد المركزي التي تملكها إيران خارج محطات التخصيب. وأي تخفيض إضافي في التعاون مع الوكالة يمكن أن يزيد من التكهنات بأنها ستقوم بإنشاء محطة تخصيب سرية باستخدام بعض تلك الإمدادات أو قامت بذلك بالفعل.

وأوضح المسؤولون أنه يمكن أيضاً إعادة ضبط سلاسل أجهزة الطرد المركزي الحالية لتخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء مختلفة في غضون أسبوع.

ما وضع مخزون اليورانيوم؟

إذا لم تعد إيران قادرة على التخصيب، فسيصبح مخزونها الحالي من سداسي فلوريد اليورانيوم واليورانيوم المخصب أكثر أهمية.

هل سيكون هناك المزيد من الهجمات؟

بعد فترة وجيزة من بدء الهجمات، الجمعة، حث الرئيس الأميركي دونالد ترمب إيران على إبرام اتفاق مع الولايات المتحدة لفرض قيود جديدة على برنامجها النووي «قبل ألا يتبقى شيء». وألغيت المحادثات التي كان من المقرر عقدها يوم الأحد 15 يونيو (حزيران).