نتنياهو يسمي رئيساً جديداً لـ«الشاباك»... ليكتشف لاحقاً أنه مُعارض

هجوم يميني ضد المرشح ودعوات لإلغاء الخطوة

إيلي شارفيت القائد السابق للبحرية الإسرائيلية المرشح لرئاسة جهاز الشاباك (الجيش الإسرائيلي)
إيلي شارفيت القائد السابق للبحرية الإسرائيلية المرشح لرئاسة جهاز الشاباك (الجيش الإسرائيلي)
TT

نتنياهو يسمي رئيساً جديداً لـ«الشاباك»... ليكتشف لاحقاً أنه مُعارض

إيلي شارفيت القائد السابق للبحرية الإسرائيلية المرشح لرئاسة جهاز الشاباك (الجيش الإسرائيلي)
إيلي شارفيت القائد السابق للبحرية الإسرائيلية المرشح لرئاسة جهاز الشاباك (الجيش الإسرائيلي)

اختار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، القائد الأسبق للبحرية اللواء إيلي شارفيت رئيساً جديداً لجهاز الأمن الداخلي (شاباك)، وفق ما أفاد بيان صادر عن مكتبه (الاثنين).

غير أن المفاجأة التي تلقاها نتنياهو تمثلت في أن شارفيت، بحسب مناوئين لترشحه في تيار اليمين الحكام والداعم لنتنياهو، معروف بالولاء للمؤسسة العسكرية، بل إنه شارك قبل سنتين في مظاهرات ضخمة ضد خطة الحكومة الحالية للانقلاب على الحكم وجهاز القضاء، وانتقد سياساتها في غزة. ودعا سياسيون يمينيون نتنياهو لوقف خطوة تعيين الرجل رئيساً لجهاز «شاباك».

وجاء في بيان مكتب نتنياهو أنه «بعد إجراء مقابلات معمقة مع سبعة مرشحين جديرين، قرر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تعيين قائد البحرية الأسبق اللواء المتقاعد إيلي شارفيت رئيساً جديداً لـ(شاباك)».

وتسببت المدائح التي حظي بها قرار تسمية شارفيت، في ردود فعل سلبية بصفوف اليمين الحاكم، فراحوا يطالبون بإلغاء القرار والتفتيش عن رئيس آخر. وخدم شارفيت 36 عاماً في قوات الدفاع الإسرائيلية بينها خمسة قائداً للبحرية (2016: 2021).

وخلال فترة عمل شارفيت أدير جانب كبير من ملف الاتفاق مع لبنان على تقسيم الحدود البحرية، وكان رئيس الحكومة حينها يائير لبيد.

زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد (د.ب.أ)

وانتقد اليمين الإسرائيلي المعارض يومها، بقيادة نتنياهو، الاتفاق مع لبنان بدعوى أنه يحقق له قوة اقتصادية.

ونوه بيان مكتب نتنياهو إلى أن مرشحه «قاد في منصبه السابق تطوير قوة الدفاع البحرية... وأشرف على أنظمة عمليات معقدة ضد حركة (حماس) و(حزب الله) اللبناني وإيران».

على طريقة ترمب

وأحدث بيان نتنياهو عن تسمية شارفيت هزة في جهاز «شاباك» إذ عدّ عناصره الخطوة، وبغض النظر عن هوية الرجل، محاولة لتقويض مكانة الجهاز، ودفعاً للعديد من أنصار الرئيس الحالي، رونين بار، إلى ترك العمل، تماماً كما حصل في الولايات المتحدة، عندما قرر الرئيس دونالد ترمب هيكلة المخابرات الأميركية، وطرد عدد من أصحاب المناصب العليا فيها ودفع مسؤولين آخرين إلى الاستقالة.

وساءت العلاقة بين نتنياهو وبار بعدما نشر «شاباك» في الرابع من مارس (آذار) خلاصة تحقيق داخلي أجراه بشأن هجوم «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الذي أدى إلى اندلاع الحرب في قطاع غزة. وأقر التقرير بفشل الجهاز في منع الهجوم، لكنه أشار إلى أن «سياسة الهدوء مكنت (حماس) من مراكمة قوتها العسكرية على نحو هائل».

لكن بعد تقديم المعارضة ومنظمة غير حكومية طعوناً، علقت المحكمة العليا في 21 مارس قرار إقالة بار إلى حين النظر في المسألة في مهلة أقصاها الثامن من أبريل (نيسان).

وأعلنت المدعية العامة غالي بهاراف - ميارا التي تتولى كذلك مهام المستشارة القانونية للحكومة، فور صدور قرار التعليق أنه «يمنع» نتنياهو مؤقتاً من تعيين رئيس جديد للشاباك. لكن نتنياهو شدد على أن قرار التعيين من صلاحيات حكومته. وأثار قرار إقالة بار مظاهرات كبيرة في إسرائيل.

كيف نشأت علاقة نتنياهو وشارفيت؟

بحسب وسائل إعلام عبرية، فقد تعرف شارفيت إلى نتنياهو بشكل عميق في أواسط العقد الثاني من القرن الحالي، إذ كان واحداً من العسكريين النادرين الذين أيدوا شراء أربع غواصات جديدة.

ففي حينه وقفت قيادة الجيش ضد شراء الغواصات ملمحين إلى أن هناك قضية فساد خطيرة في الصفقة. وبحسب رئيس حركة «طهارة الحكم»، إلعيزر شارغا، حصل نتنياهو على رشوة بقيمة 25 مليون شيقل (الدولار يساوي 3.7 شيقل) من هذه الصفقة. وأقيمت لجنة تحقيق رسمية في هذه الصفقة المشبوهة، ما زالت تعمل حتى الآن.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

ويربط المراقبون بين هذه العلاقة القديمة، وتسمية شارفيت رئيساً لـ«شاباك»، رغم أنه لم يخدم في أي نشاط أمني استخباري، ولا يعرف كيف يعمل الجهاز. وكشف الصحافي بن كسبيت، في صحيفة «معاريف» عن أن نتنياهو يفتش عن رئيس لـ«الشاباك» يؤدي القسم بالولاء له شخصياً وليس للدولة.

وقال: «إليكم هذا المثال: على الأقل، في مرتين، خلال العقد الماضي، طلب نتنياهو من اثنين من رؤساء جهاز الشاباك، في أثناء شغلهما للمنصب، باستخدام صلاحيات المنظمة وقوتها وقدراتها على «تصفية» خصم سياسي.

وأضاف متحدياً: «أنا أعلن هنا أن هذه المعلومات لم تصلني من رئيس الشاباك الأسبق، ندَاف أرغمان، (الذي هدد بكشف أسرار شخصية عن نتنياهو) أو من أي شخصية من نوعه، سواء أكان مسؤولاً حالياً أو سابقاً».

ورأى كسبيت، أن «هذه المعلومات صادمة ومتفجرة، وتشهد على حقيقة أن نتنياهو هو شخص بلا ضوابط أو كوابح، ولو استطاع لقام بتجنيد شاباك، والموساد، ومدير الأمن في مؤسسة الدفاع، وهيئة الطاقة الذرية، ووكالة الفضاء، والمجموعة السرية المطلقة، وأي جهة أخرى، من أجل ترسيخ حكمه والقضاء على أعدائه».

واستدرك: «المشكلة هي أن هؤلاء الأعداء ليسوا مثل إيران، و(حزب الله)، و(حماس). فهؤلاء عززهم هو أساساً (قبل 7 أكتوبر). هؤلاء هم أعداؤه الشخصيون. خصومه السياسيون وأحياناً شركاؤه السياسيون».


مقالات ذات صلة

البرازيل تدين «المذبحة» الإسرائيلية في غزة

أميركا اللاتينية وصف الرئيس البرازيلي اليساري لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الهجوم الإسرائيلي على غزة بأنه «إبادة جماعية» (أ.ف.ب)

البرازيل تدين «المذبحة» الإسرائيلية في غزة

دعا وزير الخارجية البرازيلي ماورو فييرا، اليوم الثلاثاء، المجتمع الدولي، إلى عدم الوقوف «مكتوف الأيدي» أمام «المذبحة» التي تُرتكب في غزة.

«الشرق الأوسط» (برازيليا)
تحليل إخباري رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون خلال مشاركته الاثنين في منتدى «اختر فرنسا» لجذب الاستثمارات الأجنبية في بلاده (إ.ب.أ)

تحليل إخباري لماذا صعّدت فرنسا لهجتها ضد إسرائيل؟

لغة فرنسية وأوروبية جديدة في التعامل مع إسرائيل وتهديد بـ«إجراءات إضافية».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية وزير المالية بتسلئيل سموترتش يتحدث مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست (أرشيفية - رويترز)

صفقة نتنياهو مع سموترتش... مساعدات غزة مقابل مستوطنات الضفة

كشفت مصادر إسرائيلية أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اتفق مع الوزير المتطرف بتسلئيل سموترتش، على تقديم مساعدات لغزة مقابل الاعتراف بمستوطنات في الضفة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري صورة لنتنياهو وماكرون خلال اجتماعهما الأخير في القدس (أ.ف.ب) play-circle

تحليل إخباري هل طفح الكيل الأوروبي من نتنياهو؟

طيلة سنوات كانت آيرلندا الطائر الذي يغرّد خارج السرب الأوروبي في انتقاد إسرائيل، لكن متغيرات طرأت على مواقف العواصم المختلفة بفعل حرب غزة وسياسات نتنياهو

شوقي الريّس (بروكسل)
المشرق العربي فلسطينيون يحاولون جمع المياه في مخيم للنازحين في مدينة غزة يوم الثلاثاء (أ.ف.ب)

إسرائيل تواصل المجازر في غزة... والوضع الإنساني يزداد صعوبة

بينما تصعد إسرائيل من عملياتها العسكرية في قطاع غزة عبر الغارات الجوية والعمليات البرية، تزداد الأزمات الإنسانية سوءاً مع تضاعف عمليات النزوح.

«الشرق الأوسط» (غزة)

ابنة الجاسوس كوهين تُطالب بوتين بالضغط على الأسد للإفصاح عن مكان دفن والدها

بنيامين نتنياهو يطلع نادية كوهين على صور ووثائق تخص زوجها إيلي كوهين استعادتها إسرائيل من سوريا (مكتب نتنياهو)
بنيامين نتنياهو يطلع نادية كوهين على صور ووثائق تخص زوجها إيلي كوهين استعادتها إسرائيل من سوريا (مكتب نتنياهو)
TT

ابنة الجاسوس كوهين تُطالب بوتين بالضغط على الأسد للإفصاح عن مكان دفن والدها

بنيامين نتنياهو يطلع نادية كوهين على صور ووثائق تخص زوجها إيلي كوهين استعادتها إسرائيل من سوريا (مكتب نتنياهو)
بنيامين نتنياهو يطلع نادية كوهين على صور ووثائق تخص زوجها إيلي كوهين استعادتها إسرائيل من سوريا (مكتب نتنياهو)

توجهت صوفي بن دور، ابنة الجاسوس الإسرائيلي الذي أُعدم في دمشق قبل 60 عاماً، إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، بطلب التدخل لدى الرئيس السوري السابق، بشار الأسد، حتى يُحرر المعلومات عن مكان دفن والدها.

وقالت صوفي بن دور في تصريحات صحافية، الثلاثاء، إن الأسد ينعم بالحرية اليوم في روسيا، في حين هناك كثيرون يتعذبون في سوريا وغيرها جرّاء سياسته، وينبغي مطالبته على الأقل بتخفيف بعض آلام الناس، وعائلة إيلي كوهن بينهم.

ابنة إيلي كوهين صوفي بن دور (مواقع)

وكانت صوفي بن دور تعقب بذلك على بيان الموساد في مطلع الأسبوع، بأنه تمكن من تنفيذ «عملية سرية ومعقّدة أسفرت عن استعادة أرشيف الجاسوس إيلي كوهين من سوريا إلى إسرائيل، بالتعاون مع جهاز استخبارات (استراتيجي شريك)، لم يُكشف عن هويته. وقد حصلت من الأرشيف على أكثر من 2500 مستند، وصورة، وأغراض شخصية من بينها وصيته الأصلية، ومفاتيح شقته بدمشق، وجوازات سفر مزورة، وصور مع قيادات سورية بارزة في تلك الحقبة».

وقالت صوفي بن دور إنها متأثرة جداً بحصولها على الأرشيف، لما يحتويه من وثائق مهمة ومؤثرة تُظهر حب والدها العميق لعائلته، على حد وصفها، مشيرةً إلى أنها تُقدّر كثيراً استعادة هذا الأرشيف.

ولكنها، أضافت: «مع كل الاحترام لكل جهد، فإن الأمر الأهم لم يتحقق، وهو جلب رفات إيلي كوهين لدفنها باحترام في إسرائيل، وبحيث يصبح عنواناً للعائلة لاستذكاره والبكاء عليه». مشددة على أن الوحيد الذي يستطيع أن يدل على مكان دفنه هو بشار الأسد، والوحيد القادر على التأثير عليه وجعله يقدم معلومات، هو الرئيس بوتين، الذي يأويه ويمنحه لجوءاً سياسياً، والوحيد القادر على ممارسة ضغط على بوتين، هو ترمب؛ لذلك ناشدت ترمب علناً أن يساعدها. وحسب مقربين منها، فقد صاغت رسالة وأرسلتها إلى ترمب بهذا الشأن.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره السوري بشار الأسد في الكرملين (أرشيفية - أ.ب)

يُذكر أن إعلان الموساد عن جلب الأرشيف يُثير موجة صاخبة في الشبكات الاجتماعية. ويتم تداول العديد من القصص حوله، لكن الموساد تعمّد الإبقاء على التفاصيل مخفية، وهذا بحد ذاته تسبب في التشوش لدى العديد من الأوساط، خصوصاً في دمشق؛ حيث يتساءلون: متى تم جلب الأرشيف، ولماذا يُعلن عنه فقط اليوم؟ وهل جلب في عهد الأسد وتكتموا عليه، أم أنه ابن ساعته؟ وهل جلب بعملية إنزال للكوماندوز الإسرائيلي في ذلك المكان، الذي يبتعد عن القصر الجمهوري 200 متر فقط، أم أن جهازاً استخبارياً صديقاً جلبه وسلّمه أو باعه لإسرائيل؟

غير أن 3 مصادر كشفت لوكالة «رويترز»، أن القيادة السورية وافقت على تسليم وثائق ومتعلقات الجاسوس إيلي كوهين لإسرائيل، في محاولة لتخفيف حدة التوتر، وإظهار حسن النية للرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وقال مصدر أمني سوري ومستشار للرئيس السوري أحمد الشرع، وشخص مطلع على المحادثات السرية بين البلدين، إن أرشيف المواد عرض على إسرائيل في مبادرة غير مباشرة من الشرع، في إطار سعيه لتهدئة التوتر وبناء الثقة لدى ترمب.