قانون تعيين القضاة في إسرائيل... ما آثاره وتداعياته؟

المعارضة تعده انتقاماً من جهاز فَتَح ملفات جنائية مع نتنياهو و8 وزراء ونواب آخرين

متظاهرون يرفعون أعلاماً ولافتات أمام مبنى الكنيست بالقدس يوم الأربعاء احتجاجاً على خطة الإصلاح القضائي وللمطالبة بإنهاء الحرب على غزة (أ.ف.ب)
متظاهرون يرفعون أعلاماً ولافتات أمام مبنى الكنيست بالقدس يوم الأربعاء احتجاجاً على خطة الإصلاح القضائي وللمطالبة بإنهاء الحرب على غزة (أ.ف.ب)
TT
20

قانون تعيين القضاة في إسرائيل... ما آثاره وتداعياته؟

متظاهرون يرفعون أعلاماً ولافتات أمام مبنى الكنيست بالقدس يوم الأربعاء احتجاجاً على خطة الإصلاح القضائي وللمطالبة بإنهاء الحرب على غزة (أ.ف.ب)
متظاهرون يرفعون أعلاماً ولافتات أمام مبنى الكنيست بالقدس يوم الأربعاء احتجاجاً على خطة الإصلاح القضائي وللمطالبة بإنهاء الحرب على غزة (أ.ف.ب)

احتفى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزراؤه ونوابه يوم الخميس بتمرير قانون تعدّه المعارضة «انقلاباً» على منظومة الجهاز القضائي، إذ يزيد من تأثير الحكومة في مسألة تعيين القضاة، في الوقت الذي كشفت فيه مصادر بالنيابة العامة عن أن هناك ملفات جنائية مفتوحة ضد تسعة وزراء ونواب ينتمون للائتلاف الحاكم، أحدهم رئيس الوزراء نفسه، فيما يتعلق بقضايا فساد، أو تجاوزات للقانون، أو تشجيع للعنف ضد الفلسطينيين.

وأقر الكنيست قانون تعيين القضاة بعد مداولات استغرقت 18 ساعة، وانتهت بخسارة مدوية للمعارضة التي اختارت أن تنسحب من الجلسة وألا تشارك في التصويت، وأصدرت بياناً تعلن فيه أنها ستُلغي هذا القانون عندما تعود إلى الحكم.

ويحمل تمرير القانون في طيَّاته شعوراً لدى الحكومة بالثقة البالغة في قدرتها على تغيير منظومة القضاء، وعدم اكتراثها بالمظاهرات المناهضة لها في الشوارع، أو باحتجاجات المعارضة الحزبية على الساحة السياسية.

وأُقر القانون في جلسة بدأت في الثانية من بعد ظهر الأربعاء واستمرت طوال الليل حتى الثامنة من صباح الخميس، وذلك بأغلبية 67 صوتاً واعتراض صوت واحد من مجموع أعضاء الكنيست البالغ عددهم 120 نائباً، وهو ما حدا بنتنياهو أن يقول: «أثبتنا أن حكومتنا ثابتة ومستقرة وستحكم طويلاً».

التعديلات الجديدة وأثرها

أقر الكنيست تعديلين، الأول في «قانون أساس: القضاء»، والثاني في «قانون أساس: المحاكم»، وينصّان على إعادة تشكيل لجنة تعيين القضاة لتصبح من تسعة أعضاء بدلاً من سبعة حالياً، بينهم رئيس المحكمة العليا واثنان من قضاتها، بالإضافة إلى وزير القضاء الذي يرأس اللجنة، ووزير آخر تعيّنه الحكومة، وعضوين من الكنيست أحدهما من الائتلاف والآخر من المعارضة.

كما ينص التعديل على تعيين محاميَّين من قبل الائتلاف والمعارضة يملكان المؤهلات اللازمة لتولي منصب قاضٍ في المحكمة العليا. وأُلغي بند كان ينص على تعيين ممثل عن نقابة المحامين في اللجنة، والذي كان عربياً في السنوات العشر الماضية.

وطرأ تغيير جوهري على آلية اختيار قضاة المحكمة العليا، إذ أُلغي شرط «الأغلبية الخاصة»، وهي أغلبية سبعة من أصل تسعة أعضاء المعمول بها حالياً، ويستبدل به «أغلبية عادية» من خمسة أعضاء فقط، على أن تضم عضواً برلمانياً من الائتلاف وآخر من المعارضة.

ويعني هذا أن تحتفظ الحكومة بأغلبية في اللجنة، وألا يستطيع القضاة أو ممثلو المعارضة تعيين أي قاض.

ويعد هذا أحد أهم القوانين فيما يُسمى خطة «الإصلاح القضائي» التي تسعى الحكومة لتمريرها منذ بداية عملها في 2022. واضطر نتنياهو وقتها لتجميد الخطة بسبب مظاهرات حاشدة كادت تذهب بحكومته لولا هجوم «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وما تبعها من حرب شعواء يتهم كثيرون نتنياهو بتعمد إطالتها لبقاء حكومته.

من جهة أخرى، يعد جهاز القضاء والنيابة سلوك نتنياهو ووزرائه ضرباً من الانتقام، ويعتقدون أن الحكومة تحاول السيطرة على أجهزة إنفاذ القانون كي تفلت من عواقب الفساد، وفي مقدمتها محاكمة نتنياهو نفسه في قضايا فساد.

نتنياهو يدخل قاعة محكمة في تل أبيب لحضور إحدى جلسات محاكمته بتهمة الفساد في 12 مارس 2025 (رويترز)
نتنياهو يدخل قاعة محكمة في تل أبيب لحضور إحدى جلسات محاكمته بتهمة الفساد في 12 مارس 2025 (رويترز)

وبالإضافة إلى نتنياهو، فُتحت ملفات جنائية مع ثمانية وزراء ونواب آخرين من الائتلاف الحاكم، من بينهم وزير التراث عميحاي إلياهو من حزب «عوتسما يهوديت» الذي يقوده وزير الأمن القومي المتشدد إيتمار بن غفير، ومن بينهم نيسيم فاتوري من حزب «ليكود» الذي يقوده نتنياهو، وتسفي سوكوت من حزب «الصهيونية الدينية» الذي يقوده وزير المالية بتسلئيل سموتريتش. وفتحت النيابة تحقيقاً معهم لأنهم اقتحموا أو شجعوا على اقتحام قاعدة «سديه تيمان» العسكرية في يوليو (تموز) الماضي مع يمينيين متطرفين احتجوا على توقيف جنود احتياط بتهمة الاعتداء الجنسي على معتقل فلسطيني.

هناك أيضاً النائب دافيد بيطون رئيس لجنة الاقتصاد البرلمانية، وهو من الليكود، ومتهم بتلقي رشوة. وتحقق الشرطة كذلك مع حاييم بيطون، وهو وزير ثان في وزارة التربية والتعليم ينتمي لحزب شاس اليهودي المتشدد، وذلك بشبهة استغلال المال العام لإصدار جريدة حزبية.

كما يجري التحقيق مع وزيرة المواصلات ميري ريغيف بشبهة الاحتيال وخيانة الأمانة بعدما منحت مناقصات لنشطاء في حزب «الليكود» على نحو مخالف للقانون. والتحقيق جارِِ كذلك مع وزيرة المساواة الاجتماعية ماي غولان، من «الليكود»، حول شبهات بتلقي الرشوة وكتابة تصريح كاذب عن جمعية تديرها.

ويُشتبه أيضا في أن النائبة طالي غوطليب، عضو الكنيست عن حزب «الليكود»، خرقت قانون أمن الدولة عندما كشفت عن أن قائدة مظاهرات الاحتجاج، شيكما برسلر، متزوجة من قائد كبير في جهاز الأمن الداخلي «الشاباك»، وأن الهدف من النشر كان إظهار «الشاباك» على أنه شريك في مؤامرة لإسقاط الحكومة.

وتشكو المعارضة من أن الشرطة، التي باتت موالية للحكومة بشكل مخالف للقانون الذي يُلزمها بالولاء للدولة، تتلكأ في التحقيقات، كما تتهمها بتنفيذ سياسة بن غفير، الذي يواجه هو نفسه ملفات جنائية متعددة، أُدين في أحدها. ومن بين هذه الملفات ملف «إرهاب ضد الفلسطينيين».


مقالات ذات صلة

نتنياهو يعلن الرجوع عن خياره لمنصب رئيس «الشاباك»

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب) play-circle

نتنياهو يعلن الرجوع عن خياره لمنصب رئيس «الشاباك»

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، الثلاثاء، الرجوع عن قراره تسمية قائد البحرية الأسبق إيلي شارفيت رئيساً جديداً لجهاز الأمن الداخلي (شاباك).

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية نتنياهو يتوسط إيتمار بن غفير ووزير العدل ياريف ليفين خلال جلسة للكنيست (أرشيفية - أ.ف.ب)

نتنياهو يجدد خطة الانقلاب على منظومة الحكم والقضاء بكل قوة

باشر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشكل رسمي، مع وزير القضاء، ياريف ليفين، عملية إقالة المستشارة القضائية للحكومة.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية نتنياهو ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير (أرشيفية - إ.ب.أ)

حكومة نتنياهو تمرر الميزانية في ليلة درامية

شهدت جلسة الكنيست الإسرائيلي، التي عُقدت حتى وقت متأخر الاثنين، «دراما»، بعدما عارض حزب بن غفير ميزانية عام 2025.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شؤون إقليمية رجال شرطة إسرائيليون على أحصنتهم يفرقون متظاهرين يطالبون بالسعي لإطلاق سراح الأسرى لدى «حماس» في تب أبيب السبت (أ.ف.ب)

متظاهرون في تل أبيب يطالبون مجلس الأمن بفرض صفقة على نتنياهو

خرجت عائلات المحتجَزين الإسرائيليين لدى «حماس» ببيان تحذر فيه من المماطلة وتطالب بإنجاز صفقة متكاملة وليس جزئية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي بنيامين نتنياهو خلال كلمة في «الكنيست» يوم الاثنين (إ.ب.أ)

حكومة نتنياهو تعدُّ 38 قانوناً جديداً لإضعاف القضاء

عادت حكومة اليمين الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو إلى خطتها لإضعاف منظومة الحكم والقضاء، وبدأت التشريع لقوانين جديدة تؤدي إلى هذه الغاية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

إسرائيل تحتجز اثنين من نواب البرلمان البريطاني وتمنعهما من الدخول

وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي (أ.ب)
وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي (أ.ب)
TT
20

إسرائيل تحتجز اثنين من نواب البرلمان البريطاني وتمنعهما من الدخول

وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي (أ.ب)
وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي (أ.ب)

قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، إن إسرائيل احتجزت نائبين بريطانيين كانا ضمن وفد برلماني ومنعتهما من دخول إسرائيل.

وأضاف لامي في حسابه على منصة «إكس»: «من غير المقبول وغير المُجدي والمُقلق للغاية أن تُحتجز السلطات الإسرائيلية نائبين بريطانيين ضمن وفد برلماني إلى إسرائيل، وتمنعهما من الدخول».

وتابع لامي: «أوضحتُ لنظرائي في الحكومة الإسرائيلية أن هذه ليست الطريقةً المثلى لمعاملة البرلمانيين البريطانيين، وقد تواصلنا معهما الليلة لتقديم دعمنا».

وأوضح وزير الخارجية البريطاني أن تركيز الحكومة البريطانية ينصب حالياً على «ضمان العودة إلى وقف إطلاق النار واستئناف المفاوضات لوقف إراقة الدماء وتحرير الرهائن وإنهاء الصراع في غزة».