إردوغان يسوّق تركيا للاتحاد الأوروبي منقذاً من الأزمات واليمين المتطرف  

محللون رأوها محاولة لاستغلال اختلال «معايير كوبنهاغن» وتطبيق ترمب «قانون الأقوياء»

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يسوّق تركيا للاتحاد الأوروبي منقذاً من الأزمات واليمين المتطرف  

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية)

سعى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى تذكير الاتحاد الأوروبي بأهمية ضم بلاده إلى عضويته واستئناف المفاوضات المجمدة معها على مدى أكثر من 10 سنوات. وعد إردوغان، مجدداً، أن عضوية بلاده ستنقذ الاتحاد الأوروبي في ظل التطورات الجيوسياسية وصعود اليمين المتطرف، قائلاً إن «الديمقراطية الليبرالية» دخلت في أزمة خطيرة. ولفت إلى أنه حذر منذ فترة من صعود الحركات اليمينية المتطرفة المناهضة للهجرة والإسلام في الدول الغربية، لا سيما في أوروبا، وأن نتائج العديد من الانتخابات الأخيرة التي جرت في هذه الدول أظهرت صحة مخاوفه، وأن الحركات اليمينية المتطرفة أصبحت هي اللاعب الحاسم في السياسة في أوروبا.

وذكر إردوغان، الذي حاول في الفترة الأخيرة إصلاح مسار العلاقات مع الاتحاد الأوروبي الذي يردد مسؤولوه دائماً أن تركيا باتت تبتعد أكثر وأكثر عن عضوية التكتل، أن الانتخابات الأخيرة في ألمانيا أثبتت أن الفراغ الذي نشأ في الديمقراطيات الأوروبية يملؤه اليمين المتطرف.

إردوغان متحدثاً خلال مؤتمر صحافي مساء الاثنين عقب اجتماع حكومته في أنقرة (الرئاسة التركية)

ولفت إردوغان، الذي كان يتحدث في مؤتمر صحافي ليل الاثنين - الثلاثاء عقب ترؤسه اجتماع حكومته في أنقرة، إلى أن فشل السياسة المركزية الأوروبية في قراءة روح العصر بشكل صحيح هو أحد الأسباب الرئيسية لذلك، إلى جانب العوامل الاقتصادية.

صعود اليمين المتطرف

وقال: «كما رأينا في الانتخابات الأخيرة، فإن الديماغوجيين اليمينيين المتطرفين يملأون الفراغ الذي نشأ في الديمقراطيات الأوروبية، وبطبيعة الحال، يتعين علينا أن نضيف إلى هذا الموقف المتناقض الذي يتبناه الغرب تجاه الإبادة الجماعية التي استمرت 471 يوماً في غزة، فلقد أصبح مفهوماً مرة أخرى، بخاصة في هذه العملية، أن القيم الغربية، التي قدمت مثالاً للعالم لسنوات، ليس لها هدف مشترك لتحقيق المنفعة للإنسانية».

ورأى أن «الديمقراطية الليبرالية التي كانت تمثل الآيديولوجية الأكثر جاذبيةً في القرن الماضي دخلت في أزمة خطيرة وفقدت قوتها وسمعتها ونفوذها السابق، بعد أن كان يُنظر إليها في وقت ما على أنها الدواء الشافي لجميع المشاكل».

وعد أن التطورات في سوريا والمناقشات الجارية بشأن حرب روسيا وأوكرانيا، أكدت مجدداً حاجة أوروبا إلى تركيا، وقال إن عضوية تركيا الكاملة في الاتحاد الأوروبي هي الوحيدة القادرة على إنقاذه من المأزق الذي وقع فيه بدءاً من الاقتصاد والدفاع، وصولاً إلى السياسة والسمعة الدولية، وستمنح الحياة لأوروبا، التي يعاني اقتصادها وبنيتها الديموغرافية من الشيخوخة السريعة.

انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي

وجاءت تصريحات إردوغان مباشرة بعدما قال وزير خارجيته، هاكان فيدان، في مؤتمر صحافي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في أنقرة الاثنين، إن مفاوضات عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي مجمدة بسبب عدم ارتياح الاتحاد لاستقبال دولة مسلمة كبيرة بسبب سياساته التي تقوم على الهوية، لكن لا أحد يقول ذلك صراحة.

فيدان ولافروف خلال مؤتمر صحافي في أنقرة الاثنين (أ.ف.ب)

ولفت إردوغان إلى أن الزخم القديم في الاتصالات بين تركيا والاتحاد الأوروبي بدأ يعود، وأن على الاتحاد الأوروبي والدول التي تقوده التخلي عن الإصرار على الأخطاء، وأنه إذا تم إظهار الإرادة اللازمة في هذه المسألة، فمن الممكن تحقيق نتائج في وقت قصير.

وفي محاولة لتحريك مسار المفاوضات المجمدة، التقى إردوغان رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، في أنقرة في 17 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ثم الرئيس الألماني، فرانك والتر شتاينماير، في 5 فبراير (شباط) الحالي. وقال إردوغان، عقب لقاء شتاينماير، إن زيارته لبلادنا كانت ذات مغزى بالنسبة لنا، وإنهما تشاورا بالتفصيل حول القضايا الثنائية والإقليمية والدولية قبل أسبوعين من الانتخابات الألمانية.

تباين تركي أوروبي

وعلى الرغم مما يعتقده إردوغان عن عودة الزخم السابق في العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي، قال مقرر شؤون تركيا في البرلمان الأوروبي، ناتشو سانشيز أمور، في مقابلة مع إحدى القنوات التركية، إن «الفكرة القائلة بأنه لم يعد هناك شيء يمكن الحديث عنه مع تركيا تنتشر في بروكسل».

مقرر شؤون تركيا في البرلمان الأوروبي ناشو سانشيز أمور (من حسابه في إكس)

لكن المحلل السياسي الكاتب التركي المتخصص في الشؤون الخارجية، مراد يتكين، يعتقد أن حقيقة عدم ذكر فون دير لاين، خلال لقائها مع إردوغان، كلمة واحدة عن الاعتقالات أو المحاكمات للمعارضين في تركيا، فيما وعدت بتخصيص مليار يورو آخر لدعم أنقرة لمواجهة أعباء اللاجئين السوريين ووقف الهجرة إلى أوروبا، تدحض ما قاله أمور.

ورأى يتكين أن إردوغان يحتاج إلى إنقاذ الاقتصاد التركي قبل إنقاذ الاتحاد الأوروبي، لافتاً إلى أن قطاعات كبيرة من المجتمع التركي تخضع لبيئة من الضغوط المتزايدة تحت اسم «تعزيز الجبهة الداخلية»، كما اتسعت الفجوة مع المعايير السياسية والقانونية للاتحاد الأوروبي.

وذهب إلى أن إردوغان يحاول أن يقول إن الأمر متروك لتركيا لإنقاذ الاتحاد الأوروبي، الذي أبقاها في غرفة الانتظار لأكثر من 60 عاماً، لافتاً إلى أنه في عالم اليوم، حيث تفتتت ديناميكيات السياسة الدولية والاقتصاد، ودخلت في عملية إعادة تشكيل بعد وصول دونالد ترمب إلى السلطة في أميركا، يتطلب الأمر تقييم العوامل والجهات الفاعلة بعيداً عن المعايير القديمة.

جانب من محادثات إردوغان ورئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لاين في أنقرة في ديسمبر الماضي (الرئاسة التركية)

وأضاف: «من ناحية أخرى، ذهب ترمب إلى حد استخدام (قانون الأقوياء) الجديد إلى أقصى حدوده، وفي تركيا، لا يفعل إردوغان، في الواقع، أي شيء مختلف من خلال اقتراح سد الفجوة بين الغرب والديمقراطية وسيادة القانون من خلال ثقله الجيوسياسي المتزايد في الغرب، بينما ما يحدث للشعب التركي هو تآكل وضعه الاقتصادي والديمقراطي، وتضرر حقه في إسماع صوته بسبب الضغوط على وسائل الإعلام والمعارضة».


مقالات ذات صلة

إردوغان يحض مادورو على أهمية مواصلة الحوار مع الولايات المتحدة

شؤون إقليمية  الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ونظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو في كاراكاس 4 ديسمبر 2018 (حساب الرئيس التركي عبر منصة «إكس»)

إردوغان يحض مادورو على أهمية مواصلة الحوار مع الولايات المتحدة

أجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، مكالمة هاتفية بنظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو، وحضه على مواصلة الحوار مع واشنطن.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
شؤون إقليمية عناصر من «البيشمركة» بالزي الرسمي والأسلحة رافقوا بارزاني خلال تحركاته في بلدة جيزرة جنوب شرقي تركيا يوم 29 نوفمبر الماضي (إعلام تركي)

حراس بارزاني يفجرون جدلاً قومياً حاداً في تركيا

فجرت زيارة أجراها مسعود بارزاني، زعيم «الحزب الديمقراطي» في إقليم كردستان العراق، إلى تركيا يرافقه حراس من قوات «البيشمركة» أزمةً سياسيةً وجدلاً شعبياً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية مسيرة للأكراد في مدينة كولونيا الألمانية يوم 8 نوفمبر الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان (د.ب.أ)

أوجلان يطالب بقانون انتقالي لـ«السلام» في تركيا.. وإردوغان متفائل بحذر

طالب زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان بإقرار قانون للمرحلة الانتقالية لـ«عملية السلام» في تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية صورة لزعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان ثبتها مسلحون من الحزب عند سفح جبل قنديل شمال العراق عند إعلان انسحابهم من تركيا في 26 أكتوبر الماضي (رويترز)

زيارة مفاجئة من «وفد إيمرالي» لأوجلان في أجواء متوترة

قام «وفد إيمرالي» بزيارة مفاجئة إلى زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان في محبسه، غرب تركيا، وسط قلق من التصريحات حول «عملية السلام».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا سفينة الشحن الروسية «مديفولغا 2» في أثناء إبحارها في البحر الأسود قبل الهجوم الأوكراني الذي أعلن عنه في 2 ديسمبر من جانب تركيا (رويترز)

تركيا تحذر أوكرانيا من تصعيد الهجمات في البحر الأسود

حذرت تركيا من تصعيد الهجمات على السفن التجارية في البحر الأسود، والتي تكررت في الأيام الأخيرة، عبر استهدافات من جانب أوكرانيا لسفن روسية

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

إيران تعلن محاكمة إيراني أوروبي اعتُقل خلال الحرب مع إسرائيل بتهمة التجسّس

عناصر من الشرطة الإيرانية (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الشرطة الإيرانية (أرشيفية - رويترز)
TT

إيران تعلن محاكمة إيراني أوروبي اعتُقل خلال الحرب مع إسرائيل بتهمة التجسّس

عناصر من الشرطة الإيرانية (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الشرطة الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

أعلنت السلطة القضائية في إيران، الاثنين، أنّ مواطناً إيرانياً أوروبياً كان قد اعتُقل خلال الحرب الأخيرة التي استمرّت 12 يوماً مع إسرائيل، أُحيل إلى المحاكمة بتهمة التجسّس لصالح الدولة العبرية.

ولم يكشف موقع «ميزان أونلاين» التابع للسلطة القضائية هوية المتهم، لكنّه ذكر أنّه «مزدوج الجنسية يعيش في دولة أوروبية» واعتُقل في إيران خلال الحرب التي وقعت في يونيو (حزيران). وأضاف، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، أنّه متهم بـ«التعاون الاستخباري والتجسّس لصالح الكيان الصهيوني».

وفجر 13 يونيو، بدأت إسرائيل الحرب بهجوم مباغت استهدف مواقع عسكرية ونووية في إيران، تخللته عمليات اغتيال لقادة عسكريين وعلماء نوويين، معلنة عزمها على منع إيران من امتلاك القنبلة النووية، فيما تنفي طهران السعي لامتلاك سلاح نووي، مؤكدةً حقها في الحصول على الطاقة النووية المدنية.

وليل 21 إلى 22 يونيو، شنّت الولايات المتحدة ضربات على ثلاثة مواقع نووية إيرانية رئيسية. وبعد 12 يوماً من الحرب، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل في 24 يونيو. وتوعّد في وقت لاحق بأن تعاود الولايات المتحدة توجيه ضربات إلى إيران إذا قامت بتخصيب اليورانيوم للاستخدام العسكري.


إيران: مغادرة رحلة ثانية تقلّ 55 مواطناً مُرحّلاً من الولايات المتحدة

صورة عامة للعاصمة الإيرانية طهران (أ.ب)
صورة عامة للعاصمة الإيرانية طهران (أ.ب)
TT

إيران: مغادرة رحلة ثانية تقلّ 55 مواطناً مُرحّلاً من الولايات المتحدة

صورة عامة للعاصمة الإيرانية طهران (أ.ب)
صورة عامة للعاصمة الإيرانية طهران (أ.ب)

غادرت طائرة ثانية تقل إيرانيين مرحَّلين من الولايات المتحدة، حسبما قال مسؤولون إيرانيون، مع اعتزام أميركا إعادة المئات من السجناء إلى إيران.

تأتي عمليات الترحيل في ظل تصاعد التوترات بين إيران وأميركا عقب أن قصفت أميركا مواقع نووية إيرانية خلال الحرب التي استمرت 12 يوماً بين طهران وإسرائيل في يونيو (حزيران) الماضي. وأعرب النشطاء في الخارج عن قلقهم بشأن عودة المرحَّلين إلى إيران، التي تقمع حكومتها المفكرين وتعدم السجناء بوتيرة غير مسبوقة منذ عقود.

وذكرت وكالة ميزان، الناطق الرسمي لهيئة القضاء الإيرانية، اليوم، أن مجتبى شاستي كريمي المسؤول بوزارة الخارجية أكد ترحيل 55 إيرانياً.

ونقلت الوكالة عنه القول: «هؤلاء الأفراد أعلنوا استعدادهم للعودة بعد استمرار السياسة المناهضة للهجرة والتمييزية ضد الأجانب خصوصاً الإيرانيين من جانب الولايات المتحدة».


نتنياهو يرهن المرحلة الثانية بإنهاء حكم «حماس»


فلسطينيون يحملون جثماناً لعامل قتلته إسرائيل في الخليل بالضفة الغربية المحتلة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يحملون جثماناً لعامل قتلته إسرائيل في الخليل بالضفة الغربية المحتلة أمس (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو يرهن المرحلة الثانية بإنهاء حكم «حماس»


فلسطينيون يحملون جثماناً لعامل قتلته إسرائيل في الخليل بالضفة الغربية المحتلة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يحملون جثماناً لعامل قتلته إسرائيل في الخليل بالضفة الغربية المحتلة أمس (أ.ف.ب)

على الرغم من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رأى أن الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف النار في غزة بات قريباً؛ فإنه رهنه بإنهاء حكم حركة «حماس».

وقال نتنياهو في مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني فريدريك ميرتس في إسرائيل، أمس، إنه «لم يكن أحد يتوقع أن يضغط ترمب على (حماس) لإطلاق سراح الرهائن، لكننا نجحنا. والآن المرحلة الثانية، من أجل نزع سلاح (حماس) ونزع سلاح غزة».

ومثلت زيارة ميرتس إلى إسرائيل كسراً لعزلة نسبية أوروبية على نتنياهو على خلفية حرب غزة. وقال ميرتس إن الوقوف إلى جانب تل أبيب «يشكل جزءاً من جوهر سياسة ألمانيا الثابت والأساسي، وسوف يظل»، ومع ذلك استبعد توجيه دعوة إلى نتنياهو لزيارة برلين حالياً، في إشارة إلى مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية ضده ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة.