اليهود المتدينون يصرون على ضم «تلة العباد» في لبنان

الجيش الإسرائيلي سمح لهم بترميم «ضريح الشيخ» والآن يشعر بأنه بات خطراً

وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لمهام عمليات حفظ السلام هيرفى لادوس يعاين عام 2013 ضريحاً يقع على جانبي الحدود بموقع العباد جنوب لبنان (الأمم المتحدة)
وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لمهام عمليات حفظ السلام هيرفى لادوس يعاين عام 2013 ضريحاً يقع على جانبي الحدود بموقع العباد جنوب لبنان (الأمم المتحدة)
TT

اليهود المتدينون يصرون على ضم «تلة العباد» في لبنان

وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لمهام عمليات حفظ السلام هيرفى لادوس يعاين عام 2013 ضريحاً يقع على جانبي الحدود بموقع العباد جنوب لبنان (الأمم المتحدة)
وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لمهام عمليات حفظ السلام هيرفى لادوس يعاين عام 2013 ضريحاً يقع على جانبي الحدود بموقع العباد جنوب لبنان (الأمم المتحدة)

في أعقاب تراجع الجيش الإسرائيلي عن موقفه وإبلاغه المتدينين اليهود أنه لن يسمح لهم بزيارة ضريح «راب آشي»؛ القائم على تلة الشيخ العباد اللبنانية، لأسباب أمنية، بعدما كان سمح لهم بدخول المنطقة في حماية جنوده وبترميمه على مدى أسبوع كامل، أصر هؤلاء على دخوله وممارسة الصلوات فيه، وقذفوا قوات الجيش بالحجارة، صبيحة الأربعاء، مما جعل الشرطة تعتقل بعضهم.

وقال ناطق باسم مجموعة من حركة «المتدينين الحسيديم» إن الجيش سمح لهم وساعدهم على «ترميم الضريح المقدس، واليوم يتراجع تحت ضغوط سياسية خارجية». واتهموا الجيش بالتنكيل بهم؛ لأنهم متدينون. وقالوا: «الجيش سيحتفظ بـ5 مواقع كبيرة في لبنان، مع أنها دون أي قيم معنوية، لكنه يرفض الاحتفاظ بموقع يهودي مقدس؛ لأنه يتنكر للقيم الدينية». وأعلنوا أن الاعتقال لن يردعهم، وأنهم سيواصلون محاولاتهم للوصول إلى الضريح وإقامة الصلوات فيه.

المعروف أن هذا الضريح يعدّ ذا أهمية بصفته مقاماً للمسلمين، حيث يضم رفات الشيخ العباد، الذي أُطلق اسمه على التلة برمتها. وهو يقع على قمة الجبل اللبناني، الذي تحدّه إسرائيل من الجنوب، وقد كان موضع خلاف في القرن الماضي، وتحديداً في سنة 1972، عندما قررت إسرائيل التعامل معه على أنه ضريح يهودي، وبدأت مجموعات يهودية دينية صغيرة تزوره للصلاة فيه تحت حماية الجيش. ولكن، عندما انسحبت إسرائيل من لبنان سنة 2000، اتُّفق على تقسيم المقام إلى نصفين، وذلك في مفاوضات أدارها بين الحكومتين الإسرائيلية واللبنانية مبعوثُ الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط، تيري رود لارسن. إلا إن هذا الحل لم يكن واقعياً ولا عملياً، خصوصاً بعد حرب لبنان الثانية سنة 2006، وتوقف اليهود عن الوصول إلى هناك وبدا الضريح مهملاً بنصفيه.

جنديات إسرائيليات في موقع العباد العسكري عام 2023 (أرشيفية - الوكالة الوطنية)

ولكن، قبل أسبوعين، قررت مجموعة من 20 شخصاً ينتمون إلى حركة «المتدينين الحسيديم» الوصول إليه وإعادة ترميمه. وقد وفّر لهم الجيش الإسرائيلي الحماية والمساعدة اللوجيستية، حتى بدا أن هذه النقطة ستكون السادسة التي تسيطر عليها إسرائيل في الجنوب اللبناني. فبنوا سوراً حول الضريح ونفذوا أعمال طلاء ودهان وتنظيف. وعندما كُشف النقاب عن العملية، احتجت فرنسا ودول أوروبية عدة، وعدّت الأمر تكريساً للاحتلال الإسرائيلي، فأخلى الجيش المكان.

لكن المجموعات الدينية عادت صبيحة الأربعاء لتحاول إقامة الصلوات فيه من جديد. وعندما منعها الجيش راح أفرادها يقذفونه بالحجارة، فاعتقل 8 منهم وقدمهم إلى محكمة مستوطنة كريات شمونة لتمديد اعتقالهم. وأوضحت النيابة العامة أنها تمنعهم من دخول المقام «حماية لهم، فالأوضاع في لبنان غير مستقرة بعد، ولا يُعرف كيف سيكون الوضع» مع انسحاب الجيش الإسرائيلي ودخول الجيش اللبناني مكانه.

وقد نقلت صحيفة المتدينين «كيكار هشبات»، عن مصادر مطلعة، أن الجيش الإسرائيلي يخطط قريباً لترتيب زيارات منظمة ومنسقة إلى الموقع «المقدس»، وهو ما عدّه يهود متدينون فتحاً لـ«حقبة جديدة» لتمكين وصول المصلين إلى الموقع.

يذكر أن الاستيلاء على المقامات والأضرحة سياسة منهجية في إسرائيل. وبواسطة هذا الأمر سيطرت على كثير من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، وقبلها في قطاع غزة، وحتى سيناء المصرية، وكذلك في إسرائيل نفسها. وجندت في هذه المهام سلطة الآثار. وقبل 3 أشهر فقط، قُتل عالم آثار في لبنان وهو في مهمة للعثور على آثار يهودية بلبنان.


مقالات ذات صلة

اشتباكات حدودية بين عشائر لبنانية ومقاتلين سوريين

المشرق العربي قوات سورية تتجمع بالقرب من الحدود اللبنانية، سوريا 17 مارس 2025 (أ.ب)

اشتباكات حدودية بين عشائر لبنانية ومقاتلين سوريين

تجددت الاشتباكات، اليوم الثلاثاء، بين أبناء العشائر اللبنانية والفصائل السورية في بلدة حوش السيد علي وبلدة المشرفة اللبنانيتين على الحدود مع سوريا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جانب من اعتصام أقيم في جامعة براون رفضاً لترحيل الطبيبة رشا علوية (أ ف ب)

جدل أميركي حول ترحيل طبيبة لبنانية شاركت في جنازة نصر الله

تسبب قرار ترحيل أستاذة مساعدة وطبيبة بجامعة براون نهاية الأسبوع، من بوسطن إلى لبنان، بجدل لا يزال مستمراً على خلفية الاتهامات التي وُجهت إليها، والدعوى المضادة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي قوات سورية تتجمع في قرية حوش السيد علي على الحدود مع لبنان (أ.ب)

المفاوضات على الخرائط تؤخر انتشار الجيش اللبناني على الحدود مع سوريا

أخّرت المفاوضات على خرائط المنطقة الحدودية بين لبنان وسوريا، الانتشار الكامل للجيش اللبناني في القرى المحاذية للحدود السورية في شمال شرقي لبنان.

حسين درويش (شرق لبنان)
المشرق العربي جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان (أ.ف.ب)

لبنان يحصي خسائر الحرب الإسرائيلية بغياب مصادر لتمويل إعادة الإعمار

أنجزت المؤسسات اللبنانية إحصاء أضرار الحرب الإسرائيلية الأخيرة، وتوصلت إلى أن عدد الوحدات السكنية المتضررة بشكل جزئي أو كلي أو أضرار جسيمة، بلغ 222 ألف وحدة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة نواف سلام مستقبلاً وفد مجلس الأعمال اللبناني - السعودي (رئاسة الحكومة)

سلام: مؤتمر في الخريف المقبل لإعادة لبنان على خريطة الاهتمام العربي

أكد رئيس مجلس الوزراء، نواف سلام، العمل على التحضير لعقد مؤتمر عام للاستثمار في الخريف المقبل، في بيروت، لإعادة لبنان على خريطة الاهتمام العربي والدولي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«ميرسك» تنفي شحن أسلحة لإسرائيل خلال صراع غزة

حاوية لشركة ميرسك تُنقل بواسطة قطار قرب ميناء برشلونة في إسبانيا 26 أبريل 2024 (رويترز)
حاوية لشركة ميرسك تُنقل بواسطة قطار قرب ميناء برشلونة في إسبانيا 26 أبريل 2024 (رويترز)
TT

«ميرسك» تنفي شحن أسلحة لإسرائيل خلال صراع غزة

حاوية لشركة ميرسك تُنقل بواسطة قطار قرب ميناء برشلونة في إسبانيا 26 أبريل 2024 (رويترز)
حاوية لشركة ميرسك تُنقل بواسطة قطار قرب ميناء برشلونة في إسبانيا 26 أبريل 2024 (رويترز)

نفت شركة الشحن العملاقة «ميرسك»، اليوم (الثلاثاء)، شحن أسلحة أو ذخيرة إلى إسرائيل خلال حربها في غزة رداً على مقترح من مساهمين في اجتماعها العام السنوي، لكنها أقرّت بنقل شحنات ذات صلة بالجيش.

وقال فينسنت كليرك، الرئيس التنفيذي لشركة «ميرسك» للمساهمين: «(ميرسك) تتبع سياسة صارمة تقضي بعدم شحن أسلحة أو ذخيرة إلى أي منطقة صراع نشطة»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقدّمت مجموعة «كريتسكه أكشيونير» للمساهمين الدنماركيين مقترحاً يقضي بمنع «ميرسك» من شحن أسلحة إلى إسرائيل.

وفي اقتراح منفصل، دعت مجموعة «إيكو» النشطة شركة ميرسك إلى تعزيز الشفافية في عملياتها المتعلقة بحقوق الإنسان، مع التركيز تحديداً على المناطق عالية الخطورة، بما في ذلك شحنات الأسلحة.

وقال كليرك: «نحن ملتزمون تماماً بجميع القوانين المعمول بها». وأضاف أن «ميرسك» تعمل وفقاً للمبادئ التوجيهية للأمم المتحدة في الأعمال التجارية وحقوق الإنسان وإرشادات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بشأن السلوك التجاري المسؤول.

ودعا خبراء من «الأمم المتحدة» الدول إلى فرض عقوبات وحظر للسلاح على إسرائيل، قائلين إن الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة تصل إلى مستوى الإبادة الجماعية. وقال مسؤولو الصحة في غزة إن الحملة حصدت أرواح أكثر من 48 ألف شخص.

ورفضت إسرائيل بشدة تقرير «الأمم المتحدة»، وقالت إنها تقاتل «حماس» التي هاجم مقاتلوها جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وجاء في إحصاءات إسرائيلية أن هجوم «حماس» تمخض عن مقتل 1200 شخص واقتياد 253 آخرين رهائن إلى غزة.

وتشحن «ميرسك» بضائع إلى إسرائيل لصالح وكالات حكومية أميركية، من خلال شركتها التابعة في الولايات المتحدة «ميرسك لاين» المحدودة.

ورفض المساهمون كلا المقترحين. وتمتلك «ميرسك» القابضة 41.5 بالمائة من أسهم الشركة الدنماركية و54.5 بالمائة من أصواتها.

وأفادت مؤسسة «دان ووتش» الإعلامية الاستقصائية، وصحيفة «إكسترا بلاديت» الدنماركية، بوجود فواتير تفريغ شحنات من شركة ميرسك، أظهرت أنها شحنت مركبات قتالية مدرعة ومعدات عسكرية أخرى إلى إسرائيل.

وقال كليرك إن شركة ميرسك تنقل بضائع ذات صلة بالجيش، ولكن وفقاً لجميع القوانين.

وأضاف: «حين نرسم خطاً بين ما نقبل ولا نقبل نقله، نفعل ذلك بعد تقييم دقيق للغاية ومراعاة التوصيات واللوائح... ندرك أن هذا الخط قد لا يتوافق مع رغبات الجميع».

ولا تفرض الدنمارك، التي بها مقر «ميرسك» الرئيسي، حظراً حالياً على نقل الأسلحة، ولم تفرض أي قيود على إرسال الأسلحة إلى إسرائيل.