إيران تترقب قرارات ترمب الأولى

عضوان في لجنة الأمن القومي: بزشكيان يريد التفاوض مع واشنطن والقرار بيد المرشد

بزشكيان خلال اجتماع ثلاثي مع رئيس القضاء غلام حسين محسني إجئي ورئيس البرلمان محمد باقر قاليباف (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان خلال اجتماع ثلاثي مع رئيس القضاء غلام حسين محسني إجئي ورئيس البرلمان محمد باقر قاليباف (الرئاسة الإيرانية)
TT

إيران تترقب قرارات ترمب الأولى

بزشكيان خلال اجتماع ثلاثي مع رئيس القضاء غلام حسين محسني إجئي ورئيس البرلمان محمد باقر قاليباف (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان خلال اجتماع ثلاثي مع رئيس القضاء غلام حسين محسني إجئي ورئيس البرلمان محمد باقر قاليباف (الرئاسة الإيرانية)

تنتظر إيران أولى الحزم التنفيذية من قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بينما تجد نفسها عند مفترق طرق حاسم، وسط انقسام واضح بين الدعوات للتفاوض المباشر، والتهديدات بالانتقام لمقتل الجنرال قاسم سليماني.

ويترقب الإيرانيون الأوامر التنفيذية التي سيصدرها ترمب في أول يوم من توليه مهامه رسمياً، وسط توقعات قوية بعودته إلى استراتيجية «الضغوط القصوى» مع طهران، بهدف إجبارها على الجلوس إلى طاولة مفاوضات جديدة.

وذكرت وكالة «بلومبرغ»، الخميس الماضي، أن فريق ترمب سيعود إلى استراتيجية «الضغوط القصوى» ضد إيران، مع فرض حزمة عقوبات جديدة على قطاع النفط الإيراني في فبراير (شباط) المقبل.

ووجه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان رسالة إلى إدارة ترمب الجديدة، الأسبوع الماضي، في سياق إشارات متباينة أرسلها كلا الطرفين بشأن المواجهة أو التفاهم الدبلوماسي.

وأبدى بزشكيان استعداده للتفاوض غير المباشر مع إدارة ترمب، وقال في مقابلة مع شبكة «إن بي سي نيوز» إنه لا توجد أي نوايا إيرانية لاغتيال ترمب «على حد علمه»، واصفاً اتهام بلاده بالوقوف وراء محاولة اغتيال سابقة، بـ«المؤامرة الإسرائيلية».

وجاء كلام بزشكيان بعد أسبوع من تمسك المرشد علي خامنئي برفض التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة. وفي سياق موازٍ مع رسالة بزشكيان، قال وزير الخارجية عباس عراقجي للتلفزيون الرسمي إن طهران لن تجري مفاوضات مع الولايات المتحدة حتى تعود إدارة دونالد ترمب إلى الاتفاق النووي أو تعلن سياستها بهذا الشأن، مشدداً على أن المسؤولين الإيرانيين لا يزالون يجهلون موقف الإدارة الأميركية.

لكن نفي بزشكيان بشأن تهديدات إيران للانتقام من مقتل سليماني، أثار غضباً بين الأوساط المحافظة، خصوصاً المقربة من «الحرس الثوري».

«ممثلو ترمب»

وهاجمت صحيفة «جوان» الناطقة باسم «الحرس الثوري»، مسؤولين وشخصيات سياسية دافعت عن ضرورة التفاوض مع ترمب. ونشرت على صفحاتها الأولى تحت عنوان «مهمة ممثلي ترمب»، صورة محمد جواد ظريف، نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية، وهو يتوسط الناشط الإصلاحي البارز محمد هاشمي رفسنجاني، ومستشاري الرئيس علي عبد العلي زاده وعلي ربيعي الذي كان متحدثاً باسم الحكومة في عهد حسن روحاني.

وقالت: «بعض أعضاء الحكومة والإصلاحيين أرسلوا رسائل خاطئة ومخالفة للاستقلال الوطني وخاضعة لترمب قبل يومين من دخوله إلى البيت الأبيض». وتابعت: «إذا حذفنا أسماء هؤلاء الأشخاص ووضعنا 4 من أعضاء حكومة ترمب المتشددين إزاء إيران، فلن يكون هناك فرق سوى أن عباراتهم ستصبح أكثر مصداقية».

وقال ظريف إن «بزشكيان وريث وضع سيئ ويجب علينا ألا نخاف من التفاوض مع ترمب أو نهرب منه؛ لأن التفاوض مع صدام حسين لم يكن مطلوباً لكن مصالح البلاد استدعت ذلك». أما مستشار بزشكيان علي عبد العلي زاده فقد قال إن مجموعة الحكم في إيران «على قناعة بضرورة التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة».

وحذر ربيعي مؤخراً من أن «مخازن النفط أصبحت فارغة وربما سنضطر لاستيراد النفط في المستقبل القريب». ومن جانبه، حذّر محمد هاشمي رفسنجاني من انهيار قياسي للعملة المحلية أمام الدولار.

غلاف صحيفة «جوان» التابعة لـ«الحرس الثوري»

وقالت صحيفة «جوان»: «لا حرج في أسرة هاشمي التي تصدر الفستق وتعمل في مجال البناء والعقارات، وتستفيد من زيادة الدولار، ولكن كيف يعتقد المسؤولون أن مثل هذه الرسائل ستساعد في تحقيق رفاهية الشعب وحفظ استقلال وأمن البلاد؟».

وبدورها، انتقدت صحيفة «خراسان» التحليل المبسط لبعض المقربين من الرئيس الإيراني بخصوص التفاوض مع ترمب، مشيرة إلى أن الإدارة الأميركية تخطط للعودة إلى سياسة «الضغوط القصوى».

وأوضحت الصحيفة أن «بعض المسؤولين الإيرانيين والإصلاحيين كانوا يأملون في فوز كامالا هاريس لتسهيل التفاوض، لكنهم استمروا في الدعوة للتفاوض مع ترمب رغم عدائه الظاهر لإيران». وذكرت أن «الملف النووي لم يعد ذا قيمة استراتيجية لأميركا مع بلوغ إيران مواد مشعة تكفي لأربع قنابل نووية، وأن التفاوض في القضايا الإقليمية غير ممكن بسبب تضارب المصالح وأي تنازل يعني تجريد إيران من قوتها، وهو أمر غير مقبول». أما عن الملف الصاروخي، فقد أوضحت أنه «ثبتت أهميته الاستراتيجية، ولا يمكن طرحه للتفاوض».

كما تساءلت الصحيفة عن الثمن الذي يمكن تقديمه في هذه الصفقة، في ظل موقف ماركو روبيو وزير الخارجية الأميركي الجديد الذي يشترط عدم تعزيز قوة إيران. وانتقدت «إشارات الضعف من إيران، مثل المقابلة التي أجراها بزشكيان مع القناة الأميركية»، وتساءلت: «كيف يمكن لإيران أن تتفاوض بينما يهدد ترمب بالهجوم العسكري؟». وخلصت إلى أنه «من المستحيل تحقيق صفقة تضمن الأمن الاستثماري وحرية بيع النفط بسبب السياسات الأميركية»، واقترحت «التفاوض مع دول أخرى وتوقيع صفقات استراتيجية مع ضرورة التنسيق الداخلي حول السياسة الخارجية».

من جهتها، ذكرت صحيفة «إيران» الحكومية أن طهران تدرس «تحركات بغداد فيما يتعلق بالوساطة بين إيران وأميركا»، وأشارت إلى تصريحات وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين لوكالة «رويترز» بشأن احتمال أن تبادر الحكومة العراقية لوساطة، لافتة إلى مخاوف عراقية من احتمال تفاقم التوترات الإيرانية - الأميركية، إذا قرر ترمب العودة لاستراتيجية «الضغوط القصوى».

في سياق متصل، قال النائب علاء الدين بروجردي، عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية، إن «إيران لا خيار أمامها سوى التفاوض لرفع العقوبات». وأضاف في تصريحات صحافية: «من يعارضون التفاوض في الوقت الحالي يجب أن يوضحوا ما هو الخيار المقترح لديهم بخلاف التفاوض»، ولاحظ أن «عدم التفاوض يعني الاستسلام».

وبشأن التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة، قال بروجردي إنه «يجب أن يتم حصراً بإذن من المرشد علي خامنئي، ووفق الشروط التي يراها»، قائلاً إن مبدأ التفاوض «منطقي بشرط أن يكون الهدف منه استعادة حقوق الشعب الإيراني».

ومع ذلك، رفض النائب التكهن بشأن إجراء المفاوضات، لافتاً إلى أن بلاده «ليست في عجلة من أمرها لبدء مفاوضات مع الأميركيين»، وأضاف: «ننتظر لنرى ما هو القرار الذي سيتخذونه في الحكومة الجديدة لترمب».

وقال بروجردي إن إيران ستواصل برنامجها لتخصيب اليورانيوم «بالقدر الذي تراه مناسباً وضرورياً، ولا يمكن للدول الأخرى أن تحدد لإيران ما يجب القيام به في هذا المجال»، مضيفاً أن «الخط الأحمر الوحيد لإيران هو القنبلة النووية وفقاً لمعاهدة حظر الانتشار النووي».

«مفاوضات سرية»

من جهته، قال النائب أحمد بخشايش أرستاني، عضو لجنة الأمن القومي، إن بزشكيان «يرغب في التفاوض مع الولايات المتحدة»، لافتاً إلى «التنسيق بين الرئيس والمرشد علي خامنئي»، وأشار إلى إمكانية تفعيل الوساطة العمانية، لكنه قال: «من الأفضل أن تتم المفاوضات بشكل مباشر».

وألمح إلى احتمال دخول الحكومة في مفاوضات «سرية» مع القوى الغربية. وذهب أبعد من المفاوضات بشأن البرنامج النووي، متحدثاً عن سعي الحكومة لإبرام اتفاقيات تعاون طويلة المدى مع القوى الغربية، على غرار الاتفاقيتين، مع الصين وروسيا.

وأجرت إيران محادثات مع ألمانيا وفرنسا وبريطانيا في جنيف الأسبوع الماضي. وقال عراقجي إن الدول الثلاث «جادة» في سعيها لاستئناف المفاوضات.

ووصف الجانبان هذه المحادثات بأنّها «صريحة وبنّاءة». وأتت هذه المحادثات قبل عودة ترمب إلى البيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني)، بعدما انتهج في ولايته الأولى تجاه إيران سياسة «الضغوط القصوى».

وتطمح طهران إلى نزع فتيل الأزمة مع الأوروبيين الذين انتقدوا انسحاب ترمب من الاتفاق النووي، وأبدوا تمسكهم بإبقاء الاتفاق على قيد الحياة، في محاولة لردع النسخة الثانية من «الضغوط القصوى».

عراقجي ووزير الاقتصاد عبد الناصر همتي خلال اجتماع الحكومة الأحد (الرئاسة الإيرانية)

لكن القوى الأوروبية لوّحت باحتمال تفعيل آلية «سناب باك» التي تنص على العودة التلقائية للعقوبات الأممية، في حال واصلت طهران إنتاج اليورانيوم على التخصيب بنسبة 60 في المائة.

وينتهي مفعول الآلية في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، بموجب انتهاء مفاعيل القرار 2231 الذي كرّس تطبيق اتفاق 2015، بعد 10 سنوات على دخول الاتفاق حيز التنفيذ.

وأفاد لورنس نورمن، مراسل صحيفة «وول ستريت جورنال»، عن مصادر غربية، بأن القوى الأوروبية أبلغت طهران بأن الصواريخ الباليستية «يجب أن تكون جزءاً من أي مفاوضات مستقبلية حول البرنامج النووي».

ولفت إلى أن إيران رفضت المطلب الأوروبي، وأبلغت تلك الدول بأنه في حال تفعيل آلية «سناب باك» لن تكتفي بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، إنما قد يؤدي ذلك إلى تغيير عقيدتها النووية.

ويتهم الغرب إيران بتزويد روسيا بالصواريخ والطائرات المسيّرة لاستخدامها في الحرب ضد أوكرانيا.

ووقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني، الجمعة، اتفاقية شراكة استراتيجية مدتها 20 عاماً تتضمن توثيق التعاون الدفاعي بين البلدين، مما سيثير قلق الغرب على الأرجح.

ونقلت وكالة «إيسنا» الحكومية، الأحد، عن بزشكيان قوله في حوار مع قناة روسية إن «سياساتنا وكذلك معتقداتنا وإيماننا مبنية على أننا لا نسعى لامتلاك السلاح النووي، ولم نسعَ له من قبل، ولن نسعى له في المستقبل».

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قال كمال خرازي، مستشار المرشد الإيراني لشؤون السياسة الخارجية: «لم نتخذ بعد قراراً بصنع قنبلة نووية، لكن إذا أصبح وجود إيران مهدَّداً، فلن يكون هناك أي خيار سوى تغيير عقيدتنا العسكرية».


مقالات ذات صلة

الولايات المتحدة وأوكرانيا تؤكدان أن أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا

الولايات المتحدة​ المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)

الولايات المتحدة وأوكرانيا تؤكدان أن أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا

يعقد مفاوضون أوكرانيون ومبعوثو الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوماً ثالثاً من المحادثات في ميامي السبت، مؤكدين أن إحراز أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا.

«الشرق الأوسط» (ميامي)
رياضة عالمية أميركيون يتابعون مراسم القرعة على شاشة عملاقة في التايمز سكوير (رويترز)

ترمب مدفوعاً بحمى المونديال: كرة القدم الأميركية يجب إعادة تسميتها!

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الجمعة، إن رياضة كرة القدم الأميركية (أميريكان فوتبول) يجب أن تُعاد تسميتها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

المحكمة العليا ستنظر في مرسوم ترمب حول إلغاء حق المواطنة بالولادة

وافقت المحكمة العليا الأميركية على مراجعة دستورية المرسوم الذي أصدره الرئيس دونالد ترمب ويلغي حق المواطنة بالولادة لأطفال المهاجرين غير النظاميين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرياضة الرئيس دونالد ترمب يرقص رقصته الشهيرة خلال قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 في مركز كينيدي في واشنطن (أ.ب) play-circle

لقب «فيفا للسلام» «يحرك» ترمب... ورقصته الشهيرة تعود بعد قرعة كأس العالم

لفت الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأنظار بعد انتهاء مراسم قرعة كأس العالم 2026، بعدما ظهر وهو يؤدي رقصته الشهيرة احتفالاً أمام الحضور.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
رياضة عالمية قرعة كأس العالم أسفرت عن مباراة افتتاح بين المكسيك وجنوب أفريقيا (إ.ب.أ)

المكسيك تواجه جنوب أفريقيا في افتتاح مونديال 2026

ستنطلق نهائيات كأس العالم لكرة القدم المقررة العام المقبل في 11 يونيو (حزيران) بمواجهة المكسيك، إحدى ثلاث دول تستضيف البطولة، أمام جنوب أفريقيا في استاد أزتيكا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

​اتفق وزيرا المالية والدفاع في إسرائيل على تقليص ميزانية وزارة الدفاع التي طلبتها الأخيرة في إطار إعداد الموازنة العامة لعام 2026، من 144 مليار شيقل، إلى 112 (34.63 مليار دولار) وبما يمثل زيادة وصلت إلى نحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025، بما يخدم بشكل أساسي المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية على حساب حاجة الجيش لقوات أكبر مع عجز التجنيد.

وأقرت الحكومة الإسرائيلية بالموازنة التي بلغت 662 مليار شيقل، بعجز 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فإنه تم الاتفاق على حزمة بقيمة نحو 725 مليون شيقل، توزع على 3 سنوات، بهدف تعزيز الأمن في الضفة.


إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.