انتقادات حادة لنفي بزشكيان محاولة اغتيال ترمب

الصحف المحافظة: تجاوز للصلاحيات ورسالة ضعف للعدو

بزشكيان في العاصمة الطاجيكية دوشنبه مساء الأربعاء (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان في العاصمة الطاجيكية دوشنبه مساء الأربعاء (الرئاسة الإيرانية)
TT

انتقادات حادة لنفي بزشكيان محاولة اغتيال ترمب

بزشكيان في العاصمة الطاجيكية دوشنبه مساء الأربعاء (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان في العاصمة الطاجيكية دوشنبه مساء الأربعاء (الرئاسة الإيرانية)

واجه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان انتقادات حادة من أوساط مؤيدة لـ«الحرس الثوري» بعدما نفى أي مسعى من طهران لاغتيال الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وجاء أبرز الانتقادات من صحيفة «كيهان» الرسمية، أقرب الصحف الإيرانية لمكتب المرشد علي خامنئي، والتي وجهت إنذاراً شديد اللهجة إلى بزشكيان بشأن صلاحياته، بعدما أبدى استعداده للتفاوض مع حكومة ترمب «من حيث المبدأ».

وقال بزشكيان في حديث لشبكة «إن بي سي نيوز»، إن إيران «لم تخطط قَطّ لاغتيال ترمب خلال حملة الانتخابات الأميركية العام الماضي، ولن تفعل ذلك في المستقبل».

ونفى بزشكيان أي تورط لبلاده في محاولة اغتيال ترمب خلال حملته الانتخابية، وقال: «هذه واحدة من تلك المخططات التي تصممها إسرائيل ودول أخرى لتعزيز الرهاب من إيران... إيران لم تحاول قَطّ ولا تخطط لاغتيال أي شخص، على الأقل بقدر ما أعلم».

ورداً على سؤال عما إذا كانت إيران على استعداد للتعهد بعدم محاولة اغتيال ترمب، قال الرئيس الإيراني: «لم نحاول فعل هذا أصلاً، ولن نفعل ذلك أبداً».

وقال رئيس تحرير صحيفة «كيهان» حسين شريعتمداري في افتتاحية العدد الصادر الخميس: «كان من الأفضل أن تسألوا مراسل (إن بي سي نيوز): لماذا أنتم قلقون بشأن اغتياله؟ كان يجب عليه الاعتراف باغتيال الجنرال سليماني ورفاقه على يد ترمب».

وأضاف: «كان من الضروري سؤالهم: هل الموت هو العقوبة البسيطة لمن اغتال أبرز شخصية ضد الإرهاب؟ نحن لسنا إرهابيين، ولكننا نعتبر ترمب وبعضاً من مساعديه - بمن في ذلك مايك بومبيو، وزير الخارجية السابق - قتلة سليماني، وهم يستحقون الموت». وتابع أن «الاقتصاص منهم هو واجب ديني وقانوني لكل إيراني (...)، وليس التفاوض مع قاتل سليماني».

وخاطب شريعتمداري بزشكيان قائلاً: «لماذا سمحتم لمراسل (إن بي سي نيوز) بوضع إيران على كرسي الاتهام بدلاً من أميركا؟ نحن لسنا إرهابيين».

صورة من فيديو نشره موقع خامنئي الرسمي في يناير 2022 يحاكي اغتيالاً مفترضاً لترمب

وكانت وزارة العدل الأميركية قد وجهت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي اتهامات إلى إيران فيما يتعلق بمؤامرة مزعومة لـ«الحرس الثوري» لمحاولة قتل ترمب عندما كان مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة.

ونجا ترمب الذي فاز في الانتخابات الرئاسية العام الماضي وسيتولى منصبه يوم الاثنين المقبل، من محاولتي اغتيال خلال الحملة الانتخابية. ولم يجد المحققون أي دليل على تورط إيران في أي من المحاولتين، بحسب «رويترز».

ويتعارض نفي بزشكيان مع تهديدات بالانتقام لسليماني وردت على لسان المرشد علي خامنئي وقادة في «الحرس الثوري».

وأمر ترمب بشن غارة جوية قرب مطار بغداد قضت على سليماني في مطلع 2020، بعدما وضعت الولايات المتحدة قوات «الحرس الثوري» على قائمة المنظمات الإرهابية في أبريل (نيسان) 2019.

وقبل ثلاث سنوات نشر موقع خامنئي الرسمي مقطع فيديو يحاكي هجوماً انتقامياً على ترمب في حين يوجد في ملعب غولف، ويشير إلى استخدام طائرة مسيّرة، وجهاز تحكم بالليزر. كما انتشر ملصق يظهر ظل طائرة مسيّرة انتحارية من طراز «شاهد» فوق رأس ترمب في حين يلعب الغولف.

وحذر بزشكيان في مقابلته مع «إن بي سي نيوز» من خطر اندلاع حرب، قائلاً إن إيران لا تسعى إلى الحرب ولكنها مستعدة للدفاع عن نفسها إذا تعرضت مواقعها النووية للهجوم، مضيفاً: «آمل بشدة ألا يحدث هذا؛ لأنه سيكون على حساب جميع الجهات الفاعلة، وليس على حسابنا نحن فقط». وأضاف أن خصوم إيران يتهمون طهران بمحاولة صنع قنبلة نووية لـ«اختلاق نوع من الذرائع... هذا ليس صحيحاً».

وكانت هذه المقابلة الأولى التي يجريها بزشكيان مع وسائل إعلام أجنبية منذ الانتخابات الرئاسية الأميركية، ولفتت القناة الأميركية إلى أن المقابلة أُجريت بحضور مترجم حكومي.

وأبدى بزشكيان شكوكه بشأن إجراء مفاوضات مباشرة ومفتوحة مع ترمب، لكنه قال إن إيران مستعدة للتفاوض غير المباشر من حيث المبدأ. وقال إنّ «المشكلة ليست في الحوار، المشكلة في الالتزامات التي تنشأ عن نقاشات وعن هذا الحوار»، معرباً عن أسفه لأن «الطرف الآخر لم يفِ بوعوده ولم يحترم التزاماته».

وبشأن المفاوضات النووية، خاطب شريعتمداري بزشكيان قائلاً: «أنت لست صاحب إيران، أنت رئيس جمهورية تناط إليه مسؤولية الجهاز التنفيذي كأمانة لمدة أربع سنوات، وآلية استخدام هذه الأمانة وحدود صلاحياتك محددة بوضوح في القانون، وأنت ملزم بالتحرك في إطارها».

وعليه، فإن صحيفة «كيهان» عدّت أن تصريحات بزشكيان «تجاوز لصلاحياتك، وتناقض تماماً مصالح بلادنا، ورسالة ذل للعدو (...)».

بزشكيان خلال مقابلة مع الإعلامي الأميركي الشهير ليستر هولت (الرئاسة الإيرانية)

كما لفتت الصحيفة «انتباه» بزشكيان إلى خطاب سابق لخامنئي يعلن فيه رفضه التفاوض مع إدارة ترمب، وذلك قبل أن يصدر الرئيس الأميركي أمراً بشن غارة جوية قضت على سليماني.

وكانت الصحيفة قد هاجمت الأربعاء تصريحات وزير الخارجية عباس عراقجي بشأن استعداد طهران للتفاوض إذا كانت المفاوضات «شريفة وتحافظ على المبادئ».

بدورها، انتقدت صحيفة «خراسان» تصريحات رئيس الجمهورية التي قال فيها إن إيران ليس لديها خطة لاغتيال ترمب، معتبرة أن هذه التصريحات قد تُفَسَّر كإشارة إلى الضعف أو التناقض الداخلي. وأشارت إلى أن هذه التصريحات «تتعارض مع المواقف السابقة للمسؤولين العسكريين والسياسيين» الذين كانوا يؤكدون على «الانتقام القاسي من مرتكبي اغتيال قاسم سليماني، مما يعد استراتيجية رسمية غير قابلة للتغيير».

ولفتت إلى أن كلام بزشكيان «قد يضعف الاستراتيجية الإيرانية، ويُفسَّر كإشارة ضعف أو تناقض داخلي». كما «يمكن أن يضعف موقف إيران في المفاوضات الدولية، ويُستَغَل من قبل أعدائها الإقليميين والدوليين».

وقالت: «كان من الأفضل أن يركز الرئيس على متابعة القضايا القانونية والدولية لإرسال رسائل من القوة والعقلانية. هذا الموقف يظهر الحاجة لإعادة النظر في تنسيق الرسائل الاستراتيجية لضمان تجنب الآثار السلبية المحتملة».

وكتبت صحيفة «اعتماد» المؤيدة لحكومة بزشكيان أن «مواقف الرئيس يمكن أن تكون إشارة مهمة يمكن من خلالها دراسة الاستراتيجية المحتملة لإيران في التعامل مع أميركا تحت قيادة ترمب».

من جهتها، أشارت صحيفة «هم ميهن» الإصلاحية إلى «جهود بذلتها» وسائل الإعلام الرسمية مثل «كيهان» والتلفزيون الرسمي، في محاولة «أن تجعل التفاوض مع ترمب خطاً أحمر ثابتاً وصلباً بسبب إصداره أمر اغتيال سليماني»، لكنها لاحظت أن «الظروف ومراجعة المواقف وردود الفعل تظهر أن هذا الخط الأحمر لم يعد موجوداً منذ وقت طويل، وأن إيران لا تعتبر التفاوض مع الحكومة الأميركية المقبلة أمراً مستبعداً».

وقالت الصحيفة إن الردود في شبكات التواصل المحلية «تمحورت حول قرار ترمب باغتيال سليماني».

أما صحيفة «فرهيختغان» المحافظة، فقد وصفت مقابلة بزشكيان وإجاباته بـ«التكرارية والنمطية رغم ما رافقتها من دعاية وتغطية إعلامية مكثفة»، وقالت: «كانت المقابلة تعد فرصة لنقل رسائل مهمة من إيران»، لكن بزشكيان «لم يطرح أي موقف جديد أو نهج خاص يظهر حركة للأمام، فيما يخص التفاوض مع أميركا وتهديدات ترمب والتطورات في المنطقة».

وقالت: «الدعاية حول هذه المقابلة قد أعدت الجمهور للاستماع إلى تصريحات جديدة ومواقف أكثر جدية في ظل الظروف الإقليمية. لكن في النهاية، لم تتجاوز هذه المقابلة التوقعات المعتادة، ولم تستطع إحداث تأثير اجتماعي أو سياسي خاص». وأضافت: «إذا كان الهدف من هذه المقابلة هو خلق تأثير خاص، فكان من الأفضل أن تتم بمزيد من الاستعداد. وإذا كان من المقرر أن تبقى في نفس المستوى، فلم يكن هناك ضرورة لكل هذه الدعاية حولها».


مقالات ذات صلة

غروسي يحذر من «نفاد الوقت» بشأن إيران

شؤون إقليمية مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي (د.ب.أ)

غروسي يحذر من «نفاد الوقت» بشأن إيران

حذرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أمس، من نفاد الوقت أمام التوصل إلى اتفاق يكبح جماح البرنامج النووي الإيراني الذي يشهد تسارعاً في تخصيب اليورانيوم بدرجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية صور أقمار اصطناعية تظهر سفينة «جولبون» التي تحمل بيركلورات الصوديوم قبالة سواحل إيران (ماكسار)

إيران تحصل على «إمداد صيني» لتشغيل برنامجها الصاروخي

خلص تقرير أميركي إلى أن إيران استأنفت العمل في برنامجها الصاروخي، بالتزامن مع وصول شحنة كيميائية من الصين تدخل في صناعة أسلحة تقليدية متوسطة المدى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية العميد مجيد خادمي رئيس منظمة حماية في جهاز استخبارات «الحرس الثوري» (أرشيفية - إيسنا)

«الحرس الثوري» يتوعد باستهداف المصالح الأميركية

هدد قيادي في «الحرس الثوري» بالرد على أي تهديد أميركي للمصالح الوطنية الإيرانية، محذراً من أن طهران ستستهدف مصالح واشنطن حول العالم إذا تعرضت مصالحها للخطر.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية خامنئي يستمع إلى مسؤول عسكري بينما يتوسط رئيس الأركان محمد باقري ووزير الدفاع عزيز نصير زاده (موقع المرشد)

خامنئي يوجه بمواصلة تطوير القدرات الصاروخية

وجّه المرشد الإيراني علي خامنئي، وزارة الدفاع الإيرانية بمواصلة تطوير برنامج الصواريخ الباليستية، وذلك بعدما تعهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بلجم أنشطة طهران.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية إيرانيون في مسيرة ذكرى الثورة بينما يعرض «الحرس الثوري» صاروخاً باليستياً قبالة معلم ميدان آزادي وسط طهران (برنا)

ترمب: طهران خائفة ودفاعاتها ضعفت

توقع الرئيس الأميركي اتفاقاً مع إيران لوقف برنامجها النووي، في حين انتقد نظيره الإيراني سياسة «الضغوط القصوى»، وعدّ البرلمان الإيراني التفاوض مع واشنطن «ضاراً».

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)

واشنطن وطهران لاتفاق نووي جديد

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)
ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)
TT

واشنطن وطهران لاتفاق نووي جديد

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)
ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

رجح دبلوماسي أوروبي رفيع أن تسعى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى اتفاق نووي جديد مع إيران، من خلال مفاوضات «مباشرة وسرية» بعد أكتوبر (تشرين الأول) 2025.

وقال الدبلوماسي المطلع على مفاوضات سابقة مع إيران، لـ«الشرق الأوسط»، إن الأشهر المقبلة ستكون محورية للتوصل إلى اتفاق جديد مع طهران يحل محل الاتفاق الذي انسحبت منه إدارة ترمب الأولى والذي ينتهي مفعوله في أكتوبر المقبل.

وعبّر الدبلوماسي عن اعتقاده بأن واشنطن ستجري مفاوضات مع طهران «بشكل سري، ليس في الأماكن المعتادة التي استضافت محادثات شبيهة».

ورأى أن أي اتفاق قد يتم التوصل إليه الآن بين واشنطن وطهران «لن يكون أفضل من الاتفاق الذي عُرض على إيران قبل عامين ورفضته»، مشيراً إلى أن «إيران حالياً في وضع أضعف مما كانت عليه في السابق».