انتقادات حادة لنفي بزشكيان محاولة اغتيال ترمب

الصحف المحافظة: تجاوز للصلاحيات ورسالة ضعف للعدو

بزشكيان في العاصمة الطاجيكية دوشنبه مساء الأربعاء (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان في العاصمة الطاجيكية دوشنبه مساء الأربعاء (الرئاسة الإيرانية)
TT

انتقادات حادة لنفي بزشكيان محاولة اغتيال ترمب

بزشكيان في العاصمة الطاجيكية دوشنبه مساء الأربعاء (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان في العاصمة الطاجيكية دوشنبه مساء الأربعاء (الرئاسة الإيرانية)

واجه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان انتقادات حادة من أوساط مؤيدة لـ«الحرس الثوري» بعدما نفى أي مسعى من طهران لاغتيال الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وجاء أبرز الانتقادات من صحيفة «كيهان» الرسمية، أقرب الصحف الإيرانية لمكتب المرشد علي خامنئي، والتي وجهت إنذاراً شديد اللهجة إلى بزشكيان بشأن صلاحياته، بعدما أبدى استعداده للتفاوض مع حكومة ترمب «من حيث المبدأ».

وقال بزشكيان في حديث لشبكة «إن بي سي نيوز»، إن إيران «لم تخطط قَطّ لاغتيال ترمب خلال حملة الانتخابات الأميركية العام الماضي، ولن تفعل ذلك في المستقبل».

ونفى بزشكيان أي تورط لبلاده في محاولة اغتيال ترمب خلال حملته الانتخابية، وقال: «هذه واحدة من تلك المخططات التي تصممها إسرائيل ودول أخرى لتعزيز الرهاب من إيران... إيران لم تحاول قَطّ ولا تخطط لاغتيال أي شخص، على الأقل بقدر ما أعلم».

ورداً على سؤال عما إذا كانت إيران على استعداد للتعهد بعدم محاولة اغتيال ترمب، قال الرئيس الإيراني: «لم نحاول فعل هذا أصلاً، ولن نفعل ذلك أبداً».

وقال رئيس تحرير صحيفة «كيهان» حسين شريعتمداري في افتتاحية العدد الصادر الخميس: «كان من الأفضل أن تسألوا مراسل (إن بي سي نيوز): لماذا أنتم قلقون بشأن اغتياله؟ كان يجب عليه الاعتراف باغتيال الجنرال سليماني ورفاقه على يد ترمب».

وأضاف: «كان من الضروري سؤالهم: هل الموت هو العقوبة البسيطة لمن اغتال أبرز شخصية ضد الإرهاب؟ نحن لسنا إرهابيين، ولكننا نعتبر ترمب وبعضاً من مساعديه - بمن في ذلك مايك بومبيو، وزير الخارجية السابق - قتلة سليماني، وهم يستحقون الموت». وتابع أن «الاقتصاص منهم هو واجب ديني وقانوني لكل إيراني (...)، وليس التفاوض مع قاتل سليماني».

وخاطب شريعتمداري بزشكيان قائلاً: «لماذا سمحتم لمراسل (إن بي سي نيوز) بوضع إيران على كرسي الاتهام بدلاً من أميركا؟ نحن لسنا إرهابيين».

صورة من فيديو نشره موقع خامنئي الرسمي في يناير 2022 يحاكي اغتيالاً مفترضاً لترمب

وكانت وزارة العدل الأميركية قد وجهت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي اتهامات إلى إيران فيما يتعلق بمؤامرة مزعومة لـ«الحرس الثوري» لمحاولة قتل ترمب عندما كان مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة.

ونجا ترمب الذي فاز في الانتخابات الرئاسية العام الماضي وسيتولى منصبه يوم الاثنين المقبل، من محاولتي اغتيال خلال الحملة الانتخابية. ولم يجد المحققون أي دليل على تورط إيران في أي من المحاولتين، بحسب «رويترز».

ويتعارض نفي بزشكيان مع تهديدات بالانتقام لسليماني وردت على لسان المرشد علي خامنئي وقادة في «الحرس الثوري».

وأمر ترمب بشن غارة جوية قرب مطار بغداد قضت على سليماني في مطلع 2020، بعدما وضعت الولايات المتحدة قوات «الحرس الثوري» على قائمة المنظمات الإرهابية في أبريل (نيسان) 2019.

وقبل ثلاث سنوات نشر موقع خامنئي الرسمي مقطع فيديو يحاكي هجوماً انتقامياً على ترمب في حين يوجد في ملعب غولف، ويشير إلى استخدام طائرة مسيّرة، وجهاز تحكم بالليزر. كما انتشر ملصق يظهر ظل طائرة مسيّرة انتحارية من طراز «شاهد» فوق رأس ترمب في حين يلعب الغولف.

وحذر بزشكيان في مقابلته مع «إن بي سي نيوز» من خطر اندلاع حرب، قائلاً إن إيران لا تسعى إلى الحرب ولكنها مستعدة للدفاع عن نفسها إذا تعرضت مواقعها النووية للهجوم، مضيفاً: «آمل بشدة ألا يحدث هذا؛ لأنه سيكون على حساب جميع الجهات الفاعلة، وليس على حسابنا نحن فقط». وأضاف أن خصوم إيران يتهمون طهران بمحاولة صنع قنبلة نووية لـ«اختلاق نوع من الذرائع... هذا ليس صحيحاً».

وكانت هذه المقابلة الأولى التي يجريها بزشكيان مع وسائل إعلام أجنبية منذ الانتخابات الرئاسية الأميركية، ولفتت القناة الأميركية إلى أن المقابلة أُجريت بحضور مترجم حكومي.

وأبدى بزشكيان شكوكه بشأن إجراء مفاوضات مباشرة ومفتوحة مع ترمب، لكنه قال إن إيران مستعدة للتفاوض غير المباشر من حيث المبدأ. وقال إنّ «المشكلة ليست في الحوار، المشكلة في الالتزامات التي تنشأ عن نقاشات وعن هذا الحوار»، معرباً عن أسفه لأن «الطرف الآخر لم يفِ بوعوده ولم يحترم التزاماته».

وبشأن المفاوضات النووية، خاطب شريعتمداري بزشكيان قائلاً: «أنت لست صاحب إيران، أنت رئيس جمهورية تناط إليه مسؤولية الجهاز التنفيذي كأمانة لمدة أربع سنوات، وآلية استخدام هذه الأمانة وحدود صلاحياتك محددة بوضوح في القانون، وأنت ملزم بالتحرك في إطارها».

وعليه، فإن صحيفة «كيهان» عدّت أن تصريحات بزشكيان «تجاوز لصلاحياتك، وتناقض تماماً مصالح بلادنا، ورسالة ذل للعدو (...)».

بزشكيان خلال مقابلة مع الإعلامي الأميركي الشهير ليستر هولت (الرئاسة الإيرانية)

كما لفتت الصحيفة «انتباه» بزشكيان إلى خطاب سابق لخامنئي يعلن فيه رفضه التفاوض مع إدارة ترمب، وذلك قبل أن يصدر الرئيس الأميركي أمراً بشن غارة جوية قضت على سليماني.

وكانت الصحيفة قد هاجمت الأربعاء تصريحات وزير الخارجية عباس عراقجي بشأن استعداد طهران للتفاوض إذا كانت المفاوضات «شريفة وتحافظ على المبادئ».

بدورها، انتقدت صحيفة «خراسان» تصريحات رئيس الجمهورية التي قال فيها إن إيران ليس لديها خطة لاغتيال ترمب، معتبرة أن هذه التصريحات قد تُفَسَّر كإشارة إلى الضعف أو التناقض الداخلي. وأشارت إلى أن هذه التصريحات «تتعارض مع المواقف السابقة للمسؤولين العسكريين والسياسيين» الذين كانوا يؤكدون على «الانتقام القاسي من مرتكبي اغتيال قاسم سليماني، مما يعد استراتيجية رسمية غير قابلة للتغيير».

ولفتت إلى أن كلام بزشكيان «قد يضعف الاستراتيجية الإيرانية، ويُفسَّر كإشارة ضعف أو تناقض داخلي». كما «يمكن أن يضعف موقف إيران في المفاوضات الدولية، ويُستَغَل من قبل أعدائها الإقليميين والدوليين».

وقالت: «كان من الأفضل أن يركز الرئيس على متابعة القضايا القانونية والدولية لإرسال رسائل من القوة والعقلانية. هذا الموقف يظهر الحاجة لإعادة النظر في تنسيق الرسائل الاستراتيجية لضمان تجنب الآثار السلبية المحتملة».

وكتبت صحيفة «اعتماد» المؤيدة لحكومة بزشكيان أن «مواقف الرئيس يمكن أن تكون إشارة مهمة يمكن من خلالها دراسة الاستراتيجية المحتملة لإيران في التعامل مع أميركا تحت قيادة ترمب».

من جهتها، أشارت صحيفة «هم ميهن» الإصلاحية إلى «جهود بذلتها» وسائل الإعلام الرسمية مثل «كيهان» والتلفزيون الرسمي، في محاولة «أن تجعل التفاوض مع ترمب خطاً أحمر ثابتاً وصلباً بسبب إصداره أمر اغتيال سليماني»، لكنها لاحظت أن «الظروف ومراجعة المواقف وردود الفعل تظهر أن هذا الخط الأحمر لم يعد موجوداً منذ وقت طويل، وأن إيران لا تعتبر التفاوض مع الحكومة الأميركية المقبلة أمراً مستبعداً».

وقالت الصحيفة إن الردود في شبكات التواصل المحلية «تمحورت حول قرار ترمب باغتيال سليماني».

أما صحيفة «فرهيختغان» المحافظة، فقد وصفت مقابلة بزشكيان وإجاباته بـ«التكرارية والنمطية رغم ما رافقتها من دعاية وتغطية إعلامية مكثفة»، وقالت: «كانت المقابلة تعد فرصة لنقل رسائل مهمة من إيران»، لكن بزشكيان «لم يطرح أي موقف جديد أو نهج خاص يظهر حركة للأمام، فيما يخص التفاوض مع أميركا وتهديدات ترمب والتطورات في المنطقة».

وقالت: «الدعاية حول هذه المقابلة قد أعدت الجمهور للاستماع إلى تصريحات جديدة ومواقف أكثر جدية في ظل الظروف الإقليمية. لكن في النهاية، لم تتجاوز هذه المقابلة التوقعات المعتادة، ولم تستطع إحداث تأثير اجتماعي أو سياسي خاص». وأضافت: «إذا كان الهدف من هذه المقابلة هو خلق تأثير خاص، فكان من الأفضل أن تتم بمزيد من الاستعداد. وإذا كان من المقرر أن تبقى في نفس المستوى، فلم يكن هناك ضرورة لكل هذه الدعاية حولها».


مقالات ذات صلة

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

شؤون إقليمية صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل».

عادل السالمي (لندن)
شؤون إقليمية زوارق سريعة لـ«الحرس الثوري» خلال مناورات سابقة في مضيق هرمز (أرشيفية - تسنيم)

مناورات بحرية لـ«الحرس الثوري» الإيراني

أعلنت القوة البحرية لـ«الحرس الثوري» الإيراني، الأربعاء، عن إجراء مناورات في مياه الخليج العربي، «ابتداءً من الخميس ولمدة يومين، وتشمل مناطق الخليج وجزر نازعات…

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية صورة من طهران خلال الحرب في يونيو الماضي (أ.ف.ب)

طهران: وكالة أنباء «الحرس» تروّج لاستبعاد واشنطن الحرب ضد إيران

«تقييمات العديد من الخبراء تؤكد أن نشر الأخبار المزيّفة والمبالغة في احتمال الحرب خلال الأيام الأخيرة ليس سوى جزء من عملية نفسية ذات أهداف سياسية».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية فاطمة صديقيان وشريكها محمد شيرينكار (صفحة البرنامج على «إكس»)

10 ملايين دولار مكافأة أميركية لمعلومات عن «ثنائي» قرصنة إيراني

عرض برنامج تابع للخارجية الأميركية مكافأة تصل إلى 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن شخصين قال إنهما يعملان بالقرصنة الإلكترونية لصالح «الحرس الثوري».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية وزارة الدفاع الإيرانية تعرض نظام الدفاع الجوي بعيد المدى «أرمان» في حفل بطهران فبراير الماضي (رويترز)

هل استعادت إيران قدراتها الدفاعية مع تصاعد توقعات الحرب؟

تتضارب الإشارات الصادرة من إيران بشأن استعادة قدراتها الدفاعية على طول حدودها الغربية، بعد الدمار الذي تعرّضت له بنيتها العسكرية خلال الحرب مع إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (لندن)

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

​اتفق وزيرا المالية والدفاع في إسرائيل على تقليص ميزانية وزارة الدفاع التي طلبتها الأخيرة في إطار إعداد الموازنة العامة لعام 2026، من 144 مليار شيقل، إلى 112 (34.63 مليار دولار) وبما يمثل زيادة وصلت إلى نحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025، بما يخدم بشكل أساسي المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية على حساب حاجة الجيش لقوات أكبر مع عجز التجنيد.

وأقرت الحكومة الإسرائيلية بالموازنة التي بلغت 662 مليار شيقل، بعجز 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فإنه تم الاتفاق على حزمة بقيمة نحو 725 مليون شيقل، توزع على 3 سنوات، بهدف تعزيز الأمن في الضفة.


إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.