بزشكيان: مستعدون للتفاوض مع ترمب ولم نخطط لاغتياله

مسؤول في مكتب خامنئي حذر من «الخيانة»... وعراقجي يؤكد سعي طهران لإعادة المفاوضات

صورة وزعتها الرئاسة الإيرانية من مقابلة بزشكيان مع شبكة «إن بي سي نيوز» الأميركية
صورة وزعتها الرئاسة الإيرانية من مقابلة بزشكيان مع شبكة «إن بي سي نيوز» الأميركية
TT

بزشكيان: مستعدون للتفاوض مع ترمب ولم نخطط لاغتياله

صورة وزعتها الرئاسة الإيرانية من مقابلة بزشكيان مع شبكة «إن بي سي نيوز» الأميركية
صورة وزعتها الرئاسة الإيرانية من مقابلة بزشكيان مع شبكة «إن بي سي نيوز» الأميركية

حذر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الولايات المتحدة من خطر اندلاع حرب ضد الجمهورية الإسلامية، نافياً سعي طهران لتغيير مسار برنامجها النووي، والحصول على أسلحة دمار شامل، وأعلن استعداد طهران للتفاوض مع الإدارة الأميركية الجديدة «من حيث المبدأ».

ونفى أيضاً أن تكون بلاده تآمرت لاغتيال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، رافضاً اتهامات سابقة من واشنطن.

تخشى إيران من عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى سياسة «الضغوط القصوى» لإجبارها على تعديل سلوكها الإقليمي، خصوصاً مع تقدّم برنامجها النووي لمستويات تخصيب قريبة من إنتاج الأسلحة. وتُثار تساؤلات حول نهجه تجاه طهران، حيث أرسل كلا الطرفين إشارات متباينة بشأن المواجهة أو التفاهم الدبلوماسي.

ولم يتضح بعد موقف ترمب من المحادثات النووية التي بدأتها إدارة بايدن؛ إذ تعهّد بنهج أكثر تصعيداً وتحالفاً وثيقاً مع إسرائيل، التي تعارض الاتفاق.

ووجّه بزشكيان رسالته في مقابلة مع شبكة «إن بي سي نيوز» الأميركية قبل أيام من تولي ترمب مهامه لولاية ثانية. وقال: «آمل أن يقود ترمب إلى السلام الإقليمي والعالمي، وألا يسهم، على العكس من ذلك، في حمّام دم أو حرب».

وجاءت رسالة بزشكيان في وقت يستعد فيه للتوقيع على اتفاق شراكة استراتيجية لمدة 25 عاماً مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين في موسكو، بعد نحو ثلاثة سنوات من التفاوض بشأن صياغة نص الاتفاق.

تفاوض غير مباشر

وقال بزشكيان إن إيران «من حيث المبدأ منفتحة على الحوار مع إدارة ترمب الثانية». لكنه أبدى شكوكه بشأن إجراء مفاوضات مباشرة ومفتوحة مع ترمب الذي انتهج في ولايته الأولى استراتيجية «الضغوط القصوى»، وقال إن «المشكلة ليست في الحوار، المشكلة في الالتزامات التي تنشأ عن نقاشات وعن هذا الحوار»، معرباً عن أسفه؛ لأن «الطرف الآخر لم يفِ بوعوده ولم يحترم التزاماته».

بالتزامن مع مقابلة بزشكيان، وصف مسؤول في مكتب المرشد الإيراني أن التفاوض مع الولايات المتحدة «خيانة للعالم أجمع».

وكتب مهدي فضائلي في مقال نشرته صحيفة «همشهري»، التابعة لبلدية طهران، أن التفاوض مع الولايات المتحدة «سيساهم بشكل كبير في إحياء الهيمنة الأميركية».

وتطرق فضائلي إلى أسباب رفض التفاوض مع الولايات المتحدة، وقال إنها «فشلت في مخططاتها للإطاحة بنظام الجمهورية الإسلامية»، متحدثاً أيضاً عن «إخفاقات متكررة للولايات المتحدة في تنفيذ مخططاتها لتعزيز هيمنة إسرائيل».

وقال إن «الاستراتيجيين العالميين توصلوا إلى نتيجة مفادها أن مواجهة الولايات المتحدة وإلحاق الهزيمة بها أمر ممكن».

وأبدى المرشد الإيراني علي خامنئي، الأسبوع الماضي، تمسكه بموقفه الرافض للمفاوضات المباشرة مع الولايات المتحدة، قائلاً: «يجب على صناع القرار (في البلاد) ألا يأخذوا طلبات ومواقف أميركا والصهاينة بعين الاعتبار؛ لأنهم أعداء للشعب والجمهورية الإيرانية».

وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال عبد العلي زاده، كبير مستشاري بزشكيان، إن «مجموعة الحكم وصلت إلى قناعة بضرورة التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة».

المرشد الإيراني علي خامنئي والرئيس ترمب سيلعبان دوراً حاسماً في احتمال التفاوض أو زيادة التوترات بين طهران وواشنطن (أ.ف.ب)

مؤامرة إسرائيلية

ووجهت وزارة العدل الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني)، اتهامات لإيران فيما يتعلق بمؤامرة مزعومة لـ«الحرس الثوري» الإيراني لاغتيال تراب المنتمي للحزب الجمهوري. ونجحت أجهزة إنفاذ القانون في إحباط المؤامرة قبل تنفيذ أي هجوم.

وقال ترمب أيضاً، العام الماضي، خلال حملته الانتخابية، إن إيران ربما كانت وراء محاولات اغتياله.

وقال بزشكيان في المقابلة رداً على سؤال عن تلك الاتهامات: «لم يحدث على الإطلاق. لم نحاول القيام بذلك، ولن نفعل ذلك أبداً، على حد علمي على الأقل»، وتابع: «هذه مؤامرة أخرى من تلك المؤامرات التي تدبرها إسرائيل ودول أخرى لتعزيز المشاعر المعادية لإيران».

ونجا ترمب، الذي فاز في الانتخابات الرئاسية، العام الماضي، وسيتولى منصبه، الاثنين المقبل، من محاولتي اغتيال خلال الحملة الانتخابية. ولم يجد المحققون أي دليل على تورط إيران في أي من المحاولتين. ونفت إيران أيضاً في وقت سابق اتهامات بالتدخل في الشؤون الأميركية، بما في ذلك من خلال العمليات الإلكترونية.

وأمر ترمب، قبل خمس سنوات، بتوجيه غارة جوية قرب مطار بغداد، قضت على العقل المدبر للعمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، قاسم سليماني. وهدد قادة في «الحرس الثوري» بالانتقام لسليماني عبر اغتيال ترمب وكبار المسؤولين في إدارة، بمن في ذلك وزير الخارجية حينذاك، مايك بومبيو.

في فبراير (شباط) 2023، قال قائد الوحدة الجوية في «الحرس الثوري»، الجنرال أمير علي حاجي زاده: «يجب قتل ترمب وبومبيو وماكنزي»، في إشارة إلى القائد السابق للقيادة المركزية الأميركية (سنتكوم)، الجنرال كينيث ماكنزي.

ولا تربط واشنطن وطهران علاقات دبلوماسية منذ اقتحام السفارة الأميركية على يد متشددين قبل 45 عاماً. وخلال حملته الانتخابية دعا ترمب مراراً إسرائيل لضرب المنشآت النووية الإيرانية.

رجل دين إيراني يمر أمام جدارية معادية للولايات المتحدة على حائط سفارتها السابقة في طهران اليوم (إ.ب.أ)

عتبة نووية

وتصاعد التوتر حول البرنامج النووي الإيراني بشكل كبير بعدما اقتربت إيران خلال الشهور الماضية من تخطي عتبة السلاح النووي.

وبحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن إيران هي الدولة الوحيدة في العالم التي تخصب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة، من دون أن تمتلك أسلحة دمار شامل، وتنفي إيران السعي لحيازة قنبلة ذرية.

وتقول الدول الغربية إنه لا يوجد مبرر لتخصيب اليورانيوم إلى هذا المستوى العالي، في إطار أي برنامج مدني موثوق، وإنه لا توجد دولة وصلت لهذا المستوى من التخصيب، دون أن تنتج قنابل نووية.

ودافع بزشكيان عن سياسة بلاده، قائلاً إن «كلّ ما فعلناه حتى الآن كان سلمياً. نحن لا نسعى إلى صنع سلاح نووي، لكنهم يتهموننا بالسعي إلى صنع قنبلة ذرية».

وردّاً على سؤال بشأن مدى احتمالات أن توجّه إسرائيل ضربات عسكرية لإيران في ظل الاتفاق الأميركي المبرم بشأن المواقع النووية في بلاده، قال الرئيس عبر مترجم: «سنردّ على أيّ عمل. نحن لا نخشى الحرب لكنّنا لا نسعى إليها».

وأبلغت القوى الأوروبية الثلاث مجلس الأمن الدولي استعدادها لتفعيل آلية «سناب باك» لإعادة العقوبات الأممية، إذا لم توقف طهران تصعيدها النووي على الفور.

وأجرى نائبا وزير الخارجية الإيراني، يومي الاثنين والثلاثاء، محادثات مع ممثّلين من ألمانيا وبريطانيا وفرنسا في جنيف. ووصف الجانبان هذه المحادثات بأنّها «صريحة وبنّاءة».

ولوّحت إيران بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي إذا ما أقدمت القوى الأوروبية على تفعيل الآلية التي تنتهي في أكتوبر (تشرين الأول) 2025 مفاعيل القرار 2231 الذي يُعنى بتطبيق اتفاق 2015، بعد عشر سنوات على دخول الاتفاق حيز التنفيذ.

وقال عراقجي في حديث للتلفزيون الرسمي إن الجولة الثالثة من المحادثات التي بدأت في نيويورك واستمرت لجولتين في جنيف، تهدف إلى بحث إمكانية العودة إلى طاولة المفاوضات النووية.

وصرح: «الهدف من التفاوض مع الأوروبيين هو إيجاد طريق لاستئناف المحادثات النووية مرة أخرى. إذا كانت هناك مفاوضات كريمة وشريفة، فسوف ننضم إليها».

ونوه عراقجي إلى أن طهران لن تجري مفاوضات نووية مع الولايات المتحدة حتى تعود إدارة دونالد ترمب إلى الاتفاق النووي، أو تعلن سياستها في هذا الشأن.

ولفت عراقجي إلى أن المسؤولين الإيرانيين لا يزالون يجهلون موقف الإدارة الأميركية تجاه الاتفاق النووي، مضيفاً أنه منذ انسحاب الولايات المتحدة اقتصرت المفاوضات المباشرة على الأطراف الأخرى الموقعة على الاتفاق.

وصرح عراقجي: «لم نسمع شيئاً من الإدارة الأميركية الجديدة، ونحن نحدد سياستنا بناءً على مواقف الطرف الآخر». وأشار إلى إجراء مفاوضات غير مباشرة مع إدارة بايدن، بما في ذلك «مسار عمان»، في إشارة إلى المفاوضات التي جرت بوساطة عمانية بعد تعثر مسار فيينا.

ورداً على عراقجي، كتبت صحيفة «كيهان» الرسمية أن «التوسل لإجراء مفاوضات مع الغرب هو جنون وليس سلوكاً شريفاً وأصيلاً».

وأضافت: «بينما يواصل فريق ترمب الضغط على إيران ويدعم الجماعات الإرهابية، بعض الدوائر الحكومية تدعو للتفاوض معه وتطلق عليه تسميات مثل (التفاوض الشريف) أو (التفاوض مع الحفاظ على المبادئ)».

وتعهد ترمب بالعودة إلى السياسة التي انتهجها في ولايته الأولى، التي سعى من خلالها إلى تدمير الاقتصاد الإيراني لإجبار البلاد على التفاوض على اتفاق بشأن برنامجيها النووي والخاص بالصواريخ الباليستية، وأنشطتها في المنطقة.


مقالات ذات صلة

حكومة نتنياهو للاجتماع للموافقة على صفقة غزة... وتباين بشأن ردّ «حماس»

العالم العربي أنباء عن التوصل لاتفاق بشأن غزة (د.ب.أ) play-circle 01:33

حكومة نتنياهو للاجتماع للموافقة على صفقة غزة... وتباين بشأن ردّ «حماس»

وافقت حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي» شفهياً على اتفاق وقف النار في غزة، فيما تستعد الحكومة الإسرائيلية للاجتماع لإقراره.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ جيك سوليفان ومايك والتز (أ.ف.ب)

مستشارا بايدن وترمب للأمن القومي يجتمعان لتسليم «الشعلة»

وضع مستشارا الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس المنتخب دونالد ترمب خلافاتهما جانباً، على الأغلب، في حدث رمزي «لتسليم الشعلة» ركَّز على قضايا الأمن القومي.

«الشرق الأوسط»
الولايات المتحدة​ ترمب يدلي بتصريح عام 2017 لمقدم البرامج في «فوكس نيوز» بيت هيغسيث الذي رشحه لمنصب وزير الدفاع (رويترز)

مرشح ترمب لوزارة الدفاع يواجه استجوابا شرسا من الديمقراطيين

هيغسيث، المذيع السابق في فوكس نيوز والعسكري المخضرم الحائز على الأوسمة، أحد أكثر الشخصيات المثيرة للجدل التي ترشحت لمنصب وزير الدفاع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

من الهجرة إلى الحروب... ما أبرز تعهدات ولاية ترمب الثانية؟

تعهدّ دونالد ترمب، باتخاذ قرارات جذرية عند عودته إلى البيت الأبيض في مجالات شتّى، من الهجرة إلى المناخ والتجارة الدولية مروراً بأوكرانيا وغزة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية المرشد الإيراني علي خامنئي والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب (أ.ف.ب)

دعوات لترمب لاستثمار «فرصة فريدة» لردع إيران

أوصى تقريران جديدان الرئيس دونالد ترمب باتخاذ خطوات جذرية لإعادة فرض أقصى العقوبات على نظام الحكم في إيران واستغلال حالة الضعف التي يعاني منها.

إيلي يوسف (واشنطن)

ساعر: أعتقد أنه ستكون هناك أغلبية داخل حكومة إسرائيل لدعم اتفاق غزة

وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (رويترز)
وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (رويترز)
TT

ساعر: أعتقد أنه ستكون هناك أغلبية داخل حكومة إسرائيل لدعم اتفاق غزة

وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (رويترز)
وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (رويترز)

قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، اليوم الثلاثاء، إنه يعتقد أنه ستكون هناك أغلبية داخل الحكومة تؤيد اتفاق إطلاق سراح الرهائن في غزة حال إبرامه، وذلك رغم معارضة الأحزاب القومية المتطرفة في الائتلاف.

كما اتهم ساعر السلطة الفلسطينية، اليوم الثلاثاء، بتشجيع الإرهاب والتحريض على العنف ضد إسرائيل، قائلاً إن سياساتها تقف في طريق تحقيق السلام.

ووفقاً لـ«رويترز»، قال في مؤتمر صحافي مع نظيره الإيطالي أنطونيو تاياني في روما: «ولهذا يجب أن نرى تغييراً جذرياً وحقيقياً بين الفلسطينيين. للأسف لا نراه اليوم».