طهران: المحادثات مع الأوروبيين في جنيف «بنَّاءة وصريحة»

تناولت «الوضع المقلق» في المنطقة

تخت روانتشي يطلِع لجنة الأمن القومي على نتائج الجولة الثانية من الحوار مع الأوروبيين مطلع الشهر الماضي (موقع البرلمان)
تخت روانتشي يطلِع لجنة الأمن القومي على نتائج الجولة الثانية من الحوار مع الأوروبيين مطلع الشهر الماضي (موقع البرلمان)
TT

طهران: المحادثات مع الأوروبيين في جنيف «بنَّاءة وصريحة»

تخت روانتشي يطلِع لجنة الأمن القومي على نتائج الجولة الثانية من الحوار مع الأوروبيين مطلع الشهر الماضي (موقع البرلمان)
تخت روانتشي يطلِع لجنة الأمن القومي على نتائج الجولة الثانية من الحوار مع الأوروبيين مطلع الشهر الماضي (موقع البرلمان)

وصفت إيران الجولة الجديدة من الحوار بشأن برنامجها النووي المثير للجدل مع الترويكا الأوروبية (فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة) في جنيف بـ«الجدية والصريحة والبنَّاءة»، حسبما أوردت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا)، قبل أسبوع من عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وقال إنريكي مورا، منسق الاتحاد الأوروبي للمحادثات النووية مع إيران، إنه أجرى مباحثات «بناءة» مع نائبي وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانتشي وكاظم غريب آبادي في جنيف.

وأوضح مورا أنه جرى «بحث سبل التوصل إلى حل دبلوماسي للقضية النووية». كما تناول الدعم العسكري «غير المقبول» الذي تقدمه إيران لروسيا، لافتاً إلى إدراج القضايا الثنائية والإقليمية على جدول الأعمال.

بدوره، صرح نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون الدولية والقانونية، كاظم غريب آبادي بأنه وتخت روانتشي أجريا «مباحثات مفتوحة وبناءة مع مورا».

وأضاف: «ناقشنا بشكل رئيسي رفع العقوبات والقضايا النووية، بالإضافة إلى مواضيع أخرى ذات اهتمام مشترك. كما تناولنا دعم أوروبا غير المقبول لجرائم النظام الإسرائيلي في غزة».

جاء ذلك، غداة اجتماع مشترك بين الوفد الإيراني مع نظرائهم في المجموعة الثلاثية (ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة) مساء الاثنين.

وأفادت وكالة «إيسنا» الحكومية، أنّ الدبلوماسيين «بحثوا في القضايا ذات الاهتمام المشترك، خصوصاً المفاوضات بشأن رفع العقوبات والملف النووي والوضع المقلق في المنطقة» من دون تقديم مزيد من التفاصيل.

وتجرى هذه المحادثات بعد أقلّ من شهرين على جولة ثانية بين إيران وممثلين عن الدول الأوروبية الثلاث في جنيف، وذلك بعد جولة أولى في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن الجولتين لم تسفرا عن تقدم ملموس. واستمرت القوى الغربية في تأكيد مخاوفها حيال تقدم برنامج طهران النووي.

وقال مسؤول إيراني لـ«رويترز» في ذلك الوقت إن الانتهاء من خريطة الطريق مع الأوروبيين «سيضع الكرة في ملعب الولايات المتحدة، إما لإحياء الاتفاق النووي أو قتله».

وكتب غريب آبادي، على منصة «إكس»، الاثنين: «كانت الجولة الثالثة من المحادثات جادة وصريحة وبنَّاءة. ناقشنا أفكاراً تتعلق بتفاصيل معينة عن رفع العقوبات والمجالات النووية اللازمة للتوصل إلى اتفاق».

وأضاف: «اتفقت الأطراف على ضرورة استئناف المفاوضات والتوصل إلى اتفاق، وعلى جميع الأطراف تهيئة الأجواء المناسبة والحفاظ عليها، واتفقنا على مواصلة الحوار بيننا»، حسب «رويترز».

من جهتها، أكّدت وزارات خارجية الدول الأوروبية الثلاث في منشور متطابق على حساباتها في منصة «إكس» أنّ «المُديرين السياسيين البريطاني والفرنسي والألماني التقوا مجدّداً مع نظرائهم الإيرانيين في جنيف اليوم»، (الاثنين)، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأضاف المنشور الأوروبي أنّ «المناقشات كانت جادّة وصريحة وبنّاءة. بمواجهة سياق صعب، ناقشنا مخاوفنا وأكّدنا التزامنا التوصل إلى حلّ دبلوماسي، واتفقنا على مواصلة حوارنا».

مجرد مشاورات

وقالت الخارجية الألمانية في تصريح صحافي، الاثنين، إن «هذه ليست مفاوضات»، في حين ذكرت إيران أنها مجرد «مشاورات».

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، الاثنين، إنّ المحادثات ستتناول «مجموعة واسعة من المواضيع».

وأضاف أنه بالنسبة لطهران «الهدف الرئيسي لهذه المحادثات هو رفع العقوبات عن إيران»، مشيراً إلى أن الجمهورية الإسلامية «تستمع إلى المواضيع التي تريد الأطراف الأخرى بحثها».

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية إن اجتماع الاثنين هو «مؤشر إلى أن دول الترويكا الأوروبية تواصل العمل من أجل التوصل إلى حل دبلوماسي للبرنامج النووي الإيراني الذي يطرح مستوى تقدمه مشكلة بالغة».

تخشى إيران من عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى سياسة «الضغوط القصوى» لإجبارها على تعديل سلوكها الإقليمي، خصوصاً مع تقدّم برنامجها النووي لمستويات تخصيب قريبة من إنتاج الأسلحة. وتُثار تساؤلات حول نهجه تجاه طهران، حيث أرسل كلا الطرفين إشارات متباينة بشأن المواجهة أو التفاهم الدبلوماسي.

ولم يتضح بعد موقف ترمب من المحادثات النووية التي بدأتها إدارة بايدن؛ إذ تعهّد بنهج أكثر تصعيداً وتحالفاً وثيقاً مع إسرائيل، التي تعارض الاتفاق.

وانسحبت الولايات المتحدة في عام 2018 تحت قيادة ترمب من الاتفاق النووي لعام 2015 بين إيران وست قوى كبرى وأعادت فرض عقوبات قاسية على طهران.

ودفع ذلك إيران إلى انتهاك الحدود المنصوص عليها في الاتفاق باتخاذها خطوات، مثل إعادة بناء مخزونات اليورانيوم المخصب وتخصيبه إلى درجة نقاء أعلى وتركيب أجهزة طرد مركزي متقدمة لتسريع الإنتاج، خصوصاً بعد تولي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الذي اتبع سياسة مرنة مع إيران.

لكن المحادثات غير المباشرة بين بايدن وإيران فشلت في محاولة إحياء الاتفاق.

المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي يجري محادثات مع رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية في فيينا منتصف سبتمبر الماضي (الذرية الدولية)

وتعهد ترمب بالعودة إلى السياسة التي انتهجها في ولايته الأولى، التي سعى من خلالها إلى تدمير الاقتصاد الإيراني لإجبار البلاد على التفاوض على اتفاق بشأن برنامجيها النووي والخاص بالصواريخ الباليستية وأنشطتها في المنطقة.

وتلوح إيران بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، بعدما أبلغت القوى الأوروبية الثلاث، مجلس الأمن الدولي استعدادها لتفعيل آلية «سناب باك» لإعادة العقوبات الأممية، إذا لم توقف طهران تصعيدها النووي على الفور.

وتنتهي في أكتوبر (تشرين الأول) 2025 مفاعيل القرار 2231 الذي يعنى بتطبيق اتفاق 2015، بعد عشر سنوات على دخول الاتفاق حيز التنفيذ.

تحدٍ استراتيجي

وعدّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في السادس من يناير (كانون الثاني) أن إيران تشكل «التحدي الاستراتيجي والأمني الرئيسي» في الشرق الأوسط، محذراً من «تسارع برنامجها النووي».

وأكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قبل فترة قصيرة أن بلاده «ستتخذ تدابير للطمأنة» بشأن برنامجها النووي في مقابل رفع العقوبات.

وبحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن إيران هي الدولة الوحيدة في العالم التي تخصب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة من دون أن تمتلك أسلحة دمار شامل.

وببلوغها عتبة التخصيب عند مستوى 60 في المائة تقترب إيران من نسبة 90 في المائة اللازمة لصنع سلاح نووي.

وتنفي إيران السعي لحيازة قنبلة ذرية. وتقول الدول الغربية إنه لا يوجد مبرر لتخصيب اليورانيوم إلى هذا المستوى العالي في إطار أي برنامج مدني موثوق، وإنه لا توجد دولة وصلت لهذا المستوى من التخصيب، دون أن تنتج قنابل نووية.

وأعرب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان منذ تولي مهامه في أغسطس (آب) عن رغبته في إجراء مفاوضات جديدة لإحياء الاتفاق، ساعياً إلى تخفيف العقوبات على بلاده لإنعاش اقتصادها.

ويخضع القرار بشأن البرنامج النووي في إيران، للمجلس الأمن القومي الذي يصادق على قراراته صاحب كلمة الفصل المرشد علي خامنئي.

ومطلع الشهر الماضي، قال تخت روانتشي في إفادة للجنة الأمن القومي البرلمانية، إن محادثات جنيف جرت بـ«تفويض» من المرشد الإيراني علي خامنئي.

ونقل المتحدث باسم اللجنة النائب إبراهيم رضائي عن تخت روانتشي قوله إن إيران «لم تجرِ مفاوضات لأنه لا يوجد نص»، موضحاً أن الحوار مع الأوروبيين تناول قضايا فلسطين ولبنان وأوكرانيا، بالإضافة إلى الملف النووي الإيراني.

وأضاف: «قلنا للأوربيين في حال تفعيل آلية (سناب باك)، واحد من خياراتنا سيكون الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي».

وكان خامنئي قد كلف مستشاره الخاص، علي شمخاني، الإشراف على المفاوضات النووية منذ العام الماضي.

وأرسلت إيران إشارات لتهدئة التوتر مع الأوروبيين، ودافع خامنئي الأسبوع الماضي عن تفضيله المفاوضات المباشرة، وباشر مجلس تشخيص مصلحة النظام، مناقشة الانضمام إلى مجموعة «فاتف» الدولية المعنية بمكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال الأسبوع الماضي. وتشمل قبول لائحة «سي إف تي» لمكافحة تمويل الإرهاب، واتفاقية باليرمو لمكافحة الجريمة الدولية المنظمة.

وقال شمخاني إن «مراجعة الاتفاقيتين في مجلس تشخيص مصلحة النظام فرصة لتبادل آراء الخبراء وليست ساحة لاستخدام تعابير مثل (خيانة الوطن)»، محذراً من أن «سوء التصرف في الممارسات السياسية، بالإضافة إلى أنه غير بنَّاء، يؤدي فقط إلى تأجيج الخلافات السياسية وزيادة التوترات».


مقالات ذات صلة

شؤون إقليمية العلَم الإيراني ورمز الذرّة وعبارة «البرنامج النووي»... (رويترز)

طهران: الاعتراف بحقوقنا هو الحل الوحيد لملفنا النووي

«كيف يُطلب من إيران السماح بتفتيش منشآت تعرضت لهجمات، وتوجد فيها مخاطر إشعاعية وتسرب مواد مشعة؟».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية عراقجي مصافحاً فيدان خلال استقباله في طهران (الخارجية التركية)

تركيا وإيران تؤكدان ضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة

أكدت تركيا وإيران ضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة ووقف التوسع الإسرائيلي الذي يهدف إلى زعزعة الاستقرار في كل من سوريا ولبنان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أفراد من القوات الإيرانية يحملون نعش العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده خلال مراسم تشييعه في طهران (رويترز)

قائد الجيش الإيراني ينفي وجود «أبعاد عسكرية» للمشروع النووي لبلاده

«إذا كانت القضية قد أغلِقت رسمياً، فلماذا تُعاد إثارتها استناداً إلى ادعاءات أعداء إيران؟».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية نواب في جلسة شهدت انتقادات حادة لروحاني وظريف في 26 أكتوبر الماضي (أ.ب)

روحاني: إيران عالقة في حالة «لا حرب ولا سلام»

قال الرئيس الإيراني الأسبق، حسن روحاني، إن إيران تحتاج إلى «فضاء آمن، لا فضاء أمني»، وإن تعزيز الردع يمر عبر جذب النخب وإزالة الأجواء الأمنية.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

​اتفق وزيرا المالية والدفاع في إسرائيل على تقليص ميزانية وزارة الدفاع التي طلبتها الأخيرة في إطار إعداد الموازنة العامة لعام 2026، من 144 مليار شيقل، إلى 112 (34.63 مليار دولار) وبما يمثل زيادة وصلت إلى نحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025، بما يخدم بشكل أساسي المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية على حساب حاجة الجيش لقوات أكبر مع عجز التجنيد.

وأقرت الحكومة الإسرائيلية بالموازنة التي بلغت 662 مليار شيقل، بعجز 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فإنه تم الاتفاق على حزمة بقيمة نحو 725 مليون شيقل، توزع على 3 سنوات، بهدف تعزيز الأمن في الضفة.


إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.