طهران: المحادثات مع الأوروبيين في جنيف «بنَّاءة وصريحة»

تناولت «الوضع المقلق» في المنطقة

تخت روانتشي يطلِع لجنة الأمن القومي على نتائج الجولة الثانية من الحوار مع الأوروبيين مطلع الشهر الماضي (موقع البرلمان)
تخت روانتشي يطلِع لجنة الأمن القومي على نتائج الجولة الثانية من الحوار مع الأوروبيين مطلع الشهر الماضي (موقع البرلمان)
TT

طهران: المحادثات مع الأوروبيين في جنيف «بنَّاءة وصريحة»

تخت روانتشي يطلِع لجنة الأمن القومي على نتائج الجولة الثانية من الحوار مع الأوروبيين مطلع الشهر الماضي (موقع البرلمان)
تخت روانتشي يطلِع لجنة الأمن القومي على نتائج الجولة الثانية من الحوار مع الأوروبيين مطلع الشهر الماضي (موقع البرلمان)

وصفت إيران الجولة الجديدة من الحوار بشأن برنامجها النووي المثير للجدل مع الترويكا الأوروبية (فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة) في جنيف بـ«الجدية والصريحة والبنَّاءة»، حسبما أوردت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا)، قبل أسبوع من عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وقال إنريكي مورا، منسق الاتحاد الأوروبي للمحادثات النووية مع إيران، إنه أجرى مباحثات «بناءة» مع نائبي وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانتشي وكاظم غريب آبادي في جنيف.

وأوضح مورا أنه جرى «بحث سبل التوصل إلى حل دبلوماسي للقضية النووية». كما تناول الدعم العسكري «غير المقبول» الذي تقدمه إيران لروسيا، لافتاً إلى إدراج القضايا الثنائية والإقليمية على جدول الأعمال.

بدوره، صرح نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون الدولية والقانونية، كاظم غريب آبادي بأنه وتخت روانتشي أجريا «مباحثات مفتوحة وبناءة مع مورا».

وأضاف: «ناقشنا بشكل رئيسي رفع العقوبات والقضايا النووية، بالإضافة إلى مواضيع أخرى ذات اهتمام مشترك. كما تناولنا دعم أوروبا غير المقبول لجرائم النظام الإسرائيلي في غزة».

جاء ذلك، غداة اجتماع مشترك بين الوفد الإيراني مع نظرائهم في المجموعة الثلاثية (ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة) مساء الاثنين.

وأفادت وكالة «إيسنا» الحكومية، أنّ الدبلوماسيين «بحثوا في القضايا ذات الاهتمام المشترك، خصوصاً المفاوضات بشأن رفع العقوبات والملف النووي والوضع المقلق في المنطقة» من دون تقديم مزيد من التفاصيل.

وتجرى هذه المحادثات بعد أقلّ من شهرين على جولة ثانية بين إيران وممثلين عن الدول الأوروبية الثلاث في جنيف، وذلك بعد جولة أولى في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن الجولتين لم تسفرا عن تقدم ملموس. واستمرت القوى الغربية في تأكيد مخاوفها حيال تقدم برنامج طهران النووي.

وقال مسؤول إيراني لـ«رويترز» في ذلك الوقت إن الانتهاء من خريطة الطريق مع الأوروبيين «سيضع الكرة في ملعب الولايات المتحدة، إما لإحياء الاتفاق النووي أو قتله».

وكتب غريب آبادي، على منصة «إكس»، الاثنين: «كانت الجولة الثالثة من المحادثات جادة وصريحة وبنَّاءة. ناقشنا أفكاراً تتعلق بتفاصيل معينة عن رفع العقوبات والمجالات النووية اللازمة للتوصل إلى اتفاق».

وأضاف: «اتفقت الأطراف على ضرورة استئناف المفاوضات والتوصل إلى اتفاق، وعلى جميع الأطراف تهيئة الأجواء المناسبة والحفاظ عليها، واتفقنا على مواصلة الحوار بيننا»، حسب «رويترز».

من جهتها، أكّدت وزارات خارجية الدول الأوروبية الثلاث في منشور متطابق على حساباتها في منصة «إكس» أنّ «المُديرين السياسيين البريطاني والفرنسي والألماني التقوا مجدّداً مع نظرائهم الإيرانيين في جنيف اليوم»، (الاثنين)، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأضاف المنشور الأوروبي أنّ «المناقشات كانت جادّة وصريحة وبنّاءة. بمواجهة سياق صعب، ناقشنا مخاوفنا وأكّدنا التزامنا التوصل إلى حلّ دبلوماسي، واتفقنا على مواصلة حوارنا».

مجرد مشاورات

وقالت الخارجية الألمانية في تصريح صحافي، الاثنين، إن «هذه ليست مفاوضات»، في حين ذكرت إيران أنها مجرد «مشاورات».

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، الاثنين، إنّ المحادثات ستتناول «مجموعة واسعة من المواضيع».

وأضاف أنه بالنسبة لطهران «الهدف الرئيسي لهذه المحادثات هو رفع العقوبات عن إيران»، مشيراً إلى أن الجمهورية الإسلامية «تستمع إلى المواضيع التي تريد الأطراف الأخرى بحثها».

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية إن اجتماع الاثنين هو «مؤشر إلى أن دول الترويكا الأوروبية تواصل العمل من أجل التوصل إلى حل دبلوماسي للبرنامج النووي الإيراني الذي يطرح مستوى تقدمه مشكلة بالغة».

تخشى إيران من عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى سياسة «الضغوط القصوى» لإجبارها على تعديل سلوكها الإقليمي، خصوصاً مع تقدّم برنامجها النووي لمستويات تخصيب قريبة من إنتاج الأسلحة. وتُثار تساؤلات حول نهجه تجاه طهران، حيث أرسل كلا الطرفين إشارات متباينة بشأن المواجهة أو التفاهم الدبلوماسي.

ولم يتضح بعد موقف ترمب من المحادثات النووية التي بدأتها إدارة بايدن؛ إذ تعهّد بنهج أكثر تصعيداً وتحالفاً وثيقاً مع إسرائيل، التي تعارض الاتفاق.

وانسحبت الولايات المتحدة في عام 2018 تحت قيادة ترمب من الاتفاق النووي لعام 2015 بين إيران وست قوى كبرى وأعادت فرض عقوبات قاسية على طهران.

ودفع ذلك إيران إلى انتهاك الحدود المنصوص عليها في الاتفاق باتخاذها خطوات، مثل إعادة بناء مخزونات اليورانيوم المخصب وتخصيبه إلى درجة نقاء أعلى وتركيب أجهزة طرد مركزي متقدمة لتسريع الإنتاج، خصوصاً بعد تولي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الذي اتبع سياسة مرنة مع إيران.

لكن المحادثات غير المباشرة بين بايدن وإيران فشلت في محاولة إحياء الاتفاق.

المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي يجري محادثات مع رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية في فيينا منتصف سبتمبر الماضي (الذرية الدولية)

وتعهد ترمب بالعودة إلى السياسة التي انتهجها في ولايته الأولى، التي سعى من خلالها إلى تدمير الاقتصاد الإيراني لإجبار البلاد على التفاوض على اتفاق بشأن برنامجيها النووي والخاص بالصواريخ الباليستية وأنشطتها في المنطقة.

وتلوح إيران بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، بعدما أبلغت القوى الأوروبية الثلاث، مجلس الأمن الدولي استعدادها لتفعيل آلية «سناب باك» لإعادة العقوبات الأممية، إذا لم توقف طهران تصعيدها النووي على الفور.

وتنتهي في أكتوبر (تشرين الأول) 2025 مفاعيل القرار 2231 الذي يعنى بتطبيق اتفاق 2015، بعد عشر سنوات على دخول الاتفاق حيز التنفيذ.

تحدٍ استراتيجي

وعدّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في السادس من يناير (كانون الثاني) أن إيران تشكل «التحدي الاستراتيجي والأمني الرئيسي» في الشرق الأوسط، محذراً من «تسارع برنامجها النووي».

وأكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قبل فترة قصيرة أن بلاده «ستتخذ تدابير للطمأنة» بشأن برنامجها النووي في مقابل رفع العقوبات.

وبحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن إيران هي الدولة الوحيدة في العالم التي تخصب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة من دون أن تمتلك أسلحة دمار شامل.

وببلوغها عتبة التخصيب عند مستوى 60 في المائة تقترب إيران من نسبة 90 في المائة اللازمة لصنع سلاح نووي.

وتنفي إيران السعي لحيازة قنبلة ذرية. وتقول الدول الغربية إنه لا يوجد مبرر لتخصيب اليورانيوم إلى هذا المستوى العالي في إطار أي برنامج مدني موثوق، وإنه لا توجد دولة وصلت لهذا المستوى من التخصيب، دون أن تنتج قنابل نووية.

وأعرب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان منذ تولي مهامه في أغسطس (آب) عن رغبته في إجراء مفاوضات جديدة لإحياء الاتفاق، ساعياً إلى تخفيف العقوبات على بلاده لإنعاش اقتصادها.

ويخضع القرار بشأن البرنامج النووي في إيران، للمجلس الأمن القومي الذي يصادق على قراراته صاحب كلمة الفصل المرشد علي خامنئي.

ومطلع الشهر الماضي، قال تخت روانتشي في إفادة للجنة الأمن القومي البرلمانية، إن محادثات جنيف جرت بـ«تفويض» من المرشد الإيراني علي خامنئي.

ونقل المتحدث باسم اللجنة النائب إبراهيم رضائي عن تخت روانتشي قوله إن إيران «لم تجرِ مفاوضات لأنه لا يوجد نص»، موضحاً أن الحوار مع الأوروبيين تناول قضايا فلسطين ولبنان وأوكرانيا، بالإضافة إلى الملف النووي الإيراني.

وأضاف: «قلنا للأوربيين في حال تفعيل آلية (سناب باك)، واحد من خياراتنا سيكون الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي».

وكان خامنئي قد كلف مستشاره الخاص، علي شمخاني، الإشراف على المفاوضات النووية منذ العام الماضي.

وأرسلت إيران إشارات لتهدئة التوتر مع الأوروبيين، ودافع خامنئي الأسبوع الماضي عن تفضيله المفاوضات المباشرة، وباشر مجلس تشخيص مصلحة النظام، مناقشة الانضمام إلى مجموعة «فاتف» الدولية المعنية بمكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال الأسبوع الماضي. وتشمل قبول لائحة «سي إف تي» لمكافحة تمويل الإرهاب، واتفاقية باليرمو لمكافحة الجريمة الدولية المنظمة.

وقال شمخاني إن «مراجعة الاتفاقيتين في مجلس تشخيص مصلحة النظام فرصة لتبادل آراء الخبراء وليست ساحة لاستخدام تعابير مثل (خيانة الوطن)»، محذراً من أن «سوء التصرف في الممارسات السياسية، بالإضافة إلى أنه غير بنَّاء، يؤدي فقط إلى تأجيج الخلافات السياسية وزيادة التوترات».


مقالات ذات صلة

إيران تحذر من «رد أشد» على أي مغامرة إسرائيلية

شؤون إقليمية إيرانيتان تمران بجانب لوحة دعائية مناهِضة لإسرائيل تحمل عبارة: «نحن مستعدون... هل أنتم مستعدون؟» معلقة في ساحة وسط طهران (إ.ب.أ)

إيران تحذر من «رد أشد» على أي مغامرة إسرائيلية

حذرت طهران من أن أي مغامرة إسرائيلية جديدة «ستواجه برد أشد»، وقالت إنها تسعى إلى تفاوض معقول يحقق رفعاً فعلياً للعقوبات، مع بقاء قنوات الاتصال مع واشنطن قائمة.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية بزشكيان يدافع عن مشروع الموازنة الجديدة أمام البرلمان الأحد (الرئاسة الإيرانية)

الرئيس الإيراني يدافع عن موازنة «منضبطة» وسط العقوبات

دافع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الأحد، عن مشروع موازنة العام الجديد، معتبراً إياه أداة لضبط الاقتصاد في ظل العقوبات وتراجع الإيرادات.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية صورة نشرها حساب عراقجي من وصوله إلى مقر المؤتمرات الدولية بمدينة أصفهان الخميس

عراقجي يحذر من «مؤامرة جديدة» تستهدف الداخل الإيراني

حذّر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من «مؤامرة جديدة» قال إن خصوم إيران يعملون على تنفيذها عبر تعقيد الأوضاع الاقتصادية وإذكاء السخط الاجتماعي

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
خاص وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يبكي على نعش قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي خلال تشييع عسكريين كبار قتلوا في الضربات الإسرائيلية في طهران يوم 28 يونيو الماضي (أرشيفية- أ.ف.ب)

خاص «مطرقة الليل» في 2025... ترمب ينهي «أنصاف الحلول» في إيران

مع عودة دونالد ترمب إلى المكتب البيضاوي في مطلع 2025، لم تحتج استراتيجيته المحدثة لـ«الضغوط القصوى» سوى أقل من عام كي تفرض إيقاعها الكامل على إيران.

عادل السالمي (لندن)
شؤون إقليمية إيرانيون يمرون بجانب لوحة دعائية مناهِضة لإسرائيل تحمل عبارة: «نحن مستعدون. هل أنتم مستعدون؟» معلقة في ساحة فلسطين وسط طهران (إ.ب.أ)

إيران تربط التعاون النووي بإدانة قصف منشآتها

رهنت طهران أي تعاون جديد مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولا سيما ما يتعلق بإعادة تفتيش المنشآت النووية التي تعرضت للقصف، بإدانة واضحة وصريحة من الوكالة.

«الشرق الأوسط» (لندن - نيويورك - طهران)

محكمة إسرائيل العليا تعلّق قرار الحكومة إغلاق الإذاعة العسكرية

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس خلال اجتماع في أحد مقار الجيش (الحكومة الإسرائيلية)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس خلال اجتماع في أحد مقار الجيش (الحكومة الإسرائيلية)
TT

محكمة إسرائيل العليا تعلّق قرار الحكومة إغلاق الإذاعة العسكرية

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس خلال اجتماع في أحد مقار الجيش (الحكومة الإسرائيلية)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس خلال اجتماع في أحد مقار الجيش (الحكومة الإسرائيلية)

أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية أمراً احترازياً يقضي بتعليق قرار الحكومة إغلاق إذاعة الجيش التي تأسست قبل 75 عاماً ويتابعها عدد كبير من المستمعين.

وفي قرار صدر في وقت متأخر من مساء الأحد، قال رئيس المحكمة العليا إسحاق عميت إن قرار التعليق جاء جزئياً؛ لأن الحكومة «لم تقدّم التزاماً واضحاً بعدم اتخاذ خطوات لا يمكن التراجع عنها قبل أن تصدر المحكمة قرارها النهائي». وأضاف عميت أن المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهراف-ميارا، أيّدت تعليق القرار.

وصادق المجلس الوزاري الأسبوع الماضي على إغلاق إذاعة «غالي تساهل»، على أن يدخل القرار حيّز التنفيذ قبل الأول من مارس (آذار) 2026.

وتُقدّم إذاعة «غالي تساهَل» التي تأسست عام 1950 برامج إخبارية وتلقى متابعة واسعة، حتّى من الإعلاميين الأجانب. وتأتي وفق آخر الاستطلاعات في المرتبة الثالثة من حيث عدد مستمعيها في إسرائيل حيث تحظى بنسبة 17.7 في المائة.

وكان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد طلب من الوزراء تأييد الإغلاق، مشيراً إلى أنه طُرحت مراراً على مرّ السنين مقترحات لإخراج الإذاعة من السياق العسكري أو إلغائها أو خصخصتها.

واعتبرت المستشارة القضائية للحكومة غالي بهراف-ميارا التي تسعى الحكومة الإسرائيلية إلى إقالتها من منصبها، أن هذا القرار «يثير مخاوف من تدخّل سياسي محتمل في البثّ العام، ويطرح تساؤلات بشأن احتمال المساس بحرّية التعبير والصحافة».

وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (د.ب.أ)

من جهته، قال وزير الدفاع يسرائيل كاتس الأسبوع الماضي إن الإذاعة العسكرية تنشر «محتويات سياسية تثير الانقسام ولا تراعي قيم» الجيش.

واعتبر كاتس أنه «في خلال السنتين الماضيتين وطوال الحرب، اشتكى عدّة جنود ومدنيين، بمن فيهم عائلات مفجوعة، مراراً من أن الإذاعة لا تمثّلهم، حتّى إنها تمسّ بمجهود الحرب وبالمعنويات».

في المقابل، ندّد زعيم المعارضة يائير لبيد في منشور على «إكس» بقرار الإغلاق، مشيراً إلى أنه «يندرج في سياق مساعي الحكومة لخنق حرّية التعبير في إسرائيل خلال الفترة الانتخابية». واعتبر لبيد أنهم «يعجزون عن التحكّم في الواقع، فيحاولون التحكّم في العقول».


تحقيقات إسرائيلية: جنودنا تلقوا رشى من فلسطينيين يبحثون عن عمل

جنود إسرائيليون يراقبون بينما ينتظر الفلسطينيون عند حاجز قلنديا بين الضفة الغربية والقدس (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يراقبون بينما ينتظر الفلسطينيون عند حاجز قلنديا بين الضفة الغربية والقدس (إ.ب.أ)
TT

تحقيقات إسرائيلية: جنودنا تلقوا رشى من فلسطينيين يبحثون عن عمل

جنود إسرائيليون يراقبون بينما ينتظر الفلسطينيون عند حاجز قلنديا بين الضفة الغربية والقدس (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يراقبون بينما ينتظر الفلسطينيون عند حاجز قلنديا بين الضفة الغربية والقدس (إ.ب.أ)

كشفت تحقيقات في الشرطة العسكرية والشرطة القضائية الإسرائيلية أن الفلسطينيين في الضفة الغربية قدموا رشى للعشرات من جنود الاحتلال العاملين على الحواجز العسكرية، بأموال كثيرة مقابل إدخالهم إلى إسرائيل بحثاً عن العمل.

وقالت مصادر في قيادة هذه العملية إن «مثل هذه الرشى باتت مخيفة»، زاعمةً أنها «تُتيح دخول عناصر مسلحة تنفذ عمليات في البلدات الإسرائيلية».

وجاء في تقرير لصحيفة «يديعوت أحرونوت» أن «هؤلاء الجنود، وبعضهم يحملون رتب ضباط، نفذوا عمليات التهريب مقابل المال، رغم أنهم كانوا يعلمون أن أفعالهم هذه يمكن أن تتسبب في تنفيذ عمليات إرهاب ضد إسرائيل».

وحدد التقرير «ثلاثة حواجز عسكرية تم استخدامها للتهريب، أحدها في معبر عوفر، والثاني قرب بلدتي بيدو واكسا، والثالث قرب شعفاط، وجميعها تقع شمال القدس»، مشيراً إلى أن التحقيقات توصلت إلى أن «أحمد أبو الرب، الذي نفذ هجوم بيسان يوم الجمعة الماضي، وأسفرت عن مقتل مواطنين إسرائيليين اثنين وجرح أربعة، دخل إسرائيل من أحد هذه الحواجز».

وحسب التقرير، «كان الفلسطينيون يدفعون الرشوة بوضعها داخل بطاقة الهوية، أو في مغلف يوضع على المقعد الخلفي عندما يتم توقيف السيارة وإنزال ركابها للتفتيش، فعندما يحصل الضابط على المغلف يعيد العمال إلى السيارة ويسمح لها بالمرور».

ومنذ الانتفاضة الثانية سنة 2002، أتمت إسرائيل بناء جدار عازل بين حدودها قبل الاحتلال في عام 1967 وبين الضفة الغربية (الخط الأخضر)، حتى تمنع تسلل فلسطينيين إليها.

ويبلغ طول الجدار 770 كيلومتراً، بينها نحو 142 كيلومتراً في الجزء المحيط بالقدس الشرقية، وارتفاعه ثمانية أمتار. لكنّ قسماً منه لم ينجز بعد، لأسباب خلافية أو بسبب ضرورات بيئية.

فلسطيني يقطف الزيتون بجانب الجدار الإسرائيلي قرب الخليل (رويترز)

وعندما قررت إسرائيل مع بداية الحرب على غزة، إلغاء التصاريح لنحو 150 ألف عامل فلسطيني تسبب في أزمة اقتصادية خانقة، وحاول عشرات ألوف العمال تجاوز الحواجز والقفز عن الجدار العالي.

كم تعريفة الرشوة؟

ويتضح من التقرير المذكور أن بعض رجال الأعمال والعمال وجدوا طريقة أخرى للتسلل إلى إسرائيل بحثاً عن العمل، هي رشوة الجنود والضباط الإسرائيليين.

وفي بعض الأحيان كانوا يدفعون 50 شيقلاً (الدولار يساوي 3.2 شيقل)، عن كل راكب في سيارة ترنزيت. وفي بعض الأحيان يدفعون 1500 شيقل مقابل تمرير سيارة ركاب. وفي إحدى المرات دفع رجل أعمال فلسطيني مبلغ 5000 شيقل، مقابل تهريبه بسيارة شرطة إلى إسرائيل.

سيارات منتظرة عند حاجز عطارة الإسرائيلي قرب رام الله يناير الماضي (أ.ف.ب)

وتركز جزءٌ من عمليات التهريب داخل المستوطنات اليهودية التي بنيت في الضفة الغربية، وفي بعض الأحيان أصدر جنود تصاريح رسمية مزيفة، ويقدر الجيش أن عدد هذه التصاريح بلغ 300 تصريح.

تسجيلات كشفت نتائج مذهلة

وفق التقارير العبرية، فإن عرض الرشى بدأ بمبادرة من الفلسطينيين، لكن أصبح لاحقاً بمبادرة من الإسرائيليين، الذين عرضوا التهريب مقابل المال، ومع تطور الظاهرة، أصبح التهريب يجري بالاتفاق بين جنود ومهربين فلسطينيين عبر شبكة «تلغرام».

وتم تسجيل عدة محادثات جرت بين مهرب فلسطيني والضابط الإسرائيلي، وكان الضابط يشدد على أنه يُريد المال نقداً، وشعر أحد الضباط الكبار بما يدور فقرر إجراء تحقيق سري وذهل من النتيجة، وبالإضافة إلى الكشف عن ظاهرة الرشوة، وجد أن فرقة عسكرية على خلاف مع فرقة عسكرية أخرى تعمدت تهريب فلسطينيين لتظهر الفرقة الثانية مُقصرة.

قوات أمن إسرائيلية في مواجهة مع متظاهرين فلسطينيين قرب قرية كفر قدوم الفلسطينية (أ.ف.ب)

ولم تقتصر المسألة على تهريب متسللين، بل تم الكشف عن قيام موظف سابق في دائرة الصحة في الإدارة المدنية، ببيع أدوية للفلسطينيين، مستغلاً معرفته القريبة للأوضاع الطبية لدى الفلسطينيين، فجلب أدوية نادرة التوافر، وزودهم بها، ولدى اعتقاله تم تفتيش بيته والعثور على كميات كبيرة من الدواء.

وقال مصدر في الجيش إن عشرات الجنود والضباط أوقفوا للتحقيق معهم بهذه القضايا، وسيتم تقديمهم إلى القضاء لمحاكمتهم وإنزال العقوبات بهم.


تركيا: زعيم المعارضة يؤكد استمرار الاحتجاجات في 2026 بأساليب جديدة

زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزيل متحدثاً خلال المؤتمر العام لحزب الشعب الجمهوري الذي أعيد فيه انتخابه رئيساً للحزب 29 نوفمبر الماضي (حساب الحزب في إكس)
زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزيل متحدثاً خلال المؤتمر العام لحزب الشعب الجمهوري الذي أعيد فيه انتخابه رئيساً للحزب 29 نوفمبر الماضي (حساب الحزب في إكس)
TT

تركيا: زعيم المعارضة يؤكد استمرار الاحتجاجات في 2026 بأساليب جديدة

زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزيل متحدثاً خلال المؤتمر العام لحزب الشعب الجمهوري الذي أعيد فيه انتخابه رئيساً للحزب 29 نوفمبر الماضي (حساب الحزب في إكس)
زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزيل متحدثاً خلال المؤتمر العام لحزب الشعب الجمهوري الذي أعيد فيه انتخابه رئيساً للحزب 29 نوفمبر الماضي (حساب الحزب في إكس)

أكد زعيم المعارضة التركية، رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوغور أوزيل أن الحزب سيواصل التجمعات والمسيرات التي انطلقت عقب اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو في 19 مارس (آذار) الماضي، وستكون لديه مسيرات أكثر إيجابية في العام الجديد.

وقال أوزيل إن إمام أوغلو، الذي أعلنه الحزب مرشحاً رئاسياً في 23 مارس عقب انتخابات تمهيدية صوَّت فيها 15 مليوناً و500 ألف مواطن، لا يزال هو المرشح الوحيد من جانب الحزب لخوض الانتخابات المقررة في عام 2028.

وأضاف أوزيل، في مقابلة صحافية، الاثنين، أن حزبه سيواصل مسيرته، وسيسعى لتخليص تركيا من «الفقر والظلم والاستبداد»، وأنه إذا أراد حزبه الحصول على أصوات ثلثي الناخبين في الانتخابات المقبلة، فعليه أن يجعل الشعب يقول إن حزب «الشعب الجمهوري سيحكم بشكل أفضل منهم (إردوغان وحكومته)».

أوزيل متحدثاً خلال أحد التجمعات للمطالبة بإطلاق سراح إمام أوغلو (من حسابه في إكس)

وتابع: «لذلك؛ علينا أن نبدأ مسيرتنا نحو السلطة من هذه النقطة، وأن نثبت أن حزب الشعب الجمهوري قادر على إدارة الاقتصاد والسياسة الخارجية وتركيا بشكل أفضل».

إلغاء النظام الرئاسي

وشدد على أن حزبه سيغير نظام الحكم حال فوزه، قائلاً إن «الانتخابات المقبلة ستُجرى وفقاً للنظام الحالي (الرئاسي)، لكن هذا لا يعني أننا سنبقى في هذا النظام، إذا منحنا شعبنا السلطة، فسنتحول إلى نظام برلماني مُعزز وسنخدم الشعب من خلاله».

وعدّ أوزيل أن منع إمام أوغلو من خوض الانتخابات عبر قضية تتعلق بادعاء تزوير شهادته الجامعية أو دعاوى قضائية أخرى سيكون «انقلاباً على الديمقراطية»، مضيفاً أن على الرئيس رجب طيب إردوغان أن يدرك أن ثمن إبعاد منافسه من خلال وضعه بالسجن أمر غير مقبول، فتركيا «ليست دولة من دول جنوب الصحراء الكبرى».

المظاهرات الاحتجاجية ضد اعتقال إمام أوغلو مستمرة منذ توقيفه في مارس الماضي (حزب الشعب الجمهوري)

ويواجه إمام أوغلو سلسلة قضايا، منها إلغاء شهادته الجامعية التي حصل عليها منذ أكثر من 30 عاماً من جامعة إسطنبول، إضافة إلى اتهامات بالفساد في بلدية إسطنبول، يبدأ نظر الدعوى الخاصة بها في 9 مارس المقبل، ويواجه فيها مطالبة بسجنه لمدة 2453 سنة.

وفجَّر اعتقاله أوسع موجة احتجاجات في تركيا منذ احتجاجات «غيزي بارك» عام 2013، وعدت المعارضة أن توقيفه هو عملية سياسية تهدف إلى إبعاده عن منافسة إردوغان على رئاسة البلاد؛ كونه أبرز المنافسين الذين يمكنهم الفوز بانتخاباتها.

وقررت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، الأسبوع الماضي، إعطاء الأولية لنظر مسألة اعتقال إمام أوغلو دون صدور إدانة ضده.

بديل إمام أوغلو

وقال أوزيل: «إذا استمر إردوغان في إبقاء أكرم إمام أوغلو في السجن في ظل هذه الظروف، فسيتم العثور على مرشح قادر على هزيمته في الانتخابات».

أوزيل يتوسط إمام أوغلو قبل اعتقاله ومنصور ياواش (حزب الشعب الجمهوري - إكس)

وعن الادعاءات حول إمكانية منع ترشيح رئيس بلدية أنقرة منصور ياواش، عبر اتهامات مماثلة لتلك التي يواجهها إمام أوغلو، حال عدم تمكن الأخير من خوض الانتخابات، أشار أوزيل إلى أن ياواش أيضاً رشح إمام أوغلو لخوض انتخابات الرئاسة، وصوَّت له في الانتخابات التمهيدية في 23 مارس، في اليوم ذاته الذي أودع فيه إمام أوغلو سجن سيليفري في غرب إسطنبول.

واستدرك: «لكن إذا كان حزب الشعب الجمهوري والبلاد ينتظران مهمة من منصور ياواش، فهو يمتلك القدرة على إنجازها على أكمل وجه»، لافتاً إلى أن أي محاولة لمنع ترشيحه في الانتخابات على غرار ما حدث مع إمام أوغلو، ستفجر غضب تركيا والعالم مجدداً.

وأضاف: «منصور ياواش يحظى بمكانة عظيمة في قلوب هذا الشعب، ولا أحد يستطيع إيقافه».

عمليات لتشويه المعارضين

واتهم أوزيل الرئيس إردوغان بمحاولة تعزيز سلطة المدعي العام في إسطنبول بوصفه حامي النظام، لافتاً إلى أن التحقيقات الأخيرة التي استهدفت فنانين ومشاهير بدعوى تعاطي المخدرات أو القمار، كان هدفها «تطبيع» العمليات التي تنفذ ضد حزب «الشعب الجمهوري»، وأن شريحة واسعة من المجتمع تُسلّم بأن ما يُنفذ ضد الحزب هو «عملية سياسية».

إحدى العمليات الأمنية ضد المشاهير في تركيا في إطار مكافحة المخدرات (إعلام تركي)

وأضاف أن الهدف الثاني لهذه العمليات هو «تشويه سمعة الأفراد الذين يُنظر إليهم على أنهم يُشكلون تهديداً للنظام بسبب معارضتهم له».

وأشار إلى اعتقال 20 أو 30 فناناً لمجرد نشرهم تغريدات مُعارضة أو عدم تأييدهم للحكومة، فيظن الناس أنهم قبضوا على تاجر مخدرات، وبعد 15 يوماً تظهر النتائج أن عينات التعاطي لدى 3 أو 4 منهم إيجابية، لكن لا أحد اهتم بماذا سيحدث لأبناء هؤلاء أو زوجاتهم أو عائلاتهم جراء عمليات التشويه واغتيال السمعة.