رسائل ترمب حول «النووي» الإيراني تثير قلقاً في تل أبيب

الإدارة الجديدة تريد الضغط على طهران دون مهاجمتها عسكرياً... وتعارض الضم في الضفة الغربية

ترمب يلتقي برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في مقر إقامته مارالاغو بولاية فلوريدا 26 يوليو 2024 (أ.ب)
ترمب يلتقي برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في مقر إقامته مارالاغو بولاية فلوريدا 26 يوليو 2024 (أ.ب)
TT

رسائل ترمب حول «النووي» الإيراني تثير قلقاً في تل أبيب

ترمب يلتقي برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في مقر إقامته مارالاغو بولاية فلوريدا 26 يوليو 2024 (أ.ب)
ترمب يلتقي برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في مقر إقامته مارالاغو بولاية فلوريدا 26 يوليو 2024 (أ.ب)

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب أن حكومة بنيامين نتنياهو قلقة من الرسائل الواردة من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بملفي إيران والضفة الغربية. وأشارت المصادر إلى أن ترمب يسعى للتوصل إلى اتفاق نووي مع طهران بدلاً من شن ضربة عسكرية، كما أنه غير داعم لخطوة إسرائيلية لضم الضفة الغربية.

وأفادت المصادر بأن ترمب يهدف إلى إيصال رسالة واضحة للإيرانيين مفادها أن الخيارات العسكرية والدبلوماسية مفتوحة لمواجهة التهديد النووي الإيراني، ويستخدم التلويح بالهجوم الإسرائيلي كوسيلة للضغط.

ومع ذلك، فإنه لا يسعى إلى حرب بأي ثمن. وإذا كان الخيار هو الحرب، فإنه لا يرى بالضرورة تدمير المنشآت النووية بالكامل، وهو هدف لا تستطيع إسرائيل تحقيقه بمفردها. ويفضل ترمب هجوماً كبيراً تستطيع إسرائيل تنفيذه بدعم أميركي بعيد، بدلاً من التورط في هجوم مشترك أميركي - إسرائيلي واسع النطاق، وهو ما تضغط حكومة نتنياهو لتحقيقه.

وأفادت قناة «آي 24 نيوز» الإسرائيلية، التي تبث من يافا، أن ترمب وجّه رسالة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مفادها أنه «سيعالج الملف النووي الإيراني، لكنه غير مهتم بضم أراضٍ في الضفة الغربية». وأضافت القناة أن تصريحات وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، بشأن أن «عام 2025 سيكون عام الضم»، أثارت ردود فعل داخل الحزب الجمهوري؛ حيث أوضحت مصادر من الحزب قائلة: «الوضع الدولي لإسرائيل معقد، والضم سيضر بمصالحكم فقط».

كشفت وسائل الإعلام العبرية عن اتصالات مكثفة بين إسرائيل والرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن قضايا رئيسية، تضمنت مكالمة هاتفية بين نتنياهو وترمب يوم السبت، إلى جانب اجتماعات أجراها مبعوث نتنياهو، آدم بوهلر، في إسرائيل.

مقاتلة تغادر قاعدة جوية إسرائيلية للمشاركة في عمليات ضد إيران 26 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

وكشف المراسل السياسي لموقع «آي 24 نيوز» بالعبرية، غاي عزرئيل، عن أنه قد التقى مسؤولون إسرائيليون خلال عطلة نهاية الأسبوع مع مسؤولين كبار في إدارة ترمب في قصره بمارالاغو بفلوريدا. وتركزت المحادثات الأميركية مع نظرائهم الإسرائيليين على التهديد الإيراني، مؤكدين أن الإدارة المقبلة تعتزم اتباع سياسة أكثر تشدداً تجاه البرنامج النووي الإيراني.

وفي هذا الإطار استبعد محللون إسرائيليون، الاثنين، أن يُقدِم نتنياهو على اتخاذ قرار بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. وعللوا ذلك بالأوضاع الداخلية في إسرائيل، المتمثلة بالانقسام حول خطة «الإصلاح القضائي» وإضعاف جهاز القضاء، بالإضافة إلى غياب ضمانات لدعم الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، لهجوم كبير ضد إيران التي لم تعلن حتى الآن أنها قررت التقدم نحو تصنيع سلاح نووي.

واعتبر المحلل السياسي في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، ناحوم برنياع، أن التحولات الإقليمية في سوريا ولبنان وغزة، بالإضافة إلى توقعات من الإدارة الأميركية الجديدة، توفر فرصة غير مسبوقة لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. وقال: «قسم كبير من الدفاعات الجوية الإيرانية دُمّر، ومسارات التحليق باتت مفتوحة، والتهديد الإيراني بهجوم مضاد من لبنان وسوريا أو حتى من داخل إيران أصبح ضعيفاً للغاية».

ومع ذلك، أشار برنياع إلى أن هذا لا يعني بالضرورة تنفيذ الهجوم، موضحاً أن نتنياهو متردد. وأضاف: «نتنياهو، الذي كان قد هدد بمهاجمة إيران في عام 2011، تراجع آنذاك وألقى اللوم على قادة الأجهزة الأمنية وإدارة الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، لتحمل مسؤولية هذا التراجع».

وفقاً لما يراه برنياع، فإن الوضع الراهن يُظهر ضعفاً ملحوظاً في موقف قادة أجهزة الأمن الإسرائيلية بعد إخفاق 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، مما أدى إلى تغيّر ديناميكيات النقاش بينهم وبين نتنياهو.

وأشار برنياع إلى أن الولايات المتحدة تمر بفترة انتقالية، بينما قد يمنح القضاء على البرنامج النووي الإيراني بعملية عسكرية انتصاراً كبيراً لنتنياهو، وهو ما يتوق إليه. لكنه طرح تساؤلات معقدة حول جدوى وخطورة مثل هذه الخطوة، قائلاً: «هل هناك ضمان بأن عملية عسكرية ستقضي بالكامل على البرنامج النووي الإيراني؟ وكيف سيكون رد النظام الإيراني؟ وماذا عن حلفائه، مثل روسيا والصين وكوريا الشمالية؟».

كما أشار إلى احتمالية أن يتبنى ترمب مساراً مغايراً، مضيفاً: «هل سيدعم ترمب هجوماً إسرائيلياً على إيران، أم قد يبرم صفقة مع طهران من وراء ظهر إسرائيل؟».

ويشكك برنياع في نيات نتنياهو، قائلاً: «القائد الذي يخطط لإصدار أمر بشن عملية عسكرية مصيرية يحرص أولاً على تأمين جبهة داخلية مستقرة وهادئة». وأوضح أن هذا الهدف يمكن تحقيقه أحياناً من خلال تشكيل حكومة وحدة واسعة، كما فعل نتنياهو بعد أحداث 7 أكتوبر. ويكون الحل أحياناً بإزالة مواضيع مختلف حولها، كما حدث عندما أوقف تشريع قوانين إضعاف القضاء خلال فترة الحرب. ومع ذلك، يشير برنياع إلى أن نتنياهو لا يبدو مهتماً باتباع هذه الخطوات حالياً.

من جهته، أشار المحلل السياسي في القناة 13، رفيف دروكر، في مقال نشره بصحيفة «هآرتس»، إلى تصريحات ضابط إسرائيلي رفيع المستوى خلال إحاطة صحافية. وذكر الضابط أن «سلاح الجو يستعد للمهمة الكبرى المقبلة، التي قد تحظى بدعم الساكن الجديد في البيت الأبيض». وأضاف أن «هناك جهوداً تُبذل حالياً لإعادة صياغة خطط جديدة لمهاجمة المنشآت النووية في إيران»، مشيراً إلى أن «الظروف الحالية أصبحت أكثر ملاءمة من الماضي، مما يزيد من فرص التنفيذ».

لكن دروكر تساءل: «منذ متى يعلن سلاح الجو عن خططه لإيران؟ ولماذا يتم إدخال دونالد ترمب علناً إلى هذا النقاش؟» مشيراً إلى أن الإجابة تكمن في الوضع غير المسبوق للبرنامج النووي الإيراني، الذي وصل إلى مرحلة متقدمة للغاية. وأضاف أن الحديث عن قصف المنشآت النووية «يبدو أجوف؛ حيث إن استهداف المنشآت الكبرى وأجهزة الطرد المركزي المتطورة، التي كان من الممكن أن يؤدي تدميرها إلى تأخير البرنامج لأشهر، أصبح بلا جدوى». وأوضح أن إيران «أنهت فعلياً مسألة التخصيب، وهي الآن على مسافة قريبة جداً من امتلاك الكمية الكافية من المواد الانشطارية لصنع قنبلة ذرية».

وشدد دروكر على أن «سلاح الجو يهدد لأن الجيش الإسرائيلي يدرك أنه ليس بمقدور إسرائيل أن تهاجم وحدها. فهذا ليس المفاعل العراقي أو السوري».


مقالات ذات صلة

منسق الجيش الإيراني: لا يمكن التنبؤ بما سيحدث العام المقبل

شؤون إقليمية سیاري إلى جانب المرشد الإيراني علي خامنئي خلال تدريبات بحرية في شمال البلاد (أرشيفية - موقع خامنئي)

منسق الجيش الإيراني: لا يمكن التنبؤ بما سيحدث العام المقبل

قال منسق الجيش الإيراني، حبيب الله سياري، إنه «لا يمكن التنبؤ بما سيحدث العام المقبل» في ظل تغييرات إقليمية متسارعة، مشدداً على ضرورة «التأهب العسكري».

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)
شؤون إقليمية غروسي يجري محادثات مع محمد إسلامي رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية في فيينا منتصف سبتمبر الماضي (الوكالة الدولية للطاقة الذرية)

إيران «لن تعرقل» مفتشي «الطاقة الذرية»

تعهدت إيران بعدم «عرقلة» مهمة ممثلي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة لتفتيش مواقعها النووية.

«الشرق الأوسط» (طهران)
تحليل إخباري نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)

تحليل إخباري إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

أكدت مصادر إسرائيلية أن العمليات في سوريا كانت خطوة لتمهيد الطريق أمام استهداف مباشر للمشروع النووي الإيراني، مع احتمال توجيه ضربات لقوى حليفة مثل الحوثيين.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)

ضربات وقائية على طاولة ترمب لمنع إيران من تطوير قنبلة نووية

يدرس الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، شن ضربات استباقية على المنشآت النووية الإيرانية من بين الخيارات لردع قدرة إيران على تطوير أسلحة الدمار الشامل.

«الشرق الأوسط» (لندن-واشنطن)
شؤون إقليمية مدير الوكالة الدولية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران منتصف نوفمبر 2024 (د.ب.أ)

إيران قبلت تعزيز إجراءات التفتيش في منشأة فوردو

وافقت إيران على تشديد الرقابة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية على منشأة فوردو الواقعة تحت الجبال، بعدما سرعت على نحو كبير تخصيب اليورانيوم.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

إسرائيل: رئيس الوزراء آيرلندا معادٍ للسامية

وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (رويترز)
وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (رويترز)
TT

إسرائيل: رئيس الوزراء آيرلندا معادٍ للسامية

وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (رويترز)
وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (رويترز)

دافع وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر عن قراره بإغلاق سفارة إسرائيل في آيرلندا، قائلاً إن دبلن «شجعت معاداة السامية تحت قيادة رئيس وزراء معادٍ للسامية»، وفقاً لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

وقال ساعر في اجتماع لحزبه «الأمل الجديد»: «هناك فرق بين النقد ومعاداة السامية القائمة على نزع الشرعية عن إسرائيل ونزع صفتها الإنسانية والمعايير المزدوجة تجاه إسرائيل مقارنة بالدول الأخرى، هذه هي الطريقة التي سمحت بها آيرلندا لنفسها بالتصرف تجاه إسرائيل».

وأضاف ساعر أن آيرلندا «لم تكلف نفسها عناء الترويج لتدابير مكافحة معاداة السامية، ولكن على العكس من ذلك لقد شجعتها فقط».

مظاهرة داعمة لفلسطين في دبلن (رويترز)

واتهم آيرلندا بدعم «الإجراءات المسيسة التي تجري في المحكمة الجنائية الدولية ضد إسرائيل وقادتها، والعمل على تغيير تعريف الإبادة الجماعية لاستهداف إسرائيل في المحكمة».

وقال إن آيرلندا «عملت بشكل منهجي على الإضرار بعلاقاتنا مع الاتحاد الأوروبي وتحفيزه على تبني مواقف وأفعال معادية لإسرائيل».

وأشار ساعر إلى أن «رئيس الوزراء الآيرلندي سيمون هاريس المعادي للسامية اتهم إسرائيل في مقابلة بتجويع الأطفال وقتل المدنيين».

وقال ساعر إنه بالإضافة إلى فتح سفارة في مولدوفا، ستسعى إسرائيل إلى فتح سفارات جديدة في البلقان وأفريقيا وخارجها في البلدان التي طلبت مثل هذه الخطوة.