مقتل ناشط في «فتح» بغزة

أعاد تبادل الاتهامات مع «حماس» بعد لقاءات القاهرة

المحرر الفلسطيني زياد أبو حية الذي اتهمت حركة «فتح» حركة «حماس» بقتله (متداولة)
المحرر الفلسطيني زياد أبو حية الذي اتهمت حركة «فتح» حركة «حماس» بقتله (متداولة)
TT

مقتل ناشط في «فتح» بغزة

المحرر الفلسطيني زياد أبو حية الذي اتهمت حركة «فتح» حركة «حماس» بقتله (متداولة)
المحرر الفلسطيني زياد أبو حية الذي اتهمت حركة «فتح» حركة «حماس» بقتله (متداولة)

اتهمت حركة «فتح» حركة «حماس» بقتل المحرر زياد أبو حية، صباح الجمعة، في بلدة بني سهيلا شرق خان يونس، جنوب قطاع غزة، ما أعاد إلى الأذهان بالنسبة لكثير من الغزيين، مشاهد متكررة من تبادل الاتهامات بين الحركتين، حول حوادث مماثلة وقعت في سنوات الانقسام الفلسطيني المستمر منذ عام 2006، والذي لم تكسر حلقاته حتى أعتى الحروب التي يواجهها السكان بالقطاع.

وقالت «فتح» إن «عصابة مسلحة من حركة (حماس)» اغتالت الناشط والأسير المحرر وأحد أبرز كوادر الحركة ومناضليها زياد أبو حية، «في جريمة جديدة تضاف إلى جرائم منظمة وسرقة للممتلكات العامة والخاصة، ناهيك عن السطو المسلح للبنوك والمصارف، والاعتداء على حرمة البيوت والمنازل، واستشراء مظاهر الفوضى والقلاقل».

مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» في قطاع غزة (أرشيفية)

وحمّلت «فتح» في بيان حركة «حماس» المسؤولية عما وصفتها بـ«الجريمة النكراء»، مؤكدةً أنها «تُدلّل على تقاطع الأدوار بين أمراء الحرب في قطاع غزة وجيش الاحتلال في سياق حرب الإبادة الممنهجة على شعبنا منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول)». وأضافت: «هذه الجرائم ستؤدي إلى زعزعة الاستقرار الأهلي، والتناحر الداخلي بما ينسجم ومآرب الاحتلال في حرب الإبادة على شعبنا، والرامية إلى تصفية قضيته وحقوقه الوطنية المشروعة».

ولمع نجم أبو حية خلال الحرب الحالية على قطاع غزة، من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، بنشره كثيراً من مقاطع الفيديو التي كان ينتقد فيها «حماس» وتسبُّبها بالحرب، والظروف المعيشية التي يعيشها السكان في ظل حرب قاسية لم يشهد سكان القطاع مثلها.

وكان أبرز تلك المقاطع عندما ظهر في مقابلة مع قناة «العربية» أثناء نزوحه من مكان إلى آخر في خان يونس، قال فيها بصيحة غضب: «أنقذونا من (حماس) قبل اليهود»، متهماً إياها بأنها «تتاجر بمعاناة ودم الغزيين». واتهم أبو حية قبيل مقتله بـ3 أشهر، عناصر من «حماس» بخطفه والاعتداء عليه بالضرب المبرح قبل أن يُفْرَج عنه، ويطلقون النار في ساقه ما تَسَبَّبَ بنقله إلى المستشفى.

ولم تعقب «حماس» على الاتهامات، والتزمت الصمت، لكن وسائل إعلامها قاطبةً نشرت صورة لأبو حية كانت نشرتها الصفحة الرسمية لـ«كتائب شهداء الأقصى» الجناح المسلح لحركة «فتح»، تنعى فيه أبو حية. وتعمدت وسائل إعلام «حماس» القول إنه قُتل على يد الجيش الإسرائيلي، متجاهلة ما نُشر على صفحة «كتائب الأقصى» بأنه قُتل «برصاص الغدر والخيانة».

وبحسب «كتائب شهداء الأقصى»، فإن أبو حية من قياداتها الميدانيين، وكان يعد من أصغر المطاردين في انتفاضة الحجارة عام 1987، وشارك في هجمات مع «صقور فتح» في تلك الحقبة، كما شارك في تأسيس الكتائب مع اندلاع انتفاضة الأقصى نهاية عام 2000، وتعرض لسلسلة محاولات اغتيال سابقاً خلال قيادته لمجموعات عسكرية في خان يونس.

مقاتلان من «حماس» يشاركان في عرض عسكري قرب الحدود مع إسرائيل بوسط قطاع غزة في 19 يوليو 2023 (رويترز)

وأبو حية ليس الحالة الأولى التي تتعرض لانتهاكات واعتداءات خلال الحرب الحالية. وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن هناك كثيراً من الحالات سُجلت أثناء محاولة الحركة الأخذ بزمام الأمور الأمنية من جديد في القطاع، حيث استجوبت كثيراً من المناهضين لها الذين ينتقدونها بشكل علني عبر شبكات التواصل الاجتماعي وغيرها.

وأحد الذين تعرضوا لاعتداء كان الناشط أمين عابد، الذي تَعَرَّض هو الآخر لإطلاق نار من مسلحين قيل إنهم من «حماس»، قبل أن يُنْقل للعلاج خارج القطاع خلال الحرب الحالية. وكتب عابد عبر حسابه على «فيسبوك» قائلاً: «أبو حية اغتيل بطلقة في رأسه من الخلف»، مشيراً إلى أن الحادث جاء بعد سلسلة من التهديدات والانتهاكات التي تَعَرَّضَ لها الراحل بسبب مواقفه السياسية وانتقاداته العلنية لـ«حماس».

وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن أبو حية قُتل على يد ابن عمه الذي ينتمي لـ«حماس». وقال شبان من العائلة إنه قتله لأسباب سياسية، وقال آخرون إنه على خلفية مشكلة عائلية. وقالت مصادر في «حماس» إنه لا توجد أي تعليمات بقتل أبو حية أو قتل أي شخص مناهض للحركة، والتعليمات صادرة فقط بقتل المتعاونين مع إسرائيل الذين يثبت بدليل قاطع من خلال التحقيقات معهم بتسببهم بقتل فلسطينيين.

وجاء هجوم «فتح» الشديد على «حماس» في ظل الحديث عن توافق على تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة. ويستذكر الفلسطينيون سلسلة طويلة من الاتهامات بين الحركتين، يخشون أن تتجدد في ظل ظروف صعبة يعانيها الغزيون بفعل استمرار الحرب الإسرائيلية.


مقالات ذات صلة

ترمب يحتفي بإنجاز «اتفاق الرهائن»: سيتم إطلاق سراحهم قريباً

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

ترمب يحتفي بإنجاز «اتفاق الرهائن»: سيتم إطلاق سراحهم قريباً

أعلن الرئيس الأميركي المنتخبب دونالد ترمب اليوم (الأربعاء) عبر منصته «تروث سوشيال» التوصل الى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص زحمة في سوق بخان يونس بالتزامن مع أنباء عن قرب التوصل إلى هدنة (رويترز)

خاص بريطانيا تدعو إلى إتمام «هدنة غزة» سريعاً

دعت بريطانيا إلى إتمام اتفاق بين إسرائيل و«حماس» يقضي بوقف إطلاق النار بقطاع غزة وإطلاق الأسرى «في أقرب وقت».

نجلاء حبريري (لندن)
المشرق العربي تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)

إسرائيل و«حماس» تتوصلان لاتفاق لوقف النار في غزة

قال مسؤول مطلع لـ«رويترز»، الأربعاء، إن إسرائيل وحركة «حماس» اتفقتا على وقف القتال في غزة وتبادل للرهائن الإسرائيليين والسجناء الفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية غزيون يتفقدون الدمار الذي خلَّفته غارة إسرائيلية على مدرسة الفارابي وسط مدينة غزة الأربعاء (أ.ف.ب)

إسرائيل تستعد لتشويش «أفراح حماس» عند تنفيذ الصفقة

تحتل مهمة التشويش على ما يسمى في تل أبيب «أفراح حماس» مكانة رفيعة.

نظير مجلي (تل أبيب)
تحليل إخباري رد فعل امرأة وهي تتفقد الدمار الذي خلفته غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين وسط غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري هل تكون خطة «اليوم التالي» في غزة «نقطة خلاف» جديدة؟

وسط جهود مكثفة نحو تنفيذ هدنة جديدة في قطاع غزة، تزايد الحديث عن خطة «اليوم التالي» لانتهاء الحرب، كان أحدثها تصريحات أميركية شملت تفاصيل، بينها وجود أجنبي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

إسرائيل تستعد لتشويش «أفراح حماس» عند تنفيذ الصفقة

غزيون يتفقدون الدمار الذي خلَّفته غارة إسرائيلية على مدرسة الفارابي وسط مدينة غزة الأربعاء (أ.ف.ب)
غزيون يتفقدون الدمار الذي خلَّفته غارة إسرائيلية على مدرسة الفارابي وسط مدينة غزة الأربعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تستعد لتشويش «أفراح حماس» عند تنفيذ الصفقة

غزيون يتفقدون الدمار الذي خلَّفته غارة إسرائيلية على مدرسة الفارابي وسط مدينة غزة الأربعاء (أ.ف.ب)
غزيون يتفقدون الدمار الذي خلَّفته غارة إسرائيلية على مدرسة الفارابي وسط مدينة غزة الأربعاء (أ.ف.ب)

ضمن الاستعدادات الميدانية التي تقوم بها المؤسسات الإسرائيلية، على اختلاف مواقعها واهتماماتها، لإتمام صفقة وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع «حماس»، تحتل مهمة التشويش على ما يسمى في تل أبيب «أفراح حماس» مكانة رفيعة. ففي أروقة الحكومة وأجهزة الأمن، يتوقعون أن تعدّ «حماس» هذه الصفقة انتصاراً لها على إسرائيل، على الرغم عن الدمار الهائل في غزة والعدد الرهيب للقتلى (أكثر من 46 ألفاً ويتوقع أن يرتفع العدد إلى 70 ألفاً بعد كشف الجثث تحت الردم) والجرحى جسدياً (نحو 120 ألفاً) ونفسياً (كل سكان القطاع).

ووفقاً لمتابعة تصريحات القادة الإسرائيليين وتصرفاتهم، توجد تغيرات جوهرية في تل أبيب ومفاهيم وقيم جديدة بسبب هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

فإذا كان هؤلاء القادة، يتعاملون في الماضي مع هذه الأفراح باستخفاف ويتركون للشعب الفلسطيني محاسبة قادته عليها، يوجد تراجع كبير في الثقة بالنفس، عن ذلك الماضي. واليوم يخشون من أي مظاهر احتفالية. وتبذل القيادات الإسرائيلية جهوداً كبيرة جداً لمنعها.

ومما كشف النقاب عنه في الساعات الأخيرة، فإن أكثر الأمور إزعاجاً لهم، هو أن يخرج الأسرى الفلسطينيون، الذين سيتحررون من السجون الإسرائيلية بموجب الصفقة، وهم يرفعون راية النصر (V).

لذلك؛ قرَّروا إعداد حافلات النقل لتكون من دون نوافذ أو حتى من دون شبابيك، حتى لا تنقل كاميرات الصحافة صور أي منهم. وتستعد قوات الجيش في الضفة الغربية لمنع أي مهرجانات احتفالية بعودة الأسرى بالقوة. وستترك الاحتفالات في قطاع غزة فقط، إذا حصلت، بحيث تتم هناك على خلفية الدمار الهائل؛ ما يجعلها بائسة.

مخافة الرسائل

وكشفت مصادر حقوقية في رام الله عن أن مصلحة السجون، وجنباً إلى جنب مع إعداد ملفات الأسرى الذين سيطلق سراحهم، تقوم بإجراءات كثيفة لمنع الأسرى من نقل رسائل من زملائهم الذين سيبقون في الأسر الإسرائيلي ولا تشملهم الصفقة. وخلال تفتيش أحد الأسرى، اكتشفت رسالة في فمه، من أحد الزملاء إلى ذويه، فتعرَّض لعقاب شديد. وتم نقل الأسرى من سجونهم إلى معتقل عوفر الكبير، وهم مكبَّلون ومعصوبو العيون. وتم تهديدهم بإعادة الاعتقال في حال خالفوا التعليمات.

تعتيم إعلامي

وفي إسرائيل نفسها، تستعد السلطات لاستقبال المحتجزين (وهم 33 شخصاً، من الأطفال والنساء والمسنين والمرضى)، وسط تعتيم إعلامي شامل، على عكس ما جرى في الصفقة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وهي تعتقد أن إطالة وقت الأسر، على هذه الشريحة من المحتجزين، يترك آثاراً شديدة. ولا تكون هذه الآثار جسدية فحسب، بل تكون لها آثار نفسية جسيمة.

إسرائيلية تمرّ بجانب جدار عليه صور الأسرى لدى «حماس» في القدس الأربعاء (إ.ب.أ)

وعليه، تم إعداد عامل اجتماعي لكل محتجز محرر، وطواقم الطب النفسي في خمسة مستشفيات وتخصيص غرفة خاصة لكل واحد منهم تتيح اختلاءهم مع أفراد عائلاتهم، وتقرر منع لقاءات لهم مع السياسيين. وكشفت وزارة الصحة عن أنها أعدت ملفاً لكل محتجز، عن أمراضه واحتياجاته الخاصة وإعداد برنامج غذائي ملائم له، واضعين في الحسبان النقص المتوقع في مستوى التغذية والنقص الكبير في الوزن.

وكشفت صحيفة «هآرتس»، الأربعاء، عن ممارسات قمع جديدة تزايدت مع قرب إطلاق سراح الأسرى. ومما جاء في شهادات الأسرى قول أحدهم: «منذ وصولي إلى هنا، عيوني معصوبة ويدي مكبلة طوال الوقت حتى عند الذهاب إلى الحمام. أنا أجلس كل الوقت في الحظيرة مع 50 شخصاً آخر». وقال آخر من أسرى غزة: «نحن نمر بتنكيل مفزع. طوال اليوم نجلس وأيدينا مكبلة وعيوننا معصوبة. الجنود يشتموننا، ويسمحون لنا بالنوم في منتصف الليل، بعد ساعة يقومون بإيقاظنا ويطلبون منا الوقوف لنصف ساعة، بعد ذلك يعيدوننا للنوم، بعد ساعة يقومون بإيقاظنا، هكذا طوال الليل. نحن بصعوبة ننام ثلاث ساعات. وفي الصباح يتم أخذ فرشات المعتقلين التي ننام عليها، وهم يبقون على الأرض مكبلين حتى الليلة المقبلة».

وأشار تقرير لمصلحة السجون إلى أنه مقابل 1300 أسير فلسطيني يتوقع تحريره، هناك 5500 أسير فلسطيني تم اعتقالهم خلال الحرب، ليصبح إجمالي عدد الأسرى 11 ألفاً. ومعظم الغزيين الذين تم اعتقالهم أثناء الحرب يُحتجَزون في إسرائيل بقوة قانون «المقاتلين غير القانونيين»، الذي يمكّن من السجن دون محاكمة لكل من ادُعي ضده بأنه شارك في النشاطات العدائية ضد الدولة.

ويسمح هذا القانون بحرمان المعتقلين من حق الالتقاء مع محامٍ لفترة طويلة، 45 يوماً، وفي بعض الحالات 75 يوماً، وينص على إحضارهم للمثول أمام قاضٍ فقط بعد 45 يوماً على الاعتقال. وهناك 500 من بين الـ3400 غزي المعتقلين الآن في إسرائيل حتى الآن لم يلتقوا محامياً.

متظاهرون إسرائيليون يطالبون باستعادة الأسرى أثناء تجمع في تل أبيب ليل الثلاثاء (أ.ف.ب)

وبحسب تقرير «هآرتس»، فإن «معظم المعتقلين تم احتجازهم في البداية في غزة، وبعد ذلك تم نقلهم إلى سديه تيمان. بعد التحقيق معهم تم نقلهم إلى معتقلات عسكرية أخرى مثل محنيه عوفر وعناتوت أو قاعدة نفتالي في الشمال. مظاهر العنف تظهر، حسب الشهادات، في كل مراحل الطريق، في التحقيق، في منشآت الاعتقال وبالأساس على الطرق. وكنا قد نشرنا في (هآرتس) عن حالة قام خلالها الجنود المرافقون لمعتقلين من خان يونس، بشبهة قتل اثنين منهم، ظهرت على رأس كل منهما علامات ضرب وعلى جسديهما ظهرت علامات التكبيل».

انسحاب جزئي

وعلى الصعيد العسكري، يستعد الجيش الإسرائيلي للانسحاب الجزئي من مناطق عدة في قطاع غزة، في غضون أيام قليلة وبأقصى السرعة، جنباً إلى جنب مع توجيه ضربات قاسية لأي محاولة من «حماس» بالظهور كمن تحتفظ بقوتها العسكرية في تنفيذ عمليات. وهي تمارس القصف الجوي يومياً ولا تترك يوماً يمر من دون قتلى وجرحى، حتى لو كان معظمهم من المدنيين، وخصوصاً الأطفال والنساء والمسنين.