حرب شوارع في جنوب شرقي تركيا احتجاجاً على عزل رؤساء بلديات

إردوغان ينتقد المعارضة ويحذّرها من تهديد القضاء

قوات الشرطة تمنع نائب حزب الشعب الجمهوري المعارض دنيز ياووز يلماظ من دخول مبنى بلدية إسنيورت في إسطنبول الجمعة (إعلام تركي)
قوات الشرطة تمنع نائب حزب الشعب الجمهوري المعارض دنيز ياووز يلماظ من دخول مبنى بلدية إسنيورت في إسطنبول الجمعة (إعلام تركي)
TT

حرب شوارع في جنوب شرقي تركيا احتجاجاً على عزل رؤساء بلديات

قوات الشرطة تمنع نائب حزب الشعب الجمهوري المعارض دنيز ياووز يلماظ من دخول مبنى بلدية إسنيورت في إسطنبول الجمعة (إعلام تركي)
قوات الشرطة تمنع نائب حزب الشعب الجمهوري المعارض دنيز ياووز يلماظ من دخول مبنى بلدية إسنيورت في إسطنبول الجمعة (إعلام تركي)

اندلعت أعمال عنف وشغب تخللتها أعمال حرق ونهب لمحال تجارية في جنوب شرقي تركيا احتجاجاً على عزل 3 رؤساء بلديات منتخبين من حزب «الديمقراطية والمساواة للشعب» المؤيد للأكراد لاتهامهم بدعم الإرهاب. وفي الوقت ذاته، استمرت المصادمات بين الشرطة ونواب حزب الشعب الجمهوري في إسطنبول على خلفية اعتقال رئيس بلدية إسنيورت، أحمد أوزار، بتهمة دعم الإرهاب والاتصال بعناصر في حزب العمال الكردستاني.

وقام محتجون غاضبون بأعمال عنف وشغب في شوارع مدينة بطمان وتحولت الشوارع ساحة معركة مع الشرطة التي اعتقلت العشرات من المتظاهرين بعد إشعالهم النار ونهب أحد المحال.

وقالت المديرية العامة للأمن، في بيان في ساعة متأخرة من ليل الخميس - الجمعة، إنه تم القبض على 140 مشتبهاً بهم في 8 ولايات، هي: ماردين، بطمان، شانلي أورفا، إسطنبول، وان، ديار بكر، أضنة وأنطاليا، بسبب إلقائهم الحجارة على قوات الأمن؛ ما أسفر عن إصابة 16 شرطياً، ومواطنَين اثنين.

وأضاف البيان أنه تم اتخاذ إجراءات قانونية ضد 75 شخصاً من مديري حسابات على منصات التواصل الاجتماعي، لنشرهم منشورات استفزازية وتحريضية، مطالباً المواطنين بالابتعاد عن الاستفزازات.

وحذَّر البيان من ارتكاب جرائم تؤذي الناس والبيئة والممتلكات بوسائل غير قانونية، مشدداً على أن الدولة التركية قوية، وأن من دبروا هذه المؤامرات ضد الدولة سينالون الجزاء الذي يستحقونه.

أعمال شغب وحرائق واشتباكات مع الشرطة في بطمان (إكس)

وعقب اعتقال قوات الأمن التركية رئيس بلدية إسنيورت، كبرى بلديات ولاية إسطنبول، أحمد أوزار، الأسبوع الماضي، وتوقيفه بتهمة الإرهاب وإجراء اتصالات على مدى 10 سنوات مع أعضاء في حزب العمال الكردستاني، المصنف منظمة إرهابية، قررت وزارة الداخلية عزل رئيسي بلدية ماردين، السياسي الكردي المخضرم أحمد تورك، ورئيسة بلدية بطمان جولستان شونوك، وبلدية هالفيتي، التابعة لمدينة شانلي أورفا، محمد كارايلان، بالتهم نفسها؛ ما أدى إلى اندلاع احتجاجات واسعة، لا تزال مستمرة.

وفي إسطنبول تواصلت المشاحنات اليومية بين الشرطة ونواب وأعضاء حزب الشعب الجمهوري، منذ اعتقال رئيس بلدية إسنيورت، أحمد أوزار، الأربعاء قبل الماضي، في ظل تصدي الشرطة لمنع أعضاء مجلس البلدية المنتمين للحزب من دخول مبناها بعد تعيين نائب والي إسطنبول وصياً عليها. ووقع اشتباك بالأيدي، الجمعة، بين الشرطة ونائب حزب الشعب الجمهوري، دنيز ياووز يلماظ بعدما منعته من دخول مبنى بلدية إسنيورت.

وخاطب يلماظ عناصر الشرطة قائلاً: «ألم تفكروا في ضباط الشرطة والجنود الشهداء عندما دعا رئيس حزب الحركة القومية، حليف حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة الرئيس رجب طيب إردوغان، زعيم حزب العمال الكردستاني السجين، الإرهابي عبد الله أوجلان، للحديث من على منصة البرلمان والاستفادة من الحق في الأمل وإطلاق سراحه، بينما تعتقلون رئيس بلدية من حزبنا على أساس مكالمات هاتفية قبل 10 سنوات مع أشخاص لا يعلم هويتهم؟».

نائب حزب الشعب الجمهوري دنيز ياووز يلماظ خلال تجمع أمام بلدية إسنيورت في إسطنبول (من حسابه في إكس)

وأضاف: «لقد تم اعتقال رئيس بلدياتنا الأكاديمي المعروف أحمد أوزر وتوقيفه بأدلة ملفقة، سنواصل مراقبتنا القوية ونكافح للتأكيد على أن الادعاءات الموجهة ضد أحمد أوزر هي أكاذيب ولا أساس لها من الصحة، وتتجاوز العقل والمنطق والضمير».

وفي أول تعليق له على أزمة عزل رؤساء بلديات المعارضة وتعيين أوصياء بدلاً منهم، قال الرئيس رجب طيب إردوغان إن «من يستغل منصبه سيدفع الثمن بالتأكيد».

وأضاف إردوغان، في تصريحات لصحافيين رافقوه في رحلة عودته من المجر بعد مشاركته في قمة المجتمع السياسي الأوروبي الخامسة، نُشرت الجمعة: «قلنا دائماً إنه لا يمكن الجمع بين الإرهاب والديمقراطية والسياسة المدنية، وإن انتخاب أي شخص لا يعطيه الحق في التدخل والتسلح بالإرهاب، فواجبه السياسي أن يخدم شعبه ومدينته ومنطقته، ولن نتسامح مع بارونات الإرهاب في قنديل (شمال العراق) وأوروبا أو التنظيم الانفصالي (حزب العمال الكردستاني) الذي يتم دعمه في هياكل المدن».

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية)

وتابع أننا نتابع التحقيقات التي يتم إجراؤها والأدلة والادعاءات والمعلومات والوثائق المتعلقة بالأفراد المذكورين (رؤساء البلديات المعزولين)، و«لا يمكننا أن نتوقع أن يتجاهل القضاء هذه الادعاءات والجرائم الخطيرة التي ظهرت الآن إلى النور». وانتقد إردوغان حزب الشعب الجمهوري، قائلاً: «لا ينبغي للمعارضة أن تحاول الضغط على القضاء لعدم القيام بواجبه، وإن تهديد مدعي العموم واستهداف رجال القانون وإهانتهم بشكل خاص هو محض لصوصية، أهنئ السلطة القضائية على الفطنة التي تتمتع بها في هذه القضية».


مقالات ذات صلة

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية ترمب مستمعاً إلى مرشحه لوزارة الخارجية السيناتور ماركو روبيرو خلال حملته لانتخابات الرئاسة الأميركية (رويترز)

إردوغان «قلق» من تعيينات إدارة ترمب الجديدة

لم يُخفِ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قلق حكومته بشأن بعض الأسماء التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ضمها إلى إدارته.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مؤتمر صحافي في ختام مشاركته بقمة الـ20 بالبرازيل ليل الثلاثاء - الأربعاء (الرئاسة التركية)

تركيا تؤكد استعدادها لمرحلة «ما بعد أميركا في سوريا»

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن تركيا مستعدة للوضع الجديد الذي سيخلقه الانسحاب الأميركي من سوريا، وعازمة على جعل قضية الإرهاب هناك شيئاً من الماضي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الصواريخ الأميركية التي سمح بايدن لأوكرانيا باستخدامها في منطقة روسية (موقع الصناعات الدفاعية التركية)

تركيا تعارض السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ أميركية في روسيا

أعلنت تركيا معارضتها قرار الرئيس الأميركي جو بايدن السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ أميركية بعيدة المدى لتنفيذ ضربات داخل روسيا.

سعيد عبد الرازق
المشرق العربي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مشاركته بقمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 19 نوفمبر 2024 (رويترز)

إردوغان: تركيا مستعدة إذا قررت الولايات المتحدة الانسحاب من شمال سوريا

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم الأربعاء، إن تركيا مستعدة إذا قررت الولايات المتحدة الانسحاب من شمال سوريا.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

«عسكرة» النووي الإيراني في صلب المخاوف الغربية

 منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)
منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)
TT

«عسكرة» النووي الإيراني في صلب المخاوف الغربية

 منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)
منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

كانت الأنظار متجهة صوب فيينا يوم الخميس مترقبة التصويت على مشروع القرار الذي تقدمت به «الترويكا» الأوروبية، فرنسا وبريطانيا وألمانيا، بدعم من الولايات المتحدة الأميركية، والذي يندد بعدم تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بمناسبة الاجتماع الربع السنوي لمحافظي الوكالة الـ35.

وكان مدير الوكالة، رافاييل غروسي، قد زار طهران الأسبوع الماضي حيث أجرى جولة واسعة من المحادثات مع مسؤولي الملف النووي، بما في ذلك مع رئيس الجمهورية مسعود بزشكيان. واللافت، هذه المرة، وجود تضارب في وجهات النظر بين غروسي والدول الغربية الأربع الساعية لتصعيد الضغوط على الجانب الإيراني، بالتوافق مع دول الاتحاد الأوروبي التي فرضت، مؤخراً، عقوبات جديدة على طهران بسبب الدعم الذي تقدمه لروسيا في حربها مع أوكرانيا.

كذلك، فإن عودة الرئيس الأميركي الأسبق دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل تزيد من حدة الضغوط على إيران، ولكن أيضاً على الطرف الأوروبي الذي لم ينجح عام 2018 في ثني ترمب عن الخروج من الاتفاق النووي المبرم صيف 2016، ولا في تفعيل الآلية الأوروبية «أنستكس» التي تمكن طهران من الالتفاف على العقوبات الأميركية العابرة الحدود.

مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة مع انطلاق اجتماع محافظي الوكالة في فيينا (إ.ب.آ)

غروسي والأوروبيون

لقد سعى غروسي إلى «تنفيس» تعبئة «الترويكا» التي أعدت، منذ أسابيع، مشروع قرار يدين إيران بسبب إخفاقها في التعاون الكامل مع الوكالة الدولية، ولكن من غير أن يذهب، علناً، إلى تهديدها بنقل ملفها إلى مجلس الأمن الدولي من أجل تفعيل ما يسمى «آلية سناب باك» التي ينتهي مفعولها في خريف عام 2025.

والحال أنه، في حال تفعيلها، ستفضي الآلية المعقدة إلى إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران التي «علقت» بفضل الاتفاق النووي بداية عام 2017؛ ولذا، سعى غروسي لإبراز «التنازل» الذي قدمته طهران، حيث إنها قررت «تجميد» إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة.

وقال غروسي الذي تلقى صباح الأربعاء مكالمة هاتفية من وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، تضمنت وعوداً بالتعاون ولكن أيضاً تهديداً بالرد، إن ما تقوم به إيران يتم «للمرة الأولى»، ويعد «خطوة في الاتجاه الصحيح». وأضاف مدير الوكالة أن مفتشيها «تحققوا» من هذا الأمر وتبين لهم أن إيران «تقوم بالتحضيرات» الضرورية لتحقيق هذا الغرض.

والمعروف أن الدولة التي تمكنت بالتقنية من تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة قادرة على الارتقاء بالتخصيب إلى نسبة 90 في المائة الضرورية لإنتاج السلاح النووي. وتمتلك إيران حالياً أقل بقليل من 185 كلغ من اليورانيوم المخصب بهذه النسبة، ما يمكّنها من التحول إلى قوة نووية إذا سعت لذلك، وهو الأهم والذي تنفيه بقوة، لكونه يخالف «عقيدتها النووية».

وخلاصة غروسي الموجهة للغربيين تحذيرهم من «تصعيد لا طائل منه خصوصاً في منطقة عانت بسببه الكثير»، ونصحهم بـ«التزام الحذر» لجهة أن إيران «يمكن أن تتراجع عن قرارها» تجميد التخصيب في حال صوت مجلس المحافظين لصالح مشروع قرار «الترويكا»، مستعيداً بذلك تحذيرات عراقجي التي سمعها منه مجدداً صباح اليوم نفسه. لكن يبدو أن «تطمينات» وتحذيرات غروسي لم تكن كافية لإقناع الغربيين بالتراجع عن عرض نصهم المتشدد للتصويت.

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

عسكرة البرنامج النووي الإيراني

تمثل عسكرة البرنامج النووي الإيراني لب الخلاف بين الغربيين وإسرائيل ودول أخرى عديدة في الإقليم وخارجه من جهة، وإيران من جهة ثانية، لأنها تمس موضوع اتفاقية الضمانات الإيرانية ومنطوق معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.

وفي هذا الإطار، يندرج بيان الاتحاد الأوروبي يوم الخميس الذي يتهم إيران بانتهاك التزاماتها بموجب الاتفاق النووي، فضلاً عن الاستمرار في مراكمة مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة وتركيب الآلاف من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة الجديدة.

وإذ حذر البيان من احتمال نشوب أزمة انتشار نووي في المنطقة بسبب ما تقوم به إيران، فإنه شدد على أن «ضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي هو أولوية أمنية أساسية بالنسبة لنا».

ويشكل البيان «مضبطة اتهام» لإيران، عادًّا أن «التطور الذي أحرزته إيران في المجال النووي على مدى السنوات الخمس الماضية هو مصدر قلق كبير»، وأن الوكالة الدولية «لم تتمكن على مدى أكثر من ثلاث سنوات من تنفيذ العديد من أنشطة التحقق والرصد الرئيسية المتعلقة بالاتفاق النووي مع إيران».

وخلاصته، كما في كل مرة، دعوة طهران إلى العودة إلى التزاماتها المتعلقة بمنع الانتشار النووي دون مزيد من التأخير.

والواضح أن الغرض من البيان توفير الدعم الجماعي لـ«الترويكا» ولخطها المتشدد، وتحديداً في ملف «العسكرة».

«مضبطة الاتهام» تكررت في بيان «الترويكا» الذي تلته المندوبة الفرنسية، والذي ندد بـ«غياب الشفافية»، وبفشل إيران في توفير المعلومات التي طلبتها الوكالة، مذكرة بأن إيران هي الدولة الوحيدة في العالم التي لا تمتلك أسلحة نووية وتقوم بتخصيب اليورانيوم بنسبة مرتفعة.

ورداً على غروسي، ذكر البيان أنه «حتى لو أقدمت إيران على هذا الإجراء، فستظل تحتفظ بمخزون كبير للغاية من اليورانيوم عالي التخصيب بالإضافة إلى القدرة على استئناف التخصيب بنسبة 60 في المائة في أي وقت»؛ لذا، فقد طالب البيان إيران «ليس فقط بوقف عملية التخصيب (المرتفعة) بل بالتخلص الفوري من مخزون اليورانيوم عالي التخصيب». وبنظر الأوروبيين، فإن «سلوك إيران في المجال النووي يشكل تهديداً للأمن الدولي ويقوض نظام عدم الانتشار النووي العالمي».

غروسي وإسلامي في مؤتمر صحافي بطهران الأسبوع الماضي (د.ب.أ)

خيارات إيران

طالب البيان الأوروبي بستة إجراءات: وقف التصعيد النووي من جانب إيران وعكس اتجاهه والامتناع عن التهديد بإنتاج أسلحة نووية، والعودة إلى القيود التي فرضتها خطة العمل الشاملة المشتركة، ولا سيما تلك المتعلقة بالتخصيب، وتنفيذ البيان المشترك بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية الصادر في مارس (آذار) 2023، والالتزامات التي تعهدت بها فيما يتعلق بالشفافية والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بما في ذلك إعادة تطبيق جميع تدابير الشفافية التي أوقفتها في فبراير (شباط) 2021، والسماح للوكالة بتركيب معدات المراقبة والرصد عند الطلب، وإعادة تنفيذ بروتوكولها الإضافي والتصديق عليه بسرعة، وأخيراً التراجع الكامل عن قرارها الصادر في سبتمبر (أيلول) 2023 بسحب تعيينات المفتشين ذوي الخبرة. وما جاء على لسان المندوبة الفرنسية ورد أيضاً في الكلمة التي ألقتها المندوبة الأميركية.

الواضح اليوم أن هناك عملية «لي ذراع» بين طهران والغربيين، وأن الطرف الضعيف هو إيران. ومشكلتها أن ردها على تصويت مجلس المحافظين على مشروع القرار المطروح يزيد من إحراجها، إذ إنها لا تستطيع أن تطمر رأسها في الرمل وألا ترد على القرار الذي سيكون بمثابة تحذير بنقل ملفها إلى مجلس الأمن الدولي، ولا هي قادرة على اتخاذ إجراءات جذرية لرغبتها في الإبقاء على «شعرة معاوية» بينها وبين الإدارة الأميركية المقبلة. ولذا، فإنها ناورت ولكن من غير نتيجة وسعت إلى استمالة غروسي ومحاولة إحداث انقسام بين الأوروبيين والأميركيين. غير أنها فشلت أيضاً، لأن هؤلاء لا يريدون القطيعة مع ترمب وإدارته الجديدة. ولا يمكن فصل هذا الملف عما يجري في الإقليم وعن الضربة الإسرائيلية وترددها في الرد عليها. وكلها تبين أن إيران تجتاز مرحلة بالغة الدقة، وكل خطوة تقوم بها يفترض أن تحسب ألف مرة حساب النتائج والتبعات المترتبة عليها.