قبل نحو ثلاثة أسابيع على انتخابات الرئاسة الأميركية، أطلقت المرشحة الديمقراطية، كامالا هاريس، موقفاً مفاجئاً عدّ تحولاً ساخناً في سياساتها الخارجية، حين أعلنت أن «إيران هي الخطر الأول لأميركا وليست الصين».
جاء ذلك، خلال مقابلة تلفزيونية لهاريس، مع بيل وايتاكر، في برنامج «60 دقيقة» على شبكة «سي بي إس». وقالت هاريس إن إيران، وليست الصين، هي التهديد الأكبر للولايات المتحدة، لتضيف حين سئلت عن «أعظم عدو» للبلاد، فأجابت: «إيران لديها دماء أميركية على أيديها».
وأشارت هاريس أيضاً إلى هجوم إيران الصاروخي الباليستي ضد إسرائيل الأسبوع الماضي، كدليل على قدرات إيران، وقالت: «ما نحتاج إلى القيام به لضمان عدم قدرة إيران على أن تصبح قوة نووية، هو أحد أعلى أولوياتي».
غير أن هاريس رفضت التكهن بما إذا كانت الولايات المتحدة ستتخذ إجراء عسكرياً بنفسها إذا ما تم الكشف عن دليل على أن إيران تبني سلاحاً نووياً.
وأثارت تصريحاتها ردود فعل مختلفة في واشنطن. وفيما تساءل البعض عن موقع الصين، خصوصاً أن استراتيجية الأمن القومي لإدارة بايدن – هاريس لعام 2022، تصف الصين بأنها «التحدي الجيوسياسي الأكثر أهمية لأميركا»، رأى آخرون أن موقفها لا يعد تغييراً في الأولويات.
إيران تهديد آني
قال كبير الباحثين في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، ماثيو ليفيت، إنه لا يرى هذه التصريحات تغييراً في سياساتها. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «تعليقات هاريس لا تعني التغيير في نظرتها إلى الصين أو روسيا باعتبارهما التهديد الأكبر. بل ترى التهديدات المتعددة التي تشكلها إيران -الإرهاب، والبرنامج النووي، والتهديد الإقليمي، وعدم الاستقرار- ملحة بشكل خاص في الوقت الراهن».
في المقابل، نقلت مجلة «بوليتيكو» عن ريبيكا هاينريش من مؤسسة هدسون للأبحاث قولها: «في الواقع لا أعرف أي شخص يعمل في مجال الأمن القومي سيُسأل عن هذا، ويقول إيران». «إن إيران دولة مارقة بكل تأكيد، وتهديد خطير، لكنها ليست من النوع نفسه الذي يشكله خصم حقيقي مثل الصين».
الصين منافس استراتيجي
وتتفق هاينريش مع محللين آخرين للأمن القومي بأن «الصين تتمتع بأكثر الاقتصادات تقدماً وجيشها يتقدم لمنافسة الولايات المتحدة، وتقوم بأكبر عمليات تجسس في الولايات المتحدة بناء على المعلومات المتاحة للجمهور، وقوة بحرية متنامية تنافس قوة البحرية الأميركية، وبرنامج أسلحة نووية سريع التوسع على المسار الصحيح للتنافس مع المخزونات الأميركية في العقود المقبلة».
ويتفق خبراء في قضايا الشرق الأوسط على أن الصين، وليس إيران، تشكل التهديد الأكبر لواشنطن. وقال ديفيد شينكر، الذي شغل منصب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى في إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، إن إيران تشكل «تهديداً كبيراً» لكنه أضاف: «لا يوجد جدال يذكر حول احتلال الصين وروسيا وكوريا الشمالية مرتبة عليا في قائمة التهديدات».
مبالغة في تقدير إيران
بيد أن التعليقات على تصريحات هاريس امتدت أيضاً إلى الطرف اليساري من الطيف السياسي. وقال سينا توسي، زميل مركز السياسة الدولية التقدمي، إن المشكلة في تعليقات هاريس هي أنها تسيء تقدير إيران وتبالغ في «قوتها ونفوذها» في المنطقة. كما يمكن أن يزيد ذلك من احتمالات المزيد من الصراع بين الولايات المتحدة وإيران.
وقال: «في حين تمتلك إيران بعض الصواريخ والطائرات من دون طيار المتقدمة، إلا أنها لا تضاهي القوة العسكرية للولايات المتحدة أو حتى إسرائيل». وأضاف قائلاً: «إذا واصلنا السير على هذا الطريق المتمثل في شيطنة إيران بشكل انعكاسي، فإننا محكوم علينا بتكرار أخطاء العراق وحبس أنفسنا في حلقة مفرغة من الصراع الذي لا نهاية له دون فائدة واضحة لأمن الولايات المتحدة أو الاستقرار في المنطقة».