تلويح إيراني بالردع... «سلاح نووي» وأكثر

«الحرس الثوري» تحدث عن هجوم سيبراني ناجح... وتهديد بضرب حقول غاز إسرائيل

خامنئي يتحدث إلى قائد «الوحدة الصاروخية» في «الحرس الثوري» أمير علي حاجي زاده خلال نوفمبر الماضي (موقع المرشد)
خامنئي يتحدث إلى قائد «الوحدة الصاروخية» في «الحرس الثوري» أمير علي حاجي زاده خلال نوفمبر الماضي (موقع المرشد)
TT

تلويح إيراني بالردع... «سلاح نووي» وأكثر

خامنئي يتحدث إلى قائد «الوحدة الصاروخية» في «الحرس الثوري» أمير علي حاجي زاده خلال نوفمبر الماضي (موقع المرشد)
خامنئي يتحدث إلى قائد «الوحدة الصاروخية» في «الحرس الثوري» أمير علي حاجي زاده خلال نوفمبر الماضي (موقع المرشد)

في سياق استعراض القوة، لوّحت إيران بتغيير عقيدتها نحو إنتاج السلاح النووي، وحذرت بأن «حزب الله» اللبناني بإمكانه تهديد حقول الغاز الإسرائيلية في البحر المتوسط، كما أوردت وسائل إعلام إيرانية مقربة من المرشد.

وتأتي التهديدات الإيرانية وسط خضم تصاعد التوتر في الشرق الأوسط، وعلى مشارف مواجهة مباشرة بين طهران وتل أبيب، التي تخطط للرد على هجوم صاروخي تعرضت له الأسبوع الماضي.

وذكر موقع «أكسيوس» الإخباري الأميركي الأسبوع الماضي، نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين، أن تل أبيب قد تستهدف في ردها منشآت لإنتاج النفط داخل إيران.

تغيير «عقيدة النووي»

وقالت صحيفة «طهران تايمز» إن «الخطر الإسرائيلي غير المنضبط يغذي المطالبات الشعبية الإيرانية بامتلاك الأسلحة النووية».

ودأبت مؤسسات عسكرية وسياسية إيرانية، خلال السنوات الماضية، على التلويح بتغيير العقيدة النووية إلى إنتاج هذا السلاح، لكن غالباً ما ينتهي الأمر إلى التذكير في كل مرة بأن ذلك «محرم وفق فتوى المرشد علي خامنئي».

وذكرت الصحيفة الإيرانية، التي تصدر باللغة الإنجليزية والمقربة من مكتب المرشد، أن «الإيرانيين لم يعودوا يفهمون لماذا لا نطور أسلحة نووية، خصوصاً أن إيران دفعت ثمنها على أي حال».

وأوردت «طهران تايمز» أن «أكبر شرائح المجتمع الإيراني تسامحاً بدأت تدعم فكرة أن طهران يجب أن تحصل على أسلحة نووية».

ونقلاً عن الصحيفة، فإن «استطلاع رأي أجرته شركة أبحاث، مقرها كندا، كشف عن أن نحو 70 في المائة من الإيرانيين يؤيدون تطوير الأسلحة النووية»، وليس من الواضح متى تم إجراء هذا الاستطلاع أو من قبل أي شركة تم تنفيذه.

وتحدثت الصحيفة عن «رغبة في تعزيز الردع ضد إسرائيل، وهي تلقى صدى أيضاً بين الدوائر الأكبر نفوذاً ونخبوية في البلاد».

«طهران تايمز» كتبت في صفحتها الأولى: تصاعد الدعوات إلى إنتاج السلاح النووي

وفي مقابلة أجريت معه مؤخراً، أكد حسن خميني، حفيد المرشد الأول، على الحاجة إلى أن تعمل إيران على تعزيز قدراتها الرادعة. وقالت «طهران تايمز» إنه «عندما سئل عن نوع الردع المحدد الذي كان في ذهنه، أجاب: سأقول هذا فقط الآن». وأوردت الصحيفة أنه «بعد تدمير قطاع غزة والتحرك تدريجياً نحو لبنان وسوريا واليمن، يشعر الإيرانيون بقلق متصاعد بشأن ما إذا كانت بلادهم تمتلك ما يكفي من الردع لمنع إسرائيل من تكرار هذه الإجراءات ضد إيران».

وتمتلك طهران دون شك «قدرات عسكرية أعلى تطوراً بكثير من نظيراتها الإقليمية»، كما تزعم الصحيفة، لكن كثيرين يتكهنون بأن الأمر مجرد مسألة وقت قبل أن تتخذ إسرائيل إجراءات ضد إيران أيضاً.

ونقلت الصحيفة عن خبراء إيرانيين أن «الوقت حان لإنتاج أسلحة نووية تحسباً لرد تدميري من إسرائيل».

«غاز إسرائيل» في مرمى نيران «حزب الله»

رغم أن إيران توعدت إسرائيل بمزيد من «المفاجآت»، فإن وسائل الإعلام المحلية المقربة من السلطات في طهران تتحدث عن استهداف «حزب الله» اللبناني مصادر الطاقة في إسرائيل.

وكالة «مهر» الحكومية تحدثت، الأربعاء، عما وصفته بـ«منطق ميزان القوى» في غرب آسيا، الذي يحتم مواجهة منابع القوة الإسرائيلية وتهديد حقول الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط.

لكن «مهر» أوكلت هذه المهمة إلى «حزب الله» اللبناني، وقالت إنه «قادر على تهديد حقول الغاز التابعة لإسرائيل أقله على المدى القصير، وتوجيه ضربات قوية إلى تل أبيب».

ومنذ «هجمات البيجر» واغتيال حسن نصر الله، وعدد ليس بقليل من قادة «حزب الله»، ليس من الواضح إن كان هذا الأخير يمتلك قدرات كافية للمواجهة في حرب مفتوحة وشاملة، لو وصلت إلى «منابع الطاقة».

وأسهب تقرير «مهر» كثيراً في شرح خريطة الطاقة الإسرائيلية، وقدم معلومات عن الإنتاج ومواقع الحقول، والمسافة بينها وبين مصدر النار المفترض في الضاحية الجنوبية لبيروت.

وقالت «مهر» إن «إسرائيل بدأت إنتاج الغاز الطبيعي من الحقول البحرية عام 2004، لكن الكمية كانت أقل من الكمية اللازمة لتحقيق الاكتفاء الذاتي للنظام».

وفي المدة من 2009 حتى 2013، اكتُشف كثير من حقول الغاز في المياه العميقة للبحر الأبيض المتوسط. وركزت «مهر» على 3 مواقع؛ هي «تمار»، و«ليفياثان»، و«القريش».

وأفادت «مهر» بأن حقل غاز «تمار»، الذي اكتُشف عام 2013 وتقدر طاقته الإنتاجية بـ282 مليار متر مكعب، «قد تأثر بعملية (طوفان الأقصى) مباشرة»، ويعدّ (ليفياثان) أكبر حقل غاز في إسرائيل، ويقع قرب ساحل حيفا.

وزعمت الوكالة أن «حزب الله» قادر على استهداف الحقول الثلاثة؛ لأنها من «نقاط ضعف» إسرائيل. وأوضحت: «لقوة (حزب الله) على المستوى الإقليمي تأثير كبير على اكتشافات الغاز في المنطقة حول إسرائيل؛ لأن المستثمرين يشعرون بالقلق من التهديد الذي يمثله (الحزب) اللبناني في المياه الإقليمية».

أنظمة صواريخ لـ«الحرس الثوري» خلال العرض السنوي في جنوب طهران (أ.ب)

هجوم سيبراني «ناجح»

وقدَّم مسؤول بارز في «الحرس الثوري» رواية جديدة عن الهجوم الصاروخي، الذي شنّته طهران على إسرائيل الأسبوع الماضي.

وقال إبراهيم جباري، وهو مستشار قائد «الحرس الثوري»، إن عملية سيبرانية شنّتها إيران كانت وراء النجاح في إصابة الأهداف داخل إسرائيل، وفقاً لما نقلته وكالة «فارس».

وكان جباري يتحدث في العاصمة طهران، الأربعاء، خلال مؤتمر عن «حقوق الإنسان الأميركي».

وهاجمت إيران إسرائيل يوم 1 أكتوبر (تشرين الأول) 2024 بنحو 180 صاروخاً. وقال جباري إن 90 في المائة من هذه الصواريخ أصابت أهدافها.

وزعم جباري أن إيران شنت هجوماً سيبرانياً على أجهزة إسرائيلية، مما سبَّب اختراق الدفاعات، في عملية وصفها مستشار «الحرس الثوري» بأنها «مباغتة وناجحة».

وقال جباري: «عملية (الوعد الصادق2) شهدت قصف القواعد المهمة وملاجئ طائرات (إف35)، ودُمر عدد غير قليل منها».

وتابع جباري: «أسطورة (القبة الحديدية) تحطمت، والهجوم الإيراني أثبت أنها مجرد (ثقوب حديدية)».

بدوره؛ قال غلام رضا سليماني، وهو مسؤول ما يعرف بـ«جهاز التعبئة» في «الحرس الثوري»، إن «إيران ستستخدم تقنيات جديدة ستفاجئ العدو».

وشدد رضا سليماني على أن دعم المقاومة في فلسطين ولبنان من أهم «القرارات التي اتخذتها إيران».

وكرر المسؤول الإيراني الحديث عن أن بلاده لا تريد الحرب، بل تدافع عن نفسها، وقال إنه «في سياق الدفاع، فإن الإيرانيين لديهم تقنيات جديدة ستفاجئ العدو».

وتابع: «لقد أظهرنا جزءاً صغيراً من قدراتنا في عمليتي (الوعد الصادق1) و(2)».

وكان مسؤول أمني إسرائيلي قد صرح بأن معظم الصواريخ الإيرانية أسقطتها أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية، بينما نقلت تقارير صحافية أن بعض القواعد العسكرية ربما أصيبت، كما أن الصواريخ أصابت مطاعم ومدارس.


مقالات ذات صلة

إيران تقول إنها ستشغل عدة آلاف من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة

شؤون إقليمية وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (رويترز)

إيران تقول إنها ستشغل عدة آلاف من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة

أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي اليوم الثلاثاء أن بلاده ستقوم بتشغيل عدة آلاف من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية صورة عامة لمفاعل بوشهر النووي في إيران على بعد 1200 كيلومتر جنوب طهران في 21 أغسطس 2010 (رويترز)

طهران مستعدة للتفاوض مع واشنطن «بناء على الثقة»

قالت الحكومة الإيرانية، (الثلاثاء)، إن المفاوضات المرتقبة في جنيف حول مصير البرنامج النووي، ستعتمد على «أوامر المرشد علي خامنئي ومصالح الإيرانيين».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)

7 أسباب تدفع إيران لتغليب الحوار مع «الترويكا»

تجد إيران نفسها مضطرة إلى تغليب خيار الحوار مع «الترويكا» الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) بسبب مجموعة من العوامل المتشابكة داخلياً وخارجياً.

ميشال أبونجم (باريس)
تحليل إخباري رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)

تحليل إخباري دوافع إيران لطرح برنامجها النووي على طاولة الحوار الأوروبية

7 أسباب رئيسية تدفع إيران اليوم لتغليب الحوار مع «الترويكا» الأوروبية على السير بسياسة المواجهة مع الولايات المتحدة والغرب بشكل عام.

ميشال أبونجم (باريس)
خاص شغل الدكتور جمال مصطفى السلطان منصب السكرتير الثاني للرئيس صدام حسين وهو متزوج من ابنته حلا play-circle 02:19

خاص جمال مصطفى: الرئيس قال «عبد الكريم قاسم نزيه لكن الحزب كلفنا باغتياله»

يؤكد جمال مصطفى السلطان أن الرئيس صدام رفض اغتيال ضيفه الخميني، ويعتبر تسمية «الكيماوي» ظلماً لعلي حسن المجيد.

غسان شربل

الحكومة الإسرائيلية تغري النازحين للعودة إلى بيوتهم في الجليل

متظاهرون يحتجون أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية على الاتفاق المقترح مع لبنان (أ.ف.ب)
متظاهرون يحتجون أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية على الاتفاق المقترح مع لبنان (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الإسرائيلية تغري النازحين للعودة إلى بيوتهم في الجليل

متظاهرون يحتجون أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية على الاتفاق المقترح مع لبنان (أ.ف.ب)
متظاهرون يحتجون أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية على الاتفاق المقترح مع لبنان (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن تخصيص مبالغ مالية مرتفعة ستعطى منحاً لمن يوافق على العودة من النازحين من البلدات الواقعة على الحدود الشمالية مع لبنان. ولكن ممثلي هؤلاء السكان من رؤساء بلديات وقادة ميدانيين يرفضون العودة، ويقولون إنهم لا يثقون بوعود الحكومة، ويعتقدون أن الاتفاق سيئ، ولا يوجد فيه ضمان حقيقي لوقف العمليات الحربية.

وقالت وزارة المالية الإسرائيلية إنها ستدفع مبلغ يتراوح ما بين 100 ألف و200 ألف شيقل (27 إلى 54 ألف دولار)، تشجيعاً له على العودة، وهذا إضافة إلى التعويضات التي ستعطى لكل متضرر.

وقالت الوزارة إنه منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تم تدمير 8834 بيتاً في البلدات الإسرائيلية من جراء هجوم «حماس» و«حزب الله»، وتدمير 7029 سيرة و343 منشأة زراعية و1070 منشأة أخرى أي ما مجموعه 17276 منشأة أو عقاراً. وتقع هذه الإصابات بالأساس في البلدات الشمالية، حتى طبريا شرقاً وحيفا غرباً.

وقد خصص مبلغ 140 مليون شيقل لغرض المنح، التي تخصص لإغراء المواطنين بالعودة.

ولكن رؤساء البلدات في الشمال، لا يتحمسون لإعادة السكان.

ويقولون إنهم يرون أن الاتفاق سيقلب ساعة الرمل تمهيداً لحرب لبنان الرابعة. وبحسب رئيس بلدية كريات شمونة، أفيحاي شتيرن، فإن بوليصة تأمين إسرائيل تعتمد على حرية العمل تجاه «التهديد الفوري» الذي هو تعريف قابل لكثير جداً من التفسيرات؛ فمنذ نهاية حرب لبنان الثانية، في صيف 2006، بنى «حزب الله» معظم بناه التحتية بشكل يزعم أنه لا يخلق «تهديداً فورياً».

كما أن نقل وسائل القتال من إيران، تدريب وحدات الرضوان وحفر الخنادق لم تعد «تهديداً فورياً». وعندها ننهض في الصباح، ونكتشف أنه على مسافة 300 متر من المطلة تمترست قوة عسكرية خبيرة، مدرَّبة ومسلحة حتى الرقبة، وأمر واحد فقط يفصل بينها وبين ذبح الإسرائيليين.

وتساؤل: ماذا سيحدث إذا كان أحد سكان لبنان يريد أن يعود ويعيد بناء بيته؟ ولنفترض أنه جاء بملابس مدنية، فمن يضمن لنا ألا يكون شيعياً ينتمي لـ«حزب الله»، بل ربما يكون مقاتلاً أيضاً؟ جنوب لبنان هو مملكة الشيعة. لا توجد عائلة شيعية لا تنتمي لـ«حزب الله» بشكل من الأشكال: هذه هي الحقيقة المريرة التي تعلمناها من انتشار السلاح في كل بيت ثانٍ. ومن المهم الإيضاح: «حزب الله» ليس «حماس»: هذا الواقع لم يفرض بقوة الذراع على السكان. فما العمل مع ذاك المواطن؟ هل مسموح بتعريفه «تهديداً فورياً»؟

وقال رئيس مجلس محلي قرية المطلة، دافيد أزولاي: «في هذه اللحظة يخيل أن رئيس الوزراء، ذاك الذي عدَّ اتفاق الغاز الذي أبرمته الحكومة السابقة، استسلاماً، وحرص على القول إنه الوحيد الذي يصمد أمام الضغوط الدولية. إنه اليوم مصمم على إغلاق وقف النار بشروط دونية، بل إنه يفعل هذا من فوق رأس زعماء الجمهور، بينما يتذكر مؤيدوه في الإعلام فجأة أن يذكروا أن الجيش «بحاجة إلى الإنعاش» وغيرها من الحجج. في هذه الأثناء في قيادة الجبهة الداخلية يشددون التعليمات، والجمهور في الشمال يستعد منذ الآن لأيام صعبة يحاول فيها «حزب الله» أن يرى أنه لم يستسلم. من ينتصر بشكل واضح لا يصل إلى مثل هذه الوضعية، بل يملي قواعد وقف النار، وإذا لم يقبل بها الطرف الآخر، فإنه يواصل ضربه. وإلا فإن هذا ليس نصراً، وبالتأكيد ليس نصراً مطلقاً».