تصاعدت حدة التوتر في إدلب، وسط التصعيد بين القوات السورية و«هيئة تحرير الشام» واحتمالات حدوث مواجهة واسعة بين الجانبين تشمل منطقة خفض التصعيد شمال غربي سوريا.
وشهدت الأسابيع الأخيرة استدعاء هيئة تحرير الشام تعزيزات عسكرية مكثفة إلى مواقعها في محاور إدلب، في ظل هجمات متصاعدة للقوات السورية، ما دفع الجيش التركي إلى إرسال تعزيزات عسكرية ضخمة إلى نقاطه في إدلب وعلى امتداد المنطقة المعروفة باسم منطقة «بوتين - إردوغان» الممتدة من اللاذقية إلى حلب مروراً بإدلب وحماة.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الثلاثاء، بأن تركيا رفضت منح هيئة تحرير الشام الضوء الأخضر لشن عملية عسكرية واسعة النطاق ضد مواقع القوات السورية في أرياف حماة وإدلب واللاذقية ومدينة حلب، التي قال إنها تحضر لها بدعم من دول عدة حضتها على فتح جبهة عسكرية جديدة مع القوات السورية، لكن تركيا تنظر إليها بشكل مختلف تماماً.
وأكدت مصادر «المرصد» أن تركيا تضع في اعتبارها أن إدلب وأرياف حماة واللاذقية وحلب، هي آخر منطقة جغرافية متاحة للفصائل والنازحين السوريين، وأن أي عملية عسكرية قد تؤدي إلى نزوح إضافي وضغط هائل على المناطق الحدودية، علاوة على ذلك، تشعر بالقلق من أن الدول التي تدفع الهيئة التي يقودها أبو محمد الجولاني إلى هذه المعركة، قد تتخلى عنها في لحظة حرجة، ما يترك المنطقة في مواجهة مصيرها أمام القوات السورية وروسيا.
ولفتت المصادر إلى أن تركيا، وانطلاقاً من هذه المخاوف، أبلغت «تحرير الشام» برفضها القاطع لأي تحرك عسكري، كما حذرتها بأنه في حال تم فتح جبهة عسكرية جديدة، لن تسمح بنقل أي جريح من عناصرها لتلقي العلاج في تركيا، ولن يتم السماح بمرور أي إمدادات عسكرية من معبر «باب الهوى» في شمال إدلب، الذي يعد شريان المساعدات الرئيسي لشمال سوريا.
وذكر «المرصد» أن قيادة القوات التركية أعطت أوامرها لكل الفصائل الموالية لها في الشمال السوري بالاستعداد الكامل والاستنفار ورفع الجاهزية.
وكان وزراء خارجية: تركيا هاكان فيدان، ورسيا سيرغي لافروف، وإيران عباس عراقجي، حذروا في اجتماع لهم في إطار صيغة آستانة على هامش أعمال الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، مؤخراً، من موجة عنف جديدة في سوريا على خلفية التصعيد الإسرائيلي في المنطقة، ودعوا، على وجه التحديد، إلى عدم التصعيد في إدلب.
وقصفت القوات السورية، الثلاثاء، محيط قرية التفاحية شمال اللاذقية ومحيط قرية كفرتعال بريف حلب الغربي، وقرية الفطيرة جنوب إدلب بالمدفعية الثقيلة، كما طال القصف محيط قرية العنكاوي بسهل الغاب في ريف حماة الغربي، وسط تحليق لطيران الاستطلاع التابع لقوات «التحالف الدولي» والمسيرات التركية في أجواء ريفي حلب الغربي وإدلب الشمالي.
جاء ذلك بعد مقتل أحد الجنود السوريين، الاثنين، نتيجة قصف نفذه عناصر من هيئة تحرير الشام على محور الفوج 46 بريف حلب الغربي في منطقة «بوتين - إردوغان»، بينما أصيب مواطن بجروح إثر قصف مدفعي للقوات السورية استهدف محيط قرية «معربليت» جنوب إدلب.
على صعيد آخر، كشفت المخابرات التركية عن مقتل القيادية في وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، هازال بيلغا، التي كانت تحمل الاسم الحركي «جيندا جونديكرامو»، في عملية نفذتها في منطقة عامودا بمحافظة الحسكة، على خلفية معلومات عن تحضيرها لهجوم انتحاري في تركيا.
وقالت مصادر أمنية، الثلاثاء، إن بيلغا كانت ضمن الأسماء المطلوبة للسلطات التركية بتهم تتعلق بالإرهاب، وكانت متورطة في تجنيد سوريين ضمن تنظيم «حزب العمال الكردستاني» الانفصالي الذي انضمت إلى صفوفه عام 2004.
وأضافت أنها خضعت لتدريبات في معسكرات «العمال الكردستاني» ووحدات حماية الشعب الكردية في شمال العراق، إلى أن باتت في مستوى قيادي يسمح لها بالإشراف على العمليات الإرهابية.
وتابعت المصادر أن بيلغا كانت مسؤولة التنظيم الإرهابي في عامودا في الحسكة التي انتقلت إليها بعد إصابتها في اشتباكات في شمال العراق عام 2021.
في سياق متصل، أعلنت وزارة الدفاع التركية مقتل 4 من عناصر الوحدات الكردية في منطقة «درع الفرات» الخاضعة لسيطرة القوات التركية وفصائل «الجيش الوطني السوري» الموالي لتركيا.
وواصلت القوات التركية عملياتها التي تستهدف مناطق سيطرة «قسد»، وقصفت مدفعيتها قرى التوخار وجات ومحسنلي في ريف منبج شرق حلب الخاضعة لسيطرة «مجلس منبج العسكري» التابع لـ«قسد».
كما قصفت القوات التركية والفصائل الموالية، بالمدفعية الثقيلة، قرى عين دقنة والبيلونة ومنغ بريف حلب الشمالي، ضمن مناطق انتشار «قسد» والقوات السورية.