خامنئي: فقدان نصر الله أفجعنا... ولن يقودنا التسرع والانفعال

خطب الجمعة ببندقية أمام حشد كبير في طهران غاب عنه كبار القادة العسكريين

خامنئي خلال خطبته اليوم في مصلى طهران (موقع المرشد الإيراني)
خامنئي خلال خطبته اليوم في مصلى طهران (موقع المرشد الإيراني)
TT

خامنئي: فقدان نصر الله أفجعنا... ولن يقودنا التسرع والانفعال

خامنئي خلال خطبته اليوم في مصلى طهران (موقع المرشد الإيراني)
خامنئي خلال خطبته اليوم في مصلى طهران (موقع المرشد الإيراني)

أمام حشد يقدر بعشرات الآلاف في طهران، أكد المرشد الإيراني علي خامنئي في أول خطبة جمعة له منذ أكثر من 4 سنوات، أنه «فجع» بمقتل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، لكنه شدد على أن «التسرع والانفعال لن يقودنا».

ووصف المرشد الإيراني الذي ظهر خلال الخطبة وإلى جانبه بندقية قناصة روسية، من طراز «دراغونوف»، على عادته في مثل هذه المناسبات، نصر الله بأنه «أخي وعزيزي ومبعث افتخاري». وقال: «نحن جميعاً مصابون ومكلومون. إنه لفقدان كبير أفجعنا بكل معنى الكلمة. لكن عزاءنا لا يعني الاكتئاب واليأس والاضطراب... بل يبعث الحياة ويلهم الدروس ويوقد العزائم ويضخ الآمال».

وقارن خامنئي الأوضاع الحالية لـ«جبهة المقاومة»، خصوصاً «حزب الله»، بأوضاع إيران في بداية الثورة الخمينية، مذكراً بسلسلة اغتيالات طالت رئيس الجمهورية محمد علي رجائي ورئيس الوزراء محمد رضا باهنر ورئيس القضاء محمد بهشتي، وشخصيات سياسية أخرى في 1981، وهو العام نفسه الذي نجا فيه خامنئي من محاولة اغتيال، بعد تفجير استهدفه خلال إلقائه خطبة الجمعة.

وكان لافتاً أن خامنئي استخدم نبرة أكثر حدة في خطبته باللغة العربية التي قرأها من ورقة بيده، مقارنة بالجزء الأول من خطابه باللغة الفارسية الذي استرسل فيه بالكلام بشكل عفوي. وركزت الخطبة العربية على مخاطبة حلفائه وأنصاره من اللبنانيين والفلسطينيين، في محاولة لطمأنتهم بشأن الموقف الإيراني.

يد خامنئي على بندقيته خلال الخطبة (موقع المرشد الإيراني)

وعلى غرار خطاباته في الأوقات المتأزمة، وجه خامنئي عدة رسائل إلى الولايات المتحدة وإسرائيل، وكذلك دول المنطقة والداخل الإيراني. ففي ما بدا رسالة ضمنية برغبته في تجنب مزيد من التصعيد، أضاف المرشد الإيراني: «نحن لا نتوانى في أداء واجبنا، لكن لن يقودنا التسرع والانفعال. ما هو منطقي وصحيح، وفقاً لقرارات السياسيين والعسكريين، سيتم تنفيذه في الوقت المناسب. وفي المستقبل، إذا لزم الأمر، سنقوم بما هو مطلوب».

ووصف خامنئي عملية إطلاق الصواريخ على إسرائيل التي أطلق عليها اسم «الوعد الصادق 2»، بأنها «أقل عقاب للكيان الصهيوني على جرائمه». وشدد على أن هذه الهجمات «الرائعة»، «قانونية وتحظى بالشرعية الكاملة».

«طوفان الأقصى»

وأشار خامنئي في خطابه إلى اقتراب الذكرى الأولى من عملية «طوفان الأقصى» التي شنتها «حماس» انطلاقاً من قطاع غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وحرب الإسناد التي أطلقها «حزب الله» في اليوم التالي. وقال إن «الشعب الفلسطيني له الحق في الوقوف أمام العدو الذي احتل أرضه وبيته. حتى القوانين الدولية تؤيد ذلك. من أين أتى هؤلاء المحتلون؟».

وأضاف: «لا يحق لأي منظمة دولية أن تعترض على الشعب الفلسطيني لوقوفه في وجه النظام الصهيوني الغاصب... دفاع اللبنانيين ينطبق عليه نفس الحكم، فهو دفاع قانوني، ومعقول، ومنطقي، ومشروع. وليس لأحد الحق في انتقادهم أو التساؤل عن سبب تدخلهم في هذا الدفاع». وشدد على أنه «لا يحق لأي أحد انتقاد اللبنانيين لإسنادهم الحرب في غزة».

وأكد أن «جبهة المقاومة في المنطقة لن تتراجع»، معتبراً أنها «أعادت الكيان الصهيوني 70 سنة إلى الوراء... وبات قلقاً على وجوده». ودعا إلى «شد حزام الاستقلال من إيران إلى غزة ولبنان وأفغانستان واليمن». وأضاف أن «أساليب العدو تختلف في كل بلد، فقد يلجأ في مكان إلى الحرب النفسية، وفي مكان آخر إلى الضغط الاقتصادي، أو القنابل الضخمة، أو السلاح، أو حتى الابتسامات».

المرشد الإيراني قبل الخطبة متوسطاً الرئيس الإيراني (الأول من اليسار) ورئيس البرلمان ورئيس السلطة القضائية وعبد الله صفي الدين ممثل «حزب الله» في طهران (موقع خامنئي)

وفي جزء من خطابه، قال خامنئي إن «هناك مخططاً لجعل الكيان الصهيوني بوابة لتصدير الطاقة من المنطقة إلى الغرب واستيراد البضائع والتقنية من الغرب إلى المنطقة». وأضاف أن «كل ضربة ينزلها أي شخص وأية مجموعة بهذا الكيان، إنما هي خدمة للمنطقة بأجمعها... لا ريب أن أحلامهم إنما هي محض أوهام مستحيلة، فالكيان ليس إلا تلك الشجرةَ الخبيثة التي اجتُثت من فوق الأرض».

واتهم الولايات المتحدة وعدد من حلفائها الغربيين، بـ«ضخ الأموال» لدعم إسرائيل. وقال خامنئي إن «العامل الأساسي للحروب وانعدام الأمن والتخلف في هذه المنطقة، هو وجود الكيان الصهيوني وحضور الدول التي تدعي أنها تسعى إلى إحلال الأمن والسلام في المنطقة». وأضاف أن «المشكلة الأساسية في المنطقة هي التدخل الأجنبي فيها... دول المنطقة قادرة على إحلال الأمن والسلام».

وأبدى قلقه من انتقال المواجهة مع إسرائيل إلى مناطق أخرى، قائلاً إن «غرفة القيادة واحدة... إذا نجحت سياسة فرق تسد في بلد ما، ينتقل العدو إلى البلد التالي بمجرد أن يطمئن على (وضعه في) البلد السابق».

وقال المحلل السياسي الإصلاحي أحمد زيد آبادي، إن «خطبة خامنئي تعد بمثابة خطوة للمساعدة في تهدئة التوتر الإقليمي». وكتب عبر قناته في «تلغرام»: «إذا لم تقم إسرائيل بأي عمل تدميري على الأراضي الإيرانية، أعتقد أن هذه الخطب يمكن أن تحول مسار العنف المتزايد في الشرق الأوسط نحو الدبلوماسية». لكنه رأى أن «المشكلة تكمن في أنه لا توجد أي مبادرة دبلوماسية منصفة على جدول الأعمال المعلن للمجتمع الدولي».

غياب قيادات عسكرية وأمنية

ورغم ظهور قيادات من الصف الأول في الدولة في طليعة الحشد الذي اكتظ به مصلى طهران في الهواء الطلق، لم يظهر من كبار القادة العسكريين سوى قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي، فيما غاب قائد الجيش عبد الرحيم موسوي وقائد الوحدة الصاروخية للحرس أمير علي حاجي زاده، وقائد غرفة عمليات هيئة الأركان محمد علي رشيد، في مؤشر على حالة الاستنفار العسكري التي تعيشها إيران بانتظار الرد الإسرائيلي.

وقالت صحيفة «همشهري» التابعة لبلدية طهران إن غياب كبار القادة العسكريين ومسؤولي الأجهزة الأمنية من صلاة الجمعة، يعود في المقام الأول إلى التهديدات المحتملة، مشيرة إلى أنهم يتواجدون في غرف العمليات لضمان القدرة على التصدي بسرعة لأي تهديد أو التعامل معه عند الضرورة.

وذكرت أن القادة العسكريين «قد يكونون بحد ذاتهم أهدافاً للجماعات الإرهابية، ولذلك امتنعوا عن الحضور في هذا الحدث لتجنب تعريض صلاة الجمعة لأي تهديد أمني».

جانب من الحشود التي حضرت الخطبة في طهران (موقع المرشد الإيراني)

ودفعت السلطات باتجاه الحشد في الخطبة. فقبلها بساعات، قال الرئيس بزشكيان للتلفزيون الرسمي إنه «من خلال حضور الناس نظهر للعالم لمحة من القوة والوحدة والتماسك».

يأتي خطاب خامنئي بعد ثلاثة أيام من إطلاق «الحرس الثوري» الإيراني وابلاً من الصواريخ الباليستية على قواعد عسكرية وأمنية إسرائيلية. وقبل الخطبة، استضاف المرشد مجلس عزاء لنصر الله.

وقال «الحرس» إن الضربة أقرها المجلس الأعلى للأمن القومي الذي يترأسه الرئيس بزشكيان، وتصبح قرارات المجلس سارية بعد مصادقة المرشد. وأشارت إيران آنذاك إلى أن الضربة «تتماشي مع القوانيين الدولية، رداً على انتهاك السيادة الإيرانية» واغتيال رئيس حركة «حماس» إسماعيل هنية في طهران، واغتيال قادة «حزب الله» وأمينه العام والقيادي في «الحرس» عباس نيلفروشان.


مقالات ذات صلة

طهران تسارع لبناء علاقات مع القيادة الجديدة في دمشق

المشرق العربي اللواء حسين سلامي (الثاني من اليسار) والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (مهر)

طهران تسارع لبناء علاقات مع القيادة الجديدة في دمشق

تحاول الحكومة الإيرانية استعادة بعض نفوذها مع القادة الجدد في سوريا، حيث تواجه طهران صدمة فقدان سلطتها المفاجئ في دمشق عقب انهيار نظام بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شمال افريقيا وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)

إيران ترسل إشارات جديدة لتعزيز مسار «استكشاف» العلاقات مع مصر

أرسلت إيران إشارات جديدة تستهدف تعزيز مسار «العلاقات الاستكشافية» مع مصر، بعدما أجرى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، جولة داخل مساجد «آل البيت» في القاهرة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شؤون إقليمية المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي (أرشيفية - وكالة مهر الإيرانية)

إيران تدين مقتل موظف بسفارتها في دمشق

أدان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، مقتل سيد داوود بيطرف، الموظف المحلي في سفارة إيران بدمشق.

شؤون إقليمية العلمان الإيراني والأميركي (رويترز)

«الخارجية الإيرانية» تحتج على اعتقال أميركا اثنين من مواطنيها

ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن طهران استدعت السفير السويسري لديها، الذي يمثل المصالح الأميركية في البلاد، ودبلوماسياً إيطالياً كبيراً على خلفية اعتقال إيرانيَّين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية الضباب الدخاني يغطي أحد شوارع طهران (أ.ف.ب)

10 قتلى في حادث حافلة بإيران

لقي عشرة أشخاص على الأقلّ مصرعهم اليوم (السبت) إثر سقوط حافلة ركاب في واد بمقاطعة لرستان غربي إيران.

«الشرق الأوسط» (لندن)

إسرائيل تدرس خيارات الرد على الحوثيين

خدمات الطوارئ الإسرائيلية جنوب تل أبيب في موقع سقوط صاروخ حوثي أطلق على إسرائيل فجر السبت (رويترز)
خدمات الطوارئ الإسرائيلية جنوب تل أبيب في موقع سقوط صاروخ حوثي أطلق على إسرائيل فجر السبت (رويترز)
TT

إسرائيل تدرس خيارات الرد على الحوثيين

خدمات الطوارئ الإسرائيلية جنوب تل أبيب في موقع سقوط صاروخ حوثي أطلق على إسرائيل فجر السبت (رويترز)
خدمات الطوارئ الإسرائيلية جنوب تل أبيب في موقع سقوط صاروخ حوثي أطلق على إسرائيل فجر السبت (رويترز)

تجاوز صاروخ أطلقه الحوثيون الدفاعات الإسرائيلية التي فشلت في اعتراضه وسقط في تل أبيب أمس. وقال مسعفون إنَّ 16 شخصاً أصيبوا بجروح طفيفة نتيجة شظايا الزجاج، بينما أصيب 14 شخصاً بكدمات أثناء هرعهم إلى الملاجئ.

وتدرس إسرائيل خياراتها للرد على الهجمات الحوثية المتكررة ضدها في الأيام القليلة الماضية، ووفقاً لما ورد في الإعلام الإسرائيلي، فإنَّ البداية ستكون «رسم الصورة الاستخباراتية».

وباتت صواريخ الحوثيين أكثر خطورة على إسرائيل، وهو ما يثير المخاوف من توسيع تل أبيب هجماتها الانتقامية، على نحو يتجاوز الضربات المحدودة التي استهدف أحدثها 3 موانٍ في الحديدة، ومحطتي كهرباء بصنعاء، الخميس الماضي.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية، «أفيخاي أدرعي»، إنَّه عقب إطلاق صاروخ من اليمن وتفعيل إنذارات وسط إسرائيل، جرت محاولات اعتراض غير ناجحة.