التصعيد في لبنان... كيف يؤثر على مسار «هدنة غزة»؟

مصر أكّدت أن التوصل لاتفاقٍ هو مفتاحُ التهدئة بالمنطقة

فلسطينيون يتجمّعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل (رويترز)
فلسطينيون يتجمّعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل (رويترز)
TT
20

التصعيد في لبنان... كيف يؤثر على مسار «هدنة غزة»؟

فلسطينيون يتجمّعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل (رويترز)
فلسطينيون يتجمّعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل (رويترز)

وسط تصعيد «غير مسبوق» تقوده إسرائيل تجاه لبنان، عبر انفجارات طالت الآلاف، واغتيالات لقيادات عليا بـ«حزب الله»؛ حليف إيران، تقف مساعي الهدنة في قطاع غزة التي تراوح مكانها منذ أسابيع، أمام تحديات عديدة، خصوصاً مع انشغال الولايات المتحدة بسباق الانتخابات الرئاسية، وعدم ظهور مقترحها المعدَّل بعد.

وبينما يهدّد «حزب الله» بـ«حساب عسير»، وإيران بردّ «قريب»، لا تزال مصر تعوِّل على أنّ التوصل لاتفاق هدنة سيكون «مفتاحاً للتهدئة بالمنطقة»، إلا أن خبراء يرون أن مسار أي صفقة بشأن غزة «بات مهدَّداً»، خصوصاً في ظل التصعيد الإسرائيلي بلبنان.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، السبت، شن ضربات جوية جديدة ضد مواقع لـ«حزب الله» في لبنان، متوعداً باستهداف كل من يمَسُّ أمن بلاده بـ«كل الجبهات»، بعد يوم من غارة إسرائيلية قرب العاصمة بيروت، أسفرت عن مقتل 31 شخصاً على الأقل، من بينهم قادة للحزب، أبرزهم القياديان العسكريان إبراهيم عقيل وأحمد وهبي، وقُوبلت الغارة الأعنف منذ انطلاق المواجهات مع «حزب الله» قبل عام، حسب إعلام لبناني، بإطلاق الحزب 90 صاروخاً تجاه إسرائيل، وفق ما أعلنته «هيئة البث» الإسرائيلية، السبت، وذلك بعد يومين من توعّد الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، بـ«حساب عسير».

ذلك المشهد يُوحِي بـ«تصعيد خطير للغاية»، حسب ما ذكره مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، معتقداً بتأثير للأزمة على ملف «هدنة غزة». بالقول: «هناك مسار يُفضِي إلى اتفاق وقف إطلاق النار بغزة؛ لكننا لسنا في مرحلة تسمح بطرح شيء على طاولة المحادثات الآن»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، السبت.

نقل رجل مصاب إلى مستشفى ناصر لتلقّي العلاج في أعقاب غارة إسرائيلية بالقرب من خان يونس (أ.ف.ب)
نقل رجل مصاب إلى مستشفى ناصر لتلقّي العلاج في أعقاب غارة إسرائيلية بالقرب من خان يونس (أ.ف.ب)

وغداة إعلان وزارة الخارجية الأميركية في 17 سبتمبر (أيلول) الحالي، أن واشنطن تعمل على «تقديم اقتراحٍ مُنقَّح قادر على دفع الأطراف إلى اتفاق نهائي» في غزة، شهد لبنان انفجار آلاف أجهزة «بيجر» للاتصالات، ما أسفر عن مقتل 12، وإصابة أكثر من 2000، بينهم سفير إيران في بيروت مجتبى أماني، وفق إفادات رسمية، وتكررت الانفجارات في اليوم التالي أيضاً.

ونقلت «قناة الحرة» الأميركية، السبت، عن المحلّل السياسي الأميركي، إيلان بيرمان، أنه «من غير المحتمل أن تتمكن إدارة الرئيس جو بايدن من التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة قبل الانتخابات»، وأرجع ذلك إلى أن نتنياهو «يماطل»، وعدم إعطاء زعيم «حماس» المختفي، يحيي السنوار، أي مؤشرات لقبول تسوية ذات مغزى.

تلك التقديرات تتفق مع ما ذكرته صحيفة «وول ستريت جورنال»، الخميس، نقلاً عن مسؤولين أميركيين يعتقدون حالياً أنه «من المستبعَد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحركة (حماس)، قبل أن يغادر بايدن» منصبه في يناير (كانون الثاني) المقبل.

التصعيد الإسرائيلي في لبنان هدفه «تهديد أي مسار يُمكن أن يُسفر عن هدنة في غزة»، وفق تقدير مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفيرة هاجر الإسلامبولي، مؤكدةً أن نتنياهو يستهدف اتساع نطاق الحرب للحفاظ على بقائه السياسي، مستغِلاً انشغال الولايات المتحدة بالانتخابات الرئاسية.

ولا تعتقد الإسلامبولي أن أي حديث أميركي بقرب حدوث الهدنة حالياً «يخضع لتقييم سليم»، مشيرةً إلى أنه «مجرد بحث عن أصوات انتخابية»، في ظل الوضع المعقَّد بمفاوضات غزة مع «عراقيل نتنياهو» المستمرة، وأبرزها رفض الانسحاب من «محور فيلادلفيا» الذي احتلته إسرائيل، مايو (أيار) الماضي.

فتاة مصابة يتم نقلها إلى مستشفى ناصر لتلقّي العلاج في قطاع غزة (أ.ف.ب)
فتاة مصابة يتم نقلها إلى مستشفى ناصر لتلقّي العلاج في قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووفق المحلّل السياسي الفلسطيني، أيمن الرقب، فإن عودة الاغتيالات الإسرائيلية بلبنان بعد ما سبقها من اغتيال للقيادي بـ«حزب الله»، فؤاد شكر، ورئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، في يوليو (تموز) الماضي بطهران، تعني وجود «ضوء أخضر أميركي لرفع سقف التصعيد، وعدم أولوية حسم اتفاق هدنة في غزة».

الرقب يرى أن أي حديث أميركي آخَر هو «تجميل للصورة ودعاية انتخابية»، مع انشغال حزب بايدن بسباق الرئاسة، والأقرب للواقع هو «استمرار التصعيد بجبهة لبنان».

ولا تزال لغة التصعيد سيدة الموقف بالمنطقة، سواءً داخل الأروقة الدولية، أو بميادين المواجهات، حيث حذّر وزير الخارجية اللبناني، عبد الله بوحبيب، في كلمته أمام مجلس الأمن الدولي، الجمعة، من أنه بعد الهجوم على أجهزة الاتصالات «لم يَعُد أحد في هذا العالم آمِناً بعد اليوم».

بالتزامن، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، عقب بحث التطورات في الساحة الشمالية (مع لبنان): «حتى في الضاحية في بيروت، سنواصل ملاحقة عدوّنا، وسيستمر تسلسل الإجراءات في المرحلة الجديدة».

وبعد يوم من إعلانها اللجوءَ لما تسميه «العمليات الاستشهادية»، أكّدت «حماس»، في بيان، السبت، رداً على الاغتيالات بلبنان، بأن «إسرائيل سوف تدفع الثمن».

ووسط تلك الأصوات التي تتجه للتصعيد، جدّد وزير الخارجية المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، في لقاء بواشنطن، مساء الجمعة، مع المبعوث الأميركي للبنان، آموس هوكشتاين، «التحذير من خطورة التطورات الخطيرة والمتسارعة التي يشهدها لبنان».

وتحدّث عبد العاطي عن اتصالات «مكثفة» يُجريها الجانب المصري مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية بهدف وقف التصعيد، مشدّداً على «أولوية التوصل لوقف شامل لإطلاق النار في غزة، بوصفه مفتاح التهدئة في المنطقة»، وفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية.

وحسب هاجر الإسلامبولي، فإن حرص مصر على أمنها القومي، وحقوق الشعب الفلسطيني، واستقرار المنطقة، هو «الدافع الأول إزاء تواصُل جهودها»، مضيفةً: «لكن نتنياهو لا يريد سوى التصعيد، منتظراً وصول حليفه دونالد ترمب للبيت الأبيض، وحديث (حماس) عن العمليات الاستشهادية يدل على تراجع قدراتها العسكرية، ولن يؤدي لنتائج كبيرة، بل لتصعيد إسرائيلي أكبر».

وبالفعل، «نتنياهو غير جادّ في حلّ بلبنان أو غزة»، وفق أيمن الرقب، مؤكداً «ستبقى جهود التهدئة بالمنطقة ذات أهمية، خصوصاً مع تحرّكات مصر لتفادي أي منعطف خطير في المنطقة، بينما ستنتظر مفاوضات غزة ما بعد نتائج السباق الانتخابي الأميركي».


مقالات ذات صلة

فلسطين تطالب بخطة عربية لتنفيذ فتوى «العدل الدولية» بإنهاء الاحتلال

العالم العربي القادة العرب المشاركون في القمة العربية الطارئة بالقاهرة في مارس الماضي (الرئاسة المصرية)

فلسطين تطالب بخطة عربية لتنفيذ فتوى «العدل الدولية» بإنهاء الاحتلال

قبل شهر من انعقاد القمة العربية في بغداد، تواصل جامعة الدول العربية تحضيراتها، بالتعاون مع العراق، لوضع جدول أعمال القمة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
تحليل إخباري مخيمات النازحين في خان يونس بجنوب قطاع غزة يوم الخميس (رويترز)

تحليل إخباري «هدنة غزة»: 4 سيناريوهات لتفادي عقبات الاتفاق المرحلي المنتظر

يزداد مصير استئناف اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة غموضاً، مع تمسك «حماس» برفض نزع سلاحها أو إبرام صفقة جزئية دون ضمانات بإنهاء الحرب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تحليل إخباري مُسيَّرة إسرائيلية من نوع «كواد كابتر» (غيتي)

تحليل إخباري إسرائيل تكثف استخدام «مسيّرات انتحارية» في غزة... و«حماس» تعود للمواجهة

كثفت إسرائيل خلال الأيام الأخيرة استخدامها للطائرات المسيرة الانتحارية في عملياتها العسكرية بقطاع غزة، خصوصاً خلال استهدافها غزيين بشكل مباشر.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي أب ينتحب أمام جثمان ابنته التي قُتلت في ضربة إسرائيلية ببيت لاهيا شمال قطاع غزة يوم الخميس (أ.ف.ب)

غرفة «للموت الصامت» في غزة... لأن العلاج مستحيل

يروي طبيبان أميركيان، تطوَّعا للعمل في غزة، تفاصيل مؤلمة للأحداث بالقطاع، ووصفا ما يمارسه الجيش الإسرائيلي بأنه «شيء رهيب لم تشهد البشرية مثيلاً له منذ عقود».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي محادثات بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيسة الجمعية الوطنية بسلوفينيا أورشكا زوبانيشيش في القاهرة (الرئاسة المصرية)

دعم سلوفيني للموقف المصري الرافض لتهجير الفلسطينيين

أبدت سلوفينيا دعمها للموقف المصري الرافض لتهجير الفلسطينيين، وذلك حسب بيان للرئاسة المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

صورة لما تقول عنه جماعة «الحوثي» اليمنية إنه إطلاق لصاروخ فرط صوتي من طراز «فلسطين 2» باتجاه إسرائيل (أرشيفية - جماعة «الحوثي» عبر «تلغرام»)
صورة لما تقول عنه جماعة «الحوثي» اليمنية إنه إطلاق لصاروخ فرط صوتي من طراز «فلسطين 2» باتجاه إسرائيل (أرشيفية - جماعة «الحوثي» عبر «تلغرام»)
TT
20

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

صورة لما تقول عنه جماعة «الحوثي» اليمنية إنه إطلاق لصاروخ فرط صوتي من طراز «فلسطين 2» باتجاه إسرائيل (أرشيفية - جماعة «الحوثي» عبر «تلغرام»)
صورة لما تقول عنه جماعة «الحوثي» اليمنية إنه إطلاق لصاروخ فرط صوتي من طراز «فلسطين 2» باتجاه إسرائيل (أرشيفية - جماعة «الحوثي» عبر «تلغرام»)

أعلن الجيش الإسرائيلي الجمعة اعتراض صاروخ أطلق من اليمن حيث يستهدف الحوثيون المدعومون من إيران بانتظام الدولة العبرية بصواريخ ومسيّرات.

وأفاد الجيش عبر تلغرام أنه «بعد قليل عن انطلاق صفارات الإنذار، تم اعتراض صاروخ أطلق من اليمن».