​الانتخابات المبكرة تشغل أجندة تركيا السياسية

ما بين إصرار المعارضة ورفض إردوغان وحلفائه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية)
TT

​الانتخابات المبكرة تشغل أجندة تركيا السياسية

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية)

تنشغل الساحة السياسية في تركيا بالحديث حول الانتخابات المبكرة على الرغم من إعلان الرئيس رجب طيب إردوغان أن البلاد ستخوض الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها الطبيعي في 2028.

وأصبحت الانتخابات المبكرة مطروحة على أجندة تركيا السياسية في أعقاب الفوز الذي حققه حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، بتصدره الانتخابات المحلية التي أجرت في 31 مارس (آذار) الماضي.

وتتمحور الدعوات للانتخابات المبكرة حول الوضع الاقتصادي والظروف المعيشية الصعبة للغالبية العظمى من الشعب التركي في ظل ارتفاع التضخم وتكاليف المعيشة.

المعارضة تريد الانتخابات

رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل يطالب بالانتخابات المبكرة بسبب سوء الوضع الاقتصادي (من حسابه على إكس)

وقبل أيام من المؤتمر العام الاستثنائي لحزب «الشعب الجمهوري» للنظر في تعديل ميثاق الحزب بمناسبة الذكرى 101 لتأسيسه، والذي يعقد في الفترة من 6 إلى 8 سبتمبر (أيلول) الحالي، أثار رئيس الحزب، أوزغور أوزيل، قضية الانتخابات المبكرة مجدداً، مشدداً على حاجة البلاد إليها للخروج من الوضع الاقتصادي الصعب، وعدم قدرة الحكومة على تقديم حلول للأزمة.

وقال أوزيل، خلال افتتاح معرض إزمير الدولي الـ93 المقام في مدينة إزمير (غرب تركيا): «لقد وصل الأمر الآن إلى طريق مسدودة، سئم الشعب المعارك والاستقطاب، كل استطلاعات الرأي واضحة، حزب تركيا الأول (الشعب الجمهوري) يحتضن تركيا كلها، إما العام المقبل وإما العام الذي يليه، إذا تحدث الوزير فمنا، وإذا تحدث نائب الرئيس فمنا، وإذا تحدث الرئيس فمنا... نهاية الطريق تلوح في الأفق».

وأضاف: «الرئيس المقبل سيكون من أعضاء حزب (الشعب الجمهوري)، وإذا كان على وزير أن يتحدث، فسوف يكون من خلال وزير من حزب (الشعب الجمهوري) أو وزير التحالف التركي الذي يضم جميع أطياف الشعب التركي، وبالإضافة إلى القضايا الداخلية، ستكون سياسات تركيا على نطاق عالمي».

إردوغان وحليفه رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي يرفضان الحديث عن الانتخابات المبكرة (الرئاسة التركية)

التحالف الحاكم يرفض

ورداً على حديث أوزيل، قال نائب رئيس حزب «الحركة القومية»، شريك حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في «تحالف الشعب»، سميح يالتشين، واصفاً الحديث عن الانتخابات بـ«الأحلام».

وقال يالتشين، في بيان الاثنين، إن «المرحلة المقبلة ستكون بمثابة مرحلة اختبار للأحزاب السياسية التي تكرس وجودها للوحدة والنزاهة من أجل المساهمة في التغلب على مشاكل تركيا الداخلية، وتحقيق الأهداف العالمية».

ووجه يالتشين خطابه إلى أحزاب المعارضة، قائلاً: «من المهم، بشكل خاص، إلى أي مدى ستسهم أحزاب المعارضة في التغلب على العقبات الداخلية والخارجية التي تواجه تركيا، بدلاً من اللعب في المدرجات و(الحلم بانتخابات مبكرة)... حزب (الحركة القومية) يعمل على إزالة حجارة الانهيارات الأرضية الاصطناعية التي تم وضعها على الطريق لإبطاء سرعة تركيا».

وسيعقد حزب «الحركة القومية» اجتماعاً للمجلس التنفيذي المركزي في 19 سبتمبر، برئاسة دولت بهشلي، يعقبه اجتماع لرؤساء المقاطعات في 21 سبتمبر، وسيناقش الاجتماعان القضايا ذات الأولوية على جدول أعمال تركيا، وتحديد الخطوات المقبلة للحزب.

وتظهر استطلاعات الرأي المتعاقبة منذ الانتخابات المحلية في مارس الماضي، استمرار تقدم حزب «الشعب الجمهوري»، واحتلاله المرتبة الأولى متفوقاً على حزب «العدالة والتنمية»، الذي حكم البلاد لأكثر من 22 عاماً، والمتحالف حالياً مع «الحركة القومية».

مجموعة من أنصار حزب «الشعب الجمهوري» خلال الاحتفال بذكرى يوم النصر في 30 أغسطس (إكس)

الانتخابات ليست حلاً

في السياق ذاته، انتقد رئيس حزب «الجيد» المعارض، مساوات درويش أوغلو، الدعوات للانتخابات المبكرة، قائلاً: «إذا قال أولئك الذين يطالبون بإجراء انتخابات مبكرة إن ذلك سيحدث خلال عام ونصف العام على أقرب تقدير، فإن هذا سيجلب نقاشاً جديداً إلى الأجندة التركية، أعتقد أن الأحاديث عن الانتخابات المبكرة هي في حد ذاتها بعض المطالب القائمة على التكهنات، إذا كنتم تريدون انتخابات مبكرة، فيجب أن يتحول ذلك إلى مطلب يجب تحقيقه على الفور».

ويحتاج التوجه إلى الانتخابات المبكرة إما دعوة رئيس الجمهورية (إردوغان) إليها، وفي هذه الحالة لا يحق له الترشح للانتخابات، وإما تقديم طلب من 360 نائباً بالبرلمان لتجديد الانتخابات، وهنا يحق له الترشح، لكن لا يوجد أي حزب بالبرلمان أو أي تحالف يملك هذا العدد من النواب.

وعلّق المحلل السياسي، جمال الدين أوزتورك، قائلا إن «عوامل مثل الاستراتيجيات السياسية للحكومة والمعارضة، وحالة الاقتصاد والرضا العام للجمهور قد تؤثر على إمكانية إجراء انتخابات مبكرة».

ولفت إلى أن الناخبين سئموا الذهاب إلى صناديق الاقتراع بعد 3 انتخابات في 11 شهراً، وعلاوة على ذلك، فإن الانتخابات لا تتم بالمجان، وكل انتخابات تكلف تركيا أكثر من 500 مليون دولار، وبالتالي فإن جر البلاد إلى انتخابات كبيرة ليس هو القرار الصحيح، كما أن الانتخابات المبكرة ليست الحل لتعافي الاقتصاد.


مقالات ذات صلة

أنقرة لن تتخلي عن صواريخ «إس 400» الروسية للحصول على مقاتلات «إف 35»

شؤون إقليمية كليتشدارأوغلو قطع المسافة بين أنقرة وإسطنبول سيراً على الأقدام في صيف 2017 في مسيرة «العدالة» للمطالبة بالإفراج عن أحد نواب حزبه (من حسابه على «إكس»)

أنقرة لن تتخلي عن صواريخ «إس 400» الروسية للحصول على مقاتلات «إف 35»

نفت وزارة الدفاع التركية ادعاءات بشأن التخلص من منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس 400» عن طريق بيعها إلى الهند أو باكستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية النائب السجين جان أتالاي (أرشيفية)

تركيا: النائب جان أتالاي يطالب بجلسة جديدة للبرلمان لحل قضيته

لا يزال الجدل يتصاعد على الساحة السياسية في تركيا حول عدم تنفيذ البرلمان قرار المحكمة الدستورية ببطلان وإلغاء تجريد النائب المعارض السجين جان أتالاي من عضويته.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية معركة البرلمان انقلبت إلى تراشق بين إردوغان وأوزيل (أ.ف.ب)

مشاجرة البرلمان «الدامية» تنقلب إلى تراشق بين إردوغان وأوزيل

وقع تراشق بالتصريحات بين الرئيس رجب طيب إردوغان وزعيم المعارضة رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل حول الأحداث التي شهدها البرلمان مؤخراً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية زعيم المعارضة التركية رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل (إكس)

أوزيل: لن أترشح لرئاسة تركيا ومهمتي إيصال حزب أتاتورك للسلطة

استبعد زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزيل الترشح لرئاسة البلاد في الانتخابات المقبلة وقال إن هدفه وضع الحزب الذي أسسه أتاتورك في الحكم.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان أكد استمرار مسيرة حزبه خلال الاحتفال بمرور 23 عاماً على تأسيسه في 14 أغسطس الحالي (الرئاسة التركية)

إردوغان عالق بين قيود «الحركة القومية» وضغوط المعارضة

كشف استطلاع أجراه حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا عن أن مؤيديه الذين تركوه في الانتخابات المحلية الأخيرة يوم 31 مارس (آذار) الماضي لن يعودوا إليه.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)

إصلاحي بارز يهاجم خامنئي بعد صدور حكم جديد بسجنه

الإصلاحي المسجون مصطفى تاج زاده خلال التسجيل لانتخابات الرئاسة في مايو 2021 (أ.ف.ب)
الإصلاحي المسجون مصطفى تاج زاده خلال التسجيل لانتخابات الرئاسة في مايو 2021 (أ.ف.ب)
TT

إصلاحي بارز يهاجم خامنئي بعد صدور حكم جديد بسجنه

الإصلاحي المسجون مصطفى تاج زاده خلال التسجيل لانتخابات الرئاسة في مايو 2021 (أ.ف.ب)
الإصلاحي المسجون مصطفى تاج زاده خلال التسجيل لانتخابات الرئاسة في مايو 2021 (أ.ف.ب)

قال الناشط الإصلاحي مصطفى تاج زاده إن جهاز استخبارات «الحرس الثوري» وجّه اتهامات جديدة ضده بإيعاز من المرشد علي خامنئي، معلناً عن إدانته بالسجن 6 سنوات إضافية؛ 5 منها قابلة للتنفيذ.

وأفاد موقع «إنصاف نيوز» الإصلاحي، نقلاً عن تاج زاده، بأن الجهاز القضائي فتح قضية جديدة ضده بتهمة «التجمع والتآمر لارتكاب جريمة ضد أمن البلاد»، و«القيام بنشاط دعائي ضد نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية»، مشيراً إلى أنه وجّه رسالة احتجاج إلى كبار المسؤولين، مؤكداً أنه لن يحضر المحكمة، ولن يدافع عن نفسه كما هو الحال في السابق.

وقال تاج زاده إن القاضي حكم عليه بالسجن لمدة 6 سنوات في القضية الجديدة، منها 5 سنوات قابلة للتنفيذ، وجاء في الرسالة إنه «في عام 2013 عندما فاز السيد روحاني بالانتخابات، زادت مدة سجني من 6 سنوات إلى 7 سنوات، هذه المرة يبدو أنه من المقرّر أن تزيد مدة سجني من 5 سنوات إلى 10 سنوات».

بموازاة ذلك نقلت وسائل إعلام فارسية في الخارج رسالة تاج زاده من سجن إيفين، يخاطب فيها المرشد علي خامنئي، متهماً إياه بتوجيه أوامر إلى استخبارات «الحرس الثوري»، الجهاز الموازي لوزارة الاستخبارات، لفتح سابع ملف قضائي ضده.

وقال تاج زاده إن القضية الجديدة ضده «بدأت بناءً على أمر أو موافقة المرشد»، وخاطب المرشد قائلاً: «أنا فقط بسبب انتقادي لكم، وحتى هذه اللحظة وبدون احتساب حوالي 3 سنوات متبقية من حبسي، ودون النظر في الحكم الجديد المحتمل، قضيت 9 سنوات وشهرين في السجن، فقط بسبب انتقادي الوضع البائس الحالي للبلاد».

وأوضح تاج‌ زاده أنه في حال تلقّيه حكماً إضافياً بالسجن لمدة 5 سنوات، فهذا يعني «بالنظر إلى سني، سجن مؤبد»، ويهدف إلى «منع أي شخص من الجرأة على نقد سلوك وخطاب المرشد و(الحرس الثوري)»، مشدداً على أن المرشد الإيراني «يحاول إسكات المنتقدين بالأحكام الطويلة».

وتولّى تاج زاده منصب النائب السياسي لوزير الداخلية الإيراني في عهد الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي، إلا أنه دخل السجن إثر احتجاجات الحركة الخضراء التي قادها الزعيمان الإصلاحيان مير حسين موسوي ومهدي كروبي عام 2009، قبل أن تُفرَض عليهما الإقامة الجبرية في فبراير (شباط) 2011.

وبعد خروجه من السجن تحوّل تاج زاده إلى أبرز الأصوات المنتقِدة للمرشد الإيراني في الداخل الإيراني، وعمل للدفع من أجل إجراء «تغييرات هيكلية»، وإجراءات لتعزيز الديمقراطية في البلاد.

وحاول زاده الترشح للرئاسة عام 2021، عبر «جبهة الإصلاحات»، إلا أن مجلس صيانة الدستور لم يصادق على ترشّحه، وقدّم تاج زاده نفسه على هامش تلك الانتخابات بوصفه «مواطناً وإصلاحياً»، و«سجيناً سياسياً لـ7 سنوات»، وأدان «التمييز، وحجب الإنترنت، وتدخُّل العسكريين في السياسة والاقتصاد والانتخابات».

ويقضي تاج زاده عقوبة بالسجن 5 سنوات، بعد اعتقاله يوليو 2022، بعدما واجه 3 تُهَم، بما في ذلك التآمر على الأمن القومي.

ويأتي الحكم الجديد ضد تاج زاده بعدما تولى الرئيس مسعود بزشكيان، المدعوم من الإصلاحيين، رئاسة الحكومة الشهر الماضي.

وذاعت أنباء الأسبوع الماضي عن قرب رفع الإقامة الجبرية عن مهدي كروبي، إثر محاولات بزشكيان رفع الإقامة الجبرية عن الزعيمين الإصلاحييْن، وذكرت مصادر إصلاحية أن كروبي رفض فكرة رفع الإقامة الجبرية ما لم تشمل مير حسين موسوي وزوجته.

وقال تاج زاده في رسالته الجديدة إلى خامنئي: «رغم كل هذه الاعتقالات، فقد تلاشى خوف الناس، وأصبح النقد، بل والاحتجاج على المرشد، أكثر الأمور شيوعاً في المجتمع».