مشاجرة البرلمان «الدامية» تنقلب إلى تراشق بين إردوغان وأوزيل

تلاسن حول سيطرة المحرضين المهمشين على المعارضة وزوال تركيا القديمة

معركة البرلمان انقلبت إلى تراشق بين إردوغان وأوزيل (أ.ف.ب)
معركة البرلمان انقلبت إلى تراشق بين إردوغان وأوزيل (أ.ف.ب)
TT

مشاجرة البرلمان «الدامية» تنقلب إلى تراشق بين إردوغان وأوزيل

معركة البرلمان انقلبت إلى تراشق بين إردوغان وأوزيل (أ.ف.ب)
معركة البرلمان انقلبت إلى تراشق بين إردوغان وأوزيل (أ.ف.ب)

تبادل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وزعيم المعارضة رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل، تصريحات حادّة حول الأحداث التي شهدها البرلمان خلال الجلسة الاستثنائية التي عقدها يوم 16 أغسطس (آب)، للنظر في طلب المعارضة إلغاء تجريد النائب السجين جان أتالاي من عضويته وإعادته إلى مقعده بالبرلمان، التزاماً بقرار المحكمة الدستورية.

ووجه إردوغان انتقاداً حاداً للمعارضة بسبب ما شهدته الجلسة من مشادات واعتداء نائب حزب العدالة والتنمية الحاكم، ألباي أوزالان، على نائب حزب العمال التركي، أحمد شيك، ما أسفر عن إصابة نائب بحزب الشعب الجمهوري وأخرى من حزب الديمقراطية ومساواة الشعوب، المؤيد للأكراد.

معركة البرلمان

وقال إردوغان، خلال كلمة في احتفال نظمه حزب العدالة والتنمية الحاكم، بالذكرى 953 لمعركة «ملاذكرد» في بتليس جنوب شرقي البلاد، الأحد، إن «حفنة من المحرضين المهمشين الذين هم على خلاف مع الأمة وقيمها استحوذوا على المعارضة الرئيسية (حزب الشعب الجمهوري) وغيرها من أحزاب المعارضة وتحركهم بأصابعها. إن اصطفاف المعارضة مثل الحبل في هذه الجوقة هو علامة على الاستسلام. من المستحيل أن يجلبوا أي خير للبلاد، نحن من سننقذ تركيا من مشاكلها».

البرلمان التركي تحول إلى ساحة معركة خلال جلسة استثنائية لمناقشة قضية النائب جان أتالاي (من البث المباشر للجلسة)

ورد رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل، على إردوغان قائلاً: «يجب على إردوغان أولاً انتقاد النائب عن حزب العدالة والتنمية ألباي أوزالان، الذي تسبب في اندلاع اشتباك بالأيدي في البرلمان وقعت فيه أعمال عنف ضد النائبات أيضاً».

وأضاف أوزيل، في تصريحات خلال جولة في إحدى أسواق العاصمة أنقرة، رفقة رئيس بلديتها منصور ياواش: «هذا انتقاد غير عادي من شخص (إردوغان) وضع حزبه بأكمله في يد حفنة من أعضاء منظمة فتح الله غولن الإرهابية (المتهمة بمحاولة انقلاب في 2016)». ولفت أوزيل إلى أنه تحدث إلى النائب أحمد شيك وأخبره، خلال توقف الجلسة، بأن «أسلوبه لم يكن مناسباً». وأضاف: «كلمات أحمد شيك كانت قاسية، ولا تناسب البرلمان، ولكمات ألباي أوزالان لا تناسب تركيا، أعزو محاولة الانتقاد من قبل شخص (إردوغان) يجب أن ينتقد نفسه، إلى متلازمة الإرهاق».

مشادة بين النائبين ألباي أوزالان وأحمد شيك (من البث المباشر لجلسة البرلمان في 16 أغسطس)

وشهدت جلسة البرلمان «الدامية» في 16 أغسطس، التي استمرت أكثر من 7 ساعات وتوقفت 6 مرات، أحداثاً عاصفةً وعراكاً أصيب فيه عدد من نواب المعارضة على يد نواب من حزب العدالة والتنمية الحاكم، خلال كلمة نائب حزب العمال التركي عن مدينة إسطنبول، أحمد شيك، التي حمل فيها الحكومة المسؤولية عن عدم تنفيذ قرار المحكمة الدستورية، مطالباً نواب الحزب الحاكم بأن يشعروا بالخزي، ووصفهم بأنهم أكبر تنظيم إرهابي في تركيا.

واندفع نائب حزب العدالة والتنمية، لاعب كرة القدم السابق، ألباي أوزالان، وهو المدير المسؤول عن النظام خلال جلسات البرلمان، باتجاه شيك، خلال إلقاء كلمته، ووجه إليه الصفعات واللكمات، ليقع اشتباك انضم إليه نواب حزب العدالة والتنمية، تسبب في إصابة عدد من النواب، بينهم نائبة حزب الديمقراطية ومساواة الشعوب، المؤيد للأكراد، جوليستان كليتش كوتش يغيت، ونائب حزب الشعب الجمهوري أوكان كونور ألب.

أوزيل متحدثاً خلال تجمع لمزارعي الفستق في غازي عنتاب جنوب تركيا السبت (حسابه على «إكس»)

زوال تركيا القديمة

ولم تتوقف انتقادات إردوغان للمعارضة عند هذا الحد، فقد أعلن انتهاء الحقبة القديمة في تركيا. وقال: «تركيا القديمة أصبحت الآن وراءنا تماماً، تلك الأيام الخوالي من الحظر والقمع والحرمان والفقر لن تعود أبداً مرة أخرى».

وسخر أوزيل من تصريحات إردوغان، قائلاً: «ليأتِ إلى الأسواق وليرَ ما يقول إنه قد انتهى. ليذهب إلى سوق أضنة في الساعات الأولى من الصباح، بينما ينهار السوق، ليذهب إلى غازي عنتاب؛ حيث ذهبت يوم السبت، وليستمع إلى مزارعي الفستق ومعاناتهم».

وأضاف: «فليتجول بين المواطنين. المشكلة أنه لا يوجد أمة لديها هذا القدر من الرفاهية كما في القصر (رئاسة الجمهورية)، هناك أناس يصطفون لشراء خبز اليوم السابق بسعر رخيص، وهناك أناس يجمعون ما يقع على الأرض وتدهسه الأقدام من الفواكه والخضراوات في الأسواق وهم يغطون وجوههم حتى لا يعرفهم أحد... هل أنهوا الفقر في أمتنا أم لا؟ سأترك الأمر لضميركم».


مقالات ذات صلة

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

شؤون إقليمية كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

قدم رئيس «الشعب الجمهوري» المرشح السابق لرئاسة تركيا كمال كليتشدار أوغلو دفاعه في قضية «إهانة رئيس الجمهورية» المرفوعة من الرئيس رجب طيب إردوغان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية ترمب مستمعاً إلى مرشحه لوزارة الخارجية السيناتور ماركو روبيرو خلال حملته لانتخابات الرئاسة الأميركية (رويترز)

إردوغان «قلق» من تعيينات إدارة ترمب الجديدة

لم يُخفِ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قلق حكومته بشأن بعض الأسماء التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ضمها إلى إدارته.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان التقى حليفه دولت بهشلي الخميس الماضي وسط تأكيدات عن خلافات بينهما (الرئاسة التركية)

حليف إردوغان استبعد الخلاف معه... وهاجم مَن يخدمون «أولاد بايدن» بالتبني

أشعل رئيس حزب «الحركة القومية»، شريك حزب «العدالة والتنمية» في «تحالف الشعب»، جدلاً جديداً حول حلّ المشكلة الكردية في تركيا، ونفى وجود أي خلاف مع الرئيس إردوغان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية عائلات الأطفال ضحايا عصابة حديثي الولادة في وقفة أمام المحكمة في إسطنبول رافعين لافتات تطالب بأقصى عقوبات للمتهمين (أ.ف.ب)

تركيا: محاكمة عصابة «الأطفال حديثي الولادة» وسط غضب شعبي واسع

انطلقت المحاكمة في قضية «عصابة الأطفال حديثي الولادة» المتورط فيها عاملون في القطاع الصحي والتي هزت تركيا منذ الكشف عنها وتعهد الرئيس رجب طيب إردوغان بمتابعتها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان وبهشلي خلال الاحتفال بذكرى تأسيس الجمهورية التركية في 29 أكتوبر الماضي (الرئاسة التركية)

تركيا: انقسام حول المشكلة الكردية... وإردوغان قد يختار الانتخابات المبكرة

تعمق الجدل والانقسام حول احتمالات انطلاق عملية جديدة لحل المشكلة الكردية في تركيا... وذهبت المعارضة إلى وجود أزمة داخل «تحالف الشعب» الحاكم

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
TT

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)

قدم رئيس «الشعب الجمهوري» المرشح السابق لرئاسة تركيا كمال كليتشدار أوغلو دفاعه في قضية «إهانة رئيس الجمهورية» المرفوعة من الرئيس رجب طيب إردوغان. ومثل كليتشدار أوغلو (75 عاماً) أمام القاضي في الجلسة الأولى من القضية التي يواجه فيها حكماً بالسجن 11 سنة و8 أشهر، وحظر نشاطه السياسي لمدة 5 سنوات.

وقرأ كيليتشدار أوغلو، دفاعه المكون من 25 صفحة، أمام قاضي الدائرة 57 للمحكمة الجنائية الابتدائية في أنقرة، واستهله قائلاً: «لم آتِ للدفاع عن نفسي بسبب جريمة، ولكن لتسجيل الجرائم المرتكبة وللمطالبة بالمحاسبة، ولتسجيل ملاحظة في التاريخ».

كليتشدار أوغلو وإلى جانبه رئيس «الشعب الجمهوري» ورئيس بلدية أنقرة وعدد من الشخصيات الذين جاءوا لمساندته في قاعة المحكمة (حزب الشعب الجمهوري)

وأضاف: «من حسن حظي أنه لم يجرِ تقديمي أمامكم بجريمة سرقة واختلاس حقوق الأيتام، ومرة أخرى، أنا محظوظ لأنني لم أمثُل أمامكم بتهمة الخيانة». وحيا كل الأبطال الوطنيين الذين ضحوا بحياتهم من أجل بقاء الدولة وسيادة الوطن، وللملازمين الشباب الذين طردوا من الخدمة عقب تخرجهم مباشرة بسبب أداء قسم الولاء لمؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك في حفل تخرجهم في أغسطس (آب) الماضي».

دعم واسع

تَجَمَّعَ مئات من أنصار كليتشدار أوغلو و«الشعب الجمهوري» وأحزاب المعارضة أمام المحكمة مطالبين بالعدالة، حيث نمكن من الوصول إلى قاعة المحكمة بصعوبة بالغة.

وحضر رئيس «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزلل، ورئيس بلدية أنقرة منصور يافاش، ورئيس حزب «البلد» محرم إينجه، ورئيس حزب «النصر» أوميت أوزداغ، وعائلة كليتشدار أوغلو، وعائشة أتيش زوجة رئيس منظمة «الذئاب الرمادية» سنان أتيش، الذي اغتيل في أنقرة قبل عامين، فضلاً عن ممثلي أحزاب معارضة ورؤساء بلديات من أنحاء تركيا، بينما غاب رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، بسبب حضوره مؤتمراً في ألمانيا.

تجمع حاشد حول كليتشدار أوغلو أثناء دخوله المحكمة (حزب الشعب الجمهوري)

وقال كليتشدار أوغلو إنه حضر إلى المحكمة ليقول مجدداً للص إنه لص، وليعيد التذكير بقضية الـ128 مليار دولار التي أهدرها إردوغان من احتياطي البنك المركزي لصالح «عصابة المقاولين الخمسة». وأضاف: «إذا كان الرجل الذي قال ليس لديَّ سوى خاتم واحد، إذا أصبحت غنياً، فاعلموا أنني سرقت، (في إشارة إلى إردوغان)، أصبح ثرياً، فإنني أقولها مرة أخرى هو لص».

وطلب من القاضي أن يسمح له بالابتعاد عن موضوع القضية، مشيراً إلى أن إردوغان زج بتركيا في مشروع الشرق الأوسط الكبير من أجل تأسيس حكم الرجل الواحد في تركيا، الذي جُعلت كل السلطات في يده، كما يواصل الآن سياسته من أجل البقاء عبر تقديم تنازلات في قبرص وبحر إيجه. وأضاف: «لقد كانت هذه هي الحال دائماً في التاريخ الحديث، فنظام ضعف اقتصاده أو حتى انهار، ولا يستطيع حماية حدوده، حيث نظام العدالة مرتبط برجل واحد، وحيث جرى تدمير آلية الرقابة، وحيث لا توجد شفافية ومحاسبة، وحيث التعيين في مناصب الدولة وليس على أساس الجدارة والكفاءة، لن يدوم».

وتطرق كليتشدار أوغلو إلى مسيرته المهنية حيث كان مسؤولاً عن مؤسسة التأمين الاجتماعي، قائلاً إنه كان يدير أموال آلاف المواطنين، ولم يأخذ قرشاً واحداً من أموال الدولة إلى بيته، ولم يصبح من الأثرياء، ولا يملك سوى البيت الذي يعيش فيه أنقرة، مع أنه ظل أيضاً رئيسا لـ«الشعب الجمهوري» 13 عاماً.

كمال كليتشدار أوغلو (من حسابه في إكس)

ولفت إلى أنه تعرض للطعن في الظهر في الانتخابات الرئاسية، العام الماضي، من جانب من كانوا يقولون: «إننا وطنيون قوميون، وسنكتبك في وصية عائلتنا»، في إشارة إلى الرئيسة السابقة لحزب «الجيد»، ميرال أكشنار، لنكتشف لاحقاً أنهم كانوا يتعاونون مع إردوغان من أجل إدامة نظام الرجل الواحد الذي تَسَبَّبَ في معاناة البلاد بسبب الفساد والرشوة وتدهور الاقتصاد.

جدل واتهامات

وعُقدت الجلسة الأولى من محاكمة كليتشدار أوغلو وسط جدل واسع وتراشق مع وزير العدل الذي أدلى بتصريحات، الخميس عشية الجلسة، قال فيها إن هناك حالياً 9 قضايا و5 تحقيقات جارية تتعلق بالزعيم السابق لـ«الشعب الجمهوري»، وجرى فتح تحقيق بسبب تصريحاته. وأضاف تونتش: «أقول للسياسيين من (الشعب الجمهوري) إنهم إذا استمروا على السياسة ذلتها فسينتهي بهم الأمر مثل رئيسهم السابق».

كليتشدار أوغلو خلال أحد التجمعات قبل الانتخابات الرئاسية عام 2023 (من حسابه في إكس)

ورد كليتشدار أوغلو على تونتش في كلمة مصورة عبر حسابه في «إكس»، قائلاً: «إذا كانت لديك الشجاعة، فتعال إلى المحكمة غداً، واستمع إلى ما سأقوله لسيدك، ربما تتعلم درساً». واستنكرت قيادات «الشعب الجمهوري» تصريحات وزير العدل مؤكدين أنها جاءت قبل المحاكمة بيوم واحد، توجيهاً أو «أمراً» للقاضي لإدانة كليتشدار أوغلو، وحظر نشاطه السياسي.