جدل «الحجاب» يعود للواجهة بعد إصابة إيرانية بنيران الشرطة

بزشكيان تعرّض لضغط من أجل وعوده بشأن خطة لتخفيف قوانين اللباس

صورة نشرتها هيئة الإذاعة البريطانية عبر خدمتها الفارسية من الإيرانية آرزو بدري التي أصيبت بنيران الشرطة أثناء تلقيها العلاج في مستشفى حكومي
صورة نشرتها هيئة الإذاعة البريطانية عبر خدمتها الفارسية من الإيرانية آرزو بدري التي أصيبت بنيران الشرطة أثناء تلقيها العلاج في مستشفى حكومي
TT

جدل «الحجاب» يعود للواجهة بعد إصابة إيرانية بنيران الشرطة

صورة نشرتها هيئة الإذاعة البريطانية عبر خدمتها الفارسية من الإيرانية آرزو بدري التي أصيبت بنيران الشرطة أثناء تلقيها العلاج في مستشفى حكومي
صورة نشرتها هيئة الإذاعة البريطانية عبر خدمتها الفارسية من الإيرانية آرزو بدري التي أصيبت بنيران الشرطة أثناء تلقيها العلاج في مستشفى حكومي

على طريق مظلمة بجانب بحر قزوين، أطلق ضباط الشرطة الإيرانية الشهر الماضي النار على امرأة تبلغ من العمر 31 عاماً، حاولت الهرب على الأرجح، مدركة أنهم يريدون الاستيلاء على سيارتها، بعد تلقيها إشعاراً بشأن مصادرة سيارتها، إثر خلعها الحجاب.

ويقول ناشطون إن الشرطة أمرت بحجز سيارتها بسبب انتهاك سابق لقانون الحجاب في إيران، لإظهار شعرها في الأماكن العامة أثناء القيادة، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس».

أصبحت آرزو بدري - وهي أم لطفلين - غير قادرة على المشي وتقبع الآن في فراشها بمستشفى تابع للشرطة، وهي أحدث ضحية لحملة إيران لتشديد قانون الحجاب.

أُطلقت النار عليها بعد نحو عامين من وفاة مهسا أميني البالغة من العمر 22 عاماً أثناء احتجازها لدى الشرطة بدعوى انتهاك قانون الحجاب؛ مما أثار احتجاجات هزت أنحاء البلاد، بشأن حقوق المرأة وضد نظام الحكم الثيوقراطي في البلاد.

ومع اقتراب الذكرى السنوية لوفاة أميني في 16 سبتمبر (أيلول)، وعد الرئيس الإصلاحي الجديد لإيران، مسعود بزشكيان، بتخفيف تنفيذ قانون الحجاب.

تفاصيل غامضة

لكن التفاصيل الغامضة حول إطلاق النار على آرزو بدري وفيديو حديث لفتاة تتعرض للضرب في شوارع طهران، يبرزان المخاطر التي لا تزال قائمة لمن يتجرأ على عصيان هذا القانون.

قال هادي قائمي، المدير التنفيذي لمركز حقوق الإنسان في إيران، ومقره نيويورك: «لقد رفعوا الأمر إلى مستوى الجريمة الأكثر خطورة، حيث يُسمح للشرطة أساساً بإطلاق النار بقصد القتل». وأضاف: «إنها حقاً حرب على النساء».

قال ناشطون إن إطلاق النار على آرزو بدري وقع نحو الساعة 11 مساءً في 22 يوليو (تموز) على طريق ساحلية في محافظة مازندران الشمالية في إيران، بينما كانت عائدة إلى منزلها من منزل صديقة لها مع أختها.

صور الإيرانية آرزو بدري التي أصيبت بنيران الشرطة أعادت تجميعها هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي الفارسية) من شبكات التواصل الاجتماعي

ونقلت وكالة «إرنا» الرسمية عن العقيد أحمد أميني قوله إن ضباط الدورية أمروا مركبة ذات نوافذ معتمة بالتوقف، لكنها لم تمتثل. ولم يذكر البيان شيئاً عن انتهاك الحجاب أو إشعار لحجز السيارة.

ويبدو أن الضباط أطلقوا النار أولاً على إطارات سيارة بدري، وفقاً لمجموعة نشطاء حقوق الإنسان في إيران (هرانا)، التي تحدثت إلى أشخاص مطلعين على الحادث. ومع استمرار بدري في القيادة، أطلق الضباط النار على السيارة؛ مما أدى إلى إصابتها برصاصة اخترقت رئتها وألحقت أضراراً بعمودها الفقري.

وبموجب القانون الإيراني، يجب على الشرطة إطلاق طلقة تحذيرية، ثم التصويب لإصابة الشخص في الجزء السفلي من الجسم قبل إطلاق النار الذي قد يكون مميتاً على رأس أو صدر المشتبه به. إذا كان المشتبه به يقود سيارة، فإن الضباط يطلقون النار على الإطار أولاً.

ولا تزال أسباب إيقاف الشرطة سيارة بدري غير واضحة، رغم أن النشطاء يلقون باللوم على إشعار حجز السيارة بسبب انتهاك الحجاب. ومن غير المعروف أيضاً ما إذا كانت أي سيارة شرطة في الموقع، بها كاميرا سجلت إطلاق النار أو إذا كان أي ضابط يرتدي كاميرا مثبتة على جسده.

ولا توجد إحصاءات عامة عن حوادث إطلاق النار المميتة التي تقوم بها الشرطة في إيران. وتختلف تدريبات الشرطة وتكتيكاتها على نطاق واسع، حيث يواجه بعض الضباط واجبات شبه عسكرية في مناطق مثل محافظة بلوشستان المضطربة في إيران.

ويقول ناشطون إن السلطات تحتجز آرزو بدري في مستشفى تابع للشرطة في طهران تحت حراسة مشددة، وتفرض قيوداً على زيارات عائلتها وتمنعهم من التقاط صور لها. ورغم ذلك، نُشرت صورة لبدري من قِبل هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) هذا الأسبوع؛ مما يسلط الضوء على قضيتها.

وقال أحد النشطاء في إيران، الذي طلب عدم الكشف عن هويته خوفاً من الملاحقة: «لا تشعر بأي شيء من الخصر إلى الأسفل، وقال الأطباء إنه سيتضح في الأشهر المقبلة ما إذا كانت مشلولة تماماً».

«نقطة محورية»

وأصبح الحجاب محور الحراك الاحتجاجي بعد وفاة أميني في عام 2022، أثناء توقيفها لدى الشرطة بدعوى سوء الحجاب. ووجدت لجنة من الأمم المتحدة أن أميني توفيت نتيجة «العنف الجسدي» الذي تعرّضت له من قِبل السلطات.

أثارت وفاة أميني احتجاجات استمرت لأشهر، وحملة قمع أمنية أسفرت عن مقتل أكثر من 500 شخص واعتقال أكثر من 22 ألفاً. وبعد هذا الحراك الجماهيري، خففت الشرطة من تنفيذ قوانين الحجاب، لكنها شددت الإجراءات مرة أخرى في أبريل (نيسان) بموجب ما أطلقت عليه السلطات «خطة نور».

وتعهد بزشكيان مراجعة الخطة التي وصفها بـ«الظلامية» خلال حملته الرئاسية، لكنه أعلن هذا الأسبوع عن تشكيلته الحكومية، وكلف قائد شرطة المرور السابق، محمود أسكندري، حقيبة وزارة الداخلية؛ وهو ما أثار شكوكاً بشأن قدرة بزشكيان في الوفاء بوعوده، نظراً لمواقف أسكندري المتشددة بشأن الحجاب.

بزشكيان وحليفه ظريف خلال الاحتفال بفوزه في الرئاسة 6 يوليو الماضي (رويترز)

وحاول الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي، الأربعاء، تخفيف الضغوط الإصلاحية على بزشكيان. وفي إشارة ضمنية إلى وزير الداخلية، قال: «عندما قال بزشكيان إن خطة نور ظلامية، فإنه بطبيعة الحال سيتصدى لها». وتوقع أيضاً أن يدافع بزشكيان عن مكانة الفنانين ومنع الإساءة إليهم.

وذكرت صحف إصلاحية أن استقالة وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف من منصبه الجديد في الحكومة يعود جزء منها إلى استيائه من مرشح وزير الداخلية. وقال ظريف نفسه إنه قدم استقالته لتخفيف الضغط عن بزشكيان.

تحدٍ متواصل

ولا تزال حملة الحجاب محل نقاش واسع في إيران، حتى مع ندرة تقارير الشرطة ووسائل الإعلام الحكومية حول القضية. وتواصل الكثير من النساء ارتداء الحجاب بشكل فضفاض أو تركه متدلياً على أكتافهن أثناء السير في طهران.

وقال قائمي إن النساء اللواتي يقدن سياراتهن دون ارتداء الحجاب يعتقد أنهن تم تعقبهن من خلال تقنية الذكاء الاصطناعي في كاميرات المراقبة التي توفرها الشركات الصينية، والتي تطابق وجوههن مع قاعدة بيانات تحتوي على صور تحتفظ بها الحكومة.

وينذر توقيف النساء بمواجهة جسدية مع عناصر الشرطة. ونُشرت لقطات من كاميرات المراقبة الأسبوع الماضي على موقع «إنصاف» الإخباري الإصلاحي الإيراني، تظهر فتاة تبلغ من العمر 14 عاماً تتعرض للاعتداء على يد شرطة الأخلاق في طهران.

نساء يتحدين الشرطة بعد تهديدها بمواجهة ظاهرة نزع الحجاب (شبكات التواصل الاجتماعي)

وصفت والدتها كيف تعرّض رأس ابنتها للضرب بصندوق كهربائي، وقامت ضابطة بشد شعرها بينما وضعت أخرى قدمها على رقبتها. وصفت الشرطة سلوك الضابطات بأنه غير مهني، لكنها اتهمت الفتاة أيضاً باستخدام لغة سيئة.

وقالت والدتها، مريم عباسي، للموقع: «رأيت ابنتي بوجه مجروح وشفاه متورمة ورقبة مكدومة وملابس ممزقة ولم تستطع حتى التحدث. كانت عيناها متورمتين من البكاء لدرجة أنها لم تكن تفتحهما».


مقالات ذات صلة

مقتل 3 في حادث تحطم طائرة تدريب تابعة للشرطة بشمال غربي إيران

شؤون إقليمية طائرة تدريب محطمة في مطار «بيام» بمحافظة كرج غرب طهران العام الماضي (وكالة فارس الإيرانية)

مقتل 3 في حادث تحطم طائرة تدريب تابعة للشرطة بشمال غربي إيران

لقي ثلاثة أشخاص حتفهم في حادث تحطم طائرة تدريب تابعة للشرطة، بالقرب من مدينة رشت بشمال غربي إيران.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا عنصر سوري يحرس مدخل قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية الساحلية السورية (رويترز)

لافروف: موسكو على تواصل مع دمشق

حمَّل الوزير الروسي خلال مؤتمر صحافي في موسكو، الثلاثاء، النظام السوري السابق المسؤولية عن تدهور الوضع في البلاد.

رائد جبر (موسكو)
شؤون إقليمية المرشد الإيراني علي خامنئي والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب (أ.ف.ب)

دعوات لترمب لاستثمار «فرصة فريدة» لردع إيران

أوصى تقريران جديدان الرئيس دونالد ترمب باتخاذ خطوات جذرية لإعادة فرض أقصى العقوبات على نظام الحكم في إيران واستغلال حالة الضعف التي يعاني منها.

إيلي يوسف (واشنطن)
شؤون إقليمية بزشكيان ونائبه محمد رضا عارف خلال اجتماع الحكومة... الأحد (الرئاسة الإيرانية)

إيران توجه رسالة «خفض تصعيد» للغرب قبيل اتفاق استراتيجي مع روسيا

يوجِّه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، مساء الأربعاء، «رسالة مهمة» لإجراء مفاوضات «عادلة»، قبل ساعات من التوجه إلى موسكو، حيث سيوقِّع مع بوتين اتفاق شراكة.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية تخت روانتشي يطلِع لجنة الأمن القومي على نتائج الجولة الثانية من الحوار مع الأوروبيين مطلع الشهر الماضي (موقع البرلمان)

طهران: المحادثات مع الأوروبيين في جنيف «بنَّاءة وصريحة»

وصفت إيران الجولة الجديدة من الحوار بشأن برنامجها النووي المثير للجدل مع فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة في جنيف بـ«الجدية والصريحة والبنَّاءة».

«الشرق الأوسط» (لندن - جنيف)

إصابة 3 جنود إسرائيليين في جنين بالضفة الغربية

قوات الاحتلال الإسرائيلي تشتبك خلال عملية عسكرية في قرية قباطية بالقرب من مدينة جنين بالضفة الغربية يوم 10 يناير 2025 (إ.ب.أ)
قوات الاحتلال الإسرائيلي تشتبك خلال عملية عسكرية في قرية قباطية بالقرب من مدينة جنين بالضفة الغربية يوم 10 يناير 2025 (إ.ب.أ)
TT

إصابة 3 جنود إسرائيليين في جنين بالضفة الغربية

قوات الاحتلال الإسرائيلي تشتبك خلال عملية عسكرية في قرية قباطية بالقرب من مدينة جنين بالضفة الغربية يوم 10 يناير 2025 (إ.ب.أ)
قوات الاحتلال الإسرائيلي تشتبك خلال عملية عسكرية في قرية قباطية بالقرب من مدينة جنين بالضفة الغربية يوم 10 يناير 2025 (إ.ب.أ)

قال الجيش الإسرائيلي اليوم (الأربعاء) إن 3 من جنوده أصيبوا خلال عملية في بلدة قباطية في جنين بالضفة الغربية، الليلة الماضية، منهم اثنان إصابتهما بالغة.

وذكر الجيش -في بيان- أن الجنود الثلاثة أصيبوا إثر انفجار عبوة ناسفة في مركبة عسكرية، وتم نقلهم إلى المستشفى.

وكانت «وكالة الأنباء الفلسطينية» قد أفادت مساء أمس (الثلاثاء) بمقتل 6 مواطنين بينهم طفل، وإصابة آخرين جراء قصف شنته طائرات إسرائيلية على مخيم جنين في الضفة.

وأشارت الوكالة إلى أن القوات الإسرائيلية اقتحمت بلدة قباطية في جنوب جنين صباح أمس، وحاصرت بناية سكنية.