«الحريديم» يهددون نتنياهو بإسقاط حكومته إذا استمر اقتحام بن غفير للأقصى

التوتر قرّب بين درعي ورئيس المعارضة للتعاون في طرح قوانين

وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف بن غفير زار «مجمع الأقصى»  في البلدة القديمة بالقدس الثلاثاء (رويترز)
وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف بن غفير زار «مجمع الأقصى» في البلدة القديمة بالقدس الثلاثاء (رويترز)
TT

«الحريديم» يهددون نتنياهو بإسقاط حكومته إذا استمر اقتحام بن غفير للأقصى

وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف بن غفير زار «مجمع الأقصى»  في البلدة القديمة بالقدس الثلاثاء (رويترز)
وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف بن غفير زار «مجمع الأقصى» في البلدة القديمة بالقدس الثلاثاء (رويترز)

بعد سنين طويلة كانت فيها أحزاب «اليهود المتدينين (الحريديم)» («أغودات يسرائيل» و«ديغل هتوراه» المنضويان تحت كتلة «يهوديت هتوراه» لليهود الأشكناز، وحزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين) قد بايعت نتنياهو وأقامت معه حلفاً متيناً، كشف رئيس المعارضة الإسرائيلية، يائير لبيد، ورئيس حزب «شاس»، آرييه درعي، عن مباحثات تجري بينهما في الأيام الأخيرة للتعاون المحتمل في عدد من القضايا، في مقدمتها طرح مشروع قانون مشترك يحظر دخول اليهود إلى باحات الحرم القدسي الشريف وإقامة صلاة يهودية فيها.

بن غفير في باحة الاقصى في القدس يرافقه عدد من المستوطنين الثلثاء (إ.ب)

ونشرت الصحيفة الدينية لـ«الحريديم» «يتد نئمان»، اليوم الأربعاء، تقريراً على صدر صفحتها الأولى، تدين فيه انتهاك الوضع القائم في الحرم القدسي بقيادة وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، وكتبت في عنوانها الرئيسي: «التجول في جبل الهيكل (الاسم التوراتي للحرم القدسي) يعرض حياة اليهود للخطر»، مضيفة أن «حاخامات وشخصيات عامة تطالب بإعادة النظر في الشراكة الائتلافية؛ بسبب السلوك المنفلت لأعضاء الائتلاف؛ جماعة بن غفير التي يمكن أن تؤدي إلى مضاعفة سفك الدماء، بسبب صمت وتقاعس رئيس الحكومة».

ويقول متابعون للسياسة الإسرائيلية إن هذا الرد من «الحريديم» يجب أن يقلق نتنياهو؛ فهذه أول مرة يخرجون فيها بموقف حاد كهذا. وإذا أضيف هذا إلى عجز نتنياهو عن إقناع بن غفير بالتصويت على قوانين يحتاجها «الحريديم» في الكنيست، مثل إعفاء شبانهم من الخدمة العسكرية وقانون الحاخامات، فإن هناك احتمالاً لإدخال نتنياهو أزمة ائتلافية لم يتعرض لها منذ 10 سنوات.

إيتمار بن غفير مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال جلسة سابقة في الكنيست (د.ب.أ)

جاء هذا التطور، في أعقاب قيام الوزير إيتمار بن غفير بزيارته الاستفزازية العدائية للمسجد الأقصى يوم الثلاثاء، وإقامة الصلاة فيه، بمناسبة «ذكرى خراب الهيكل» في 9 أغسطس (آب) من كل عام. وقالت مصادر مطلعة إن يائير لبيد ودرعي ينويان إصدار بيان مشترك لهما، في البداية يتبناه الكنيست (البرلمان)، وينص على منع اليهود من اقتحام باحات المسجد الأقصى في مدينة القدس. وسيسعيان في المرحلة التالية إلى تحويله إلى قانون. وعدّ هذا التعاون مبادرة مهمة تؤشر لشيء ما.

ووفق ما كشفت عنه «القناة12» الإسرائيلية، فإن «هذا التعاون في موضوع المسجد الأقصى يمكن أن يكون بداية تعاون في مواضيع أخرى يجب أن تقلق نتنياهو». ولمحت إلى أن هذا التعاون يعبر عن وجود صدع كبير في العلاقات بين «الحريديم» ونتنياهو.

المعروف أن «الحريديم» بغالبيتهم الساحقة يرفضون دخول المسجد الأقصى وباحاته؛ لأنهم يعتقدون أن «هيكل سليمان» كان هناك (تحت مسجد قبة الصخرة) قبل تدميره مرتين، واليهودي الذي يدوس على الأرض في هذا المكان يدنس المكان المقدس. وقد أصدر الحاخام السفاردي الأكبر لإسرائيل، عوفاديا يوسف، قبل 30 سنة، فتوى دينية واضحة، تحظر على اليهود اقتحام أو زيارة المسجد الأقصى أو إقامة الصلاة فيه.

آرييه درعي (يسار) ونتنياهو (أرشيفية - د.ب.أ)

وكان درعي قد توجه بشكل شخصي إلى نتنياهو يطلب منه منع بن غفير من اقتحام الأقصى، مؤكداً أنه بهذه الخطوة يسيء إلى «الحريديم»، ويمس بذكرى الحاخامات، ويلحق الأذى بحزب «شاس» وقادته. وقال له إن دخول بن غفير الأقصى يحرج قادة «الحريديم» السياسيين أمام حاخاماتهم، ويظهرهم دون تأثير على الحكومة. وحذره: «لا تستبعد أن يكون رد فعلنا على زيارة كهذه الانسحاب من الائتلاف الحكومي». لكن نتنياهو لم يتحرك ولم يقدم على أي إجراء يوقف بن غفير عند حده، مثيراً بذلك غضب درعي الذي كان أخلص حلفاء نتنياهو في الائتلاف الحكومي، خصوصاً بعدما تبين أن نتنياهو ادعى كذباً أنه لا يعرف عن زيارة بن غفير. فقد قال أحد الوزراء الذين رافقوا بن غفير، إنهم نسقوا الزيارة مع مكتب نتنياهو.

زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد (د.ب.أ)

وفي ضوء هذه المعارضة وردود الفعل الدولية ضد الزيارة، أصدر نتنياهو بياناً قال فيه: «ما حدث هذا الصباح في الحرم القدسي يشكّل استثناء للوضع القائم. فسياسة إسرائيل فيما يتعلق بالحرم القدسي لم تتغيّر؛ هكذا كانت، وهكذا ستظل». لكن بن غفير رد عليه: «سياسة وزير الأمن القومي هي السماح بحرية العبادة لليهود في كل مكان؛ بما في ذلك جبل الهيكل (الحرم القدسي)، وسيستمر اليهود في فعل ذلك في المستقبل».

وإزاء هذا الاستهتار بنتنياهو و«الحريديم»، جاء هذا التعاون بين لبيد ودرعي (بعد سنوات من القطيعة). وخلال المحادثات بينهما جرى الاتفاق على أن يدعم درعي مشروع قانون يقدمه حزب لبيد «ييش عتيد»، يطرح للتصويت بعد العطلة الصيفية للكنيست مطلع الدورة المقبلة للبرلمان، على أن يتوافق القانون في صياغته مع الفتوى المذكورة للرئيس الروحي السابق لحركة «شاس» الحاخام عوفاديا يوسف.

ولفتت «القناة12» إلى معارضة «الأحزاب الحريدية الآيديولوجية» اقتحام الأقصى؛ وأشارت إلى أن اقتحام بن غفير الأقصى في «ذكرى خراب الهيكل»، وفق التقويم العبري، وهو يوم للصوم والحداد على تدمير «هيكل سليمان» أو «الهيكل الأول»، أثار استياء الأحزاب الحريدية إلى درجة أن رئيس حزب «ديغل هتوراه»، موشيه غفني، هدد بالانسحاب من الحكومة.

يذكر أن زيارة بن غفير، الثلاثاء، اتسمت باقتحامات بأعداد غير مسبوقة. فقد اقتحم الباحات نحو 3 آلاف مستوطن (بزيادة قدرها 36 في المائة مقارنة بالعام الماضي)، يتقدمهم بن غفير. وفي باحة المسجد الأقصى انبطحوا أرضاً وأدّوا صلوات تلمودية وسط حماية الشرطة.


مقالات ذات صلة

بريطانيا وألمانيا تنددان بزيارة بن غفير لـ «الأقصى»: «استفزاز متعمد»

شؤون إقليمية وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني إيتمار بن غفير (وسط الصورة)، في البلدة القديمة بالقدس، الثلاثاء 13 أغسطس 2024 (أ.ب)

بريطانيا وألمانيا تنددان بزيارة بن غفير لـ «الأقصى»: «استفزاز متعمد»

قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، الأربعاء، إن بلاده تندد بشدة بزيارة وزير الأمن الوطني الإسرائيلي إيتمار بن غفير لحرم المسجد الأقصى.

«الشرق الأوسط» (لندن - برلين)
شؤون إقليمية وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير في باحة المسجد الأقصى في البلدة القديمة بالقدس 13 أغسطس 2024 (رويترز)

الأمم المتحدة: أداء وزير إسرائيلي الصلاة في الحرم القدسي «استفزاز لا يجدي»

ندد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، الثلاثاء، بقيام وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير بأداء الصلاة في باحات المسجد الأقصى.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شؤون إقليمية صورة من فيديو لوزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير يزور مجمع الأقصى  في البلدة القديمة بالقدس الثلاثاء (رويترز)

نتنياهو لبن غفير بعد اقتحامه الأقصى: أنت لا تحدد السياسات

هاجم رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، بعد اقتحامه المسجد الأقصى.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري (أ.ف.ب)

منع خطيب «الأقصى» الشيخ عكرمة صبري من دخول المسجد لـ 6 أشهر

أصدرت محكمة إسرائيلية بمدينة القدس، اليوم (الخميس)، قراراً يقضي بمنع خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري من دخول المسجد لمدة ستة أشهر.

«الشرق الأوسط» (القدس)
شؤون إقليمية مصلون أمام قبة الصخرة قبل صلاة الجمعة في مجمع الأقصى  (رويترز)

مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى

قال تقرير فلسطيني إن مستوطنين إسرائيليين اقتحموا المسجد الأقصى بالقدس، اليوم (الخميس)، بحماية الشرطة الإسرائيلية، وأدوا صلوات تلمودية.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

إردوغان بحث مع عباس التطورات في غزة والأراضي الفلسطينية

استقبال إردوغان لعباس خلال زيارته لتركيا في يوليو 2023 (الرئاسة التركية)
استقبال إردوغان لعباس خلال زيارته لتركيا في يوليو 2023 (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان بحث مع عباس التطورات في غزة والأراضي الفلسطينية

استقبال إردوغان لعباس خلال زيارته لتركيا في يوليو 2023 (الرئاسة التركية)
استقبال إردوغان لعباس خلال زيارته لتركيا في يوليو 2023 (الرئاسة التركية)

استقبل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، في مستهل زيارته لتركيا التي تستمر يومين وسيلقي، الخميس، كلمة أمام جلسة استثنائية للبرلمان التركي، يتناول فيها الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية ولا سيما في قطاع غزة.

وقد بحث إردوغان وعباس تطورات الوضع في الأراضي الفلسطينية في ظل التصعيد الإسرائيلي المستمر في غزة ومخاطر ذلك على المنطقة، وسبل الضغط على إسرائيل لوقف ممارساتها العدوانية ووقف إطلاق النار وتحقيق حل الدولتين.

وكان في استقبال عباس في مطار أسنبوغا في أنقرة، لدى وصوله، وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان والسفير الفلسطيني في أنقرة، فايد مصطفى، حيث توجه مباشرة إلى القصر الرئاسي للقاء إردوغان.

وأكد إردوغان، قبل استقباله عباس بالقصر الرئاسي في أنقرة، أن تركيا ستقف ضد مساعي إسرائيل لإشعال النار في المنطقة برمتها.

وأضاف، في كلمة خلال مشاركته في الاحتفال بالذكرى 23 لتأسيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في أنقرة، الأربعاء، أن تركيا ستواصل موقفها البناء والنشط والمتزن في سياساتها الخارجية، وستقف ضد مساعي إسرائيل لإشعال النار بالمنطقة.

إردوغان أكد خلال احتفال لحزبه الأربعاء في أنقرة أن إسرائيل ستحاسب عن جرائمها في غزة (الرئاسة التركية)

وشدد على أن إسرائيل ستحاسب على الإبادة الجماعية في غزة أمام القانون، مشيراً إلى أن عباس سيلقي كلمة أمام البرلمان، الخميس، وسيعلن للعالم استمرار نضال فلسطين من أجل الحرية، وسنبين أن محمود عباس له الحق في التحدث في برلماننا مثلما يحق لرئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، أن يتحدث أمام الكونغرس الأميركي.

ويعقد البرلمان التركي جلسة استثنائية، يقطع بها عطلته الصيفية المستمرة حتى الأول من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، بناء على دعوة من رئيسه، نعمان كورتولموش، للرئيس الفلسطيني لإلقاء خطاب، كتعبير من البرلمان التركي عن دعمه القوي للشعب الفلسطيني وقضيته ولضمان إيصال صوت الشعب الفلسطيني المظلوم إلى العالم.

وسيسبق الجلسة اجتماع بين عباس ورئيس البرلمان التركي، ثم يعقد الرئيس رجب طيب إردوغان اجتماعاً بهما.

وسيتحدث عباس أمام النواب عن الهجمات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، وبخاصة في غزة، وسيبث الخطاب على قناة البرلمان والقنوات التركية مع ترجمة فورية إلى اللغات التركية والإنجليزية والفرنسية.

إردوغان سيحضر في قاعة البرلمان خلال إلقاء عباس خطابه، ثم يزور رفقة نظيره الفلسطيني، ورئيس البرلمان معرضاً للصور الفوتوغرافية، تحت عنوان «فلسطين»، في قاعة الشرف بالبرلمان.