نتنياهو لبن غفير بعد اقتحامه الأقصى: أنت لا تحدد السياسات

غضب فلسطيني وعربي... ومخاوف إسرائيلية من تأثيره على التحالفات في الشرق الأوسط

صورة من فيديو لوزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير يزور مجمع الأقصى  في البلدة القديمة بالقدس الثلاثاء (رويترز)
صورة من فيديو لوزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير يزور مجمع الأقصى في البلدة القديمة بالقدس الثلاثاء (رويترز)
TT

نتنياهو لبن غفير بعد اقتحامه الأقصى: أنت لا تحدد السياسات

صورة من فيديو لوزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير يزور مجمع الأقصى  في البلدة القديمة بالقدس الثلاثاء (رويترز)
صورة من فيديو لوزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير يزور مجمع الأقصى في البلدة القديمة بالقدس الثلاثاء (رويترز)

هاجم رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، بعد اقتحامه المسجد الأقصى، الثلاثاء، على رأس مئات المستوطنين الذين أدوا صلوات تلمودية في ساحاته، وقال إن السياسة الخاصة بالمسجد يحددها هو وحكومته وليس بن غفير، في رد استهدف إضافة إلى بن غفير، توضيح موقفه في مواجهة إدانات وانتقادات دولية وعربية وفلسطينية وإسرائيلية كذلك، وهي انتقادات لم يكترث لها بن غفير الذي رد مؤكداً أن سياسته هي السماح بحرية العبادة لليهود في أي مكان ومن ثم أيضاً في الأقصى.

واقتحم بن غفير، ووزير شؤون النقب والجليل، يتسحاك فاسرلوف، الثلاثاء، باحات المسجد الأقصى متقدمين حشداً من المتطرفين الذين أدوا صلوات هناك في ذكرى «خراب الهيكل».وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية في المسجد الأقصى المبارك إن نحو 2250 مستوطناً اقتحموا باحات المسجد الأقصى، وقاموا بتدنيس الباحات، وأدوا طقوساً تلمودية، ورفعوا العلم الإسرائيلي في باحاته.

ودعم بن غفير مجموعات من المستوطنين لتأدية شعائر توراتية علنية في الأقصى. وقال من داخل الأقصى: «هناك تقدم كبير جداً هنا في الحكم والسيادة الإسرائيلية. وكما قلت: سياستنا هي السماح بالصلاة».وهذا ليس أول اقتحام لبن غفير للمسجد الأقصى منذ توليه منصبه أواخر عام 2022، بل السادس، لكن دعمه الصلاة التي تمت فعلاً في المسجد يعد حتى إسرائيلياً «انتهاكاً للوضع القائم».

بن غفير عند مدخل المسجد الأقصى الثلاثاء (أ.ب)

وفوراً أصدر مكتب رئيس الوزراء بياناً جاء فيه أن «تحديد السياسة المتبعة في الحرم القدسي الشريف أمر يخضع مباشرةً للحكومة ولرئيسها. ولا توجد هناك سياسة خاصة بوزير ما، يجري تطبيقها على الحرم القدسي الشريف، سواء إن كان وزير الأمن القومي أو أي وزير آخر غيره. وهو ما كانت تحرص عليه كل الحكومات الإسرائيلية».أضاف البيان أن «أحداث صباح، الثلاثاء، في جبل الهيكل هي تجاوز للوضع الحالي. وسياسة إسرائيل في جبل الهيكل لم تتغير. هكذا كان وهكذا سيكون».

خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري (أ.ف.ب)

موقف نتنياهو جاء في خضم انتقادات واسعة لبن غفير.

فقد حذر الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة من تداعيات الاستفزازات الخطيرة لاقتحام الإرهابيين للمسجد الأقصى، وطالب الأميركيين بالتدخل ، فيما هاجمت «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، بن غفير، وحذرتاه من المس بالمسجد.

عربياً، أعربت وزارة الخارجية السعودية عن إدانة المملكة العربية السعودية، بأشد العبارات، الاقتحامات السافرة والمتكررة من قبل مسؤولي الاحتلال الإسرائيلي وعددٍ من المستوطنين للمسجد الأقصى المبارك.

وأكدت الوزارة في بيان لها، أهمية احترام المقدسات الدينية، وجددت تحذير المملكة من تبعات استمرار هذه الانتهاكات للقانون الدولي والوضع التاريخيّ لمدينة القدس، واستفزاز ملايين المسلمين حول العالم، خصوصاً في ظل الكارثة الإنسانية التي يشهدها الشعب الفلسطيني الشقيق، مجددةً مطالبتها للمجتمع الدولي بالاضطلاع بمسؤوليته تجاه وقف الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.وأدانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية، الاقتحام.

وقالت إن «هذه الاقتحامات هي خرق فاضح للقانون الدولي وللوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها، ويعكس إصرار الحكومة الإسرائيلية وأعضائها المتطرفين على الضرب بعرض الحائط بالقوانين الدولية، والتزامات إسرائيل بصفتها القوة القائمة بالاحتلال».كما دانت مصر الاقتحام، وقالت: «إن تلك التصرفات غير المسؤولة والمستفزة تمثل خرقاً للقانون الدولي والوضع التاريخي والقانوني القائم في مدينة القدس، ويعكس استمرار تكرارها ووتيرتها سياسة ممنهجة يجري تنفيذها على الأرض، وهو ما يستدعي العمل على وقف مظاهرها بصورة فورية، والالتزام بالحفاظ على الوضع القانوني القائم».

المستوطنون المتطرفون يسعون إلى إدخال قربان لذبحه في الأقصى (أرشيفية)

وفي إسرائيل، حذر مسؤولون من «العواقب الخطيرة لتصرفات بن غفير، خصوصاً في الوضع الراهن، وفي ظل تهديدات إيران و(حزب الله) وأهمية التحالف الدفاعي الإقليمي».

وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت (رويترز)

وهاجم وزير الدفاع يوآف غالانت، اقتحام بن غفير للأقصى، وقال: «هناك شخص في الحكومة الإسرائيلية يحاول إشعال النار في الشرق الأوسط».

العضوان المتطرفان في الحكومة الإسرائيلية إيتمار بن غفير (يسار) وبتسلئيل سموتريتش (أ.ف.ب)

كما انضم زعيم المعارضة يائير لبيد للمهاجمين، وقال إن «الحملة الانتخابية التي يقوم بها بن غفير في جبل الهيكل تتناقض تماماً مع موقف قوات الأمن في أثناء الحرب، وتعرض حياة الإسرائيليين وحياة جنودنا ورجال الشرطة للخطر». وتابع أن هناك «مجموعة من المتطرفين غير المسؤولين في الحكومة تحاول جاهدة جر إسرائيل إلى حرب إقليمية شاملة، وهؤلاء الناس لا يمكنهم إدارة البلاد».أما رئيس كتلة «يهدوت هتوراه» الحريدية، عضو الكنيست موشيه غفني، الشريك في الحكومة، فهدد بالانسحاب.وقال غفني، في بيان، إن «المس بقدسية الجبل والوضع الراهن لا يهم الوزير (بن غفير)، الذي يسير ضد كبار إسرائيل والحاخامات الرئيسيين المتعاقبين. وإن الضرر الذي يلحقه بالشعب اليهودي أكبر من أن يحتمل، وهذا يضيف إلى الكراهية العبثية في يوم خراب الهيكل».وأضاف: «سنضطر إلى البحث مع حاخاماتنا إذا كان بإمكاننا أن نكون شركاء معه (في الحكومة)، وسنوضح ذلك لرئيس الحكومة أيضاً».

وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير يتحدث إلى عناصر الطوارئ في مكان هجوم طعن بحولون في 4 أغسطس (رويترز)

لكن بن غفير لم يكترث، ورد على نتنياهو والآخرين قائلاً إن «سياستي هي السماح بحرية العبادة لليهود في أي مكان ومن ضمن ذلك في جبل الهيكل، وسيستمر اليهود بالقيام بذلك في المستقبل أيضاً»، مضيفاً أن جبل الهيكل هو منطقة ذات سيادة في عاصمة دولة إسرائيل. «ولا يوجد قانون يسمح بتمييز عنصري ضد اليهود في جبل الهيكل، أو في أي مكان آخر في إسرائيل».


مقالات ذات صلة

مئات المستعمرين يقتحمون «الأقصى»

المشرق العربي مئات المستعمرين في المسجد الأقصى بحماية مشددة من الشرطة الإسرائيلية (وفا)

مئات المستعمرين يقتحمون «الأقصى»

أفادت مصادر محلية فلسطينية بـ«اقتحام  مئات المستعمرين، اليوم (الخميس)، المسجد الأقصى المبارك، وأدوا طقوساً، بحماية مشددة من شرطة الاحتلال الإسرائيلي».

«الشرق الأوسط» (القدس)
الخليج فلسطينيون يتفقدون الدمار جراء القصف الإسرائيلي على بيت لاهيا في شمال غزة (أ.ف.ب)

السعودية تدين القصف الإسرائيلي لبيت لاهيا في غزة واقتحام الأقصى

أعربت الخارجية السعودية عن إدانة المملكة بأشد العبارات قصف قوات الاحتلال الإسرائيلية منازل في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، واقتحام المستوطنين باحات الأقصى.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شؤون إقليمية فتاة فلسطينية أمام مسجد قبة الصخرة في باحة المسجد الأقصى المبارك بالقدس القديمة بعد صلاة ظهر الجمعة الماضية (أ.ف.ب)

نتنياهو يمنع وزراءه من الوصول إلى «الأقصى» دون إذن مسبق

في جلسة للمجلس الوزاري السياسي والأمني المصغر «الكابينت»، قال نتنياهو إنه «لا يوجد تغيير في الوضع القائم بالحرم القدسي».

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شؤون إقليمية صحيفة «ييتد نئمان» الناطقة باسم حزب «ديغل هتوراة» الحريدي صدرت الثلاثاء بعنوان بالعبرية والعربية يؤكد تحريم زيارة الأقصى

نتنياهو يدفع بمشروع «مضاعفة الاقتحامات» اليهودية لباحات «الأقصى»

بعد يوم من إعلان الوزير بن غفير، أنه يسعى لإقامة معبد يهودي في باحة المسجد الأقصى، دفع نتنياهو بمشروع «مضاعفة الاقتحامات».

«الشرق الأوسط» (القدس)
الخليج السعودية جددت دعوتها للمجتمع الدولي بتفعيل آليات جادة لمساءلة المسؤولين الإسرائيليين على الانتهاكات المتواصلة (الشرق الأوسط)

السعودية تدين دعوة وزير إسرائيلي إقامة كنيس يهودي في المسجد الأقصى

أعربت وزارة الخارجية السعودية عن إدانة المملكة لتصريح وزير في حكومة الاحتلال الإسرائيلي دعا فيه لإقامة كنيس يهودي في المسجد الأقصى المبارك.


مستوطنو ترمب هايتس في الجولان السوري المحتل مستعدون للتوسع

مستوطنة «ترمب هايتس» (أ.ف.ب)
مستوطنة «ترمب هايتس» (أ.ف.ب)
TT

مستوطنو ترمب هايتس في الجولان السوري المحتل مستعدون للتوسع

مستوطنة «ترمب هايتس» (أ.ف.ب)
مستوطنة «ترمب هايتس» (أ.ف.ب)

في نهاية طريق متعرج أعلى تلة ترابية في مرتفعات الجولان السوري المحتل التي ضمتها إسرائيل، تفتح بوابات صفر ببطء لتسمح بدخول مركبات تمر بجانب تمثال نسر ولافتة ذهبية تحمل اسم الرئيس الأميركي المنتخب.

يوجد علمان إسرائيلي وأميركي على لافتة مدخل مستوطنة «ترمب هايتس» (مرتفعات ترمب) على اسم دونالد ترمب؛ امتناناً له لاعترافه في عام 2019 بضم إسرائيل للهضبة ذات الموقع الاستراتيجي، لتكون الولايات المتحدة الدولة الأولى والوحيدة حتى الآن التي أقدمت على هذه الخطوة.

وبعد خمس سنوات، يعيش في المستوطنة نحو 26 عائلة في منازل مؤقتة ومتنقلة بانتظار تنفيذ خطط توسيعها على نطاق كبير.

يقول مسؤول التجمع ياردن فريمان إن عدد سكان مستوطنة مرتفعات ترمب سيتضاعف في غضون ثلاث سنوات. وهو يتوقع أن تنتقل 99 عائلة إلى منازل جديدة على أراض واسعة مع بنية تحتية جديدة تناسبها.

ويتوقع فريمان أن تحظى الخطة بدعم رسمي مع انتظار موافقة الحكومة الإسرائيلية الأحد على خطة لإنفاق 40 مليون شيقل (11 مليون دولار) لمضاعفة عدد المستوطنين اليهود في الجولان.

أعلنت الخطة بعد الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد ودخول قوات الجيش إلى المنطقة العازلة مع سوريا والسيطرة عليها.

كما نفذت إسرائيل مئات الضربات على المنشآت العسكرية السورية فيما تقول إنها محاولة لمنع وقوعها في أيد معادية، كما حذرت مراراً وتكراراً من التهديد الذي يشكله قادة سوريا الجدد.

احتلت إسرائيل معظم مرتفعات الجولان عام 1967 وأعلنت ضمها عام 1981 في خطوة لم تعترف بها سوى الولايات المتحدة.

«جبهة مدنية قوية»

رحب المستوطنون بالميزانية الجديدة، خاصة بعد أكثر من عام من هجمات نفذها «حزب الله» اللبناني المدعوم من إيران بإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة.

ويقول نائب رئيس المجلس الإقليمي يعقوب سيلفان: «نحن سعداء جداً لأن الحكومة تدرك أهمية الجولان وضرورة الاستثمار فيه، ليس فقط في الأمن، ولكن أيضاً في تنمية المجتمع فيه».

ويضيف: «بصفتنا الجبهة الشمالية الشرقية لإسرائيل، نحن لسنا هنا لمجرد إمعان النظر بالمشاهد الخلابة».

ويرى سيلفان أن هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على جنوب إسرائيل أظهر «ضرورة وجود جبهة مدنية قوية».

ويؤكد سيلفان المقيم في تجمع «يوناتان» الاستيطاني المجاور: «بعد أسوأ مأساة في تاريخ دولة إسرائيل، الآن نحتاج إلى الاستمرار في البناء وإعادة البناء بشكل أفضل».

ويشير إلى أن هناك خطة استراتيجية لتطوير المنطقة، التي يبلغ عدد سكانها اليهود نحو 30.000 نسمة، إلى جانب نحو 23.000 من الدروز الذين لم يغادروا أرضهم عند احتلالها ويفخرون لكونهم سوريين.

وإلى جانب تحسين الطرق ومنشآت البنية التحتية الأخرى وتوسيع التجمعات الاستيطانية القائمة، بما في ذلك بلدة كاتسرين الوحيدة في الجولان، تشمل الخطة إنشاء ثلاثة تجمعات جديدة، واحد بجانب مرتفعات ترمب وآخر قد يُبنى على أرض متنازع عليها مع لبنان.

ويقول سيلفان: «لقد حصلنا للتو على الأوراق من سلطة الأراضي الإسرائيلية»، مشيراً إلى المنطقة التي يسميها الإسرائيليون «جبل دوف» والمعروفة لدى اللبنانيين بمزارع شبعا.

ويشير إلى أن فريقاً كان يستعد لاستكشاف إمكانية البناء هناك. لكن سلطة الأراضي لم تعلق على الفور على أقواله.

«هذا هو واقعنا»

في مرتفعات ترمب، وبجانب مبان قيد الإنشاء، تم تمهيد الأرض لوضع أساسات لبناء نحو 50 منزلاً جديداً.

ويقول فريمان إنه منذ وصول أول عائلة إلى المنطقة في عام 2021، يضم التجمع اليوم نحو 70 شخصاً بالغاً وأكثر من 60 طفلاً تحت سن الثالثة عشرة.

ويضيف أن جميع العائلات بقيت رغم الحرب التي اندلعت في 2023 بفضل الروابط الشخصية بينها، موضحاً أن التجمع الاستيطاني يضم يهوداً متدينين وعلمانيين.

ورغم محاولات الحكومة تشجيع النمو السكاني، فإنه كان بطيئاً.

خارج أحد المنازل الصغيرة، كان يديديا أوستروف (31 عاماً) يقوم بجمع فروع الأشجار المتساقطة والأوراق.

أوستروف الذي انتقل مع زوجته إلى مرتفعات ترمب الثلاثاء، قال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «جئنا إلى هنا لأننا نتفق مع رؤية التجمع، والناس هنا، وطموحاتهم بشأن المستقبل».

وعند سؤاله عن مخاوفه بشأن الوضع الأمني المتقلب، قال أوستروف: «لست قلقاً... هذا ما اعتدنا عليه للأسف. آمل أن يبقى الوضع هادئاً، لكن هذا هو واقعنا».