بوتين يحضّ خامنئي على «ضبط النفس» وموازنة أي ردّ على إسرائيل

الرئيس الروسي طلب تجنّب إسقاط ضحايا مدنيين

سيارات تمر من أمام لوح إعلاني مناهض لإسرائيل كُتب عليه بالخط الفارسي والعبري «ابتسم لبعض الوقت لأنك ستبكي كثيراً قريباً» في ميدان فلسطين بطهران (إ.ب.أ)
سيارات تمر من أمام لوح إعلاني مناهض لإسرائيل كُتب عليه بالخط الفارسي والعبري «ابتسم لبعض الوقت لأنك ستبكي كثيراً قريباً» في ميدان فلسطين بطهران (إ.ب.أ)
TT

بوتين يحضّ خامنئي على «ضبط النفس» وموازنة أي ردّ على إسرائيل

سيارات تمر من أمام لوح إعلاني مناهض لإسرائيل كُتب عليه بالخط الفارسي والعبري «ابتسم لبعض الوقت لأنك ستبكي كثيراً قريباً» في ميدان فلسطين بطهران (إ.ب.أ)
سيارات تمر من أمام لوح إعلاني مناهض لإسرائيل كُتب عليه بالخط الفارسي والعبري «ابتسم لبعض الوقت لأنك ستبكي كثيراً قريباً» في ميدان فلسطين بطهران (إ.ب.أ)

حضّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، المرشد الإيراني علي خامنئي، على توجيه «رد محدود» على إسرائيل، على أثر اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية في طهران، في وقت تتعرض إسرائيل لضغوط من حليفتها الولايات المتحدة، بشأن عدم الرد بطريقة متطرفة على الهجوم الإيراني المتوقع.

وأفادت «رويترز» عن مصدرين إيرانيين كبيرين، بأن بوتين طلب من خامنئي في رسالة نقلها سكرتير مجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو، تجنّب استهداف مدنيين إسرائيليين.

وزار شويغو طهران، وعقد اجتماعات مع مسؤولين إيرانيين كبار في وقت تدرس فيه طهران ردّها على اغتيال هنية.

وقال المصدران إن طهران تضغط أيضاً على موسكو، من أجل تزويدها بطائرات مقاتلة روسية الصنع من طراز سوخوي سو-35.

ولم يقدّم المصدران مزيداً من التفاصيل حول المحادثات مع شويغو، وزير الدفاع السابق، الذي أصبح سكرتيراً لمجلس الأمن الروسي في مايو (أيار).

وصول شويغو إلى طهران، نسبت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى مسؤولَين إيرانيَّين، قالت إنهما على دراية بالحرب، وأحدهما من «الحرس الثوري»، أن إيران طلبت أنظمة دفاع جوي متقدمة من روسيا في إطار استعدادها لاحتمال نشوب حرب مع إسرائيل.

وقال المسؤولان اللذين تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتيهما لأنهما غير مخولين بالحديث عن المساعدات علناً، إن روسيا «بدأت بتسليم رادارات متقدمة ومعدات دفاع جوي».

وفي موسكو، لم يعلق الكرملين على التقارير، وذكرت وكالة الإعلام الروسية الرسمية، الثلاثاء، أن شويغو ناقش اغتيال هنية خلال زيارته طهران.

شويغو ورئيس الأركان الإيراني محمد باقري على هامش مباحثاتهما في طهران أمس (رويترز)

وقالا إن زيارة شويغو كانت إحدى السبل العديدة التي لجأت إليها موسكو لإبلاغ إيران بضرورة «ضبط النفس»، في مسعى لمنع نشوب حرب في الشرق الأوسط، بينما ندّدت في الوقت ذاته بمقتل هنية، ووصفته بأنه «اغتيال خطير للغاية».

وأضافا أن الشرق الأوسط على شفا حرب كبرى، ومن الواضح أن من يقفون وراء الاغتيال يحاولون إشعال فتيل هذا الصراع.

وتُوطّد روسيا علاقاتها مع إيران منذ بداية غزوها لأوكرانيا، وتقول إنها مستعدة لتوقيع اتفاقية تعاون واسعة النطاق مع طهران.

ولم يصدر تعليق فوري من وزارة الخارجية الإيرانية، التي قالت، الاثنين، إن طهران لا تسعى لتأجيج التوترات الإقليمية، لكنها بحاجة لمعاقبة إسرائيل؛ للحيلولة دون حدوث مزيد من عدم الاستقرار في المنطقة.

الدبلوماسية لم تَعُد خياراً

في واشنطن حذّر مسؤول في إدارة الرئيس جو بايدن، الاثنين، من مخاطر اندلاع حرب إقليمية شاملة، وأكّد المسؤول، الذي طلب عدم كشف هويته، أن حجم رد إيران و«حزب الله» سيكون عاملاً رئيسياً في تحديد مدى الصراع المحتمل.

ورغم الجهود التي تبذلها دول غربية وإقليمية لإقناع إيران بالرد بطريقة مدروسة، أو عدم الرد على الإطلاق، فقد أبلغت طهران مسؤولين أجانب أنها ستردّ «بقسوة» على مقتل هنية في طهران، حيث كان يحضر حفل تنصيب الرئيس مسعود بزشكيان، وفقاً لما أكّدته 4 مصادر إيرانية بشكل مستقل.

وكتبت صحيفة «كيهان» التابعة لمكتب المرشد الإيراني علي خامنئي في عنوانها الرئيسي: «هذه المرة تختلف، إيران لن ترحم إسرائيل»، وقالت إن «إرسال الرسائل المتكررة ليس له تأثير»، وأضافت: «إيران وأصدقاؤها سيوجهون ضرباتهم بهدف وقف آلة الإرهاب».

وفي لبنان، قال مصدر لبناني بارز مقرّب من «حزب الله»، إن الضربة الانتقامية أمر لا مفر منه، والدبلوماسية لم تَعُد خياراً قابلاً للتطبيق، مضيفاً أن إيران تريد أن تكون الضربة «قاسية»، لكن لا تؤدي إلى حرب إقليمية.

ومع ذلك، قال إن هذا لا يستبعد احتمالية اندلاع حرب في لبنان بين «حزب الله» المدعوم من إيران، وإسرائيل.

وقال مسؤول أميركي كبير مهتم بالشرق الأوسط إن واشنطن تبذل كل ما في وسعها «لمنع جميع الأطراف من الوصول لنقطة لا يمكنها الرجوع عنها»، مؤكداً أن الدول الأخرى في المنطقة وأوروبا يجب أن تفعل المزيد.

وقال مسؤول قطري إن الدوحة تُجري مناقشات مستمرة مع إيران لتخفيف التوتر.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، مساء الاثنين، إن الولايات المتحدة حثت بعض الدول من خلال القنوات الدبلوماسية على إبلاغ إيران بأن التصعيد في الشرق الأوسط ليس في مصلحتها.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إنها «لحظة حرجة» بالنسبة إلى المنطقة، مضيفاً أن واشنطن «منخرطة في دبلوماسية مكثفة على مدار الساعة تقريباً» للمساعدة في تهدئة التوتر وسط مخاوف من استعداد إيران لشن ضربة انتقامية ضد إسرائيل.

وأضاف بلينكن، خلال لقاء مع نظيرته الأسترالية في واشنطن: «يجب على كل الأطراف الامتناع عن التصعيد». وتابع: «يتعين على جميع الأطراف اتخاذ خطوات لتهدئة التوتر. التصعيد ليس في مصلحة أحد... بل سيؤدي فقط لمزيد من الصراع ومزيد من العنف ومزيد من انعدام الأمن».

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسؤولين أميركيين قولهم إنهم رصدوا منذ عطلة نهاية الأسبوع، تحريك إيران لمنصات الصواريخ وإجراء تدريبات عسكرية، في إشارة إلى استعداد طهران لشن هجوم خلال الأيام المقبلة.

وأشارت الصحيفة إلى «قلق إدارة جو بايدن» من أن الهجوم الإيراني قد تصاحبه هذه المرة ضربات من «حزب الله» والجماعات الموالية لإيران، في محاولة لإرباك الدفاعات الإسرائيلية.

وقال مسؤول أميركي: «نحن نستعد للدفاع عن إسرائيل بطريقة مشابهة لما حدث في أبريل (نيسان)».

وأكّد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الاثنين، أن إسرائيل يجب أن تكون مستعدة لأي شيء، بما في ذلك الانتقال السريع إلى الهجوم.

غالانت يحضر اجتماعاً لقادة القوات الجوية بغرفة عمليات تحت الأرض في تل أبيب (الجيش الإسرائيلي)

ضغوط على إسرائيل

ورجّحت «رويترز» أن يعتمد رد إسرائيل على أي هجوم من جانب «حزب الله» أو إيران على الأضرار الناجمة، وليس على نطاق الهجوم، وفقاً لمصدرين مطلِعَين على تقييمات إسرائيلية حديثة.

ولم يعلن المسؤولون الإسرائيليون المسؤولية عن مقتل هنية، وتدعم إيران «حماس»، التي تخوض حرباً مع إسرائيل في قطاع غزة، وكذلك «حزب الله»، الذي تتبادل إسرائيل معه إطلاق النار منذ هاجمت «حماس» إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، وأشعلت الصراع في القطاع.

وفي إسرائيل، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن مسؤولين إقليميين، «حضّوا إسرائيل على عدم الرد بطريقة متطرفة على الهجوم الإيراني المتوقَّع، كما تم التخطيط لرد قوي على الهجوم السابق، الذي وفقًا للإعلام الأجنبي، تم تخفيفه تحت ضغط دولي».

ونقل مسؤولون في التحالف الإقليمي بقيادة الولايات المتحدة، رسالة واضحة إلى المسؤولين الإسرائيليين بشأن الرد المحتمل على أي هجوم إيراني، في حال وقوعه. وجاء أن مسؤولي التحالف قالوا للإسرائيليين: «لا تبالغوا بالرد أكثر من اللازم».

وأضاف المسؤولون في التحالف الإقليمي: «فكِّروا ملياً قبل أن تردّوا على الهجوم، الهدف في النهاية ليس أن يؤدي إلى حرب شاملة».


مقالات ذات صلة

7 أسباب تدفع إيران لتغليب الحوار مع «الترويكا»

شؤون إقليمية رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)

7 أسباب تدفع إيران لتغليب الحوار مع «الترويكا»

تجد إيران نفسها مضطرة إلى تغليب خيار الحوار مع «الترويكا» الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) بسبب مجموعة من العوامل المتشابكة داخلياً وخارجياً.

ميشال أبونجم (باريس)
تحليل إخباري رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)

تحليل إخباري دوافع إيران لطرح برنامجها النووي على طاولة الحوار الأوروبية

7 أسباب رئيسية تدفع إيران اليوم لتغليب الحوار مع «الترويكا» الأوروبية على السير بسياسة المواجهة مع الولايات المتحدة والغرب بشكل عام.

ميشال أبونجم (باريس)
خاص شغل الدكتور جمال مصطفى السلطان منصب السكرتير الثاني للرئيس صدام حسين وهو متزوج من ابنته حلا play-circle 02:19

خاص جمال مصطفى: الرئيس قال «عبد الكريم قاسم نزيه لكن الحزب كلفنا باغتياله»

يؤكد جمال مصطفى السلطان أن الرئيس صدام رفض اغتيال ضيفه الخميني، ويعتبر تسمية «الكيماوي» ظلماً لعلي حسن المجيد.

غسان شربل
شؤون إقليمية مجلس الأمن يصوت بالإجماع على القرار «2231» بعد أسبوع على توقيع الاتفاق النووي بفيينا في 20 يوليو 2015 (أرشيفية - الأمم المتحدة)

«سناب باك»... إيران تواجه شبح العقوبات الأممية

لوّحت بريطانيا، الأحد، بتفعيل آلية «سناب باك» لمواجهة الخروقات الإيرانية في الاتفاق النووي لعام 2015؛ ما يعرض طهران لخطر العودة التلقائية إلى العقوبات الأممية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)

العراق... فقدان 5500 ميغاواط من إمدادات الكهرباء

أعلنت وزارة الكهرباء العراقية الأحد عن فقدان منظومة الكهرباء لـ5500 ميغاواط بسبب توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل.

فاضل النشمي (بغداد)

7 أسباب تدفع إيران لتغليب الحوار مع «الترويكا»

رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)
رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)
TT

7 أسباب تدفع إيران لتغليب الحوار مع «الترويكا»

رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)
رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)

تجد إيران نفسها مضطرة إلى تغليب خيار الحوار مع «الترويكا» الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) بسبب مجموعة من العوامل المتشابكة داخلياً وخارجياً.

في المقام الأول، تخشى طهران تفعيل آلية «سناب باك» المنصوص عليها في الاتفاق النووي لإعادة العقوبات الأممية.

كما أن احتمالات تنفيذ ضربة عسكرية إسرائيلية - أميركية لمنشآتها النووية باتت مصدر قلق كبير. وفي الوقت نفسه، تحاول طهران دق إسفين بين أوروبا وواشنطن عبر الانفتاح على التفاوض مع «الترويكا»، بهدف منع توافقهما ضدها.

إقليمياً، تراجع نفوذ «حماس» و«حزب الله» جعل طهران أكثر عرضة للضغوط، في وقت تخشى فيه العزلة الدولية إذا ما تصاعدت المواجهة مع المجتمع الدولي. كما أن ضيق هامش المناورة أمام إيران، نتيجة التغيرات الإقليمية والدولية يجعل الحوار خياراً أقل تكلفة مقارنة بالتصعيد.

كما تعاني إيران أزمة اقتصادية خانقة نتيجة العقوبات؛ مما يدفعها لخفض التوتر.