أعلن رئيس المعسكر الرسمي عضو مجلس قيادة الحرب في إسرائيل، بيني غانتس، إصراره على الانسحاب من الحكومة في حال رفضت الاستجابة لشروطه بخصوص الحرب على غزة، داعياً الصحافيين إلى مؤتمر يُعقد مساء السبت لإعلان ذلك. وتزامن ذلك مع كشف النقاب عن جهود أميركية تُبذل لثنيه عن موقفه، في حين أكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رفضه شروط غانتس وعمله على المضي قدماً لتحقيق أهداف الحرب.
وكشفت مصادر سياسية في تل أبيب، عن أن عدداً من نواب الكونغرس الأميركي ومبعوثين عن الإدارة الأميركية توجهوا إلى غانتس، طالبين تأجيل قراره الانسحاب من الحكومة، باعتبار أن «هناك احتمالات كبيرة للتوصل إلى صفقة تبادل أسرى، في الساعات المقبلة، وعندئذ ستكون هناك حاجة إليه (غانتس) لضمان تطبيقها والتأثير على نتنياهو كي يمتنع عن إجهاضها». وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية، الجمعة، بأن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل، للمرة الثامنة منذ اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وذكرت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» أن زيارة بلينكن تأتي في وقت تنتظر فيه واشنطن وإسرائيل رد «حماس» على اقتراح قدمته إسرائيل مؤخراً وأعلنه الرئيس الأميركي جو بايدن لإطلاق سراح المحتجزين ووقف إطلاق النار في غزة.
وفي هذا الإطار، توجّه عدد من عائلات الأسرى الإسرائيليين لدى حركة «حماس» إلى غانتس لطلب بقائه في الحكومة حتى يؤثر عليها لقبول صفقة التبادل، على أساس أن حكومة نتنياهو من دونه ستخرّب الصفقة المقترحة.
لكن غانتس، من جهة ثانية، يتعرض لضغوط داخلية شديدة، من داخل حزبه ومن الصحافة وحتى من مجموعات أخرى من عائلات الأسرى، تطلب منه الانسحاب، وتقول له إن وجوده في الحكومة بات بمثابة ورقة توت تستر عوراتها، وإن نتنياهو يستغل وجوده للتغطية على سياسته المتطرفة، وإنه لا بد من خطوة درامية تُحدث زعزعة في الساحة السياسية.
وكان غانتس قد ألقى كلمة في 18 مايو (أيار) الماضي، أمهل فيها نتنياهو حتى الثامن من يونيو (حزيران)، لوضع خطة عمل استراتيجية للحرب الإسرائيلية على غزة. ووضع غانتس شروطاً عدة ليمتنع عن الانسحاب من حكومة الطوارئ، التي تشكلت عقب هجوم «حماس» في 7 أكتوبر الماضي، وفي مقدمها إعادة الرهائن المحتجزين في غزة إلى ديارهم والاتفاق على موعد لتبكير موعد الانتخابات وتشكيل لجنة تحقيق رسمية فوراً حول إخفاقات السابع من أكتوبر. وقد رفض نتنياهو في حينه شروط غانتس، واتهمه بوضع شروط تعني إنهاء الحرب بهزيمة إسرائيلية. وقال: «غانتس اختار أن يُمهل رئيس الحكومة عوضاً عن إصدار إنذار نهائي لحركة (حماس)؛ بينما يقاتل الجنود بهدف تدمير كتائب (حماس) في رفح».
ورفض نتنياهو لاحقاً تشكيل لجنة تحقيق، حتى عندما عرضتها المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، وطالبت بتشكيلها في أسرع وقت. وأوضحت أن تشكيل لجنة تحقيق ليس موجهاً ضد نتنياهو، بل جاء ليساعد إسرائيل على مواجهة قرارات المحكمة الدولية في لاهاي. وقالت: «عندما تقتنع المحكمة بأننا نريد فعلاً التحقيق حول الأخطاء، ستفك عنا وتنتظر إجراءاتنا».
لكن سكرتير الحكومة، يوسي فوكس، رد باسم نتنياهو على المستشارة القضائية بالقول إن «إسرائيل في ذروة حرب شديدة ولم تنضج الظروف بعد للتحقيق في كل أحداث الحرب وما سبقها». وأضاف فوكس: «موضوع تشكيل لجنة تحقيق رسمية هو ضمن صلاحية حصرية للحكومة. وقد جرى البحث في تشكيل لجنة تحقيق في الادعاءات ضد إسرائيل في المحاكم الدولية فقط، بما يتعلق بالسياسة الإنسانية لدولة إسرائيل في قطاع غزة بعد نشوب الحرب. والطاقم القانوني أوصى بتشكيل لجنة تحقيق في هذا الموضوع فقط، لكن هذه التوصية لم تقدم إلى الوزراء حتى الآن».
وشن غانتس، من جانبه، هجوماً لاذعاً على نتنياهو، مؤكداً أنه يدفع البلاد نحو الهاوية. وقال غانتس في بيان له: «نتنياهو يقود السفينة نحو الهاوية. ولم يتخذ القرارات التي تفيد وتقود إلى تحقيق النصر، وهناك حاجة إلى وقف المهزلة التي يديرها أمامنا».
يذكر أن استطلاع الرأي الأسبوعي الذي تجريه صحيفة «معاريف»، أشار الجمعة إلى أن حزب غانتس المؤلف اليوم من 8 نواب، ما زال يظهر كأكبر الأحزاب. وبينما تدل النتائج على أنه سيحصل على 27 مقعداً، إذا جرت الانتخابات الآن، فإن حزب الليكود برئاسة نتنياهو يحصل على 20 مقعداً (يوجد له اليوم 32 مقعداً). وتشير النتائج إلى أن أحزاب المعارضة (من دون العرب) ستحصل على 59 نائباً في حين يخسر ائتلاف نتنياهو الحكم ويصل إلى 51 مقعداً. لكن غانتس لن يستطيع تشكيل حكومة من أحزاب المعارضة الحالية. فحليفه أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب اليهود الروس (يسرائيل بيتينو)، يعارض بشدة تشكيل حكومة تعتمد على العرب لتوفر لنفسها الحكم.
وفي الرد على السؤال من هو الأكثر ملاءمة لمنصب رئيس حكومة، تفوّق غانتس على نتنياهو بنتيجة 42 في المائة مقابل 34 في المائة، في حين قال 24 في المائة إن كليهما غير مقنع.