إيران تبدأ تشييع رئيسي... وخامنئي يقود المراسم

جنازة رئيسي انطلقت في تبريز

إيران تبدأ تشييع رئيسي... وخامنئي يقود المراسم
TT

إيران تبدأ تشييع رئيسي... وخامنئي يقود المراسم

إيران تبدأ تشييع رئيسي... وخامنئي يقود المراسم

باشرت إيران، الثلاثاء، جنازة رسمية للرئيس إبراهيم رئيسي، في طهران، بعد مراسم تشييع بمشاركة آلاف الإيرانيين في تبريز مركز محافظة أذربيجان الشرقية، في شمال غربي البلاد، حيث لقي حتفه مع وزير الخارجية وسبعة آخرين في حادث تحطم طائرة مروحية، في منطقة جبلية قرب حدود أذربيجان، وسط ظروف مناخية قاسية.

وتم نقل جثمان رئيسي جواً من تبريز، أقرب مدينة رئيسية للموقع النائي الذي تحطمت به الطائرة، إلى مطار طهران ثم إلى مدينة قم معقل المحافظين في إيران.

ومن هناك، سيعاد الجثمان إلى طهران مساء الثلاثاء، حيث سيؤم المرشد علي خامنئي صلاة الجنازة فجراً، قبل أن تقام جنازة رسمية تحظرها وفودا أجنبية، ومن ثم إلى مسقط رأسه مدينة مشهد شرق إيران ليوارى الثرى، يوم الخميس.

وبث التلفزيون الإيراني صباح الثلاثاء، لقطات من وصول الطائرة التي تحمل جثمان الرئيس الإيراني وسبعة من مرافقيه، بينهم وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان في مطار مهر آباد.

واصطف مسؤولون إيرانيون كبار، بينهم قادة الجيش و«الحرس الثوري» في المطار لاستقبال نعش الرئيس، وحمل حرس الشرف الرئاسي التوابيت الملفوفة بالعلم الإيراني، مع ترديد النشيد الوطني، قبل أن يتجه الموكب إلى مدينة قم، لتشييعه هناك. وسيعود مساء اليوم إلى مصلى طهران.

وبدأت مراسم تشييع رئيسي بتوافد حشود من المشيعين إلى الساحة الرئيسية في مدينة تبريز، ملوحين بأعلام وصور للرئيس الذي قضى عن 63 عاماً، بحسب صور نشرتها «وكالة الصحافة الفرنسية».

وبث التلفزيون الحكومي لقطات مباشرة للمشيعين الذين ارتدى كثيرون منهم ملابس سوداء، وهم يحتشدون حول شاحنة مغطاة بالزهور البيضاء تحمل النعوش الملفوفة بالعلم الإيراني وتسير ببطء.

وقال النائب مسعود بزشكيان من تبريز: «جاء الجميع لتوديع الرئيس الشهيد ورفاقه، بغض النظر عن الانتماء أو العرق أو اللغة»، حسب «رویترز».

حرس الشرف التابع للجيش الإيراني يحمل جثمان الرئيس الإيراني ومرافقيه في مطار مهر آباد (أ.ف.ب)

بدورها، نقلت مواقع إيرانية عن بزشكيان قوله: «ليس الوقت مناسباً للوم، لكني أعتقد أنه لم يكن من المفترض أن تحلق طائرة الرئيس في مثل هذا الطقس». وقال: «في اليوم الذي سبق الحادث أعلن الوضعية البرتقالية»، في إشارة إلى التحذيرات التي صدرت بشأن خطورة التقلبات الجوية.

وفي كلمة ألقاها مع انطلاق المراسم، قال وزير الداخلية أحمد وحيدي: «أظهر الشعب الإيراني أنه سيحوّل كل مصيبة إلى درج للارتقاء بالأمة إلى أمجاد جديدة».

وأضاف: «نحن، أعضاء الحكومة الذين كان لنا شرف خدمة هذا الرئيس الحبيب، هذا الرئيس المجتهد، نلتزم أمام شعبنا العزيز وقائدنا بالسير على الدرب». ورغم أن التلفزيون الرسمي تحدث عن حشود كبيرة خلال المراسم في تبريز، فإن مصادر مطلعة أشارت لتباين شديد في حالة الحزن الشعبي، مقارنة بجنازات سابقة لشخصيات بارزة على مدى 45 عاماً، حسب «رويترز».

حرس الشرف الإيراني يحمل جثمان وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان في مطار مهر آباد (رويترز)

وحمل المشيعون لافتات عليها صور رئيسي وعبداللهيان وإمام الجمعة في مدينة تبريز علي آل هاشم، ومحافظ أذربيجان الشرقية مالك رحمتي، وآخرين لقوا حتفهم أيضاً في الحادث.

تحقيق في الحادث

وفقد الاتصال بمروحية الرئيس الإيراني في طريق عودتها إلى تبريز، بعد مشاركة الوفد الإيراني في مراسم تدشين سدّ عند الحدود مع أذربيجان، حضره نظيره الأذربيجاني إلهام علييف.

وبعد عملية بحث طويلة وشاقة في ظروف مناخية صعبة، شاركت فيها عشرات فرق الإنقاذ الإيرانية بمساعدة فرق تركية مزودة بكاميرا مخصصة للرؤية الليلية والحرارية، عُثر في وقت مبكر من صباح الاثنين، على حطام متفحم للطائرة عند سفح جبلي في منطقة حرجية وعرة.

وأمر رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلّحة اللواء محمد باقري، الاثنين، بفتح تحقيق في سبب تحطّم المروحية.

وأفادت وكالة «إيسنا» بأنّ باقري أمر «لجنة رفيعة المستوى بفتح تحقيق في سبب تحطّم مروحية الرئيس».

تفاقم الأزمة

وتولى رئيسي رئاسة الجمهورية بعد فوزه في عام 2021 بانتخابات شهدت نسبة امتناع قياسية عن المشاركة، وأُبعد المنافسون الجديون عن خوضها.

وأوكل المرشد الإيراني، منذ أكثر من 3 عقود وصاحب الكلمة الفصل في السياسات العليا للدولة، محمد مخبر مهام رئيس الجمهورية مؤقتاً، وعيِّن علي باقري، كبير المفاوضين في الملف النووي ونائب وزير الخارجية للشؤون السياسية، وزيراً للخارجية بالوكالة خلفاً لأمير عبداللهيان.

جاءت وفاة الرئيس في وقت تتفاقم فيه الأزمة بين الحكام والمجتمع ككل، حول قضايا تتراوح بين تشديد الضوابط الاجتماعية والسياسية إلى الصعوبات الاقتصادية.

إلا أن خامنئي قال، الأحد، بعد الأنباء عن تعرّض مروحية رئيسي لحادث: «يجب أن يطمئنّ شعبنا العزيز... أنّ إدارة شؤون البلاد لن تُصاب بأيّ خلل».

وينصّ الدستور على أن يتولّى النائب الأول لرئيس الجمهورية مهام الرئيس في حال الوفاة، على أن يعمل بالتعاون مع رئيسَي السلطتين التشريعية والقضائية، على إجراء انتخابات رئاسية جديدة في غضون 50 يوماً بعد الوفاة.

لافتة عملاقة تحمل صورة الرئيس الإيراني وقاسم سليماني الجنرال الراحل في «الحرس الثوري» في ميدان ولي عصر وسط طهران (إ.ب.أ)

ومن أجل استعادة الشرعية المتضررة في أعقاب نسبة المشاركة الأدنى تاريخياً في انتخابات برلمانية، والتي شهدتها انتخابات مارس (آذار) وبلغت نحو 41 في المائة، سيتعين على حكام إيران العمل على إثارة الحماس الشعبي من أجل ضمان مشاركة عالية في الانتخابات الرئاسية المبكرة التي من المقرر أن تعقد 28 يونيو (حزيران). لكن الإيرانيين لم ينسوا بعد الذكريات المؤلمة لطريقة التعامل مع الاحتجاجات الشعبية الحاشدة التي شهدتها البلاد وأشعل فتيلها وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني بعد احتجاز شرطة الأخلاق لها عام 2022، والتي تم السيطرة عليها بعد حملة قمع عنيفة نفذتها السلطات، وشملت اعتقالات جماعية وحتى عمليات إعدام. وقد يؤدي الغضب الشعبي واسع النطاق إزاء تدهور مستويات المعيشة وتفشي الفساد إلى عزوف كثير من الإيرانيين عن المشاركة في الانتخابات.

ونقلت «رويترز» عن محللين أن الملايين فقدوا الأمل في أن يتمكن الحكام من حل الأزمة الاقتصادية وسط مزيج من العقوبات الأميركية وسوء الإدارة والفساد. وأخذ رئيسي على عاتقه تنفيذ السياسات المتشددة لخامنئي التي تهدف إلى ترسيخ السلطة الدينية، وقمع المعارضين، وتبني موقف متشدد بشأن قضايا السياسة الخارجية مثل المحادثات النووية مع واشنطن لإعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015. ويجب أولاً أن يخضع أي مرشح يخوض غمار السباق إلى فحص دقيق من قبل مجلس صيانة الدستور، وهو هيئة رقابية متشددة، كثيراً ما استبعدت حتى مسؤولين محافظين وإصلاحيين بارزين، مما يعني أنه من غير المرجح أن يتغير الاتجاه العام للسياسة.

وبينما كان ينظر إليه على نطاق واسع على أنه المرشح الأبرز لخلافة الزعيم الأعلى البالغ من العمر 85 عاماً، قال مصدران إن اسم رئيسي حُذف من قائمة المرشحين المحتملين قبل نحو ستة أشهر بسبب تراجع شعبيته. وقال محللون إن وفاة رئيسي أثارت «حالة كبيرة من عدم اليقين» فيما يتعلق بخليفة المرشد الإيراني، مما يثير تنافساً في معسكر المتشددين حول من سيخلف خامنئي في المنصب الذي يجعل شاغله صاحب القول الفصل في أمور البلاد.


مقالات ذات صلة

«هيكتور السري»... زعيم إمبراطورية النفط الإيراني

شؤون إقليمية صورة تتداولها وكالات إيرانية لحسين شمخاني

«هيكتور السري»... زعيم إمبراطورية النفط الإيراني

كشفت مقابلات أجرتها «بلومبرغ» عن هوية «الزعيم العالمي لتجارة النفط الإيراني» الذي يلقَّب بـ«التاجر السري... هيكتور».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس (أرشيفية/أ.ف.ب)

إسرائيل تتهم خامنئي «الأخطبوط» بتهريب الأسلحة إلى الضفة الغربية عبر الأردن

اتهم وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إيران بمحاولة إنشاء «جبهة إرهابية شرقية» ضد إسرائيل عبر الأردن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية إسلامي يتحدّث إلى غروسي على هامش مؤتمر «الاجتماع الدولي للعلوم والتكنولوجيا النووية» في أصفهان مايو الماضي (أ.ب)

الوكالة الدولية: إيران قريبة جداً من السلاح النووي

كشفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن مستويات الوقود النووي في إيران ارتفعت خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ما قد يؤدي إلى تصعيد التوترات في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي لقطة من الوثائقي الإيراني لقناة «تي دبليو» لسليماني داخل قصر صدام play-circle 01:21

سليماني يعاين صدام حسين داخل قصره

أثار فيديو لقائد «قوة القدس» قاسم سليماني وهو يتجول في أحد قصور الرئيس العراقي السابق صدام حسين، جدلاً واسعاً في مواقع التواصل الاجتماعي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية المخرجة رخشان بني اعتماد (أ.ف.ب)

القضاء الإيراني يتهم مخرجة وممثلة لخلعهما الحجاب في مكان عام

وجّه القضاء الإيراني، اليوم (الأربعاء)، التهمة إلى المخرجة رخشان بني اعتماد وابنتها الممثلة باران كوثري لظهورهما حاسرتي الرأس في مكان عام.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«هيكتور السري»... زعيم إمبراطورية النفط الإيراني

صورة تتداولها وكالات إيرانية لحسين شمخاني
صورة تتداولها وكالات إيرانية لحسين شمخاني
TT

«هيكتور السري»... زعيم إمبراطورية النفط الإيراني

صورة تتداولها وكالات إيرانية لحسين شمخاني
صورة تتداولها وكالات إيرانية لحسين شمخاني

كشفت مقابلات أجرتها «بلومبرغ» عن هوية «الزعيم العالمي لتجارة النفط الإيراني»، الذي يلقَّب بـ«التاجر السري... هيكتور».

وقال تقرير للموقع، إن «حسين، وهو نجل علي شمخاني، المستشار البارز لدى المرشد علي خامنئي»، تحوّل إلى «إمبراطور يدير كميات كبيرة من صادرات النفط الخام الإيرانية والروسية العالمية، وفقاً لأشخاص لديهم معرفة مباشرة بعملياته.

وحسب التقرير، فإن «قلة قليلة حول العالم على صلة بتجارة النفط يعرفون أن هذا الرجل هو نجل شمخاني، بل إنهم يعرفون أن اسمه هيكتور».

ووفقاً لأشخاص لديهم معرفة مباشرة بعملياته، فإن «الشركات في شبكته تبيع أيضاً النفط والبتروكيماويات من دول غير خاضعة للعقوبات، وأحياناً تخلط الخام من دول مختلفة حتى يصعب على المشترين تحديد بلد المنشأ».

صعود حسين شمخاني

وقال التقرير إن قصة صعود حسين شمخاني تمثِّل لمحة عن «اقتصاد الظل المترامي الأطراف لأساطيل النفط المظلمة التي نشأت منذ غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير 2022، كما يُظهر تعاوناً متزايداً بين طهران وموسكو، مع قيام القوى العالمية بتشديد العقوبات ضد كل من الحكومتين».

ورغم العقوبات، فإن إيران تحصل على ربح سنوي غير متوقَّع يبلغ حوالي 35 مليار دولار من صادراتها النفطية، وهي أموال تفسِّر كيف يحصل وكلاء طهران على الدعم في لحظة متوترة بالشرق الأوسط، ويبدو أن نجل شمخاني كان الرجل المكلَّف بهذه المهمة.

ووفق تقرير «بلومبرغ»، فإن الولايات المتحدة فرضت بالفعل عقوبات على سفن يُعتقَد بأنها خاضعة لسيطرة شمخاني، وفقاً لأشخاص مطّلِعين على الأمر.

ويخضع شمخاني وأجزاء من شبكته التجارية التي تقوم ببعض الأعمال داخل نظام الدولار، للتحقيق بشأن انتهاكات محتملة للعقوبات من قِبل مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الخزانة، وفقاً لوثائق ومصادر.

صورة وزّعها الأمن البحري الإندونيسي لناقلة إيرانية تقوم بنقل النفط إلى سفينة ترفع علم الكاميرون في يوليو الماضي (رويترز)

شمخاني ينكر كل شيء

مع ذلك، نقلت «بلومبرغ» عن حسين شمخاني، إنه «لم يؤسّس أو يمتلك أو يلعب أي دور في إدارة وامتلاك أي شركة نفط، أو السيطرة على شبكة تجارية، أو التورط في صفقات السلع الأساسية مع إيران أو روسيا»، لكنه أكّد أنه «يعمل في دول لا تخضع للعقوبات».

لكن التقرير ذهب إلى أن نفوذ شمخاني واسع للغاية، لدرجة أن المنتجات التي توفرها كيانات في شبكته وصلت أيضاً إلى شركات عالمية كبرى، مثل شركة «سينوبك» الصينية، وشركة «شيفرون» الأميركية، وشركة «بي بي» البريطانية، وفقاً لأشخاص مطّلعين على الأمر.

وقال أشخاص مطّلعون على «إمبراطورية شمخاني» إنه يشرف فعلياً على شبكة من الشركات، وأضاف هؤلاء: «ملكية الأعمال ومعلومات المساهمين والسيطرة من السهل حجبها؛ إذ تم تسجيل مسؤولين تنفيذيين آخرين ملاكاً ومديرين».

والنفط أحد أكثر القطاعات ربحيةً في إيران، لكن القيود الدولية على مبيعات الخام فرضت ضغوطاً حادة على الاقتصاد الإيراني لسنوات.

ومع ذلك، تساعد إيران في تمويل «حزب الله» اللبناني الذي يتبادل إطلاق الصواريخ مع إسرائيل، وكذلك المسلحين الحوثيين الذين كانوا يهاجمون السفن الغربية في البحر الأحمر، كما تدعم حركة «حماس» الفلسطينية في حربها مع إسرائيل بغزة منذ 11 شهراً.

روحاني وشمخاني على هامش مناسبة رسمية (تسنيم - أرشيفية)

طالب في موسكو وبيروت

على مدى العقود الثلاثة الماضية خدم والد حسين شمخاني قائداً بحرياً في «الحرس الثوري» الإيراني، ووزيرَ دفاع، ثم أمين المجلس الأعلى للأمن القومي؛ أعلى هيئة أمنية في البلاد.

ويبلغ شمخاني الأصغر سناً من العمر 40 عاماً، وقد وُلد في طهران، وفقاً لأشخاص عملوا معه، والتحق بالجامعة في موسكو وبيروت، قبل أن يعود إلى العاصمة الإيرانية للحصول على ماجستير إدارة الأعمال، وتكتسب علاقات شمخاني الروسية قيمة خاصة، في وقت تعمل فيه طهران وموسكو -اللتان تخضعان للعقوبات الغربية- على تعزيز تعاونهما العسكري والاقتصادي.

لكن شمخاني قال، وفقاً لتقرير «بلومبرغ»، إن والده لم يكن على علاقة بأنشطته التجارية، مثلما لا يرتبط هو بأنشطته السياسية».

وخلال ظهور تلفزيوني قصير عام 2008، قال شمخاني الأكبر إنه نصح ابنه بالدخول في القطاع الخاص بدلاً من اتباع خطواته بمنصب حكومي.