ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقرير سنوي بشأن مراقبة المواد النووية في إيران، أن فهمها لطموحات طهران قد تدهور في خضم تصاعد التوترات الإقليمية. وأرسل مدير الوكالة الدولية رافائيل غروسي، تقييماً سنوياً لمراقبة نووي إيران، إلى دول أعضاء مجلس المحافظين المكون من 27 دولة، قبل أن يلتئم شملها 3 يونيو (حزيران) المقبل في فيينا.
ونقلت وكالة «بلومبرغ» عن تقرير غروسي المؤلف من 112 صفحة: «رغم استمرار أعمال التفتيش المنتظمة، لم يتحقق سوى تقدم ضئيل في حل المسائل العالقة المتعلقة بالضمانات». وأضاف أنه «ما لم توضح إيران هذه القضايا العالقة، وإلى أن تقوم بذلك، فإن الوكالة غير قادرة على تقديم تأكيدات حول الطبيعة السلمية المحضة للبرنامج النووي الإيراني».
وقالت الوكالة التابعة للأمم المتحدة إن فهمها لأنشطة معينة مفقود بالكلية، حتى مع زيادة عمليات التفتيش بنسبة 8 في المائة في العام الماضي، وبقائه أعلى بكثير من المستوى الذي كان عليه قبل اتفاق إيران المنحل عام 2015 مع القوى العالمية. وكتب غروسي: «لقد فقدت الوكالة استمرارية المعرفة فيما يتعلق بإنتاج وتخزين أجهزة الطرد المركزي، والدوارات، والمنافيخ، والمياه الثقيلة، وتركيز خام اليورانيوم».
وبموجب اتفاق «الضمانات الشاملة» وفق معاهدة حظر الانتشار النووي، فإنَّ للوكالة الحق وعليها التزام بأن تكفل تطبيق الضمانات على جميع المواد النووية في إقليم الدولة أو ولايتها القضائية أو سيطرتها، وذلك لغرض حصري يتمثل في التحقُّق من عدم تحريف مثل هذه المواد إلى أسلحة نووية أو غيرها من أجهزة تفجيرية نووية.
وأجرى غروسي، الأسبوع الماضي، مباحثات مفصلة مع المسؤولين الإيرانيين بهدف إعادة تنشيط تفاهم توصل إليه الطرفان في مارس (آذار) العام الماضي، لحل القضايا العالقة، بما في ذلك تحقيق مفتوح بشأن مواقع غير معلنة، وإعادة جزء من مهام التفتيش التي تخلت عنها إيران.
ويتوقع أن يصدر غروسي تقريراً فصلياً بشأن الأنشطة الإيرانية، بما يشمل أحدث تقديرات مفتشي الوكالة من مخزون إيران للمواد النووية، خصوصاً اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة 60 في المائة.
وطالبت القوى الغربية في آخر اجتماع لمجلس محافظي الوكالة، المكون من 35 دولة، بالحصول على تقرير مبكر لمناقشة القرارات بشأن إيران.
وقال غروسي في حديث إلى صحيفة «فاينانشيال تايمز»، الثلاثاء، إن المحادثات الفنية بين الوكالة الدولية والمسؤولين الإيرانيين استمرت منذ عودته من طهران. لكنه أفاد بأن «طهران لم تقدم أي التزامات خلال رحلته إلى إيران»، مضيفاً في الوقت نفسه أن المسؤولين الإيرانيين أبدوا استعدادهم للدخول في «حوار جاد» مع الوكالة الدولية للمرة الأولى، منذ توصل الطرفان إلى تفاهم لحل القضايا العالقة في مارس 2023.
حقائق
ما هو اتفاق الضمانات؟
- يحدد التزامات كل دولة من الدول الأعضاء الموقعة على «معاهدة حظر الانتشار النووي».
- تراقب «وكالة الطاقة الذرية» المنشآت الإيرانية المعلنة التي تضم أنشطة نووية أساسية ولها سلطة الدخول المنتظم إليها بمقتضى اتفاق.
ينص على إلمام «الطاقة الذرية» بكل المواد النووية في إيران، بما في ذلك كمية المواد النووية التي لديها، وأماكن تخزينها واستخدامات تلك المواد.
وقال رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي للصحافيين على هامش اجتماع الحكومة، الأربعاء، إنه «جرى حل نحو نصف القضايا المتبقية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، مشيراً إلى أن «الموقعين المتبقين قيد التسوية».
وتراقب «وكالة الطاقة الذرية» المنشآت الإيرانية المعلنة التي تضم أنشطة نووية أساسية ولها سلطة الدخول المنتظم إليها؛ بمقتضى اتفاق ينص على إلمام «الطاقة الذرية» بكل المواد النووية في إيران، بما في ذلك كمية المواد النووية التي لديها، وأماكن تخزينها، واستخدامات تلك المواد، وتخصيب إيران اليورانيوم بنسبة 60 في المائة منذ أبريل (نيسان) 2021. وبحسب غروسي، فإن طهران لديها الآن ما يكفي من المواد الانشطارية لإنتاج نحو ثلاث قنابل نووية في غضون أسابيع، إذا اختارت ذلك.
وفقاً لمعيار رسمي للوكالة الدولية، فإن تخصيب اليورانيوم 60 في المائة إلى مستويات أعلى، يكفي لصنع نوعين من الأسلحة النووية.
وزادت المخاوف الدولية من أنشطة إيران النووية بعد تبادل ضربات بين إسرائيل وإيران، الشهر الماضي. وحذر مسؤولون إيرانيون كبار، آخرهم كمال خرازي مستشار المرشد الإيراني في الشؤون الدولية، من تغيير مسار برنامج طهران النووي إذا تعرضت لتهديدات من إسرائيل.
وقال خرازي: «لم نتخذ بعد قراراً بصنع قنبلة نووية، لكن إذا أصبح وجود إيران مهدداً، فلن يكون هناك أي خيار سوى تغيير عقيدتنا العسكرية». وقال: «في حال شنّ النظام الصهيوني (إسرائيل) هجوماً على منشآتنا النووية فإن ردعنا سيتغير».
وقال غروسي لصحيفة «الغارديان» البريطانية، الثلاثاء، على هامش زيارته إلى لندن، إن «الحديث الفضفاض داخل إيران حول التخلي عن الحظر الذي تفرضه البلاد على حيازة الأسلحة النووية أمر مقلق للغاية ويجب أن يتوقف».
وحذر غروسي من أنه «ستكون هناك لحظة عندما أرسم خطاً، سيكون منعطفاً حاسماً للغاية؛ لأن المجتمع الدولي سيتعين عليه أن يتعامل مع حقيقة أننا لا نعرف ما قد تمتلكه إيران أو لا تمتلكه، وسوف تتوصل الدول إلى استنتاجاتها».