حديث إردوغان عن «انفراجة سياسية» هل هو مناورة جديدة للبقاء في السلطة؟

إعلان النتائج الرسمية للانتخابات المحلية... واستطلاع يستبعد الانتخابات المبكرة

الرئيس رجب طيب إردوغان ورئيس «حزب الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل خلال لقائهما الجمعة الماضي (إ.ب.أ)
الرئيس رجب طيب إردوغان ورئيس «حزب الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل خلال لقائهما الجمعة الماضي (إ.ب.أ)
TT

حديث إردوغان عن «انفراجة سياسية» هل هو مناورة جديدة للبقاء في السلطة؟

الرئيس رجب طيب إردوغان ورئيس «حزب الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل خلال لقائهما الجمعة الماضي (إ.ب.أ)
الرئيس رجب طيب إردوغان ورئيس «حزب الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل خلال لقائهما الجمعة الماضي (إ.ب.أ)

فجّر حديث الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، عن «انفراجة سياسية» تحتاج إليها تركيا عقب لقائه زعيم المعارضة رئيس «حزب الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل، جدلاً واسعاً.

إردوغان أكد، في تصريحات، الجمعة الماضي، غداة لقائه أوزيل بمقر «حزب العدالة والتنمية» الحاكم في أنقرة، أنه سيزور «حزب الشعب الجمهوري» قريباً رداً على زيارة أوزيل، في خطوة لم يكن أحد يتصورها بعد سنين طويلة من الاستقطاب الحاد والتراشق المستمر بين إردوغان والمعارضة.

ورأى إردوغان أن هناك الآن «انفراجة سياسية» تحتاج إليها البلاد، مضيفاً أن «زيارة أوزيل تعد تطوراً إيجابياً».

بدوره، قال أوزيل، الذي كان لقاؤه مع إردوغان هو أول لقاء بين الرئيس وزعيم المعارضة منذ 8 سنوات عندما التقى إردوغان رئيس «الشعب الجمهوري» السابق، كمال كليتشدار أوغلو، بعد أيام من محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو (تموز) 2016، إن اللقاء تم وفق أجندة محددة، وينبغي ألا ينزعج أحد.

إردوغان يحيي أنصاره بعد الإدلاء بصوته في إسطنبول خلال الانتخابات البلدية (أرشيفية - رويترز)

ورفض أوزيل، في تصريحات الاثنين، ما تردد من مزاعم عن خطة لإردوغان لإحداث ارتباك داخل «الشعب الجمهوري»، قائلاً: «لا نفكر بنظرية المؤامرة، مَن الذي يريد إرباك الحزب الأول في تركيا، الذي حصل على 38 في المائة من الأصوات في الانتخابات المحلية، حزب الكوادر الذين عملوا بجد وإخلاص ليصبحوا الحزب الحاكم في تركيا في الانتخابات المقبلة».

هل يناور إردوغان؟

تصريح إردوغان عن «الانفراجة السياسية» اجتذب ردود فعل واسعة مصحوبة بشكوك حول أهداف ونوايا الرئيس إردوغان، لقبوله اللقاء مع زعيم المعارضة الذي ألحق به هزيمة ساحقة في الانتخابات المحلية في 31 مارس (آذار) وكان يهاجمه بضراوة ويتهمه بالسير مع الإرهابيين.

وفي هذا الإطار قال رئيس حزب «المستقبل» رئيس وزراء تركيا الأسبق رفيق رحلة إردوغان السياسية، أحمد داود أوغلو: «إننا نعتبر تصريح إردوغان تاريخياً، وبداية لعصر من التطور السياسي ونؤيده إذا لم يكن مجرد تكتيك».

وأضاف داود أوغلو، في كلمة ألقاها في ختام «معسكر التشاور الموسع» لحزبه الاثنين: «نحن نعرف إردوغان جيداً، إنه عبقري التكتيكات، ونعرف أن سيكولوجية السياسة في تركيا تتغير بسرعة كبيرة، فبعد فوز الحزب الحاكم بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مايو (أيار) الماضي، ظهرت المعارضة مبعثرة مرتبكة، وعاد حزب الشعب الجمهوري وفاز بالانتخابات المحلية في 31 مارس وأصبح الحزب الأول في البلاد منذ عام 1977».

أنصار المعارضة يحتفلون بالفوز ببلدية أنقرة (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأضاف أن القلق من توجه البلاد نحو الاستبداد عقب انتخابات مايو، تحول الآن إلى قلق من بدء فترة ديمقراطية جديد. وطالب حزب العدالة والتنمية، إذا كان جاداً في الحديث عن الانفراجة السياسية أن يملأ هذا الحديث بخطوات استراتيجية تنعكس في المناقشات حول الدستور الجديد وفي العمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية وتذويب الفوارق بين الطبقات في الدخل.

وقال داود أوغلو: «أما إذا كان الأمر يتعلق بمناورة تكتيكية بعد سقوط الحزب الحاكم وتراجعه للمرتبة الثانية من خلال تسليط الضوء على أحد قادة المعارضة وتجاهل الآخرين لخلق نقاش داخلي في البلاد، فلن يتغير في الأمر شيء».

مخاوف من السوابق

بدوره، رأى الكاتب البارز روشان شاكر أن هناك مخاوف لدى الكثيرين من التجارب السابقة، وهناك مَن يعتقدون أن إردوغان يتخذ هذه الخطوات لكسب الوقت.

ولفت إلى أن إردوغان، الذي يعتقد أنه يدير البلاد كـ«رجل واحد»، يحافظ على سلطته من خلال «تحالف معقد»، ويواجه محاولات من المتشددين في حكومته، خصوصاً من شريكه في «تحالف الشعب»، حزب الحركة القومية برئاسة دولت بهشلي، لوضع حد للمعارضة، لا سيما حزب الشعب الجمهوري.

ورأى شاكر أن الصيغة الأكثر منطقية هي أن يدخل إردوغان في «انفراجة سياسية» معينة دون التخلي عن شركائه، لكنها صيغة غير واقعية لأنه وبكل بساطة، لا يمكن اعتبار عملية لا تشمل القضية الكردية، والتخلي عن سياسة الوصاية والإفراج عن أعضاء حزب الشعوب الديمقراطية، خصوصاً صلاح الدين دميرطاش، بمثابة «انفراجة»، وبالمثل، فإن إطلاق سراح الناشط المدني رجل الأعمال عثمان كافالا يمكن أن يؤدي إلى انهيار هذا التحالف.

المعارضة والانتخابات المبكرة

في الأثناء، كشف أحدث استطلاع للرأي أجرته شركة «آصال» حول الأجندة السياسية لتركيا في أبريل (نيسان) عن السبب وراء رفض زعيم المعارضة أوزغور أوزيل دعوات التوجه إلى الانتخابات المبكرة بعد الفوز الكبير في الانتخابات المحلية.

وأظهرت نتائج الاستطلاع، الذي أُجري يومي 20 و21 أبريل على آلاف شخص في الفئة العمرية من 18 عاماً فأكثر ونُشرت الاثنين، أن 55.3 في المائة من المشاركين أجابوا بـ«لا» عن سؤال: «هل تريد أن ترى حزب الشعب الجمهوري في السلطة وأوزغور أوزيل رئيساً للبلاد؟»، مقابل 31.5 في المائة أجابوا بـ«نعم».

مرشح المعارضة لبلدية أنقرة منصور يافاس يحتفل بالفوز مع أنصاره (أرشيفية - أ.ف.ب)

كان أوزيل قد رفض عقب الانتخابات المحلية الدعوات لإجراء انتخابات مبكرة، وقال في مقابلة تلفزيونية: «لقد ذهبت إلى الساحات وأخبرت الأمة وناخبي حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية أن هذه ليست انتخابات عامة، بل هي انتخابات محلية، أظهروا لهم البطاقة الصفراء لأنهم لا يسمعون أصواتكم، لقد حصلوا على أصواتكم في الانتخابات العامة قبل 9 أشهر، انظروا ماذا يفعلون، وبالفعل صوّت جزء كبير منهم لنا».

وأضاف: «لو قلت انتخابات مبكرة في اليوم التالي، ألن يقولوا لي ألم تكن انتخابات محلية؟ وقد طلبت منا إظهار البطاقة الصفراء؟».

نتائج الانتخابات المحلية

إلى ذلك، أعلن رئيس المجلس الأعلى للانتخابات في تركيا، أحمد ينار، النتائج الرسمية للانتخابات المحلية، وحصل حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، على 37.7 في المائة من أصوات الناخبين، وحل حزب العدالة والتنمية الحاكم في المرتبة الثانية بنسبة 35.5 في المائة، ثم حزب «الرفاه من جديد» بنسبة 6.2 في المائة، يليه حزب «المساواة الشعبية والديمقراطية»، المؤيد للأكراد بنسبة 5.7 في المائة، بينما واصل حزب «الحركة القومية» شريك العدالة والتنمية في «تحالف الشعب» تراجعه محققاً 5 في المائة فقط.

وقال ينار إن عدد الناخبين المسجلين بلغ 57 مليوناً و708 آلاف و541 ناخباً، وبلغت نسبة المشاركة 78.11 في المائة.

وأضاف أنه سيتم إجراء انتخابات إعادة في 5 بلدات في 4 ولايات؛ هي سيواس وقيصري وأكسراي وشانلي أورفا، في 2 يونيو (حزيران) المقبل.

*************************************

*************************************

إردوغان التقى أوزيل الخميس في أنقرة إذ يعد اللقاء الأول لزعيم المعارضة منذ 8 سنوات (الرئاسة التركية)

***

أوزيل أكد في تصريحات الاثنين أن لقاءه مع إردوغان كان ودياً وتم وفق أجندة واضحة (من حسابه على إكس)

**

إردوغان زار رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي شريكه في «تحالف الأمة» الأربعاء عشية لقائه أوزيل (الرئاسة التركية)


مقالات ذات صلة

ياواش يعلن للمرة الأولى استعداده للترشّح لرئاسة تركيا في 2028

شؤون إقليمية رئيس بلدية العاصمة التركية أنقرة منصور ياواش (من حسابه على «إكس»)

ياواش يعلن للمرة الأولى استعداده للترشّح لرئاسة تركيا في 2028

تُظهر استطلاعات الرأي التي أُجريت منذ الانتهاء من الانتخابات المحلية في مارس الماضي تفوّق ياواش بوصفه مرشحاً للرئاسة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة: )
شؤون إقليمية زيارة إردوغان لحزب «الشعب الجمهوري» ولقاء أوزيل للمرة الثالثة أحدثا جدلاً (الرئاسة التركية) 

إردوغان يلتقي زعيم المعارضة للمرة الثالثة في شمال قبرص

يعقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لقاءً ثالثاً مع زعيم المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغو أوزيل في شمال قبرص.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا إردوغان ملوحاً لنواب حزبه بالبرلمان الأربعاء عقب انتهاء خطاب تحدث فيه عن محاولة انقلاب ضده وطالبهم بالحرص على دعم إصدار الدستور الجديد (الرئاسة التركية)

إردوغان يتهم حركة غولن بتدبير محاولة انقلاب جديدة ضده

دعا إردوغان أعضاء حكومته ونواب حزبه إلى عدم التفريط أو التراجع بشأن وضع دستور مدني ديمقراطي جديد للبلاد.

سعيد عبد الرازق (انقرة)
شؤون إقليمية إردوغان يحيي أنصاره بعد الإدلاء بصوته في إسطنبول في 31 مارس الماضي (رويترز)

تركيا: استطلاع رأي يصدم «العدالة والتنمية» بعد هزيمة الانتخابات

كشف استطلاع للرأي عقب الانتخابات، التي أجريت في 31 مارس (آذار) الماضي، عن أن الأتراك لا يثقون بالحزب الحاكم لحل مشاكلهم.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية 
فاتح أربكان زعيم «الرفاه من جديد» يلقي كلمة وإلى جانبه مرشحه لإسطنبول محمد آلتينوز (أرشيفية - رويترز)

إردوغان يقيّم «الزلزال الانتخابي»

تتوالى توابع «زلزال» الانتخابات المحلية في تركيا داخل الأحزاب عبر تقييم نتائجها وتحليل رسائل صناديق الاقتراع.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

الجيش الإسرائيلي يشن غارات متتالية على ضاحية بيروت

تصاعد الدخان من مبنى انهار على أثر غارة جوية إسرائيلية على الشياح (أ.ب)
تصاعد الدخان من مبنى انهار على أثر غارة جوية إسرائيلية على الشياح (أ.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي يشن غارات متتالية على ضاحية بيروت

تصاعد الدخان من مبنى انهار على أثر غارة جوية إسرائيلية على الشياح (أ.ب)
تصاعد الدخان من مبنى انهار على أثر غارة جوية إسرائيلية على الشياح (أ.ب)

شن الطيران الحربي الإسرائيلي، عصر الجمعة، سلسلة من الغارات العنيفة على الضاحية الجنوبية لبيروت، مستهدفاً مناطق جديدة على تخوم الضاحية.

وعلى الإثر أخلي مجمع «السيتي سنتر» التجاري للمرة الأولى بعد إنذار إسرائيلي لأحد المباني المجاورة.

ووفقاً لبيان الجيش الإسرائيلي، الذي نشرته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، فإن المواقع التي ضربتها الطائرات المقاتِلة شملت مراكز قيادة لـ«حزب الله».

واستهدفت الغارة الأولى منطقة الغبيري، وجاءت الغارة الثانية عنيفة في منطقة غاليري سمعان، وشن الطيران الحربي الاسرائيلي غارة أخرى استهدفت حارة حريك منطقة بئر العبد مقابل محطة دياب.

واستهدفت الغارة الأخيرة بالتحديد محيط سوق الجمال في الشياح، ووصل دويّها إلى العاصمة بيروت.

وأفيد بأن الغارات الأربع التي استهدفت غاليري سمعان والشياح وبئر العبد تسببت باندلاع حرائق ضخمة وانهيار مبانٍ ودمار واسع النطاق في المحال والطرق.

وجاء ذلك بعد تحذير عاجل أطلقه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، لسكان الحدث وحارة حريك والغبيري.

وقال: «أنتم توجدون بالقرب من منشآت ومصالح تابعة لـ(حزب الله)، حيث سيعمل ضدها جيش الدفاع على المدى الزمني القريب. من أجل سلامتكم وسلامة أبناء عائلتكم عليكم إخلاء هذه المباني، وتلك المجاورة لها فوراً، والابتعاد عنها لمسافة لا تقل عن 500 متر».

وسجل إطلاق نار كثيف في الضاحية الجنوبية بعد التحذير الإسرائيلي.

إلى ذلك، تشهد منطقة عين الرمانة في الضاحية الجنوبية حركة نزوح بعد التهديد الإسرائيلي بقصف مبنى مجاور في الشياح.

وتجددت الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت بعد إنذار بإخلاء مبنيين في منطقة الشياح.

واللافت في الغارات الأخيرة أنها تستهدف منطقة جغرافية لم تستهدف من قبل وهي مجاورة لمنطقة عين الرمانة.

وذكرت وزارة الصحة اللبنانية أن ضربات إسرائيلية على قريتين أخريين في جنوب لبنان أودت بحياة 5 مسعفين من جمعية الهيئة الصحية الإسلامية التابعة لحزب الله.

وأضافت الوزارة أن أكثر من 3500 شخص قتلوا في الضربات الإسرائيلية على مدى أكثر من عام حتى الآن من بينهم أكثر من 200 مسعف.