تركيا تحسم «معركة إسطنبول» اليوم وسط استقطاب حاد

في أجواء تخللتها «اشتباكات» محدودة وادعاءات عن حشد ناخبين

رجب طيب وأمينة إردوغان لدى إدلائهما بصوتهما في إسطنبول الأحد (أ.ف.ب)
رجب طيب وأمينة إردوغان لدى إدلائهما بصوتهما في إسطنبول الأحد (أ.ف.ب)
TT

تركيا تحسم «معركة إسطنبول» اليوم وسط استقطاب حاد

رجب طيب وأمينة إردوغان لدى إدلائهما بصوتهما في إسطنبول الأحد (أ.ف.ب)
رجب طيب وأمينة إردوغان لدى إدلائهما بصوتهما في إسطنبول الأحد (أ.ف.ب)

صوّت الناخبون الأتراك، الأحد، في أحد أكثر الانتخابات المحلية حساسية في تاريخ الجمهورية التركية، التي اتفق المراقبون والشارع التركي على تسميتها بـ«معركة إسطنبول» التي تنافس على رئاسة بلديتها 49 مرشحاً حزبياً ومستقلاً.

شارك في الانتخابات مرشحو 34 حزباً، وجرى فيها اختيار رؤساء بلديات 81 ولاية و973 قضاء و390 بلدة، إلى جانب 50 ألفاً و336 «مختاراً» للأحياء والقرى، فضلاً عن أعضاء مجالس البلديات.

انتشار أمني

وبلغ عدد الناخبين المسجَّلين الذين يحقّ لهم التصويت في الانتخابات المحلية 61 مليوناً و441 ألفاً و882 ناخباً، أدلى مَن شارك منهم بأصواتهم في 206 آلاف و845 صندوقاً انتخابياً، إضافة إلى ألف صندوق متنقّل لذوي الإعاقات والمرضى.

أكرم إمام أوغلو يدلي بصوته في إسطنبول الأحد (رويترز)

جرى الاقتراع، بحسب قرار «المجلس الأعلى للانتخابات»، من الساعة 07:00 بالتوقيت المحلي في 32 ولاية بشرق البلاد، وأغلقت الصناديق فيها الساعة 16:00 بالتوقيت المحلي، بينما بدأ التصويت في الولايات الـ49 الأخرى الساعة 08:00 وانتهى الساعة 17:00 بالتوقيت المحلي. وتم نشر 600 ألف شرطي في أنحاء البلاد لتأمين الانتخابات، التي شهدت بعض الحوادث التي لم تؤثر إجمالاً على سيرها.

وأدلى الرئيس رجب طيب إردوغان، بصوته، في الانتخابات في مدرسة بمنطقة أوسكدار في الشطر الآسيوي من إسطنبول، ورافقته زوجته أمينة.

وقال إردوغان، عقب الإدلاء بصوته: «أعتقد أنه ستصدر نتيجة تعود بالخير على بلدنا وشعبنا، هذه الانتخابات ستكون وسيلة لبداية حقبة جديدة في تركيا، نأمل بأن تساهم في انطلاق المئوية الجديدة للجمهورية التركية».

وأكد رئيس المجلس الأعلى للانتخابات، أحمد ينار، أن عمليات التصويت في الانتخابات المحلية جرت دون مشاكل تُعرقل سيرها.

اشتباكات محدودة

وشهدت الانتخابات حوادث متفرقة تركزت في بعض ولايات شرق وجنوب شرقي البلاد، حيث قُتل شخص على الأقل وأصيب 12 آخرون في دياربكر، كبرى ولايات جنوب شرقي البلاد ذات الغالبية الكردية في اشتباكات بين مجموعتين من الناخبين ومندوبي الأحزاب في اللجان الانتخابية.

اشتباكات بالأسلحة أمام إحدى اللجان في شانلي أورفا جنوب شرقي تركيا (صورة متداولة على منصات التواصل والمواقع الإخبارية)

وفي ولاية شانلي أورفا، أصيب 15 شخصاً، 4 منهم بطلقات أسلحة، وتدخلت قوات الدرك لفض الاشتباكات التي اندلعت بين أنصار حزبي «العدالة والتنمية» الحاكم و«الرفاه من جديد» الإسلامي المعارض. وألقت قوات الدرك القبض على 6 أشخاص، وتم نقل المصابين إلى مستشفيات في الولاية.

كما شهدت ولاية شرناق توتراً شديداً، ووقعت اشتباكات بإحدى المدارس، بعدما قال الأهالي إن الناخبين المسجلين في المدرسة عددهم 5950 ناخباً، لم يكن بينهم مدني واحد، وأنه تم نقل عناصر من الشرطة وقوات الدرك إلى المدرسة للتصويت في الانتخابات. ووقعت اشتباكات بين الأهالي وعناصر الشرطة وتم القبض على العشرات.

ادعاءات «نقل الناخبين»

واحتج النائب البرلماني سري ساكيك، من حزب «المساواة الشعبية والديمقراطية» المؤيد للأكراد، في ولاية أغري شرق البلاد، على نقل أعداد من قوات الأمن للتصويت لصالح مرشحي حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في الولاية.

موظفة انتخابية تحمل بطاقة انتخابية في مكتب اقتراع بإسطنبول (أ.ب)

وأكد ساكيك أنه تم «جلب آلاف من عناصر الشرطة وقوات الدرك إلى المدينة للتصويت في الانتخابات، وأنه لا يوجد ناخبون مِن أغري»، واصفاً الأمر بأنه «عار ومصادرة لإرادة الناخبين».

ورفض رئيس المجلس الأعلى للانتخابات، أحمد ينار، هذه المزاعم، مشدداً على أن جميع الادعاءات التي صدرت حول نقل ناخبين، خصوصاً إلى الولايات الشرقية من البلاد، وردت إلى المجلس وتم تقييمها، مؤكداً أنه لا يمكن لأي ناخب التصويت في مكان غير مسجَّل فيه.

العنوان «إسطنبول»

وأُجريت الانتخابات المحلية في تركيا، الأحد، وقد انطبع في الأذهان أنها معركة إسطنبول بين الرئيس رجب طيب إردوغان، ورئيس بلديتها الحالي أكرم إمام أوغلو.

مرشح حزب العدالة والتنمية لرئاسة بلدية اسطنبول مراد كوروم خارج مكتب اقتراع الأحد (أ.ف.ب)

ورغم وجود 49 مرشحاً لرئاسة بلدية إسطنبول، فإن المعركة انحصرت بشكل أساسي بين إمام أوغلو، الذي أظهرت استطلاعات الرأي تفوقه نسبياً، ومرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم، مراد كوروم، الذي لا يحظى بشعبية كبيرة، لكنه حصل على دعم من إردوغان الذي حشد إمكانات الحكومة والدولة وراءه.

وأجمع الأتراك على أن إسطنبول، كبرى ولايات البلاد ومركزها الاقتصادي، هي عنوان الانتخابات المحلية التي تطوي بها البلاد صفحة ماراثون انتخابي طويل استمر لنحو عام، غلفه الاستقطاب السياسي الحاد.

مؤشر قوة

تنبع أهمية الانتخابات المحلية، التي تجري كل 5 سنوات، في أنها تعطي مؤشراً على قوة الأحزاب. لكن هذه الانتخابات تحديداً ستكون مؤشراً على مستقبل البلاد، وقد تغير المشهد السياسي فيها بالكامل.

موظفون انتخابيون يفرزون الأصوات في مكتب اقتراع بإسطنبول الأحد (أ.ف.ب)

ففي حال فوز إمام أوغلو للمرة الثانية، بعد الضربة القوية التي وجَّهها لإردوغان والحزب الحاكم في انتخابات 2019، ستتعزز ترجيحات فوزه بالانتخابات الرئاسية المتوقَّعة في 2028، على أساس القاعدة التي وضعها إردوغان بنفسه ومفادها أن «مَن يفُز بإسطنبول، يفُز بتركيا».

في المقابل، فإن فوز مرشح إردوغان، وزير البيئة السابق مراد كوروم، سيفتح، بحسب إجماع سياسي كبير في تركيا، الطريق أمام إردوغان لطرح دستور جديد للبلاد سيمكّنه من الترشح للرئاسة للمرة الرابعة على التوالي، لتخطي عقبة الدستور الحالي التي تمنعه من الترشح مجدداً بعد انتهاء ولايته الحالية عام 2028.


مقالات ذات صلة

تركيا: إلغاء الشهادة الجامعية لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو

شؤون إقليمية رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام اوغلو خلال مؤتمر جماهيري استعداداً للانتخابات التمهيدية لمرشح الرئاسة لحزب الشعب الجمهوري في أرزينجان شرق تركيا (من حسابه في «إكس»)

تركيا: إلغاء الشهادة الجامعية لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو

تركيا: إلغاء الشهادة الجامعية لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو... المعارضة عدته قراراً سياسياً ومحاموه إلى الطعن عليه.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية مسيرة حاشدة للاحتفال باليوم العالمي للمرأة في إسطنبول (أ.ف.ب)

تركيا: حظر واعتقالات ورسالة من أوجلان في «يوم المرأة»

شهدت تركيا احتجاجات واعتقالات خلال مسيرات للاحتفال باليوم العالمي للمرأة الذي يوافق 8 مارس (آذار) من كل عام.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم صورة من مفاوضات إسطنبول بين روسيا وأوكرانيا في مارس 2022 (رويترز)

الكرملين: روسيا وأميركا تعدّان وثائق إسطنبول أساساً محتملاً لاتفاق سلام في أوكرانيا

قال الكرملين، الجمعة، إن روسيا والولايات المتحدة تعدّان مسودات اتفاقات ناقشتها موسكو وكييف في الأسابيع الأولى من الحرب أساساً محتملاً لاتفاق سلام في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا وزيرا خارجية تركيا هاكان فيدان وروسيا سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب انتهاء محادثاتهما في أنقرة الاثنين (إ.ب.أ)

ترحيب روسي - تركي بمبادرات إنهاء حرب أوكرانيا

أبدت تركيا وروسيا ترحيباً بمبادرات إنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية، لكن مواقفهما تباينت بشأن سعي أوكرانيا لعضوية حلف شمال الأطلسي الذي كان السبب في اندلاعها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو يواجه تحقيقاً جديداً بعد يوم من إعلان نيته الترشح لانتخابات الرئاسة في تركيا (من حسابه في إكس)

فتح تحقيق جديد ضد إمام أوغلو بتهمة تزوير شهادته الجامعية

أعلن مكتب المدعي العام في إسطنبول فتح تحقيق حول مزاعم تزوير الشهادة الجامعية لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو بعد تلقي بلاغات تفيد بتزويرها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

الحكومة الإسرائيلية توافق على إعادة تعيين بن غفير وزيرا للأمن القومي

إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي السابق في حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أرشيفية - رويترز)
إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي السابق في حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أرشيفية - رويترز)
TT

الحكومة الإسرائيلية توافق على إعادة تعيين بن غفير وزيرا للأمن القومي

إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي السابق في حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أرشيفية - رويترز)
إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي السابق في حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أرشيفية - رويترز)

وافقت الحكومة الإسرائيلية اليوم الثلاثاء على إعادة تعيين السياسي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، زعيم حزب (القوة اليهودية)، وزيرا للأمن القومي، متجاهلة اعتراضات النائب العام غالي بهاراف ميارا التي أشارت إلى وجود عوائق قانونية تحول دون ذلك حاليا.

وقالت صحيفة (تايمز اوف إسرائيل) إن من المتوقع أن يُوافق الكنيست غدا الأربعاء على هذه الخطوة، إلى جانب عودة عضوي الحزب إسحاق فاسرلاوف وأميخاي إلياهو إلى منصبيهما الوزاريين أيضا. وأشارت الصحيفة إلى أن المحكمة العليا رفضت في وقت سابق التماسا لإصدار أمر قضائي مستعجل بوقف تعيين بن غفير وزيرا للأمن القومي، في قضية ينظرها القضاء الشهر المقبل.

وكان بن غفير أعلن استقالته من حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو احتجاجا على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة. وجاءت عودة بن غفير إلى الحكومة بعدما أعلن الجيش الإسرائيلي استئناف عملياته العسكرية في غزة فجر اليوم بعد وقف لإطلاق النار استمر نحو شهرين، فيما قالت وزارة الصحة في القطاع إن أكثر من 400 فلسطيني لقوا حتفهم وأصيب 562 آخرون جراء الغارات الإسرائيلية.