«انتزاع أراضٍ» تسلط الضوء على فساد مقربين من خامنئي

جدل حول وثائق كشفت تورط إمام جمعة طهران في قضايا مالية

صدیقي خلال اجتماع مع رئيس مجلس صيانة الدستور أحمدي جنتي ومحمد محمدي كلبايكاني رئيس مكتب خامنئي (موقع صيانة الدستور)
صدیقي خلال اجتماع مع رئيس مجلس صيانة الدستور أحمدي جنتي ومحمد محمدي كلبايكاني رئيس مكتب خامنئي (موقع صيانة الدستور)
TT

«انتزاع أراضٍ» تسلط الضوء على فساد مقربين من خامنئي

صدیقي خلال اجتماع مع رئيس مجلس صيانة الدستور أحمدي جنتي ومحمد محمدي كلبايكاني رئيس مكتب خامنئي (موقع صيانة الدستور)
صدیقي خلال اجتماع مع رئيس مجلس صيانة الدستور أحمدي جنتي ومحمد محمدي كلبايكاني رئيس مكتب خامنئي (موقع صيانة الدستور)

تضاربت الأنباء في إيران، عن استقالة كاظم صديقي، إمام جمعة طهران ورئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الإيرانية، المقرب من المرشد علي خامنئي، على خلفية نشر وثائق تتهمه بانتزاع أراضٍ حكومية، وتسجيلها باسمه واسم أولاده.

وأثار تسريب الوثائق عن مصادرة حديقة باسم شرکة أسرة صديقي، وضمها إلى مدرسة دينية خاضعة له قرب منطقة تجريش الثرية في شمال طهران، جدلاً واسعاً بين الإيرانيين، خصوصاً الأوساط السياسية والصحافة.

وتظهر الوثائق تسجيل 4200 متر مربع من أراضي حديقة مجاورة لحوزة «الخميني» العلمية، مدرسة رجال الدين الشيعة، التي أسسها صديقي قبل 20 عاماً، وتديرها مؤسسة «رهروان انديشه قائم (أتباع أفكار المهدي المنتظر)».

وبعد أيام من الصمت، كسر صديقي صمته، مشيراً إلى «تزوير» توقيعه، و«خيانة في الأمانة» من قبل «شخص موثوق». ويؤكد بيان صديقي أن مؤسسته وجميع مصالحه مملوكة لحوزة «الخميني» العلمية.

ومع ذلك، وصف الانتقادات التي طالته بأنها «ضجيج»، و«لا تستهدفني بقدر ما تستهدف معتقدات الناس».

وبدورها، تحدثت حوزة «الخميني» العلمية، عن رفع «إشكالات» في النظام الأساسي للمؤسسة التي تدير الحوزة العلمية، مشيرة إلى خروج «المتورطين» من المؤسسة.

وكتبت وكالة «إيسنا» الحكومية أن تعليقات صديقي زادت من غموض القضية، مشيرة أيضاً إلى «مسألة مشبوهة» أخرى، حول نقل ملكية حديقة من آلاف الأمتار، بعيداً عن أنظار الهيئات الرقابية.

وأعربت الوكالة عن أسفها؛ لأن صديقي «لم يطلع على القضايا المرتبطة بسمعته». وقالت إن «الرأي العام يطلب من الجهاز القضائي والأجهزة المعنية، مراجعة القضية والملفات المماثلة على وجه السرعة».

وخلصت الوكالة إلى أنه «ينبغي على أي مسؤول أن يعلم أنه في موضع تحت المجهر وحكم الرأي العام، ويتطلب حساسية مضاعفة، ولا يمكن قبول أي تبرير للإهمال».

وفي السياق نفسه، تساءل ناشطون عن الأسباب التي دفعت «المتورطين» لتزوير توقيع صديقي وتسجيل العقار باسمه.

ورداً على تقارير عن استقالة صديقي من مناصبه، كتب الناشط المحافظ علي قلهكي أن «كاظم صديقي لم يقدم استقالته حتى الآن من إمامة الجمعة وإدارة الحوزة العلمية».

مدرسة دينية أسسها ويشرف عليها صديقي في شمال طهران (مهر)

وقالت معصومة ابتكار، رئيسة منظمة البيئة ونائبة الرئيس الإيراني في عهدَيْ محمد خاتمي وحسن روحاني، إنها حذرت قبل سنوات من قطع أشجار الحديقة التي تجاور مدرسة «الخميني» الدينية.

وجاء نشر الوثائق بعد أيام من حملة شنتها وسائل إعلام تابعة للحكومة و«الحرس الثوري» بشأن جدية مكافحة الفساد، في أعقاب استقالة نائب رئيس القضاء محمد مصدق، الذي أوقفت السلطات نجليه، منذ أكثر من عام بتهمة الفساد.

وكتب محمد علي أبطحي، مدير مكتب الرئيس الإصلاحي السابق، محمد خاتمي، على منصة «إكس»: «لقد رأينا السيد صديقي كم يبكي؟ إنه مظلوم حقاً، تبين أن شخصاً روبن هودي قام بتزوير توقيعه لضم الأراضي المجاورة لمدرسته، باسمه، هل توجد مظلومية أكبر من هذا؟ كيف تفترضون ذلك في الناس؟».

وتعد قضايا انتزاع الأراضي والعقارات الحكومية من بين قضايا الفساد التي هزت البلاد في السنوات الأخيرة، خصوصاً في فترة الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

ونشر الوثائق عن صديقي، المدير السابق لموقع «معماري نيوز»، ياشار سلطاني الذي نشر في صيف 2016، وثائق عن بيع ممتلكات تابعة لبلدية طهران، بما في ذلك عقارات في مناطق راقية بشمال طهران، بأسعار دون سعرها الحقيقي، لمسؤولين وقيادات في «الحرس الثوري»، وعرفت حينها باسم «العقارات النجومية». وجاء بعد نشر وثائق من قبل مجهولين تكشف عن «رواتب نجومية» تلقاها مسؤولون في حكومة حسن روحاني.

وأعادت غالبية وسائل الإعلام التذكير بمواقف صديقي، خصوصاً تلك التي يشير فيها إلى مكانة المرشد الإيراني لدى المهدي المنتظر، أو تزعم العلاقة بينهما.

وأصدر المرشد الإيراني مرسوماً بتعيين صديقي بين خطباء الجمعة في طهران الذين يمثلونه في مناسبات سياسية أيضاً، بعد احتجاجات الحركة الخضراء التي قادها الزعيم الإصلاحي ميرحسين موسوي، وحليفه مهدي كروبي ضد نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2009.

وفي سياق ردود الأفعال، نشرت مواقع أخبار إيرانية مرخصة من السلطات، صورة مثيرة للجدل قارنت فيها بين المدرسة الدينية التي شيدها صديقي وخيم يدرس فيها أطفال بلوشستان في جنوب شرقي البلاد.


مقالات ذات صلة

«هيكتور السري»... زعيم إمبراطورية النفط الإيراني

شؤون إقليمية صورة تتداولها وكالات إيرانية لحسين شمخاني

«هيكتور السري»... زعيم إمبراطورية النفط الإيراني

كشفت مقابلات أجرتها «بلومبرغ» عن هوية «الزعيم العالمي لتجارة النفط الإيراني» الذي يلقَّب بـ«التاجر السري... هيكتور».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس (أرشيفية/أ.ف.ب)

إسرائيل تتهم خامنئي «الأخطبوط» بتهريب الأسلحة إلى الضفة الغربية عبر الأردن

اتهم وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إيران بمحاولة إنشاء «جبهة إرهابية شرقية» ضد إسرائيل عبر الأردن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية إسلامي يتحدّث إلى غروسي على هامش مؤتمر «الاجتماع الدولي للعلوم والتكنولوجيا النووية» في أصفهان مايو الماضي (أ.ب)

الوكالة الدولية: إيران قريبة جداً من السلاح النووي

كشفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن مستويات الوقود النووي في إيران ارتفعت خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ما قد يؤدي إلى تصعيد التوترات في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي لقطة من الوثائقي الإيراني لقناة «تي دبليو» لسليماني داخل قصر صدام play-circle 01:21

سليماني يعاين صدام حسين داخل قصره

أثار فيديو لقائد «قوة القدس» قاسم سليماني وهو يتجول في أحد قصور الرئيس العراقي السابق صدام حسين، جدلاً واسعاً في مواقع التواصل الاجتماعي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية المخرجة رخشان بني اعتماد (أ.ف.ب)

القضاء الإيراني يتهم مخرجة وممثلة لخلعهما الحجاب في مكان عام

وجّه القضاء الإيراني، اليوم (الأربعاء)، التهمة إلى المخرجة رخشان بني اعتماد وابنتها الممثلة باران كوثري لظهورهما حاسرتي الرأس في مكان عام.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«هدنة غزة»: المفاوضات تترقب «اقتراحاً نهائياً»

قوات إسرائيلية تعمل على الأرض في قطاع غزة (أ.ف.ب)
قوات إسرائيلية تعمل على الأرض في قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: المفاوضات تترقب «اقتراحاً نهائياً»

قوات إسرائيلية تعمل على الأرض في قطاع غزة (أ.ف.ب)
قوات إسرائيلية تعمل على الأرض في قطاع غزة (أ.ف.ب)

جولة مفاوضات جديدة مرتقبة هذا الأسبوع بشأن وقف إطلاق النار في غزة، تشمل «مقترحاً أميركياً نهائياً» لوقف الحرب، وفق إعلام إسرائيلي، وسط تفاؤل حذر من إمكان أن تسفر المحادثات عن اتفاق، في ظل عقبات رئيسية، مثل البقاء في «محور فيلادلفيا» الحدودي مع غزة ومصر.

ويرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنه من المهم أن يتعامل المقترح المرتقب مع العقبات الرئيسية بحلول قابلة للتنفيذ، حتى لا يذهب أدراج الرياح. وحذروا من تقديم المقترح بصفته حزمة واحدة للقبول أو الرفض، على اعتبار أن نجاح هذه المفاوضات يحتاج إلى مرونة وتقديم تنازلات وتفاهمات حقيقية لتنجح في التطبيق على أرض الواقع دون خروقات.

ومقابل أجواء قتال شديدة في الضفة الغربية بين حركات فلسطينية مسلحة والجيش الإسرائيلي، تراوح محادثات الهدنة الدائرة بين القاهرة والدوحة مكانها. ووسط هذه الأجواء، أفاد موقع «أكسيوس» الأميركي، الجمعة، نقلاً عن مسؤول إسرائيلي بأن «القضايا محل الخلاف ستترك للنهاية، ومن ثم تقدم الولايات المتحدة على الأرجح اقتراحاً نهائياً محدثاً لطرفي النزاع من أجل اتخاذ قرار»، دون تحديد موعد.

وسبق أن نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤول أميركي، لم تسمّه، قوله، الخميس، إن «الوفد الأميركي يستعد لعقد جلسة مفاوضات قمة أخرى هذا الأسبوع، يطرح فيها صيغة نهائية، تشمل اقتراحات عينية لجسر الهوة بين الطرفين في كل القضايا»، لافتاً إلى أن هذا المقترح سيكون على طريقة «خذه أو اتركه»، لكي يضع الطرفين في موقف جاد.

وكانت المحادثات التي جرت في الدوحة «مفصلة وبناءة مع استمرار المشاورات، والتركيز حالياً على تفاصيل تنفيذ الصفقة لضمان نجاحها»، وفق «أكسيوس»، الذي نقل عن مسؤولين إسرائيليين قولهم: «إن الولايات المتحدة، بالتعاون مع الوسطاء القطريين والمصريين، تحاول التوصل إلى اتفاق حول أكبر قدر ممكن من التفاصيل العملية، واستكمال النقاط الناقصة حول الصفقة الشاملة وتقديمها لإسرائيل و(حماس) مرة أخرى بصفتها حزمة واحدة».

ووفق الموقع فإن «القضايا الشائكة، بما في ذلك مطلب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الاحتفاظ بالسيطرة الكاملة على الحدود بين مصر وغزة ومراقبة حركة الفلسطينيين من جنوب غزة إلى الشمال، ومطلب زعيم (حماس)، يحيى السنوار أن تؤدي الصفقة إلى إنهاء الحرب، ستؤجل إلى المرحلة الأخيرة من المحادثات».

الدخان يتصاعد بعد الغارة الجوية الإسرائيلية على مخيم البريج للاجئين في جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

و«محور فيلادلفيا» هو شريط حدودي أنشأه الجيش الإسرائيلي خلال احتلاله قطاع غزة بين عامي 1967 و2005، يبلغ عرضه في بعض الأجزاء 100 متر، ويمتد لمسافة 14 كيلومتراً على طول الحدود المصرية مع قطاع غزة. ويعدّ منطقة عازلة بموجب اتفاقية «كامب ديفيد» الموقّعة بين القاهرة وتل أبيب عام 1979.

وكان مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، قد ذكر في مؤتمر صحافي، الخميس، أن «المحادثات بشأن وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الرهائن بأسرى فلسطينيين تحرز تقدماً».

الأكاديمية المصرية في العلاقات الدولية، نورهان الشيخ، ترى أنه ليست هناك مؤشرات تقول إن ذلك المقترح المحتمل الجديد سيقود لاتفاق، خصوصاً أن نتنياهو لا يبدي أي تراجع، بل فتح جبهة جديدة في الضفة الغربية، وتعدّ الحديث الأميركي المستمر عن التقدم بالمفاوضات، ما هو إلا «حديثاً استهلاكياً للداخل الانتخابي في واشنطن قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة»، مؤكدة أن «نتنياهو هو العقبة الرئيسية» في إبرام أي اتفاق، ويعمل على إفشال أي خطة تفاوض للحفاظ على منصبه، والمقترح الأميركي قد يواجه المصير ذاته، إلا إذا كانت هناك ضغوط عليه للتراجع.

ويرجح السفير الفلسطيني السابق، بركات الفرا، أنه إذا لم يكن المقترح المحتمل قادراً على تقديم حلول لإسرائيل و«حماس» سيفشل، وسندور في حلقة مفرغة، لافتاً إلى أن نتنياهو يريد البقاء في قطاع غزة، خصوصاً في محوري فيلادلفيا ونتساريم، وهذا يخالف رغبة «حماس».

ويعتقد أن أهم العقبات التي قد تفشل المقترح الأميركي، عدم الانسحاب من محوري فيلادلفيا ونتساريم والنص على الوقت الدائم للقتال، محذراً من أنه حال عدم التوصل لتفاهمات حقيقية في المقترح الأميركي فقد يقود ذلك لخروقات في التنفيذ واتفاق هش.

وخلال الأيام الأخيرة، تصاعد خلاف «غير مسبوق» أدى إلى «صراخ بين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت» خلال اجتماع لمجلس الوزراء الأمني، الخميس، وفق ما كشف موقع «أكسيوس» الأميركي، الجمعة، على خلفية خرائط انتشار الجيش الإسرائيلي بـ«محور فيلادلفيا».

وغالانت الذي رفض تلك الخرائط في الاجتماع، يرى أنه يجب اختيار مسار الاتفاق لتقليل التوترات أو اختيار «التورط في غزة والوصول لحرب إقليمية»، قبل أن يحدث تصويت، وتقر الخرائط بدعم من نتنياهو و7 وزراء آخرين، وتليها احتجاجات من أهالي الرهائن أمام منزل نتنياهو، للمطالبة بعقد صفقة تبادل.

رجل فلسطيني عاد لفترة وجيزة إلى شرق دير البلح وسط غزة لتفقد منزله يشرب الماء وهو جالس فوق بعض الأشياء التي تم انتشالها (أ.ف.ب)

ولا يزال التوصل لاتفاق بغزة، وتهدئة بالضفة والمنطقة، مطلباً ملحاً عربياً وأوروبياً. وجدد رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ورئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، شارل ميشال، التأكيد خلال اجتماع بأبوظبي، الجمعة، على «أهمية التوصل إلى اتفاق بشأن وقف عاجل لإطلاق النار في قطاع غزة، وضرورة العمل على خفض التوتر في الضفة الغربية».

وباعتقاد نورهان الشيخ فإن الخلاف بين نتنياهو وغالانت أو الضغوط الإسرائيلية الداخلية باتا غير مؤثرين في مسار المفاوضات، مؤكدة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي حتى الآن قادر على أن يسيطر على توجهات السياسة في إسرائيل، ونتيجة التصويت على الخرائط كانت لصالحه.

وعدّت أن الضغوط العربية والأوروبية، قد تكون داعمة لمسار جهود الوسطاء، مطالبة بضغوط أميركية حقيقية على نتنياهو لتجاوز العقبات.

بينما أضاف بركات الفرا سبباً آخر لتعنت نتنياهو، وهو «طمأنة إسرائيل» من عدم وجود رد فعال من «حزب الله»، وتراجع ضغوط الرد الإيراني على اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» في طهران، مؤكداً أنه لا يمكن توقع محادثات جادة والتوصل لنتائج إيجابية إلا لو حدثت ضغوط جادة وحقيقية من المجتمع الدولي وواشنطن.