تركيا تخطط لعملية برية وشيكة في كردستان... وبغداد تدعم استخبارياً

الصيف موعد لإنهاء وجود «العمال الكردستاني»... والهدف تدمير كهوف «غارا» الجبلية

مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» بشمال العراق (وزارة الدفاع التركية)
مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» بشمال العراق (وزارة الدفاع التركية)
TT

تركيا تخطط لعملية برية وشيكة في كردستان... وبغداد تدعم استخبارياً

مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» بشمال العراق (وزارة الدفاع التركية)
مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» بشمال العراق (وزارة الدفاع التركية)

كشفت تقارير عن استعدادات للقيام بعملية عسكرية تركية موسعة تستهدف مواقع «حزب العمال الكردستاني» في شمال العراق بدعم استخباراتي من بغداد وأربيل.

وذكرت صحيفة «حرييت» القريبة من الحكومة التركية، الخميس، أن الاستعدادات بدأت لتنفيذ العملية الموسعة عبر جولات من اللقاءات بين المسؤولين الأتراك والعراقيين سواء في بغداد أو في إقليم كردستان تمهيداً للعملية التي ستؤدي إلى إغلاق الحدود التركية العراقية تماما وتضييق الخناق على مسلحي «العمال الكردستاني».

وأضافت الصحيفة أن المرحلة التمهيدية للعملية العسكرية التركية في شمال العراق تسير بالتزامن مع مباحثات سياسية بشأن سوريا، التي توجد بها «وحدات حماية الشعب» الكردية، التي تعدها أنقرة امتدادا لـ«العمال الكردستاني».

دعم من بغداد وأربيل

وقال الكاتب في «حرييت» عبد القادر سيلفي، المعروف بقربه من دوائر الحكم في أنقرة، إنه سيتم تنفيذ عملية برية واسعة النطاق في المنطقة التي يجري فيها حاليا تنفيذ عملية «المخلب-القفل»، التي بدأت في أبريل (نيسان) 2022 ولا تزال مستمرة.

وأضاف أنه «تم التوصل إلى اتفاق مع الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان في أربيل، التي تسيطر عليها عائلة بارزاني، قبل العملية، تتوقع تركيا إغلاقا كاملا لحدودها مع العراق البالغ طولها 378 كيلومترا في وجه الإرهابيين (مسلحو العمال الكردستاني)».

وتابع سيلفي: «أعتقد أن تصريح الرئيس رجب طيب إردوغان بشأن الحدود مع العراق لم يتم تقييمه بشكل كافٍ بسبب المناقشات حول الانتخابات المحلية التي تجرى في تركيا في نهاية مارس (آذار) الحالي».

مقاتلون من الجيش التركي خلال إحدى عملياتهم في كردستان العراق (وزارة الدفاع التركية)

وكان إردوغان أكد في تصريحات عقب ترؤسه اجتماع الحكومة التركية في أنقرة الاثنين، مضي بلاده قدماً في مكافحة الإرهاب، لافتاً إلى أن تركيا أوشكت على إتمام الطوق الذي سيؤمن حدودها مع العراق. وأضاف: «خلال الصيف المقبل سنكون قد قمنا بحل هذه المسألة بشكل دائم».

وقال سيلفي إن وراء هذا الوعد تجري المفاوضات الدبلوماسية والاستعدادات العسكرية مع العراق.

ولفت إلى أن عمليات «المخلب» انطلقت في 2019، ولا تزال آخر حلقاتها «المخلب-القفل» مستمرة بنجاح منذ 17 أبريل 2022، وفي هذه الأثناء فقدنا بعض جنودنا في 22 و23 ديسمبر (كانون الأول) و24 يناير (كانون الثاني) الماضيين، في المنطقة التي تمت فيها عمليات «المخلب».

وأضاف: «وعليه تقرر تنفيذ عملية برية واسعة النطاق وإقامة منطقة آمنة في المنطقة التي تقع فيها القواعد التركية، وتم تحديد الخط الذي يغطي منطقة غارا ليكون حدود المنطقة الآمنة».

تفاصيل العملية

وأعطى سيلفي بعض التفاصيل عن العملية استنادا إلى مصادره، قائلا: «قبل العملية تم التوصل إلى اتفاق مع بغداد وإدارة أربيل، لتحصين القواعد التركية الدائمة والمؤقتة في شمال العراق، وسيتم القضاء على أوكار الإرهابيين داخل حدود منطقة المخلب بعمليات برية مع إسناد جوي وسيتم إغلاق الحدود البالغ طولها 378 كيلومترا بشكل كامل بعمق 40 كيلومترا كما يجري العمل عليه في سوريا».

وأضاف: «سيتم الوصول إلى الخط الحدودي بما في ذلك منطقة غارا المشهورة بالكهوف، سيتم تدمير كهوف وملاجئ التنظيم الإرهابي (العمال الكردستاني) في غارا، وستوضع تحت السيطرة الدائمة للقوات التركية لمنعه من استخدامها مرة أخرى».

وذكر سيلفي أن القوات التركية ستنفذ العملية، ومن المتوقع أن تقدم حكومتا بغداد وأربيل الدعم الاستخباري وأن تتخذا إجراءات ضد «حزب العمال الكردستاني» في السليمانية وسنجار، مضيفا: «بينما تستعد تركيا للعملية في العراق، سيتم التركيز على الدبلوماسية في سوريا».

وأشار إلى أن وزير الخارجية هاكان فيدان ورئيس المخابرات إبراهيم كالين موجودان حالياً في واشنطن حيث تعقد اجتماعات الآلية الاستراتيجية التركية الأميركية، ومن بين القضايا الرئيسية التي يناقشانها مع المسؤولين الأميركيين العملية التي سيتم تنفيذها في العراق وسوريا.


مقالات ذات صلة

إردوغان وبهشلي ناقشا الدستور الجديد لتركيا وأوزال يصر على الانتخابات المبكرة

شؤون إقليمية بهشلي يهدي إردوغان نسخة من كتاب أصدره حديثاً خلال زيارته له في منزله في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان وبهشلي ناقشا الدستور الجديد لتركيا وأوزال يصر على الانتخابات المبكرة

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع رئيس حزب «الحركة القومية»، دولت بهشلي، في الاستعدادات الجارية لطرح مشروع الدستور الجديد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متحدثاً أمام البرلمان الثلاثاء (الرئاسة التركية)

إردوغان يغلق الباب أمام الانتخابات المبكرة ويتمسك بالدستور الجديد

يسيطر النقاش حول الانتخابات المبكرة والدستور الجديد على الأجندة السياسية لتركيا وسط جدل متصاعد بين الحكومة والمعارضة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شمال افريقيا محادثات عبد العاطي وفيدان في نيويورك (الخارجية المصرية)

ارتياح مصري - تركي لتقدم العلاقات الثنائية

أكدت محادثات بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ونظيره التركي هاكان فيدان، في نيويورك، «تطلع القاهرة وأنقرة لمواصلة العمل على دفع العلاقات الاقتصادية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عالمية صورة متداولة للمحلل التلفزيوني الكروي سرحات أكين وسط حماية الشرطة (وسائل إعلام تركية)

إصابة سرحات أكين لاعب تركيا السابق بطلق ناري

أدان الاتحاد التركي لكرة القدم الهجوم المسلح الذي تعرض له مهاجم المنتخب الوطني وفناربخشه السابق والمحلل التلفزيوني الحالي سرحات أكين في إسطنبول أمس (الخميس).

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
شؤون إقليمية داود أوغلو خلال استقباله باباجان بمقر حزب «المستقبل» في أنقرة قبل أيام (وسائل إعلام تركية)

تركيا: تعثر جديد لمفاوضات الاندماج بين حزبي باباجان وداود أوغلو

فشلت مفاوضات الاندماج بين حزبي «الديمقراطية والتقدم» برئاسة علي باباجان و«المستقبل» برئاسة أحمد داود أوغلو في التوصل إلى اتفاق على اندماج الحزبين.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

ماذا وراء الخلاف الحاد بين نتنياهو وماكرون؟

نتنياهو يصافح ماكرون في القدس أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)
نتنياهو يصافح ماكرون في القدس أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)
TT

ماذا وراء الخلاف الحاد بين نتنياهو وماكرون؟

نتنياهو يصافح ماكرون في القدس أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)
نتنياهو يصافح ماكرون في القدس أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن رئيس الوزراء تحدث هاتفياً مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم (الأحد)، وأبلغه بأن فرض حظر على تصدير السلاح لإسرائيل سيخدم إيران والمتحالفين معها.

وأضاف المكتب، في بيان نقلته وكالة «رويترز» للأنباء، «أكد رئيس الوزراء أن تصرفات إسرائيل في مواجهة حزب الله تخلق فرصة لتغيير الواقع في لبنان وصولاً إلى تعزيز الاستقرار والأمن والسلام في المنطقة بأكملها». وأشار نتنياهو إلى أن «إسرائيل تتوقع دعم فرنسا وليس فرض قيود عليها».

بدوره، أكد ماكرون أن «التزام فرنسا بأمن إسرائيل لا يتزعزع»، لكنه شدد أيضاً على ضرورة وقف إطلاق النار في غزة ولبنان، حسبما أعلن قصر الإليزيه.

وقالت الرئاسة الفرنسية «عشية الذكرى السنوية الأولى لهجوم (حركة) حماس الإرهابي على إسرائيل، أعرب (ماكرون) عن تضامن الشعب الفرنسي مع الشعب الإسرائيلي». كما أعرب الرئيس الفرنسي عن «اقتناعه بأن وقت وقف إطلاق النار حان».

«حرب التصريحات»

واشتعلت «حرب تصريحات» بين ماكرون ونتنياهو وخلفه المنظمات اليهودية في فرنسا، وعلى رأسها المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا.

نقطة البداية تمثلت في جملة جاءت على لسان ماكرون، في حديث إذاعي بث (السبت)، لإذاعة «فرانس إنتر» وسُجل بداية أكتوبر (تشرين الأول)، وجاء في حرفية ما قاله: «أعتقد أن الأولوية اليوم هي العودة إلى حل سياسي، والتوقف عن تقديم الأسلحة المستخدمة في الحرب على غزة».

كما أن ماكرون وجه سهامه إلى نتنياهو الذي «لم يستمع إلينا (في موضوع وقف إطلاق النار)، وهذا خطأ، بما في ذلك بالنسبة لأمن إسرائيل غداً»، مؤكداً أنه سيواصل اتباع السياسة نفسها التي يتبعها بشأن الوضع في قطاع غزة «منذ عام».

ماكرون تطرق كذلك إلى الحرب الإسرائيلية على لبنان، مُنبهاً من أنه «لا يجب أن يتحول لبنان إلى غزة أخرى»، داعياً إلى «عدم التضحية بالشعب اللبناني».

وطالب ماكرون بوقف العمليات العسكرية و«بعودة الجيش اللبناني إلى الحدود»، إضافة إلى حصول الانتخابات الرئاسية لوضع حد للفراغ الرئاسي. وحرص الرئيس الفرنسي على تأكيد أن بلاده لا تقدم السلاح لإسرائيل.

ورغم أن باريس ليست مزوداً رئيسياً بالسلاح لإسرائيل؛ فإنها شحنت إليها معدات عسكرية العام الماضي بقيمة 30 مليون يورو، وفقاً للتقرير السنوي لصادرات الأسلحة الصادر عن وزارة الدفاع.

رسالة ضمنية لبايدن

ومجدداً، طُرحت هذه المسألة مساء السبت في المؤتمر الصحافي، الذي جاء في اختتام أعمال القمة الفرنكوفونية التي استضافتها فرنسا يومي الجمعة والسبت، والتي انتهت ببيان ختامي وآخر للتعبير عن التضامن مع لبنان.

وتوافرت الفرصة لماكرون لتصحيح ما قاله للإذاعة الفرنسية، وذلك بتأكيده أن الأسلحة التي تقدمها فرنسا لإسرائيل «لا تستخدم إطلاقاً» في الحرب على غزة، لا مباشرة، ولا بطريقة ملتوية.

بيد أن الأهم جاء في شرح دعوته لوقف تصدير السلاح لإسرائيل، إذ اعتبر أنه من الضروري التحلي بـ«الانسجام» في المواقف، وبالتالي «لا يمكن أن نطلب وقفاً لإطلاق النار في غزة وفي الأسبوع الأخير في لبنان، مع الاستمرار في توفير الأسلحة الحربية»؛ في الإشارة إلى إسرائيل، ولكن دون أن يسميها.

وكان واضحاً أن ماكرون يوجه خصوصاً رسالة ضمنية للولايات المتحدة الأميركية، وللرئيس بايدن شخصياً.

واستطرد ماكرون: «نعم، الدعوة لوقف النار تفترض الانسجام الذي يعني الامتناع عن توفير الأسلحة الحربية، وأعتقد أن من يدعو معنا كل يوم لوقف النار لا يمكنه الاستمرار في توفير الأسلحة».

وبالنسبة للرئيس الفرنسي، فإن وقف النار الذي وصفه بـ«الأولوية» من شأنه توفير «إيصال المساعدات الإنسانية، والعمل من أجل حل سياسي يفضي إلى (قيام دولتين)، وهو الوحيد الذي يضمن الأمن والسلام للجميع».

فلسطينيون فوق أنقاض مبانٍ دمرها القصف الإسرائيلي على خان يونس في 26 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

كان ماكرون يتوقع أن تثير تصريحاته حفيظة إسرائيل. لذا، حرص على إعادة التأكيد بأن باريس «تطالب بالإفراج عن الرهائن، وأنها تقف إلى جانب إسرائيل في المحافظة على أمنها»، وأن «لا غموض» في هذا الموقف.

وكشف ماكرون أن نتنياهو اتصل به قبل الهجمات الصاروخية الأخيرة على إسرائيل من أجل أن «تشارك فرنسا» في الدفاع «عن أمن إسرائيل»، وأن فرنسا «استجابت لهذا الطلب».

كذلك، أكد ماكرون مجدداً أن الدعوة لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» لمدة 21 يوماً، التي أطلقتها الولايات المتحدة وفرنسا، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، تمت بالتوافق مع لبنان وإسرائيل، وأن نتنياهو «فضل مساراً آخر وهو يتحمل مسؤولية العمليات (العسكرية) الأرضية في لبنان».

الإحباط اللبناني

كان لبنان حاضراً بقوة في القمة الفرنكوفونية التي صدر عنها «إعلان تضامن مع لبنان» من ثماني فقرات، جاء فيها التعبير عن «القلق الكبير»، والتخوف من تصاعد العنف، والخسائر الكبيرة بالأرواح، وتضامن «العائلة الفرنكوفونية» مع لبنان، الذي يتعين أن «ينعم مجدداً بالأمن والسلام». كذلك دعا بيان القمة إلى «وضع حد لانتهاك سيادة لبنان وسلامة أراضيه»، والدعوة إلى «وقف فوري ودائم لإطلاق النار».

بيد أن المؤسف فيما صدر هو «تجهيل الفاعل»؛ بمعنى أن اسم إسرائيل لم يصدر مرة واحدة، بحيث بقيت الاعتداءات على السيادة اللبنانية مجهولة الفاعل، وكذلك الجهة المسؤولة عن مقتل وتهجير آلاف اللبنانيين.

دمار تسببت به الضربات الإسرائيلية الجوية الأحد في منطقة صفير في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

وعبّر وزير الإعلام اللبناني، زياد مكاري، عن «إحباطه» لكون اسم إسرائيل لم يرد في أي مكان. وعلم من داخل القمة أن مجموعة من الدول وعلى رأسها رومانيا وكندا، بالإضافة إلى مجموعة من الدول الأفريقية، رفضت الإشارة إلى إسرائيل بالاسم؛ ما يبين إلى حد بعيد تسييس «الفرنكوفونية».

ورداً على ذلك، قال ماكرون إنه «لا يتعين التقليل من أهمية» الإعلان الذي يعكس التضامن مع لبنان، منوهاً بالمهمة التي يقوم بها وزير خارجيته، جان نويل بارو، في المنطقة، الذي سيعود مجدداً إلى لبنان بعد أن زاره بداية الأسبوع الماضي.

وبحسب الرئيس الفرنسي، فإن الأيام القادمة «ستكون حاسمة بالنسبة للحصول على وقف لإطلاق النار ومواصلة العمليات الإنسانية». ودعا إلى «عدم التشكيك» بانخراط فرنسا إلى جانب لبنان.

هجوم نتنياهو

وما كانت دعوة ماكرون لوقف إمداد إسرائيل بالأسلحة لتمر من غير رد من نتنياهو، الذي سارع إلى شن هجوم عنيف على ماكرون. وقال نتنياهو: «بينما تحارب إسرائيل القوى الهمجية التي تقودها إيران، يتعين على جميع الدول المتحضرة أن تقف بحزم إلى جانب إسرائيل. إلا أن الرئيس ماكرون وغيره من القادة الغربيين يدعون الآن إلى حظر الأسلحة على إسرائيل؛ إذ عليهم أن يشعروا بالعار».

ورأى نتنياهو أن إسرائيل ستنتصر حتى من دون دعمهم «لكن عارهم سيستمر لوقت طويل بعد الانتصار في الحرب». مضيفاً: «هل تفرض إيران حظر أسلحة على (حزب الله)، وعلى الحوثيين، وعلى (حماس)، وعلى وكلائها الآخرين؟ طبعاً لا».

وخلص إلى القول إن «محور الإرهاب هذا يقف صفاً واحداً، لكن الدول التي يفترض أنها تعارضه تدعو إلى الكف عن تزويد إسرائيل بالسلاح. يا له من عار».

وطالب نتنياهو «جميع الدول المتحضرة بأن تقف بصلابة إلى جانب إسرائيل».

الإليزيه يتدخل

ولأن أزمة حادة لاحت في الأفق، فقد سارع قصر الإليزيه إلى «توضيح»، جاء فيه أن فرنسا «صديقة لإسرائيل لا تتزعزع». وأبدى القصر الرئاسي أسفه لما صدر عن نتنياهو، معتبراً أنه «مُغال» في رد فعله.

لم يتوقف رد الفعل على نتنياهو وحده، بل انضم إليه المجلس التنفيذي للمؤسسات اليهودية في فرنسا، المعروف بدعمه المطلق لإسرائيل.

وأعرب المجلس عن «أسفه العميق» لتصريحات الرئيس الفرنسي، معتبراً أن «الدعوة لحرمان إسرائيل من السلاح لا تدفع باتجاه السلام، لكنها تخدم (حزب الله) و(حماس)».

وزاد البيان أن دعوة كهذه تأتي قبل 7 أكتوبر مباشرة «تدمي كل الذين يتمسكون بمحاربة الإرهاب، وتشجع حزب فرنسا الأبية (اليساري الفرنسي المتشدد) في تطرفه، وفي استراتيجيته الدافعة إلى تعميم الفوضى في النقاش العام».

كذلك صدرت تصريحات مماثلة عن شخصيات يهودية وغير يهودية داعمة لإسرائيل.

مسيرة مناهضة لمعاداة السامية في باريس نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)

الانتقادات غير مقبولة

وليست هذه المرة الأولى التي تتوتر فيها علاقات ماكرون بنتنياهو. ومهما فعل الأول للإعراب عن تمسكه بأمن إسرائيل والدفاع عنها، كما فعلت القوات الفرنسية مؤخراً بطلب من رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، عندما ساهمت في إسقاط الصواريخ الإيرانية المتجهة إلى إسرائيل؛ فإن كل ذلك لا يبدو كافياً بنظر نتنياهو.

فالأخير لا يجيز أي انتقاد له وسبق أن ندد، في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي بقرار رئيس الوزراء البريطاني كير ستامر حظر تصدير أنواع معينة من الأسلحة إلى تل أبيب.

كذلك فعل نتنياهو مع جوستان ترودو رئيس الوزراء الكندي، ومع الرئيس الأميركي بايدن، عندما أمر بتأخير تسليم إسرائيل نوعاً من القنابل؛ مخافة استخدامها في غزة.

وكانت النتيجة أن هذه القنابل الثقيلة «بوزن 2000 رطل» أعيد تسليمها، كما أغدقت واشنطن على إسرائيل بمساعدة عسكرية من 20 مليار دولار، وسلمتها مؤخراً مساعدة من 8 مليارات دولار.

من هنا، فإن فرنسا إن حظرت أسلحتها أو لم تحظرها، فإن تأثيرها يبقى محدوداً، إن عسكرياً أو لجهة الضغوط التي يمكن أن تمارسها على إسرائيل، سواء أكان بالنسبة للبنان أو غزة والضفة الغربية.