إسرائيل تناور بـ«الخطة الأوكرانية» أمام «الجنائية الدولية»

100 من عائلات المحتجزين لدى «حماس» يقيمون دعوى لاعتقال قادتها

قضاة محكمة العدل الدولية في لاهاي (يناير الماضي) قبل النطق بحكم ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
قضاة محكمة العدل الدولية في لاهاي (يناير الماضي) قبل النطق بحكم ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تناور بـ«الخطة الأوكرانية» أمام «الجنائية الدولية»

قضاة محكمة العدل الدولية في لاهاي (يناير الماضي) قبل النطق بحكم ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
قضاة محكمة العدل الدولية في لاهاي (يناير الماضي) قبل النطق بحكم ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

توجهت إسرائيل (الأربعاء) بدعوى، بواسطة ممثلين عن 100 عائلة من أقارب المحتجزين الإسرائيليين لدى «حماس» يطالبون «المحكمة الجنائية الدولية» في لاهاي، بإصدار أمر باعتقال قادة الحركة ومحاكمتهم بتهمة «ارتكاب جرائم حرب» ضد المدنيين الإسرائيليين خلال هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وكانت مصادر مقربة من هذه العائلات قد كشفت أن الدعوى أعدت بناء على دراسات أجراها فريق عمل من كبار الخبراء في القانون الدولي من إسرائيل والعالم، بإشراف وزارة الخارجية الإسرائيلية، طيلة الشهور الأربعة الماضية. ويتضح من تفاصيل الدعوى أن الدراسة «اعتمدت بشكل كبير على نصوص الدعوى التي رفعتها عائلات أوكرانية ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونجحت في مارس (آذار) الماضي في استصدار مذكرة توقيف بحقه شخصياً، مع كبار قادة الجيش ووزارة الدفاع في روسيا». وهدف العائلات الإسرائيلية، هو إصدار قرار بمحاكمة قادة «حماس» في قطاع غزة وخارجه، والإعلان عنهم بأنهم مطلوبون للاعتقال، بتهمة ارتكاب «جرائم حرب ضد الإنسانية». وهم يرون فيها رداً على الدعاوى التي تتجمع لدى المحكمة الجنائية في لاهاي ضد قادة إسرائيل، وتطلب محاكمتهم بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية من خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، طيلة الشهور الماضية منذ 7 أكتوبر.

وفي مؤتمر صحافي، نظمه «منتدى عائلات الرهائن والمفقودين» أمام مقر المحكمة في لاهاي، قال عوفري بيباس، الذي يُحتجز شقيقه يردين وكذلك زوجته شيري وطفلاهما الصغيران في غزة: «اليوم نصنع التاريخ. أولادنا تحت رحمة المسلحين من (حماس)، وهذا جزء مهم من كفاحنا، بصفتنا مواطنين في بلدنا وفي العالم». وأضاف «ليس بعد (وهي مقولة يهودية مشهورة، انطلقت بعد الحرب العالمية الثانية، وتحظى بدعم دول الغرب، وتقصد عدم السماح بتكرار المحرقة النازية لليهود)». وشرح أنهم بهذه الدعوى، يأملون «تحذير العالم من أن (جرائم حماس) يمكن أن تنتشر إلى أوروبا وأميركا الشمالية وأماكن أخرى. فهذه ليست قصتنا فقط، إذا لم نوقف هذا، فغداً ستكون قصة العالم»، وفق قوله.

وأكدت مصادر إسرائيلية، الأربعاء، أن حكومة بنيامين نتنياهو قررت التعاون مع «محكمة العدل الدولية» في لاهاي التي تجري مداولات في الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا، وذلك «لأن إسرائيل واثقة من أنها تشن حرباً دفاعية بعدما تعرضت لهجوم (حماس) الهادف إلى إبادة إسرائيل»، وفق ما قالت المصادر. ورغم أن إسرائيل ليست عضواً في «المحكمة الجنائية» ولا يحق لها رفع دعوى باسم الدولة العبرية، فقد قررت المثول أمامها في دعوى باسم «جمعية أهالي الأسرى» بشكل فردي. وقد وافق ممثلو 100 عائلة على تبني هذه الدعوى، الممولة من الحكومة، في حين عدّت بقية العائلات هذه الدعوى «جزءاً من سياسة الحكومة للتغطية على قصورها في تحرير الأسرى الإسرائيليين وإصرارها على محاولة تحريرهم بالقوة، بدلاً من المفاوضات.

وأما بشأن التعاون مع «محكمة العدل الدولية» العليا، التي يحق لإسرائيل المثول أمامها كونها متخصصة في القضايا الموجهة ضد دول، فقد قررت حكومة نتنياهو، الالتزام بطلبات قضاة المحكمة، وتقديم تقرير تجيب فيه على أسئلتهم لتثبت أنها «اتخذت الإجراءات المطلوبة للامتناع عن ارتكاب جريمة إبادة شعب». وكانت «محكمة العدل» في لاهاي قد أصدرت حكماً في 26 يناير (كانون الثاني)، تطالب فيه إسرائيل بتقديم تقرير لها في غضون شهر توضح فيه ماذا فعلت لتجنب إبادة الشعب في قطاع غزة. وستنتهي المهلة في 25 فبراير (شباط) الحالي، وعلى الرغم من أن إسرائيل هاجمت المحكمة على قبول التداول في الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا ضدها، فإنها قررت التجاوب وباشرت إعداد تقرير يشمل الرد على الادعاءات. كما قررت تقديم رد (الخميس) على طلبات إضافية لجنوب أفريقيا من المحكمة، فيما يتعلق بدراسة العمليات في رفح واتخاذ إجراءات إضافية ضدها.

وناقشت محكمة العدل الدولية في لاهاي قبل ثلاثة أسابيع ادعاء جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، وقررت أنها لن تأمر بوقف الحرب كما يطالب هذا الادعاء. ومع ذلك، صدر أمران مؤقتان ضد إسرائيل، يقضيان بأن تتخذ الدولة إجراءات فعالة لمنع الإبادة الجماعية وتقديم المساعدة الإنسانية لسكان قطاع غزة. كما طالبت المحكمة إسرائيل بتقديم معلومات مفصلة في غضون شهر عن كيفية امتثالها للأوامر الصادرة. وبعد قرار المحكمة، نصح مسؤولون مهنيون في إسرائيل بتنفيذ الأوامر التي أقرتها المحكمة وتقديم تقرير إليها، وبذلك تُتجنب مخالفة القرار.


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية الإسرائيلي يهاجم بوريل لتنظيمه «لقاء مدريد»

شؤون إقليمية مسؤول السياسة الخارجية الأوروبي جوزيب بوريل ورئيس حكومة السلطة الفلسطينية محمد مصطفى في «لقاء مدريد» (إ.ب.أ)

وزير الخارجية الإسرائيلي يهاجم بوريل لتنظيمه «لقاء مدريد»

هاجم وزير خارجيتها، يسرائيل كاتس، الممثلَ السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسية والأمنية، جوزيف بوريل، وعَدّه عنصرياً ومعادياً للسامية ولليهود.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت (أ.ب)

نتنياهو يبحث عن كبش فداء إسرائيلي لتفادي المحاكمة في لاهاي

السعي في إسرائيل لإيجاد كبش فداء يحمل ملف التهمة عن نتنياهو وغالانت، والتحقيق سيقتصر على عدد قليل من الأشخاص، ولوقت قصير، ومن دون توجيه اتهامات حقيقية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي أشخاص أمام قصر السلام قبل صدور حكم محكمة العدل الدولية بشأن طلب من جنوب أفريقيا باتخاذ تدابير طارئة لغزة في لاهاي بهولندا (إ.ب.أ)

تقرير: إسرائيل تطلب من الكونغرس الضغط على جنوب أفريقيا لإسقاط قضية الإبادة الجماعية

كشف موقع «أكسيوس» الأميركي أن إسرائيل تمارس ضغوطاً على أعضاء الكونغرس للضغط على جنوب أفريقيا لإسقاط إجراءاتها القانونية أمام محكمة العدل الدولية.

«الشرق الأوسط» ( واشنطن)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس (رويترز)

كاتس يهدد بـ«تفكيك وحل» السلطة الفلسطينية إذا دفعت بقرار أممي ضد إسرائيل

هدَّد وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس بـ«تفكيك وحل» السلطة الفلسطينية إذا تقدمت بإجراءات عدوانية ضد إسرائيل في الأمم المتحدة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون في الضفة الغربية يشيعون أمس جثمان شاب قتلته القوات الإسرائيلية (أ.ب)

تصاعد العنف الاستيطاني في الضفة الغربية

يتعرض الفلسطينيون في الضفة الغربية إلى موجة من العنف والتهديدات المتزايدة من الإسرائيليين الذين يسعون لانتزاع أراضيهم تحت حماية الجيش.


«هيومن رايتس»: إسرائيل ترتكب «إبادة جماعية» في غزة بتقييدها الوصول للمياه

نازحون فلسطينيون ينتظرون أمام مركز لتوزيع المياه في دير البلح بوسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
نازحون فلسطينيون ينتظرون أمام مركز لتوزيع المياه في دير البلح بوسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«هيومن رايتس»: إسرائيل ترتكب «إبادة جماعية» في غزة بتقييدها الوصول للمياه

نازحون فلسطينيون ينتظرون أمام مركز لتوزيع المياه في دير البلح بوسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
نازحون فلسطينيون ينتظرون أمام مركز لتوزيع المياه في دير البلح بوسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

اتّهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الخميس إسرائيل بارتكاب "أعمال إبادة جماعية" في الحرب التي تخوضها ضدّ حركة حماس في غزة بسبب فرضها خصوصا قيودا على وصول جزء من سكّان القطاع إلى المياه، مطالبة بفرض عقوبات على الدولة العبرية.

وفي تقرير جديد ركّز على المياه، قالت المنظمة الحقوقية التي تتخذ من نيويورك مقرّا إنّ "السلطات الإسرائيلية فرضت عمدا على السكان الفلسطينيين في غزة ظروفا معيشية مصمّمة لتدمير جزء من السكّان، وذلك من خلال تعمّد حرمان المدنيين الفلسطينيين هناك من الوصول إلى المياه بشكل كاف". وأضافت أنّ هذه القيود أدّت "على الأرجح إلى آلاف الوفيات ... ومن المحتمل أن يستمر التسبّب في الوفيات".

وتابع التقرير "منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عمدت السلطات الإسرائيلية إلى عرقلة وصول الفلسطينيين إلى الكمية الكافية من المياه اللازمة للبقاء على قيد الحياة في قطاع غزة". ورفضت إسرائيل بشكل قاطع تهما مماثلة سبق لمنظمات حقوقية عديدة أن وجّهتها إليها، مؤكدة أنّ إجراءاتها في غزة هي عمليات عسكرية مشروعة.

وتطرق تقرير "هيومن رايتس ووتش" بالتفصيل إلى ما وصفته المنظمة "حرمانا متعمدا من المياه الآمنة للشرب والصرف الصحي اللازمة للحدّ الأدنى من بقاء الإنسان على قيد الحياة". كما أوقفت إسرائيل، وفق التقرير، "ضخّ المياه إلى غزة وقيّدت وعطّلت معظم البنية التحتية للمياه والصرف الصحي في غزة بقطع الكهرباء وتقييد الوقود... ومواد معالجة المياه وأصابتها بأضرار ومنعت دخول إمدادات المياه الأساسية".

وبحسب التقرير فإن السلطات الإسرائيلية "خلقت عمدا ظروفا معيشية مصمّمة لإلحاق التدمير المادي بالفلسطينيين في غزة كليا أو جزئيا". وخلُص التقرير إلى أنّ هذه الأفعال تشكّل جريمة حرب متمثلة بـ"الإبادة" وبـ"أفعال إبادة جماعية".

لكنّ هيومن رايتس ووتش لم تؤكد قطعا بأنّ إسرائيل ارتكبت "إبادة جماعية".

ووفقا للقانون الدولي، يتطلب إثبات الإبادة الجماعية وجود أدلة على نيّة محدّدة وهو ما يصعب إثباته بحسب الخبراء. لكنّ المنظمة الحقوقية أشارت إلى "وجود قصد للإبادة الجماعية من هذه السياسة، إلى جانب التصريحات التي تشير إلى أن بعض المسؤولين الإسرائيليين رغبوا في تدمير الفلسطينيين في غزة، وبالتالي فإنّ هذه السياسة قد ترقى إلى مستوى جريمة الإبادة الجماعية".

وخلال إحاطة حول التقرير، قالت مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لما فقيه، إنّه وفي ظل غياب "خطة واضحة معبّرة" لارتكاب الإبادة الجماعية، قد تجد محكمة العدل الدولية أنّ الأدلة تفي بـ"الحدود الصارمة" للاستدلال المنطقي على نيّة الإبادة الجماعية".

وأشارت المنظمة إلى تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك يوآف غالانت في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 عندما أعلن فرض "حصار كامل" على غزة وقال "لن تكون هناك كهرباء، ولا طعام، ولا ماء، ولا وقود، كل شيء مغلق". وفي الخامس من ديسمبر (كانون الأول)، اتهمت منظمة العفو الدولية إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة، ما أثار رد فعل غاضب في الدولة العبرية.

وتصر إسرائيل على أن أعمالها في غزة تهدف إلى تحقيق أهداف عسكرية مشروعة وتنفي اتخاذ أي إجراءات من شأنها أن تدمر عمدا السكان وتقول إنها تسهل إيصال المساعدات. وتقرير هيومن رايتس ووتش الذي استغرق إعداده عاما استند إلى مقابلات مع عشرات من سكان القطاع وموظفين في منشآت المياه والصرف الصحي، ومسعفين، وعمال إغاثة، بالإضافة إلى صور بالأقمار الصناعية، وبيانات، وتحليل للصور والفيديوهات. وقالت المنظمة إن السلطات الإسرائيلية لم تردّ على طلباتها للحصول على معلومات.