جيش إسرائيل بدأ يتقبل نتائج محدودة للحرب لكن المتطرفين يرفضون

القائد العسكري لقوات الاحتلال وساسة اليمين يستخدمون «بروتوكول هنيبعل»

صورة وزعها الجيش الإسرائيلي الجمعة لجنديين داخل غزة (أ.ف.ب)
صورة وزعها الجيش الإسرائيلي الجمعة لجنديين داخل غزة (أ.ف.ب)
TT

جيش إسرائيل بدأ يتقبل نتائج محدودة للحرب لكن المتطرفين يرفضون

صورة وزعها الجيش الإسرائيلي الجمعة لجنديين داخل غزة (أ.ف.ب)
صورة وزعها الجيش الإسرائيلي الجمعة لجنديين داخل غزة (أ.ف.ب)

مع تبلور المقترح الذي يُتَدَاوَل بمبادرة قطر ومصر والولايات المتحدة، حول صفقة تبادل أسرى بين حركة «حماس» وإسرائيل، والبوادر المشجعة لتمريره، كشفت مصادر سياسية وأمنية في تل أبيب أن قسماً كبيراً من القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل بدأ يستوعب أن الأهداف التي وُضعت للحرب لم تكن واقعية وغير قابلة للتطبيق، وأخذ يتقبل فكرة «الخروج من الحرب بنتائج محدودة»، لكن هناك عقبات تفرضها عناصر اليمين المتطرف الحاكمة، التي تغلغلت أيضاً في صفوف الجيش، ولا تريد وقف النار. بل تطمح إلى انتهاز الفرصة التاريخية السانحة لتصفية القضية الفلسطينية.

وقالت هذه المصادر إن إسرائيل تشهد وضعاً غير مسبوق في خطورته، من حيث التأثيرات غير المهنية على الجيش. فمن ناحية، قادته باتوا مقتنعين بضرورة إحداث انعطاف في الحرب، خصوصاً أنهم يتقاسمون هذه الرغبة مع الإدارة الأميركية ومع الجنرالات في مجلس قيادة الحرب في الحكومة، ومن ناحية ثانية تمارس حكومة اليمين ضغوطاً عليهم بوسائل مختلفة تضطرهم إلى اتخاذ قرارات غير مهنية، من شأنها أن تكلف ثمناً باهظاً بحياة الجنود.

صورة وزعها الجيش الإسرائيلي الجمعة لجنود داخل غزة (أ.ف.ب)

فعلى سبيل المثال، يطلب الجيش زيادة غير عادية إلى ميزانية 2024، التي كان مقرراً قبل الحرب أن تبلغ 68 مليار شيقل (الدولار الأميركي يعادل 3.7 شيقل)، لكن الحكومة ترد بأنها ستزيدها فقط إلى 85 مليار شيقل، وأبلغت الجيش بأنها ستقيم لجنة خارجية لفحص احتياجات الجيش، وإذا كانت هذه الزيادة ضرورية فعلاً. وهذا يعني أن الحكومة تأخذ وقتها. ومن المعروف أن التدهور الأمني هو إحدى أدوات الضغط التي يستخدمها الجيش للحصول على زيادة ميزانية؛ ولهذا، فإذا كان الجيش يعتقد أنه من الناحية المهنية يجب أن يوقف الحرب، فإن تصرف الحكومة يجعله يبقي الحرب مشتعلة حتى تقرر الحكومة الموازنة. وفي هذه الحالة تكسب الحكومة مدة أطول في الحكم، ويخسر الجيش عدداً آخر من جنوده الذين سيسقطون قتلى أو جرحى، وهذا ناهيك بالضحايا الفلسطينيين.

ونشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الجمعة، تقريراً كشف أن قائد القوات في غزة، العميد باراك حيرام، أمر باستخدام نظام شبيه ببروتوكول «هنيبعل»، أي قتل الآسرين مع الأسرى، في بداية هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ إذ أمر ضباطه بإطلاق النار على جميع السيارات التي نقلت أسرى إلى غزة. وقالت إن الأمر تسبب في التفكير بإقالته أو تجميد وظيفته وإرسال قائد بدلاً منه إلى غزة عند إعلان إسرائيل الحرب، لكن الجيش لم يفعل. ويعتقد أن السبب في ذلك هو أن هذا القائد مستوطن في الضفة الغربية، والجيش خشي من هجمة سياسية عليه من اليمين المتطرف.

دبابات إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووفق المحلل السياسي في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، ناحوم برنياع، فإنه «بعد 100 يوم على الحرب على غزة، يرفض البعض هذا الوصف للواقع، لكني أعتقد أن قيادة الجيش الإسرائيلي تدرك الوضع جيداً. والسؤال هو كيف سيجسر نتنياهو ووزراؤه الفجوة بين التوقعات غير المسؤولة التي وضعوها، وبين القرارات الصعبة الماثلة أمامهم».

وكشف برنياع، أن مقترح تبادل الأسرى يشمل وقف إطلاق نار ثلاثة أشهر، يُنَفَّذ بالتدريج. وسيفرج خلاله عن جميع الرهائن الإسرائيليين الأحياء والأموات على مراحل، وفي المرحلة الأولى سيُفرج عن مرضى وجرحى ومسنين. وفي المقابل، سيجري تحرير آلاف الأسرى الفلسطينيين، ومنهم أسرى من ذوي الأحكام الطويلة، وزيادة حجم المساعدات الإنسانية للقطاع بشكل كبير جداً، وعودة السكان إلى شمال القطاع، وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع، وتشكيل مديرية بتمويل دولي من أجل إعادة إعمار القطاع، ومشاركة «حماس» في حكم القطاع في المستقبل.

ويضيف بارنياع أن هناك شائعات نفتها الدوحة، جاء فيها أن المقترح القطري يشمل خروج قيادة «حماس» من قطاع غزة، وبينهم يحيى السنوار ومحمد ضيف. ويبدو أن هذه الشائعة روجتها إسرائيل، بحيث تكون مشابهة لخروج منظمة التحرير الفلسطينية، بقيادة ياسر عرفات، من بيروت في عام 1982... «لكن غزة ليست بيروت والسنوار ليس عرفات. وهو لا يبحث الآن عن ملاذ في الشتات، وإنما يستعد لاحتفالات النصر في غزة»، وفقاً لبرنياع الذي أشار إلى أن الظروف قد تتغير والمفاوضات قد تتفجر. وذلك لأنه «يوجد في المستويين السياسي والعسكري من يفضلون إزالة موضوع المخطوفين عن الأجندة. والادعاء هو أن المخطوفين يشكلون عقبة، والانشغال بهم سيعوق القوات في الميدان ويعزز قوة «حماس». والأفضل تقبل مصيرهم والتقدم إلى الأمام».

أفراد من عائلات الأسرى لدى «حماس» يطالبون بإطلاق سراحهم قرب حدود غزة الجمعة (إ.ب.أ)

ويؤكد بارنياع أنه «بالنسبة لقسم من ممثلي اليمين المتطرف في الحكومة، فإن أحداث 7 أكتوبر لم تكن كارثة، وإنما فرصة تاريخية لأن تحتل إسرائيل غزة كلها، تطرد سكانها وتوطنها باليهود، وإذا فُتحت جبهة في الضفة، فسنطرد الفلسطينيين من هناك أيضاً».

ويحذر بارنياع من أنه «في أسوأ الأحوال لن يتم التوصل إلى صفقة، والجيش الإسرائيلي سيبقى عالقاً في غزة، من دون خطة، مقابل قرابة مليوني مهجر ليس لديهم مكان يذهبون إليه، مقابل عالم معادٍ وإدارة أميركية منهكة، مع مخطوفين لن ينجوا وسكان جرى إجلاؤهم، ولن يتمكنوا من العودة إلى بيوتهم، ومع اقتصاد في أزمة، وميزانية مفندة ومؤسسة سياسية تعرف كيف تهتم بنفسها فقط».


مقالات ذات صلة

لأول مرة... «القسام» تنشر فيديو يجمع هنية والسنوار والعاروري

المشرق العربي إسماعيل هنية ويحيى السنوار (لقطة من فيديو لـ«كتائب القسام»)

لأول مرة... «القسام» تنشر فيديو يجمع هنية والسنوار والعاروري

نشرت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، (السبت)، فيديو يُظهِر عدداً من قادتها الراحلين لمصانع ومخارط تصنيع الصواريخ.

أحمد سمير يوسف (القاهرة)
أوروبا البابا فرنسيس يلقي خطاب عيد الميلاد أمام كرادلة كاثوليك في الفاتيكان السبت (د.ب.أ)

بابا الفاتيكان عن غزة: هذه وحشية وليست حرباً

عادة ما يكون بابا الفاتيكان فرنسيس حذراً بشأن الانحياز إلى أي من أطراف الصراعات، لكنه صار في الآونة الأخيرة أكثر صراحةً تجاه حرب إسرائيل على غزة.

«الشرق الأوسط» (مدينة الفاتيكان)
المشرق العربي الشرطة الفلسطينية تفرق متظاهرين يحتجون على الاشتباكات بين قوات الأمن والمسلحين في مدينة جنين... السبت (أ.ف.ب)

«السلطة» الفلسطينية تعمّق عمليتها في مخيم جنين: لا تراجع ولا تسويات 

بدأت السلطة الفلسطينية، قبل نحو أسبوعين، عمليةً واسعةً ضد مسلحين في مخيم جنين، في تحرك هو الأقوى منذ سنوات طويلة، في محاولة لاستعادة المبادرة وفرض السيادة.

كفاح زبون (رام الله)
تحليل إخباري «كتائب القسام» تشارك في عرض عسكري وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

تحليل إخباري «سلاح أبيض» و«أحزمة ناسفة»... تكتيكات جديدة لـ«القسام» في غزة

الواقع الميداني أجبر عناصر «القسام» على العمل بتكتيكات وأساليب مختلفة، خصوصاً وأن الجيش الإسرائيلي نجح في تحييد الكثير من مقدرات المقاومين.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية أرشيفية لبنيامين نتنياهو ورئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي خلال إحاطة عسكرية (أ.ف.ب)

طلقة أولى في خطة نتنياهو لإقالة هيرتسي هاليفي

يريد بنيامين نتنياهو توجيه ضربة أخرى للأجهزة الأمنية، يحدّ فيها من استقلاليتها ويفتح الباب أمام توسيع نفوذه عليها.

نظير مجلي (تل أبيب)

إسرائيل تدرس خيارات الرد على الحوثيين

خدمات الطوارئ الإسرائيلية جنوب تل أبيب في موقع سقوط صاروخ حوثي أطلق على إسرائيل فجر السبت (رويترز)
خدمات الطوارئ الإسرائيلية جنوب تل أبيب في موقع سقوط صاروخ حوثي أطلق على إسرائيل فجر السبت (رويترز)
TT

إسرائيل تدرس خيارات الرد على الحوثيين

خدمات الطوارئ الإسرائيلية جنوب تل أبيب في موقع سقوط صاروخ حوثي أطلق على إسرائيل فجر السبت (رويترز)
خدمات الطوارئ الإسرائيلية جنوب تل أبيب في موقع سقوط صاروخ حوثي أطلق على إسرائيل فجر السبت (رويترز)

تجاوز صاروخ أطلقه الحوثيون الدفاعات الإسرائيلية التي فشلت في اعتراضه وسقط في تل أبيب أمس. وقال مسعفون إنَّ 16 شخصاً أصيبوا بجروح طفيفة نتيجة شظايا الزجاج، بينما أصيب 14 شخصاً بكدمات أثناء هرعهم إلى الملاجئ.

وتدرس إسرائيل خياراتها للرد على الهجمات الحوثية المتكررة ضدها في الأيام القليلة الماضية، ووفقاً لما ورد في الإعلام الإسرائيلي، فإنَّ البداية ستكون «رسم الصورة الاستخباراتية».

وباتت صواريخ الحوثيين أكثر خطورة على إسرائيل، وهو ما يثير المخاوف من توسيع تل أبيب هجماتها الانتقامية، على نحو يتجاوز الضربات المحدودة التي استهدف أحدثها 3 موانٍ في الحديدة، ومحطتي كهرباء بصنعاء، الخميس الماضي.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية، «أفيخاي أدرعي»، إنَّه عقب إطلاق صاروخ من اليمن وتفعيل إنذارات وسط إسرائيل، جرت محاولات اعتراض غير ناجحة.