اجتماع بين الرئيس الإيراني وممثلي الأحزاب لـ«تسخين» الانتخابات

الاستياء من الوضع المعيشي يهدد المشاركة... تحالف «إصلاحي والمعتدل» يقوده خاتمي وروحاني وخميني

رئيسي يلتقي مجموعة من ممثلي الأحزاب والناشطين السياسيين مساء الاثنين (الرئاسة الإيرانية)
رئيسي يلتقي مجموعة من ممثلي الأحزاب والناشطين السياسيين مساء الاثنين (الرئاسة الإيرانية)
TT

اجتماع بين الرئيس الإيراني وممثلي الأحزاب لـ«تسخين» الانتخابات

رئيسي يلتقي مجموعة من ممثلي الأحزاب والناشطين السياسيين مساء الاثنين (الرئاسة الإيرانية)
رئيسي يلتقي مجموعة من ممثلي الأحزاب والناشطين السياسيين مساء الاثنين (الرئاسة الإيرانية)

قبل 72 ساعة على إعلان نتائج البت بأهلية المرشحين للانتخابات البرلمانية الإيرانية، اجتمع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي برؤساء وممثلين من الأحزاب والتيارات السياسية المعترف بها في إيران، لبحث سبل «تسخين» الانتخابات ورفع نسبة الإقبال على صناديق الاقتراع مطلع مارس (آذار) المقبل.

وأعلنت «الداخلية» الإيرانية أنها سترسل قائمة المرشحين الذين وافق على طلباتهم «مجلس صيانة الدستور»، الخميس، إلى الدوائر الانتخابية في 31 محافظة إيرانية، على أن تعلن صباح الجمعة.

وجاء لقاء رئيسي وسط مخاوف من إبعاد غالبية المرشحين للانتخابات من قبل مجلس صيانة الدستور الذي ينظر في أهلية المرشحين الذين وافقت وزارة الداخلية على ملفات ترشحهم.

وذكرت الرئاسة الإيرانية أن 50 ناشطاً استجابوا لدعوة الرئيس الإيراني لحضور الاجتماع الذي حضره ممثلون من أحزاب التحالف الإصلاحي والمعتدل وأبرز وجوه التيار المحافظ، من بينهم نواب حاليون. وحسب وكالة «أرنا» تحدث 25 ناشطاً خلال الاجتماع الذي امتد لثلاث ساعات، مساء الاثنين.

وجلس على يمين رئيسي، وزير الداخلية أحمد وحيدي، ومستشار المرشد الإيراني في الشؤون الثقافية غلام علي حداد عادل، وعلى يساره، النائب مصطفى آقاطهراني، الذي يقود كتلة «الصمود» المتشددة في البرلمان، ومجيد أنصاري عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام وحليف الرئيس السابق حسن روحاني.

وواجه وزير الداخلية أحمد وحيدي موجة من انتقادات ممثلي التيار الإصلاحي والمعتدل، بسبب القانون الجديد لتسجيل المرشحين، في المرحلة الأولى من عمليات تسجيل المرشحين، التي سميت «التسجيل التمهيدي» قبل إرسال القائمة الأولى إلى مجلس صيانة الدستور للبت بأهلية المرشحين.

وانتقد أنصاري قانون الانتخابات الجديد، في إشارة إلى الاتهامات التي طالت الحكومة بإبعاد المرشحين في محاولة للحفاظ على تشكيلة البرلمان الحالية ذات الأغلبية المحافظة المؤيدة للحكومة.

«التسجيل التمهيدي»

ودافع ممثل طهران، مالك شريعتي، عن تمرير القانون في البرلمان. وقال إن القانون «هيأ فرصة جيدة للبت بأهلية المرشحين عبر سد الثغرات القانونية»، مضيفاً أن عدم الترشح للانتخابات «مشروع سياسي لتيار الإصلاحات». واحتج الناشط حسين مرعشي، أمين عام حزب «سازندكي» فصيل الرئيس الأسبق، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، على تصريحات النائب، وقال: «عدم الترشيح لم يكن يضرك».

وقال غلام علي حداد عادل إن «التسجيل التمهيدي إذا كان سيئاً، فهو سيئ للتيارين (الإصلاحي والمحافظ) لماذا يجب إلغاء القانون؟ ستكون عواقب سيئة لإلغاء قانون وافق عليه البرلمان ومجلس صيانة الدستور».

وشككت النائبة زهرة الهيان في قدرة الأحزاب على «تسخين الانتخابات»، وقالت: «الأحزاب التي ليست لديها القدرة على تأجير صالة واحدة لا يمكنها تسخين الانتخابات».

وقال النائب مسعود بزشكيان، أحد الإصلاحيين القلائل في البرلمان الحالي: «كان يجب أن يعقد هذا الاجتماع قبل إعلان نتائج (التسجيل التمهيدي) من اللجنة التنفيذية للانتخابات (التابعة للوزارة الداخلية)»، وأضاف: «كان يجب على الحكومة أن تطلب من البعض المشاركة في الانتخابات، وليس تلفيق التهم ضد من تقدموا بطلبات الترشح». وقال: «الحكومة تتصرف على خلاف توصيات المرشد بشأن رفع نسبة المشاركة في الانتخابات، لأن الهيئة التنفيذية تصرفت بطريقة تجعل الانتخابات باهتة»، حسب «أرنا».

النائب السابق علي مطهري وحسين مرعشي رئيس حزب «كاركزاران» يرفعان أيديهما للتحدث خلال لقاء رئيسي (الرئاسة الإيرانية)

بدوره، قال نائب رئيس البرلمان السابق، علي مطهري، للرئيس الإيراني: «على الرئيس توجيه إنذار قانوني إلى طريقة البت بأهلية المرشحين»، متوقعاً مشاركة «ضعيفة» في الانتخابات بسبب «التضخم» و«غلاء الأسعار».

وقال أمين عام حزب «مردم سالاري» الإصلاحي، مصطفى كواكبيان: «أي قانون هذا الذي يرفض أهلية ثمانية آلاف مرشح؟».

أما حسين الله كرم، كبير جماعة تسمي نفسها «أنصار حزب الله»، أبرز جماعات الضغط المتشددة المحسوبة على «الحرس الثوري» الإيراني، فقد تهكم على الإصلاحيين، وفقاً لوكالة «أرنا». وقال: «منذ عامين شكلنا حزب بمحورية القرى والأحياء، لكن في الوقت نفسه قادة الأحزاب التي لا يتجاوز عدد أفرادها ميكروباصاً واحداً، بدلاً من تقديم المقترحات المثمرة، يطرحون مقترحات تصب في مصلحة تيارهم».

كان حسين الله كرم قد أعلن الشهر الماضي عن تأسيس حزب سياسي باسم «جمعية المقاتلين المدافعين عن الثورة (...)»، وهو من بين قيادات «الحرس الثوري» خلال حرب الخليج الأولى، وهو مدرج على لائحة العقوبات الأميركية (منذ 2017) والأوروبية (منذ 2011) بسبب انتهاكات حقوق الإنسان وقمع الاحتجاجات.

«نيات المرشد»

وأشار محمد رضا نوبخت، أمين عام حزب «الاعتدال والتنمية»، فصيل الرئيس السابق حسن روحاني، إلى الضغوط الاقتصادية والمعيشية التي يعاني منها الإيرانيون. وتوقع أن تؤدي إلى «استياء عام وانخفاض المشاركة في الانتخابات». ودعا إلى تحسين القدرة الشرائية للمواطنين لخفض مستوى الاستياء العام.

من جانبه، قال علي ربيعي المتحدث السابق باسم حكومة روحاني، لرئيسي: «أنت رئيس البلاد في أسوأ وضع للبلاد. نعلم الضغوط التي تتعرضون لها جراء العقوبات وعدم الانضمام إلى اتفاقية (فاتف) (مراقبة غسل الأموال وتمويل الإرهاب) لكن أصدقاءكم ليسوا مستعدين لشتم أميركا والبحث عن الأسباب في مكان آخر».

وذكرت مواقع إصلاحية في وقت سابق من هذا الأسبوع أن نوبخت صاحب الحظ الأوفر لقيادة تحالف الإصلاحيين والمعتدلين في الانتخابات البرلمانية.

خاتمي يتوسط حسن خميني وحسن روحاني في طهران مطلع سبتمبر الماضي (جماران)

والاثنين، أبلغ النائب السابق، كمال الدين بيرموذن، وكالة «إرنا» الرسمية، أن حفيد المرشد الإيراني الأول حسن خميني، والرئيس السابق حسن روحاني، والرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي، وإسحاق جهانغيري نائب الرئيس السابق، وعلي لاريجاني رئيس البرلمان السابق، ومحمد رضا عارف نائب الرئيس في عهد خاتمي، «سينخرطون في الانتخابات».

وليس من الواضح إذا كان ينوي هؤلاء تقديم قائمة من المرشحين في الانتخابات. وينوي الإصلاحيون دعم حسن روحاني في انتخابات «مجلس الخبراء القيادة» التي تجري في توقيت متزامن مع انتخابات البرلمان.

والسبت الماضي، قال النائب السابق منصور حقيقت بور، مستشار علي لاريجاني، إنه «لا توجد مؤشرات على نية لاريجاني لتقدم قائمة انتخابية لكن سيبذل جهداً لرفع نسبة المشاركة». وصرح لوكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» بأن «هدف لاريجاني العمل بتوصيات المرشد الإيراني بشأن تسخين الانتخابات».

«فتنة 2009»

وشهد الاجتماع توتراً، حسب وكالة «أرنا»، بعد مشاركة الناشط صادق محصولي، أمين عام حزب «جبهة الصمود». وقال محصولي: «أحوال الناس ليست على ما يرام، من تسبب بهذا الإحباط بينهم، ومن يضخ التشاؤم في المجتمع؟ الأصدقاء الذين تولوا مسؤوليات في الحكومة السابقة، لماذا لا يتحدثون على العبء الثقيل الذي تركوا على عاتق الحكومة».

وقال محصولي إن «العقوبات بدأت من فتنة 2009»، في إشارة إلى التسمية التي تطلقها السلطات على الاحتجاجات التي دعا إليها المرشحان السابقان للرئاسة الزعيم الإصلاحي مير حسين موسوي ومهدي كروبي. وأضاف محصولي: «كانت المشاركة بنسبة 85 في المائة، لكن البعض ادعى تزوير 11 مليون صوت». وقاطعه حسين مرعشي، أمين عام حزب «كاركزاران» الإصلاحي، قائلاً: «ما قلته عن مشاركة بنسبة 85 في المائة كانت كافية، فتنة 2009 كانت من محمود أحمدي نجاد».
وقال عضو «جبهة الإصلاحات» الناشط جواد إمام في مشاركته إن «اجتماع الرئيس مع النشطاء السياسيين استعراضي ولن يساعد في رفع نسبة المشاركة بالانتخابات».

غلام علي حداد مستشار خامنئي يسجل ملاحظات خلال لقاء بين رئيسي وممثلي الأحزاب السياسية (الرئاسة الإيرانية)

وقال غلام علي حداد عادل استناداً إلى نتائج استطلاعات الرأي إن السبب الأساسي لعدم الإقبال الشعبي على الانتخابات هو «المشكلات الاقتصادية وليس رفض أهلية المرشحين». وطالب الإصلاحيين بالتحدث عن «إيجابيات الحكومة» وتجنب «التشويه».

«حفظ النظام»

أما الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، فقد قال لممثلي الأحزاب السياسية إن «واجبنا جميعاً حفظ النظام»، وأضاف: «خلال أعمال الشغب (احتجاجات) العام الماضي، لم يرحموا أياً من الأحزاب الإصلاحية والمحافظة، لقد أساءوا لجميع من هو في داخل النظام».

وتحدث رئيسي عن تعرضه لانتقادات «يومية» من الصحف. وقال: «أحد الإيرانيين في أميركا قال لي إن بعض الصحف ووسائل الإعلام تعنون مثل (بي بي سي) (الفارسية) كأنها تريد تجفيف جذور النظام».

والأحد الماضي، نقل الموقع الإعلامي الناطق باسم الحكومة (باد) عن مدير الشؤون السياسية في وزارة الداخلية، قوله إن 48 ألفاً تقدموا بطلبات الترشح في التسجيل التمهيدي، وأشار إلى تسجيل 24 ألفاً منها في المرحلة النهائية من التسجيل.

وقال الموقع الحكومي إن «استطلاعات الرأي تظهر أن الإقبال على الانتخابات في تزايد»، دون الإشارة إلى الجهة التي أجرت استطلاع الرأي وتوقيت إجرائه.

وقال الناشط المحافظ، محمد مهاجري، في حديث لموقع «جماران» إن نتائج استطلاعات الرأي لا تظهر وضعاً جيداً على صعيد نسبة المشاركة، لافتاً إلى أن النتائج تظهر أن النسبة تتراوح من  12 إلى 15 في المائة في العاصمة طهران، و30 في المائة في أنحاء البلاد. وأضاف: «رغم أن الطقس في الشتاء ليس بارداً وجليدياً هذا العام، لكن أجواء الانتخابات باردة جداً».


مقالات ذات صلة

«هيكتور السري»... زعيم إمبراطورية النفط الإيراني

شؤون إقليمية صورة تتداولها وكالات إيرانية لحسين شمخاني

«هيكتور السري»... زعيم إمبراطورية النفط الإيراني

كشفت مقابلات أجرتها «بلومبرغ» عن هوية «الزعيم العالمي لتجارة النفط الإيراني» الذي يلقَّب بـ«التاجر السري... هيكتور».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس (أرشيفية/أ.ف.ب)

إسرائيل تتهم خامنئي «الأخطبوط» بتهريب الأسلحة إلى الضفة الغربية عبر الأردن

اتهم وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إيران بمحاولة إنشاء «جبهة إرهابية شرقية» ضد إسرائيل عبر الأردن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية إسلامي يتحدّث إلى غروسي على هامش مؤتمر «الاجتماع الدولي للعلوم والتكنولوجيا النووية» في أصفهان مايو الماضي (أ.ب)

الوكالة الدولية: إيران قريبة جداً من السلاح النووي

كشفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن مستويات الوقود النووي في إيران ارتفعت خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ما قد يؤدي إلى تصعيد التوترات في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي لقطة من الوثائقي الإيراني لقناة «تي دبليو» لسليماني داخل قصر صدام play-circle 01:21

سليماني يعاين صدام حسين داخل قصره

أثار فيديو لقائد «قوة القدس» قاسم سليماني وهو يتجول في أحد قصور الرئيس العراقي السابق صدام حسين، جدلاً واسعاً في مواقع التواصل الاجتماعي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية المخرجة رخشان بني اعتماد (أ.ف.ب)

القضاء الإيراني يتهم مخرجة وممثلة لخلعهما الحجاب في مكان عام

وجّه القضاء الإيراني، اليوم (الأربعاء)، التهمة إلى المخرجة رخشان بني اعتماد وابنتها الممثلة باران كوثري لظهورهما حاسرتي الرأس في مكان عام.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«هدنة غزة»: المفاوضات تترقب «اقتراحاً نهائياً»

قوات إسرائيلية تعمل على الأرض في قطاع غزة (أ.ف.ب)
قوات إسرائيلية تعمل على الأرض في قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: المفاوضات تترقب «اقتراحاً نهائياً»

قوات إسرائيلية تعمل على الأرض في قطاع غزة (أ.ف.ب)
قوات إسرائيلية تعمل على الأرض في قطاع غزة (أ.ف.ب)

جولة مفاوضات جديدة مرتقبة هذا الأسبوع بشأن وقف إطلاق النار في غزة، تشمل «مقترحاً أميركياً نهائياً» لوقف الحرب، وفق إعلام إسرائيلي، وسط تفاؤل حذر من إمكان أن تسفر المحادثات عن اتفاق، في ظل عقبات رئيسية، مثل البقاء في «محور فيلادلفيا» الحدودي مع غزة ومصر.

ويرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنه من المهم أن يتعامل المقترح المرتقب مع العقبات الرئيسية بحلول قابلة للتنفيذ، حتى لا يذهب أدراج الرياح. وحذروا من تقديم المقترح بصفته حزمة واحدة للقبول أو الرفض، على اعتبار أن نجاح هذه المفاوضات يحتاج إلى مرونة وتقديم تنازلات وتفاهمات حقيقية لتنجح في التطبيق على أرض الواقع دون خروقات.

ومقابل أجواء قتال شديدة في الضفة الغربية بين حركات فلسطينية مسلحة والجيش الإسرائيلي، تراوح محادثات الهدنة الدائرة بين القاهرة والدوحة مكانها. ووسط هذه الأجواء، أفاد موقع «أكسيوس» الأميركي، الجمعة، نقلاً عن مسؤول إسرائيلي بأن «القضايا محل الخلاف ستترك للنهاية، ومن ثم تقدم الولايات المتحدة على الأرجح اقتراحاً نهائياً محدثاً لطرفي النزاع من أجل اتخاذ قرار»، دون تحديد موعد.

وسبق أن نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤول أميركي، لم تسمّه، قوله، الخميس، إن «الوفد الأميركي يستعد لعقد جلسة مفاوضات قمة أخرى هذا الأسبوع، يطرح فيها صيغة نهائية، تشمل اقتراحات عينية لجسر الهوة بين الطرفين في كل القضايا»، لافتاً إلى أن هذا المقترح سيكون على طريقة «خذه أو اتركه»، لكي يضع الطرفين في موقف جاد.

وكانت المحادثات التي جرت في الدوحة «مفصلة وبناءة مع استمرار المشاورات، والتركيز حالياً على تفاصيل تنفيذ الصفقة لضمان نجاحها»، وفق «أكسيوس»، الذي نقل عن مسؤولين إسرائيليين قولهم: «إن الولايات المتحدة، بالتعاون مع الوسطاء القطريين والمصريين، تحاول التوصل إلى اتفاق حول أكبر قدر ممكن من التفاصيل العملية، واستكمال النقاط الناقصة حول الصفقة الشاملة وتقديمها لإسرائيل و(حماس) مرة أخرى بصفتها حزمة واحدة».

ووفق الموقع فإن «القضايا الشائكة، بما في ذلك مطلب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الاحتفاظ بالسيطرة الكاملة على الحدود بين مصر وغزة ومراقبة حركة الفلسطينيين من جنوب غزة إلى الشمال، ومطلب زعيم (حماس)، يحيى السنوار أن تؤدي الصفقة إلى إنهاء الحرب، ستؤجل إلى المرحلة الأخيرة من المحادثات».

الدخان يتصاعد بعد الغارة الجوية الإسرائيلية على مخيم البريج للاجئين في جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

و«محور فيلادلفيا» هو شريط حدودي أنشأه الجيش الإسرائيلي خلال احتلاله قطاع غزة بين عامي 1967 و2005، يبلغ عرضه في بعض الأجزاء 100 متر، ويمتد لمسافة 14 كيلومتراً على طول الحدود المصرية مع قطاع غزة. ويعدّ منطقة عازلة بموجب اتفاقية «كامب ديفيد» الموقّعة بين القاهرة وتل أبيب عام 1979.

وكان مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، قد ذكر في مؤتمر صحافي، الخميس، أن «المحادثات بشأن وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الرهائن بأسرى فلسطينيين تحرز تقدماً».

الأكاديمية المصرية في العلاقات الدولية، نورهان الشيخ، ترى أنه ليست هناك مؤشرات تقول إن ذلك المقترح المحتمل الجديد سيقود لاتفاق، خصوصاً أن نتنياهو لا يبدي أي تراجع، بل فتح جبهة جديدة في الضفة الغربية، وتعدّ الحديث الأميركي المستمر عن التقدم بالمفاوضات، ما هو إلا «حديثاً استهلاكياً للداخل الانتخابي في واشنطن قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة»، مؤكدة أن «نتنياهو هو العقبة الرئيسية» في إبرام أي اتفاق، ويعمل على إفشال أي خطة تفاوض للحفاظ على منصبه، والمقترح الأميركي قد يواجه المصير ذاته، إلا إذا كانت هناك ضغوط عليه للتراجع.

ويرجح السفير الفلسطيني السابق، بركات الفرا، أنه إذا لم يكن المقترح المحتمل قادراً على تقديم حلول لإسرائيل و«حماس» سيفشل، وسندور في حلقة مفرغة، لافتاً إلى أن نتنياهو يريد البقاء في قطاع غزة، خصوصاً في محوري فيلادلفيا ونتساريم، وهذا يخالف رغبة «حماس».

ويعتقد أن أهم العقبات التي قد تفشل المقترح الأميركي، عدم الانسحاب من محوري فيلادلفيا ونتساريم والنص على الوقت الدائم للقتال، محذراً من أنه حال عدم التوصل لتفاهمات حقيقية في المقترح الأميركي فقد يقود ذلك لخروقات في التنفيذ واتفاق هش.

وخلال الأيام الأخيرة، تصاعد خلاف «غير مسبوق» أدى إلى «صراخ بين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت» خلال اجتماع لمجلس الوزراء الأمني، الخميس، وفق ما كشف موقع «أكسيوس» الأميركي، الجمعة، على خلفية خرائط انتشار الجيش الإسرائيلي بـ«محور فيلادلفيا».

وغالانت الذي رفض تلك الخرائط في الاجتماع، يرى أنه يجب اختيار مسار الاتفاق لتقليل التوترات أو اختيار «التورط في غزة والوصول لحرب إقليمية»، قبل أن يحدث تصويت، وتقر الخرائط بدعم من نتنياهو و7 وزراء آخرين، وتليها احتجاجات من أهالي الرهائن أمام منزل نتنياهو، للمطالبة بعقد صفقة تبادل.

رجل فلسطيني عاد لفترة وجيزة إلى شرق دير البلح وسط غزة لتفقد منزله يشرب الماء وهو جالس فوق بعض الأشياء التي تم انتشالها (أ.ف.ب)

ولا يزال التوصل لاتفاق بغزة، وتهدئة بالضفة والمنطقة، مطلباً ملحاً عربياً وأوروبياً. وجدد رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ورئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، شارل ميشال، التأكيد خلال اجتماع بأبوظبي، الجمعة، على «أهمية التوصل إلى اتفاق بشأن وقف عاجل لإطلاق النار في قطاع غزة، وضرورة العمل على خفض التوتر في الضفة الغربية».

وباعتقاد نورهان الشيخ فإن الخلاف بين نتنياهو وغالانت أو الضغوط الإسرائيلية الداخلية باتا غير مؤثرين في مسار المفاوضات، مؤكدة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي حتى الآن قادر على أن يسيطر على توجهات السياسة في إسرائيل، ونتيجة التصويت على الخرائط كانت لصالحه.

وعدّت أن الضغوط العربية والأوروبية، قد تكون داعمة لمسار جهود الوسطاء، مطالبة بضغوط أميركية حقيقية على نتنياهو لتجاوز العقبات.

بينما أضاف بركات الفرا سبباً آخر لتعنت نتنياهو، وهو «طمأنة إسرائيل» من عدم وجود رد فعال من «حزب الله»، وتراجع ضغوط الرد الإيراني على اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» في طهران، مؤكداً أنه لا يمكن توقع محادثات جادة والتوصل لنتائج إيجابية إلا لو حدثت ضغوط جادة وحقيقية من المجتمع الدولي وواشنطن.