نشطاء السلام اليهود في غلاف غزة يرفضون الرضوخ لأجواء العداء

رغم خطف وقتل الكثيرين منهم ومهاجمة اليمين المتطرف لهم

فلسطينيون يبتعدون عن كيبوتس كفار عزة بالقرب من السياج مع قطاع غزة عقب هجوم 7 أكتوبر  (أ.ب)
فلسطينيون يبتعدون عن كيبوتس كفار عزة بالقرب من السياج مع قطاع غزة عقب هجوم 7 أكتوبر (أ.ب)
TT

نشطاء السلام اليهود في غلاف غزة يرفضون الرضوخ لأجواء العداء

فلسطينيون يبتعدون عن كيبوتس كفار عزة بالقرب من السياج مع قطاع غزة عقب هجوم 7 أكتوبر  (أ.ب)
فلسطينيون يبتعدون عن كيبوتس كفار عزة بالقرب من السياج مع قطاع غزة عقب هجوم 7 أكتوبر (أ.ب)

يتمسك الكثير من نشطاء السلام اليهود في بلدات غلاف غزة بموقفهم، ويؤكدون أن الحرب على غزة يجب أن تتوقف، ويطالبون الحكومة الإسرائيلية بفتح آفاق السلام، فليس هناك من حل عسكري للصراع، ولا بد من إطلاق مسيرة سلام، على الرغم من الهجوم الذي تعرضوا له من «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، والتشفي بهم في أوساط اليمين المتطرف في إسرائيل الذي يصل إلى حد دعوتهم للمغادرة والعيش في نابلس.

وتقول نيتع هايمن مينه، وهي ناشطة في حركة «نساء يصنعن السلام»، ومن مواليد كيبوتس نير عوز، الذي تحتجز «حماس» 79 شخصاً من أفراده كلهم مدنيون وغالبيتهم مسنون، إنها منذ خطف والدتها تتنقل من جنازة إلى أخرى، وتقول: «في كل يوم عليّ أن أختار إلى أي من الجنازات أذهب»، وتؤكد: «أذهب، أولاً، إلى جنازات أفراد عائلات من مجموعتي العمرية. وفي ما تبقى من الوقت، أناضل من أجل إعادة المختَطَفين الكثر. نحن متقدمون على الدولة بـ10 خطوات في كل شيء. حتى إلى (الصليب الأحمر) وصلنا قبل أن يستوعبوا هم أنّ شيئاً ما يحدث هنا».

3 أسيرات إسرائيليات ظهرن في شريط فيديو وزعته «حماس» يوم 30 أكتوبر الماضي ناشدت نتنياهو التوصل لصفقة تبادل أسرى (د.ب.أ)

هايمن نفسها، الناشطة في المنظمة منذ سنة 2017، تقول: «(نساء يصنعن السلام) حركة تتحدث عن اتفاق سياسي، ولا تطالب تحديداً بحل دولتين لشعبين. في الحركة أيضاً نساء يُقِمن في مستوطنات. نحن حركة تعتقد أن السلام ليس كلمة نابية، كلمة سلام مشتركة للجميع، وليس لليسار فقط».

تضيف: «الفلسطينيون من غزة كانوا يعملون لدينا ويتجولون بيننا. لم يشعر أحد بأي تخوف منهم. معظم أعضاء الكيبوتس (بلدة تعاونية) من دعاة السلام. كانت هنالك مجموعة كبيرة من النشطاء الذين كانوا شركاء في نضال (سلام الآن). كان الجو العام أن جميع أبناء البشر متساوون، وجميعهم يستحقون العيش بهدوء. في الطفولة لم نشعر بأننا نعيش على الحدود. وقبل الانتفاضة الأولى، كان الناس من المنطقة هنا يسافرون إلى غزة للتسوق».

لو استمعوا لنا!

ترفض هايمن التعبير عن ندمها على مواقفها السابقة، وتقول: «أشعر بأن أولئك الذين لم يفكروا مثلنا هم الذين أخطأوا وأوصلونا إلى هذه الحال. أخطأ من اعتقد أن الفلسطينيين لا يستحقون الحياة الكريمة، وأنه يمكننا مواصلة السيطرة على شعب آخر كل هذه السنوات دون أن يرتد هذا إلى نحورنا. كثيرون أخطأوا. نحن لم نخطئ. لو أصغوا لـ(نساء يصنعن السلام) وصرختهن منذ عملية الجرف الصامد (2014)، وأنه قد حان الوقت لوضع حد نهائي لهذه المعاناة، لما وصلنا إلى هذا الوضع الذي تجلس فيه والدتي الآن لدى وحوش».

تكدس الجثث خارج «مستشفى الشفاء» في غزة (د.ب.أ)

وتشدد هايمن على أن الأحداث القاسية عززت مواقفها بشأن الحاجة إلى عملية سلمية: «ليس مهماً كم مرة سنحاول القضاء على (حماس) ومحوها، المؤكد أن الجولة التالية ستكون أسوأ. ها قد تلقينا الضربة الآن بقوة. الإيمان بأن الحل ينبغي أن يكون سياسياً وأنّ هذا ممكن، على غرار نزاعات مريرة وقاسية أخرى قد حُلَّت، إيمان لم يتزعزع، بل تعزز أكثر؛ لأنني أصبتُ بصورة شخصية هذه المرة».

وتقول إن آراءها بخصوص «حماس» لم تتغير: «الشعب الفلسطيني نفسه يعاني كثيراً من سلطة (حماس)، لكن ما العمل، (حماس) هي عدوّنا في هذه اللحظة، والسلام يُصنَع مع الأعداء، بغضّ النظر عن مدى وحشيتهم. من الواضح أن الغضب الأول ينصب عليهم. لكنّ هذا لا يقلل من الغضب على الذين لم يحموا أناساً، مثل والدتي، التي كانت بين من أسسوا الدولة».

الأسيرة الإسرائيلية لدى «حماس» المفرج عنها 24 أكتوبر يوخباد ليفشتس من سكان كيبوتس نير عوز (أ.ف.ب)

نشطاء سلام ضحايا

المعروف أن كيبوتس نير عوز، وغيره من البلدات المحيطة بقطاع غزة، يضم نسبة عالية من نشطاء السلام. ويوجد بين القتلى والمخطوفين في 7 أكتوبر، فيفيان سيلفر، من كيبوتس بئيري، عضو إدارة «بتسيلم»، وهو المركز الذي يتابع حقوق الإنسان الفلسطيني في المناطق المحتلة، ومن مؤسسي منظمة «نساء يصنعن السلام»، ود. حاييم كتسمان، الباحث في الدين والسياسة في الشرق الأوسط، الذي قُتل وله شقيقة عضو في إدارة منظمة «نقف معاً» للشراكة اليهودية العربية؛ ونيلي مرجليت المُختَطَفة، ابنة عمّة دافيد زونشاين رئيس إدارة «بتسيلم» السابق، ووالدها تشرشل مرجليت، الذي قُتل، ثم عمّة ميكي كرتسمان، رئيس إدارة «جنود يكسرون الصمت»، التي تكشف ممارسات الاحتلال ضد الفلسطينيين، وأوفيليا رويطمان، المحسوبة في عداد المفقودين؛ ووالدا وعمّ يوتام كيبنيس، عضو إدارة «ززيم»، حركة مدنية من اليهود والعرب المناضلين معاً ضد الاحتلال والعنصرية، قُتلوا هم أيضاً.

ياعيل نوي من نشطاء السلام بكيبوتس نير عوز وقبل 5 شهور من فقد والدها في هجوم 7 أكتوبر ترافق طفلاً فلسطينياً مصاباً بالسرطان لعلاجه (أ.ف.ب)

وخلال الأسابيع التي مرت عليهم منذ يوم السبت الأسود، اضطُر كثيرون، التعامل ليس مع الفقدان والحزن والقلق فحسب، وإنما مع ردود الفعل البغيضة في شبكات التواصل الاجتماعي وفي الشارع، من عناصر اليمين المتطرف الذين يتهمونهم وأحباءهم بأنّ موقفهم هو المسؤول عن هذه الكارثة. ففي المنشورات التي نُشرت على «فيسبوك»، وذُكر فيها اختطاف فيفيان سيلفر، مثلاً، وردت تعقيبات مثل: «لم تُخْتَطف، كل ما في الأمر أنها في رحلة لدى أصدقاء»، أو «يفضل أن تبقى هناك مع أصدقائها من الأعداء اللدودين، محبي السلام».

نيطع هايمن نفسها، تلقت ردوداً مثل: «تباً لك أيتها النتنة، بسبب أشخاص مثلك توجد معاداة للساميّة. هي (والدتها) هناك بسببك. اذهبي. هاجري من البلاد، وانتقلي إلى فلسطين».

وقد هاجم الجميع أحد نشطاء اليمين البارزين الذي كتب لإحدى الناشطات التي خطفت ابنتها: «أتمنى أن ينفذوا فيها اغتصاباً جماعياً، وتحمل وتلد لك ولداً من أب غزاوي».

استهداف أهالي الضحايا

وفي تظاهرات عائلات الأسرى التي تطالب حكومة بنيامين نتنياهو بإبرام صفقة مع «حماس»، فوراً، حتى لو كان الثمن إطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين من السجون، يوجه نشطاء اليمين المتطرف الشتائم والتهديد باعتداءات جسدية.

لقطة من شريط فيديو للمكتب الإعلامي لـ«حماس» تظهر معارك بين «القسام» والقوات الإسرائيلية في المحورين الشمالي والجنوبي لغزة 8 نوفمبر (أ.ف.ب)

ووفق تقرير لصحيفة «هآرتس» أعدته الكاتبة، شاني ليطمان، أكد معظم هؤلاء تمسكهم بطريقهم. وقال معوز ينون، الذي قُتل والداه المسنان في هجوم «حماس»، إنه يفهم الغضب الإسرائيلي على ما فعلته «حماس»، ويفهم حتى الرغبة في الانتقام التي تميز الحرب على غزة اليوم، لكنه يضيف: «أرى أيضاً إلى أين أوصلنا هذا الانتقام خلال المائة سنة الأخيرة. يجب أن نعيد المخطوفين، وأن ندفن الموتى، وأن نبكي، ثم أن نغيّر كل فرضيّاتنا الأساس».

ويضيف: «المصيبة الشخصية التي حلّت بي لم تغير موقفي، بل العكس هو الصحيح. أرى دولتنا، بعد سنوات من تحذيرنا بأننا على حافة هاوية، ها هي الكارثة الكبرى التي تنزل على الشعب اليهودي منذ الهولوكوست، في ظل حكم يمين خالص سيقودنا إلى الهلاك. أجندتي اليوم هي وقف الحرب، أولاً». ويشدد بقوله: «ممنوع الدخول إلى غزة. ممنوع فتح جبهة في لبنان. مُلزمون بإعادة المخطوفين، دفن موتانا والبكاء. أعيننا غارقة في الدم الآن، ونحن مُساقون للذبح. الذبح الذي تعرض له والداي وغيرهما، سيكون لا شيء مقارنة بالذبح الذي يمكن أن يحدث هنا. ينبغي لنا تغيير كل مصطلحاتنا وفرضيات الأساس التي تقول، إن أمن دولة إسرائيل يقوم على القوة العسكرية».

فلسطينيون وراء حاجز يفصلهم عن جثث خارج مشرحة مستشفى «ناصر» بمدينة خان يونس في جنوب قطاع غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

في الرثاء الذي ألقاه يوتام كيبنيس، عضو إدارة «زَزيم - حراك شعبي»، في مراسم تشييع جثمان والده، أفيتار كيبنيس، الذي قتله عناصر من «حماس»: «والدي التزم بالسلام. لن نصمت حينما تدوّي المدافع، ولن ننسى أن والدي كان يحب السلام. سنقدّس الحياة وليس الموت، لأن ثمة خيراً في العالم يستحق النضال من أجله، وليس من أجل الانتقام. والدي لم ينسَ أن في غزة أيضاً أشخاصاً أبرياء عالقين بين مطرقة الحكومة الإسرائيلية وسندان ديكتاتورية (حماس). (حماس) هي العدوّ وليس الفلسطينيين. (حماس)، التي دعمتها وقوتها عن وعي كامل، هذه الحكومة التي تؤمن بالحرب العِرقية. نحن أيضاً لن ننسى أن الحرب لن تنتهي فعلياً إلا بإحلال السلام».


مقالات ذات صلة

وزير خارجية الصين يطالب بوقف شامل لإطلاق النار في الشرق الأوسط دون تأخير

آسيا وزير الخارجية الصيني وانغ يي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة 28 سبتمبر 2024 (رويترز)

وزير خارجية الصين يطالب بوقف شامل لإطلاق النار في الشرق الأوسط دون تأخير

قال وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، اليوم (السبت)، إنه يجب ألا يكون هناك أي تأخير في التوصل إلى «وقف شامل لإطلاق النار» في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تحليل إخباري صور لنصر الله وقاسم سليماني بالعاصمة اليمنية صنعاء في 28 سبتمبر (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مشروع إيران مهدد بعد «نكسة» نصر الله وتفكيك «وحدة الساحات»

وجّهت إسرائيل بقتل أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله ضربة قوية إلى جوهرة التاج في المشروع الإيراني الإقليميّ. فكيف سيكون رد طهران؟

المحلل العسكري
المشرق العربي أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي: لا نسعى إلى التصعيد... ونصر الله أشد أعداء إسرائيل

أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري اليوم (السبت)، أن إسرائيل لا تسعى إلى تصعيد أوسع، بل تسعى إلى إعادة الرهائن والتأكد من أن حدودها آمنة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي صورة لأمين عام «حزب الله» حسن نصر الله 28 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

أبرز ردود الفعل الدولية على اغتيال حسن نصر الله

نعت حركة «حماس» اليوم (السبت) أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله بعد تأكيد الحزب مقتله من جراء ضربة جوية نفذها الجيش الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تجمع الناس ورجال الإنقاذ بالقرب من الأنقاض المشتعلة لمبنى دمر في غارة جوية إسرائيلية على مقر قيادة حزب الله (أ.ف.ب)

بعد مقتل نصر الله... مَن أبرز قادة «حزب الله» و«حماس» الذين اغتالتهم إسرائيل؟

مني «حزب الله» في لبنان وحركة «حماس» في غزة منذ اندلاع حرب غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) بضربات قاسية استهدفت أبرز قياداتهما.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

إيران تتوعّد إسرائيل بـ«ضربات أكثر إيلاماً» بعد مقتل نصر الله

إيرانيون يحملون أعلام «حزب الله» في تجمّع بساحة فلسطين وسط طهران مساء الجمعة (أ.ف.ب)
إيرانيون يحملون أعلام «حزب الله» في تجمّع بساحة فلسطين وسط طهران مساء الجمعة (أ.ف.ب)
TT

إيران تتوعّد إسرائيل بـ«ضربات أكثر إيلاماً» بعد مقتل نصر الله

إيرانيون يحملون أعلام «حزب الله» في تجمّع بساحة فلسطين وسط طهران مساء الجمعة (أ.ف.ب)
إيرانيون يحملون أعلام «حزب الله» في تجمّع بساحة فلسطين وسط طهران مساء الجمعة (أ.ف.ب)

في أعقاب تأكيد «حزب الله» مقتل أمينه العام، حسن نصر الله، توعّد المرشد الإيراني علي خامنئي بـ«ضربات أكثر إيلاماً على إسرائيل»، من جماعات مسلحة موالية لطهران، مشدّداً على أن «تحديد مصير المنطقة» سيكون على يد «حزب الله» اللبناني وحلفائه الإقليميين.

وألقى الرئيس مسعود بزشكيان باللوم على الولايات المتحدة، وذلك ضمن ردود غاضبة في طهران.

وقال خامنئي في بيان نعي إن «طريق ومبدأ سيد المقاومة سيستمران»، وأضاف: «ضربات جبهة المقاومة على كيان العدو الصهيوني المتداعي ستصبح أكثر إيلاماً».

وتابع: «الأساس الذي أسّسه في لبنان ووجّهه إلى مراكز قوة أخرى لن يزول بفقدانه»، موضحاً أن الضربة التي استهدفته «بينما كان منشغلاً بالتخطيط للدفاع عن أبناء الضاحية الجنوبية لبيروت ومنازلهم المدمرة».

وأعلن خامنئي الحداد العام لمدة 5 أيام، معبراً عن تعازيه لأسرة نصر الله، وقتلى الهجمات وأفراد «حزب الله» و«جبهة المقاومة كافةً».

وقبل تأكيد «حزب الله» مقتل نصر الله بساعة، قال خامنئي، في بيان، إنه «لَواجب على جميع المسلمين الوقوف إلى جانب شعب لبنان، و(حزب الله)... بجميع الإمكانات، وأن ينصروهم في مجابهتهم الكيان الغاصب والظالم والخبيث»، حسبما أوردت وكالة «رويترز».

وأضاف خامنئي: «إن قوى المقاومة كلّها في المنطقة تقف إلى جانب (حزب الله) وتسانده، وسوف تقرّر قوى المقاومة مصير هذه المنطقة، وعلى رأسها (حزب الله)»، وأضاف: «سيجعل لبنان العدو المتغطرس والشرير نادماً».

وأشار خامنئي إلى سلسلة عمليات قصف طالت معاقل «حزب الله»، وأسفرت عن مقتل قادته. وقال إن «العمليات (...) أثبتت قصر النظر، والسياسة الحمقاء لقادة هذا النظام الغاصب».

وأضاف: «فرضٌ على جميع المسلمين أن يقفوا بكل إمكاناتهم إلى جانب الشعب اللبناني، و(حزب الله)، وأن يدعموه»، وهي عبارة فسّرها إعلام «الحرس الثوري» بأنها «أمر بالجهاد».

وفي توقيت متزامن ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن نائب قائد غرفة عمليات «الحرس الثوري»، عباس نيلفروشان، قُتل مع نصر الله.

ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولَين إيرانييْن أن خامنئي نُقل إلى مكان آمِن داخل البلاد، مع اتخاذ إجراءات أمنية مشدّدة. وأضاف المسؤولان، وهما من منطقة الشرق الأوسط، أن إيران على اتصال مستمر مع جماعة «حزب الله» اللبنانية وجماعات أخرى متحالفة معها؛ لتحديد الخطوة التالية بعد اغتيال حسن نصر الله.

وألقى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بجانب من المسؤولية في مقتل نصر الله على الولايات المتحدة التي تزوّد إسرائيل منذ فترة طويلة بأسلحة متطورة. وقال في بيان نقلته وسائل الإعلام الرسمية: «لا يمكن للأميركيين أن ينكروا تواطؤهم مع الصهاينة».

وفي إشارة ضمنية إلى وجود رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في نيويورك لحظة الهجوم على مقر حسن نصر الله، قال بزشكيان إن «المجتمع الدولي لن ينسى أن أمر هذا الهجوم الإرهابي صدر من نيويورك».

وفي بيان منفصل، نُشر مساء السبت، وصف بزشكيان الغارات على ضاحية بيروت بـ«جريمة حرب فاضحة». وقال إن «الهجمات التي ارتكبها النظام الصهيوني، تكشف مرة أخرى عن طبيعة إرهاب الدولة الذي يمارسه هذا النظام»، وأضاف أن إيران «ستقف إلى جانب الشعب اللبناني ومحور المقاومة»، وفقاً لوكالة «إرنا» الرسمية.

من جهته، قال محمد رضا عارف، النائب الأول للرئيس الإيراني، إن مقتل حسن نصر الله بغارة في العاصمة اللبنانية سيؤدي إلى «زوال» إسرائيل، ونقلت وكالة «إسنا» الإيرانية عن عارف قوله: «نحذّر قادة نظام الاحتلال من أن إراقة الدماء الظالمة، لا سيما دماء الأمين العام لحزب الله (...) ستؤدي إلى زوالهم».

من جهته، أعرب محمد جواد ظريف، نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية، عن تعازيه، ووصف نصر الله بـ«رمز النضال ضد الطغيان».

وتعهّد ناصر كنعاني، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، في منشور على «إكس»، بأن «مسيرة نصر الله ستستمر، وسيتحقّق هدفه بتحرير القدس».

​ وتجمّع حشد في ميدان «فلسطين»، ملوِّحين برايات «حزب الله» الصفراء، وبأعلام إيرانية، وهتفوا: «الموت لإسرائيل»، وفق ما أظهرت مشاهد نقلها التلفزيون الرسمي.

«تأهُّب إيراني»

في غضون ذلك، أصدرت هيئة الأركان المسلحة الإيرانية، تعليمات إلى الدفاعات الجوية في الجيش النظامي و«الحرس الثوري» بالاستعداد، وفرض حالة التأهب القصوى، حسبما أوردت وسائل إعلام إيرانية.

وكتب القيادي في «الحرس الثوري» محسن رضائي، على منصة «إكس»: «عصابة نتنياهو الإجرامية والعنصرية تهدد، ولن تتوقف عند الإدانة، وبعد لبنان ستتوجه إلى دمشق، وبعد ذلك إلى بغداد، وإذا أثملهم طعم سفك الدماء فقد يهاجمون حتى إيران»، وأضاف: «على حكومات سوريا والعراق وإيران أن تتخذ قرارها في أسرع وقت».

والأسبوع الماضي، قال رضائي في خطاب عام، إن «الجرائم الصهيونية في ظل هذه الظروف قد تمتد بعد لبنان إلى العراق أو سوريا، أو ربما يرتكبون خطأ أكبر بمحاولة استهداف إيران، وبالتالي نحن على أعتاب حرب جديدة».

وفي وقت لاحق، اتهم رضائي إسرائيل بالسعي لإفشال سياسة خامنئي، بشأن تجنّب دخول إيران إلى حرب مباشرة مع إسرائيل، وألقى الكرة في ملعب «حزب الله»، قائلاً إنه لن يسمح لإسرائيل بـ«التحرك بحرّية».

لافتة دعائية تحمل صورة حسن نصر الله وكُتب عليها «حزب الله حي» في شارع وسط طهران (أ.ف.ب)

ووجّه رئيس البرلمان خطاباً إلى نظيره اللبناني نبيه برّي، قائلاً إن البرلمان الإيراني «لا يكتفي بإدانة هذه الأعمال الوحشية بشدة، بل يَعُدّ استمرار هذه الأعمال كارثةً إنسانيةً، وضد السلام والاستقرار في المنطقة والعالم».

وقال محمد باقر قاليباف: «البرلمان الإيراني إذ يدين جرائم النظام الصهيوني الزائف والمغتصب، يعلن دعمه الكامل لجبهة المقاومة، وعلى رأسها حسن نصر الله».

وفي وقت سابق، قال قاليباف إن «جبهة المقاومة ستُوجّه رداً حاسماً على إسرائيل»، مؤكداً أن هذه الجبهة «لن تسمح باستمرار وحشية هذا النظام».

وذكرت وسائل إعلام إيرانية، أن لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية دعت إلى عقد اجتماع طارئ؛ لبحث تداعيات قصف معقل «حزب الله».

الخطوط الحمراء

وفي إشارة إلى تدهور خطير، أجرت القناة الإخبارية في التلفزيون الرسمي مساء الجمعة، اتصالات مع 3 من كبار المسؤولين على صلة وثيقة بالمرشد الإيراني، في أثناء بثّ لقطات من القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية.

وقال سعيد جليلي، ممثل المرشد الإيراني في مجلس الأمن القومي، مرشح الانتخابات الأخيرة، إن «المقاومة لا تعتمد على الأفراد»، مضيفاً أن «(حماس) و(حزب الله) لم يضعُفا باغتيال قادتهما، بل واصلا طريقهما بشكل أقوى».

وأضاف جليلي: «على مدار عام بذل الكيان الصهيوني كل جهوده الفاشلة، واستنفد قدراته السياسية والعسكرية لمواجهة المقاومة، لكنه فشل، في حين تعزّزت جبهة المقاومة».

ولفت جليلي إلى أنه «عند اغتيال عماد مغنية اعتقد الكيان الصهيوني بأنه حقّق انتصاراً كبيراً، لكن بعد ذلك استمرّت مسيرة المقاومة بقوة أكبر، برغم أن ذلك كان خسارةً كبيرةً»، وتابع: «الميزة الكبرى في خطاب المقاومة هي أنها لا تعتمد على الأفراد».

كما أشار أحمد وحيدي، وزير الداخلية في حكومة إبراهيم رئيسي والقائد السابق لـ«فيلق القدس»، التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني، إلى أن «حزب الله» قام بـ«تدريب كثير من القادة خلال فترة الكفاح، بحيث إذا سقط سلاح من يد قائد، فهناك كثير من القادة الآخرين ليحلوا محله».

بدوره، قال علي لاريجاني، رئيس البرلمان السابق، مستشار المرشد الإيراني، إن «مسألة المقاومة قضية استراتيجية للجمهورية الإسلامية، وإن إسرائيل تتجاوز الخطوط الحمراء لإيران».