إيران تطالب الولايات المتحدة بـ«وقف النفاق» في حرب غزة

تطوع 142 مشرعاً للقتال «في خطوة رمزية» وبرلماني أوروبي يعلن استعداده لدفع ثمن التذكرة

نواب البرلمان الإيراني يرددون هتافات مؤيدة لـ«حماس» ومنددة بإسرائيل 7 أكتوبر الماضي (إرنا)
نواب البرلمان الإيراني يرددون هتافات مؤيدة لـ«حماس» ومنددة بإسرائيل 7 أكتوبر الماضي (إرنا)
TT

إيران تطالب الولايات المتحدة بـ«وقف النفاق» في حرب غزة

نواب البرلمان الإيراني يرددون هتافات مؤيدة لـ«حماس» ومنددة بإسرائيل 7 أكتوبر الماضي (إرنا)
نواب البرلمان الإيراني يرددون هتافات مؤيدة لـ«حماس» ومنددة بإسرائيل 7 أكتوبر الماضي (إرنا)

طالب وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، الولايات المتحدة بوقف «النفاق»، وتحدى وزير الدفاع محمد رضا أشتياني إسرائيل في بلوغ أهدافها بقطاع غزة، على خلفية الحرب المتصاعدة بين الدولة العبرية وحركة «حماس».

وقال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان في منشور على منصة «إكس» إن البيت الأبيض «يفضل الاستمرار في كونه شريكاً في الجريمة، ومرافقة الكيان الإسرائيلي المنهار حتى لو كان الثمن مواجهة الرأي العام العالمي». وأضاف: «أكثر من 120 دولة طلبت وقف الحرب، الملايين في مختلف المدن بما في ذلك واشنطن، وفي الشارع دعماً لفلسطين، وإدانة جرائم الحرب».

وكتب في منشور آخر على منصة «إكس» أن أميركا تسعى إلى هدنة إنسانية منذ الأسبوع الماضي، وأضاف: «لقد تلقينا رسالتهم. ما يقولونه غير صحيح على الإطلاق»، دون أن يقدم تفاصيل.

وقال عبداللهيان إن الأميركيين «يديرون لعبة الحرب ضد غزة والضفة الغربية بالوقت نفسه»، وتابع: «أوقفوا النفاق والإبادة ضد سكان غزة».

وجاء منشور عبداللهيان بعد ساعات من لقاء رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، بالمرشد علي خامنئي والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، وذلك غداة زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى بغداد.

وانتقد خامنئي ورئيسي المواقف الأميركية، خلال لقائهما برئيس الوزراء العراقي الذي حمل رسالة أميركية إلى طهران على ما يبدو.

وجهاً لوجه

ومع تصاعد الحرب الكلامية بين إيران وإسرائيل، تعرضت القوات الأميركية في العراق وسوريا لهجمات شبه يومية منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول) من جماعات مسلحة يرعاها «الحرس الثوري» الإيراني، ما أدى إلى شن ضربات جوية أميركية الأسبوع الماضي على منشأتين غير مأهولتين لتخزين الأسلحة في سوريا.

وعلى وقع احتدام المعركة في قطاع غزة، تبادلت الولايات المتحدة وإيران، التحذيرات والرسائل عبر قنوات الاتصال بين الجانبين، ووصل الوضع بين الجانبين إلى حافة المواجهة العسكرية.

وبعث الرئيس جو بايدن «رسالة مباشرة» إلى المرشد الإيراني علي خامنئي يحذره فيها من أن أي هجوم على القوات الأميركية يهدد بتوسيع نطاق الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حماس».

وصرح بايدن في 26 أكتوبر خلال مؤتمر صحافي قائلاً: «تحذيري إلى آية الله هو أنه إذا واصلوا التحرك ضد تلك القوات، فسنرد، وعليه أن يستعد. ليس للأمر علاقة بإسرائيل».

بلينكن يصعد إلى طائرة نقل عسكرية في مطار بغداد الدولي السبت الماضي (أ.ب)

وكان عبداللهيان قد أعلن، في 23 أكتوبر، عن تلقي رسالتين أميركيتين، من «محورين أساسيين، وأكدا أنهما لا يرغبان بتوسع الحرب، ويطالبان إيران بضبط النفس». وأضاف: «طلبا في بعض هذه الرسائل من إيران أن تدعو بعض الدول والمجاميع إلى ضبط النفس».

وفي كلمته أمام الجمعية العامة في نيويورك، في 26 أكتوبر، قال عبداللهيان إن الولايات المتحدة «لن تسلم من النار» إذا استمرت حرب غزة. وخلال الأيام الماضية، أغلق عبداللهيان الباب على الدعوات الأميركية لإيران بـ«ضبط النفس». وقال إنها «ليست في موضع لتوجيه تلك التوصيات».

وقال المسؤولون الأميركيون إن الولايات المتحدة سترد على أي هجمات «غير مقبولة» من جانب وكلاء إيران، وطالبت بوقفها. وركزت زيارة وزير الخارجية الأميركي إلى المنطقة هذا الأسبوع، على سبل منع توسع نطاق الحرب، في وقت نشرت فيه الولايات المتحدة حاملات طائرات وسفناً حربية وطائرات مقاتلة، وغواصة نووية وقوات إضافية بالآلاف في محاولة لردع إيران والجماعات التي تدعمها.

وفي المقابل، قال المسؤولون الإيرانيون، إن توسع الحرب «أمر لا مفر منه» إذا وسعت إسرائيل عملياتها البرية في قطاع غزة، وإن المنطقة ستصل إلى نقطة الغليان والانفجار في أي لحظة. ونأى المسؤولون بطهران عن اتخاذ القرار للجماعات المسلحة التابعة لها.

معادلات إقليمية

وفي سياق التصريحات النارية، قال وزير الدفاع، محمد رضا أشتياني، الثلاثاء، إن «إسرائيل لن تبلغ أياً من أهدافها في غزة». وأضاف: «دعم أميركا والغربيين لجرائم الكيان الصهيوني ستزيد من تعقيدات الوضع الأمني الإقليمي»، وفق ما أوردت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري».

ودعا أشتياني لدى استقباله السفير التركي حجابي كرلانغيج إلى اتخاذ «إجراءات عملية» بما في ذلك العقوبات الاقتصادية، ووقف تصدير الطاقة والوقود، والعقوبات الجوية من قبل الدول الإسلامية. وقال: «يجب على هذه الدول خصوصاً دول المنطقة، العمل بواجبها الشرعي والإنساني في هذا الخصوص، لاتخاذ مواقف حازمة ومنسقة».

وتربط تركيا وإسرائيل علاقات دبلوماسية وتجارية منذ سنوات، لكن أنقرة، استدعت سفيرها للتشاور السبت الماضي. وذلك بعدما أعلنت إسرائيل في وقت سابق من الشهر الماضي سحب كل طاقمها الدبلوماسي من تركيا في إجراء احترازي أمني.

تحول قطع العلاقات الاقتصادية بين دول المنطقة وإسرائيل إلى محور مواقف المسؤولين الإيرانيين بشأن غزة، بعدما أطلق المرشد الإيراني علي خامنئي الطلب في تصريحاته الأسبوع الماضي. وكرر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية على مدى الأيام الماضية هذا الطلب بأشكال مختلفة.

ولم يتأخر أمين عام «حزب الله» اللبناني، حسن نصر الله، في تكرار الطلب الإيراني حرفياً في خطابه الذي ألقاه الجمعة الماضي.

وبدوره، قال وزير الداخلية الإيراني، أحمد وحيدي، الثلاثاء، إن «أحداث غزة مؤشر على تغيير جذري في المعادلات الإقليمية». ونقلت وكالة «إيسنا» الحكومية قوله إن «أحداث (قطاع غزة) تدور في مساحة 350 كيلومتراً، لكنها أحدثت تغييرات ثقافية عميقة».

وأضاف وحيدي، وهو قيادي بارز في «الحرس الثوري» أن هذا التطور العميق في طور الإنشاء، ولا يقتصر على فلسطين، مؤكداً أن «التظاهرات في جامعات مثل هارفارد وأكسفورد تعد من تجليات هذا التطور».

ويعد وحيدي أحد أبرز المسؤولين الإيرانيين المتهمين في تدبير تفجير آميا، مركز الجالية اليهودية في الأرجنتين، في 1994. وكان وحيدي قائداً لـ«فيلق القدس» الذراع الخارجية في «الحرس الثوري».

فوضى مدمرة

وحذر السفير الإيراني لدى فيينا، عباس باقر بور، من أن أوروبا «لن تكون بمأمن مما يجري في قطاع غزة». وكتب على منصة «إكس» أن «ما نشهده في فلسطين، هو نظام دولي فاشل والأمم المتحدة المعطلة، وقانون دولي معيب». وقال: «هذا الوضع سيؤدي إلى فوضى مدمرة للنظام الأمني الجماعي».

في هذه الأثناء، قال عضو البرلمان الإيراني من محافظة همدان، النائب المتشدد أحمد حسين فلاحي لوكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» إن 142 مشرعاً إيرانياً «تطوعوا لإرسالهم إلى حرب غزة»، مضيفاً أن «نواباً آخرين لم يعلموا بالتسجيل، أعلنوا استعدادهم للتعاون والتطوع (للقتال)».

ونقل موقع «ديدبان إيران» الإخباري عن فلاحي، أحد رجال الدين في البرلمان، الأحد الماضي قوله إن «أغلب نواب البرلمان سبق أن تلقوا تدريبات عسكرية، وشاركوا في القتال بسوريا».

ونقلت وكالة «مهر» الحكومية، الثلاثاء، عن النائب جواد نيكبين وهو رجل دين أيضاً، أن «150 نائباً قدموا طلباً للقتال في غزة». ويضم البرلمان الإيراني 290 نائباً غالبيتهم من التيار المحافظ المتشدد.

وقبل يومين، قال النائب حسين جلالي، ممثل محافظة كرمان وهو من رجال الدين أيضاً إن خطوة النواب «رمزية وليس من المقرر أن تصبح عملية».

ومع ذلك، تهكم عضو البرلمان الأوروبي، النائب السويدي من أصل إيراني، علي رضا آخوندي من إعلان النائب الإيراني، وكتب على منصة «إكس»: «إيران تبتعد عن غزة 2657 كليومتراً فقط، احزموا حقائبكم، وسندفع ثمن تذكرة الحافلة التي تنقلكم».

«نار التشدد»

وقال وزير الخارجية الإيراني السابق، محمد جواد ظريف إن الشعب الإيراني «سئموا من دفع الثمن». وقال: «ليس هناك حاجة لدفع الثمن، يمكننا الدفاع عن الحق وفقاً للحل الذي ينص عليه الدستور الإيراني».

ونقل موقع «انتخاب» الإخباري عن ظريف قوله في ملتقى استضافته رابطة المحامين الإيرانيين، حول قطاع غزة، قوله: «إذا كان لدينا احتجاج على سياسة ما، فليس الحل أن نستبدل مكان الظالم والمظلوم». وقال: «الآن البلاد لديها سياسة معقولة، يجب ألا نصب الزيت على نار المتشددين باتخاذ مواقف متشددة». وقال: «المتشددون بحاجة إلى تشدد للاستمرار في الحياة».


مقالات ذات صلة

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

شؤون إقليمية رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

توقع مسؤول إيراني بارز تغيّر المعادلة في الشرق الأوسط بعد رسالة المرشد علي خامنئي الأخيرة إلى لبنان وسوريا.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران ستستخدم أجهزة طرد مركزي متقدمة رداً على قرار «الطاقة الذرية» ضدها

قالت إيران إنها ستتخذ إجراءات عدة من بينها استخدام أجهزة طرد مركزي متقدمة، رداً على القرار الذي اتخذته «الوكالة الدولية للطاقة» الذرية مساء الخميس ضدها.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصدر قراراً ضد إيران

اعتمد مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الخميس قراراً ينتقد رسمياً إيران بسبب عدم تعاونها بما يكفي فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الربع السنوي في فيينا play-circle 01:24

دول غربية تدعو إيران إلى تدمير اليورانيوم عالي التخصيب «فوراً»

دعت دول غربية إيران إلى «تدمير اليورانيوم 60 % فوراً»، فيما رجحت تقارير أن يصوت مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على قرار ضد إيران غداً الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية مسيرات انتحارية من طراز «شاهد 136» خلال العرض العسكري السنوي للجيش الإيراني بطهران (تسنيم)

تقرير: إيران تخفي برامج الصواريخ والمسيرات تحت ستار أنشطة تجارية

قالت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية إن إيران لجأت إلى قطاعها التجاري لإخفاء تطويرها للصواريخ الباليستية، في خطوة للالتفاف على العقوبات الدولية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تقرير: إسرائيل لا ترى إمكانية التفاوض مع «حماس» إلا بعد الاتفاق مع «حزب الله»

صور للمحتجَزين لدى «حماس» (رويترز)
صور للمحتجَزين لدى «حماس» (رويترز)
TT

تقرير: إسرائيل لا ترى إمكانية التفاوض مع «حماس» إلا بعد الاتفاق مع «حزب الله»

صور للمحتجَزين لدى «حماس» (رويترز)
صور للمحتجَزين لدى «حماس» (رويترز)

قال أحد أعضاء فريق التفاوض لعائلات الرهائن الإسرائيليين لدى «حماس»، خلال اجتماع هذا الأسبوع، إن التفاوض بشأن الرهائن الإسرائيليين تقلَّص منذ تعيين يسرائيل كاتس وزيراً للدفاع، وفق ما نقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن تقرير لـ«القناة 12» العبرية.

ووفق التقرير، سألت عائلات الرهائن عن ادعاء كاتس، للصحافيين، بأن تقدماً حدث في المحادثات، بعد أن وافقت «حماس» على التنازل عن مطلبها بالتزام إسرائيلي مسبق بإنهاء الحرب، في جزء من صفقة الرهائن.

ورد على مفاوض الرهائن بأن ادعاء كاتس غير دقيق، وأن موقف «حماس» من إنهاء الحرب لم يتغير، وقال المفاوض إنها لا تزال على استعداد للموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار على مراحل، والذي جرت مناقشته منذ مايو (أيار) الماضي.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه يعارض إنهاء الحرب مقابل الرهائن.

وأفادت «القناة 12» أيضاً بأن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تعتقد أن التوصل لاتفاق مع «حماس» لن يكون ممكناً إلا بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار مع «حزب الله».

وقال مسؤول للشبكة إن الأمل هو أن يؤدي الاتفاق الأخير إلى إحراز تقدم في الاتفاق الأول.