5 تساؤلات حول اقتراح إحياء «التحالف الدولي» لحرب «حماس»

تجاهل ماكرون «الهدنة الإنسانية» التي ركزت عليها رئيسة الحكومة

مؤتمر صحافي مشترك في القدس لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ب)
مؤتمر صحافي مشترك في القدس لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ب)
TT

5 تساؤلات حول اقتراح إحياء «التحالف الدولي» لحرب «حماس»

مؤتمر صحافي مشترك في القدس لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ب)
مؤتمر صحافي مشترك في القدس لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ب)

يثير الاقتراح الذي تحدث عنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده عقب لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والقاضي بتوسيع دائرة عمل التحالف الدولي لمحاربة «داعش» ليشمل محاربة «حماس»، عدة تساؤلات.

وقال ماكرون ما حرفيّته: «إن أولوية إسرائيل، ولكن أيضاً أولوية فرنسا وكل الديمقراطيات، هي هزيمة المجموعات الإرهابية. لذا، فنحن الذين استهدفتنا هذه المجموعات نريد أن نقول شيئاً بسيطاً: أنتم لستم وحدكم. ولذا، فإن فرنسا جاهزة لـ(العمل) حتى يقوم (التحالف الدولي لمحاربة داعش) الذي تنشط فرنسا داخله في عمليات في سوريا والعراق، بمحاربة (حماس) أيضاً».

وأضاف ماكرون: «سأعرض على شركائنا الدوليين، وكما أشرت إلى ذلك هذا الصباح، أن نعمد إلى بناء تحالف إقليمي ودولي لمحاربة المجموعات الإرهابية التي تهددنا جميعاً. وأرى أن هذا يصب في مصلحة إسرائيل وأمنها وكذلك مصلحة وأمن جيرانكم الذين تهددهم هذه المجموعات أو مجموعات شبيهة».

«مفاجأة» ماكرون

ترى مصادر سياسية في باريس أن ما جاء به ماكرون كان بمثابة «مفاجأة»، ولم يسبق أن أشارت إليه رئيسة الحكومة أو وزيرة الخارجية أو وزير الدفاع في أيٍّ من مداخلاتهم وتصريحاتهم منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول). وفي كلمتها المطولة أمام البرلمان الفرنسي، عصر الاثنين، تناولت رئيسة الحكومة الفرنسية إليزابيث بورن، مطولاً سياسة بلادها وتوقفت عند كل الملفات التي حملها ماكرون معه إلى إسرائيل والتي ناقشها مع نتنياهو، وأيضاً مع رئيس دولة إسرائيل ومع وزير الدفاع السابق والمعارضة.

رئيسة الحكومة الفرنسية إليزابيث بورن في حديث مع وزير شؤون البرلمان بالجمعية الوطنية الثلاثاء لمناقشة الحرب في غزة (أ.ف.ب)

لكنّ الغائب الأكبر منها كان تحديداً موضوع القوة الدولية ودفعها لمحاربة «داعش». فضلاً عن ذلك، فإنه لم يرشح أي شيء بهذا المعنى من جميع الاتصالات التي أجراها ماكرون مع غالبية القادة العرب أو الأوروبيين أو مع الرئيس الأميركي. ثم إن مصادر الإليزيه، في عرضها لزيارة ماكرون لإسرائيل والمتوقع منها، لم تأتِ أبداً على ذكر القوة الدولية ومحاربة «حماس» ودور فرنسا فيها.

توضيح الضبابية

ولأن مقترح ماكرون كان ضبابياً، فإن المصادر المرافقة له سعت إلى توضيحه، وقالت عقب المؤتمر الصحافي، إن المقصود «إمَّا بناء تحالف جديد، وإما (توسيع دائرة عمل التحالف الدولي لمحاربة داعش) الموجود حالياً، وعماده الولايات المتحدة الأميركية من خلال قواعدها في العراق ليشمل (حماس)». وأضافت هذه المصادر أن هذا الأمر «مرهون بما تطلبه إسرائيل».

ترى المصادر السياسية أن تحقيق أمر كهذا سيكون بعيد المنال لعدة أسباب، أولها أنْ «لا شيء يربط (حماس) بـ(داعش)»، وبالتالي فإن وضعهما في صف واحد يعد خطأ سياسياً وعسكرياً على السواء. وثاني الأسباب، أن الدول العربية المشاركة في الحرب على «داعش» في إطار التحالف الدولي، ستكون رافضة للعمل إلى جانب القوات الإسرائيلية والأميركية والغربية بشكل عام، في الحرب التي ستقوم على قطاع غزة.

الرئيس الفرنسي ورئيس السلطة الفلسطينية في رام الله بعد ظهر الثلاثاء (أ.ب)

وثالث الأسباب، أن السير بخطة كهذه سيهمّش السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس أكثر مما هو مهمَّش، وبالتالي فإنها ستُعيقه عن أن يلعب أي دور سياسي لاحقاً، خصوصاً أن التفكير في ما يسمى «اليوم التالي» الذي يتبع نهاية الحرب، يلحظ دوراً رئيسياً للسلطة الفلسطينية وإعادتها إلى غزة بعد «القضاء» على «حماس». ورابعها، أن المقترح الفرنسي لا يأخذ بعين الاعتبار ما سيكون عليه موقف سكان غزة ولا موقف الشارع العربي عند رؤية الطائرات الأميركية تشارك في ضرب غزة، وما سيكون لذلك من ارتدادات. وأخيراً، لا أحد يستطيع التنبؤ سلفاً بما سيكون عليه رد فعل «حماس» وكيفية تطور ملف الرهائن أو المخطوفين الذين هم بحوزتها. وقد جعل ماكرون من إطلاق سراحهم هدفاً رئيسياً لاتصالاته.

ارتجال المقترَح

ما يدلّ على الارتجال في المقترح الفرنسي أن مصادر مرافقة لماكرون، أشارت لاحقاً إلى أن المطلوب هو «الاستهداء بتجربة التحالف الدولي ضد (داعش)، والنظر فيما يمكن استعارته منها ضد (حماس). لذا نحن بصدد التفكير مع شركائنا ومع إسرائيل في هذا السياق، وسيكون بالتالي لشركائنا ولإسرائيل بالدرجة الأولى أن يعبّروا عن حاجاتهم».

وأخيراً، أشارت هذه المصادر إلى أن عمل «التحالف الدولي ضد داعش»، «لا يقتصر على العمليات الميدانية، فهو يشمل تدريب القوات العراقية وتبادل المعلومات الاستخبارية...».

يبيّن ما سبق أن المقترح الفرنسي «غير ناضج»، وليس مؤكداً أنه قد يرى النور فيما إسرائيل تتحضر لاجتياح غزة برياً. وجاء رد الفعل الأول من باريس، على لسان جان لوك ميلونشون، المرشح الرئاسي السابق وزعيم حزب «فرنسا المتمردة» اليساري المتشدد، الذي انتقد مقترح ماكرون ورأى فيه «عودة لنظرية الحرب على الإرهاب» التي روَّج لها الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الإبن، الأمر الذي واجهته الدبلوماسية الفرنسية وقتها.

دمار تسبب به القصف الإسرائيلي في مدينة غزة (د.ب.أ)

تجاهُل «الهدنة الإنسانية»

يبقى أن الأمر اللافت أيضاً في مجريات محادثات ماكرون، الذي أجرى لقاءً مغلقاً مع نتنياهو ثم اجتماعاً موسعاً ضمَّ وفدَي الطرفين، لم يشر لا من قريب أو من بعيد، إلى موضوع «الهدنة الإنسانية» التي ركزت عليها رئيسة الحكومة ومستشارو الإليزيه، ورأوا فيها «تمهيداً محتملاً» لوقف الأعمال العدائية.

كذلك لم تصدر عن الرئيس الفرنسي في المؤتمر الصحافي المشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، أي إشارة لضحايا عمليات القصف متعدد الأشكال التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي والتي أوقعت ما يزيد على 5 آلاف قتيل فلسطيني وأضعافاً مضاعفة من الجرحى، فضلاً عن تهديم مناطق كاملة في قطاع غزة.

وقال أحد مستشاري الإليزيه، إنه سيكون من الصعب على الجيش الإسرائيلي الذي يتحضر لاجتياح غزة بغرض تدمير «حماس»، أن يقوم بذلك في ظل احترام القانون الدولي، علماً بأن ماكرون ردَّد على مسامع نتنياهو «ضرورة أن تحترم الديمقراطية الإسرائيلية، عدداً من المعايير، ومنها عدم الإضرار بالمدنيين الذي وصفهم بأنهم رهائن (حماس)».


مقالات ذات صلة

قتيلان بهجوم على كنيسة في النيجر

أفريقيا قوات أمن في النيجر (أرشيفية)

قتيلان بهجوم على كنيسة في النيجر

قُتل رجل وزوجته، مساء الأربعاء، بهجوم نفّذه مسلّحون على كنيسة في منطقة دوسو جنوب غربي النيجر، وفق ما أفادت مصادر محلية.

«الشرق الأوسط» (نيامي (النيجر) )
أفريقيا تجمّع السكان بالقرب من موقع التفجير الذي استهدف مسجداً في سوق غامبورو بمدينة مايدوغوري يوم 24 ديسمبر 2025... وأفاد شهود عيان ومصادر أمنية «وكالة الصحافة الفرنسية» بأن انفجاراً هزّ مسجداً بمدينة مايدوغوري شمال شرقي نيجيريا (أ.ف.ب)

نيجيريا: مقتل 5 أشخاص في هجوم انتحاري على مسجد

قتل 5 أشخاص على الأقل، وأصيب 35 آخرون، في هجوم إرهابي استهدف مسجداً بمدينة مايدوغوري؛ عاصمة ولاية بورنو، أقصى شمال شرقي نيجيريا.

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي عناصر من قوات الشرطة السورية خلال عملية أمنية (وزارة الداخلية السورية) play-circle

سوريا تعلن مقتل قيادي بارز في تنظيم «داعش»

أعلنت السلطات السورية، الخميس، أنها قتلت قيادياً بارزاً في تنظيم «داعش» بالتنسيق مع «التحالف الدولي» في عملية «أمنية دقيقة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي صورة نشرتها وزارة الداخلية للنزوح في حلب بعد الاشتباكات الأخيرة بين «قسد» والقوات السورية

ما مصير «اتفاق 10 آذار» والعام يسير إلى نهايته؟

وضعت مصادر بدمشق التصعيد العسكري الأخير في حلب في إطار «الضغوط» المتزامنة مع اقتراب استحقاق «اتفاق 10 آذار» بين الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية»

سعاد جرَوس (دمشق)
المشرق العربي جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)

سوريا تعتقل الداعشي «والي دمشق» بالتعاون مع التحالف الدولي

أعلنت السلطات السورية ليل الأربعاء أنها ألقت القبض على قيادي بارز في تنظيم «داعش» بدمشق بالتنسيق مع التحالف الدولي في عملية «أمنية محكمة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)

وصول جثامين رئيس الأركان الليبي ومرافقيه إلى طرابلس

TT

وصول جثامين رئيس الأركان الليبي ومرافقيه إلى طرابلس

يؤدي المسؤولون الصلاة بجوار نعوش رئيس أركان الجيش الليبي محمد علي أحمد الحداد وسبعة مسؤولين آخرين الذين لقوا حتفهم إثر تحطم طائرتهم بعد نحو 30 دقيقة من إقلاعها من أنقرة متجهة إلى طرابلس وذلك خلال مراسم نقل الجثامين إلى ليبيا من أنقرة (رويترز)
يؤدي المسؤولون الصلاة بجوار نعوش رئيس أركان الجيش الليبي محمد علي أحمد الحداد وسبعة مسؤولين آخرين الذين لقوا حتفهم إثر تحطم طائرتهم بعد نحو 30 دقيقة من إقلاعها من أنقرة متجهة إلى طرابلس وذلك خلال مراسم نقل الجثامين إلى ليبيا من أنقرة (رويترز)

أعيدت جثامين رئيس الأركان الليبي ومرافقيه الذين قضوا في حادث تحطم طائرة قرب أنقرة إلى طرابلس اليوم (السبت).

وقُتل رئيس الأركان الليبي الفريق أول ركن محمد الحداد وأربعة من مرافقيه وثلاثة من أفراد الطاقم بتحطّم طائرة من طراز «فالكون-50» كانوا يستقلونها بعد أقل من أربعين دقيقة على إقلاعها الثلاثاء.

يحمل جنود نعوش رئيس أركان الجيش الليبي محمد علي أحمد الحداد وسبعة مسؤولين آخرين ملفوفة بالعلم والذين لقوا حتفهم إثر تحطم طائرتهم بعد نحو 30 دقيقة من إقلاعها من أنقرة متجهة إلى طرابلس وذلك خلال مراسم نقل الجثامين إلى ليبيا من أنقرة (رويترز)

وأشارت وزارة الدفاع التركية في منشور عبر منصة «إكس» إلى أنّ وزير الدفاع التركي يشار غولر ترأس مراسم تأبين مختصرة في قاعدة مرتد الجوية قرب أنقرة.

وعُثر على الصندوق الأسود للطائرة في أرض زراعية قرب موقع التحطم. وأفادت السلطات التركية بأن الطائرة تعرضت لعطل كهربائي، مشيرة إلى أنّ التحقيق في سبب التحطم سيُجرى من جانب «دولة محايدة»، يُحتمل أن تكون ألمانيا.

جنود يحملون نعوش رئيس أركان الجيش الليبي محمد علي أحمد الحداد وسبعة مسؤولين آخرين ملفوفة بالعلم والذين لقوا حتفهم إثر تحطم طائرتهم بعد نحو 30 دقيقة من إقلاعها من أنقرة متجهة إلى طرابلس وذلك خلال مراسم أقيمت في أنقرة (رويترز)

وقال مصدر دبلوماسي فرنسي إن فرنسيين اثنين كانا من بين أفراد طاقم الطائرة التي تم استئجارها من شركة «هارموني جيتس» (Harmony Jets) التي تتخذ من مالطا مقراً لها. وتفيد الشركة بأن عمليات الصيانة تجرى في مدينة ليون الفرنسية.

من جانبه، أكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة اليوم، أن التحقيقات في حادث سقوط طائرة الحداد مستمرة بجدية تامة ومسؤولية.

وشدد الدبيبة، خلال مراسم تأبين الحداد ومرافقيه، على أن حكومته تتابع التحقيق بالتعاون مع تركيا حتى تتضح كل الملابسات.


نتنياهو يمضي رأس السنة في أميركا... متجنباً إغضاب ترمب

قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)
قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو يمضي رأس السنة في أميركا... متجنباً إغضاب ترمب

قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)
قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)

تسنَّى لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي تلقَّى دعوةً من الرئيس الأميركي دونالد ترمب؛ للاجتماع معه في نهاية الشهر الحالي، للمرة الخامسة منذ بدء ولايته الرئاسية الثانية قبل أقل من عام، أن يكون ترمب خامس الرؤساء الذين يتعامل معهم خلال جلوسهم في البيت الأبيض.

وعلى الرغم من أن البيت الأبيض لم يعلن برنامج الزيارة، لإنه من المتوقع أن يجتمع ترمب مع نتنياهو في 28 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، في مستهل زيارة تستمر 8 أيام، وفقاً لتقارير غير رسمية. ويعني ذلك أن نتنياهو سيمضي رأس السنة الجديدة في الولايات المتحدة.

وبالنسبة إلى كثيرين، فإن ترمب «ليس مثل غيره» من الرؤساء الأميركيين الذين اجتمع معهم نتنياهو بصفته رئيساً للوزراء، وحظي بهامش للاختلاف معهم في عدد من القضايا الرئيسية للشرق الأوسط، في مقدمها المسألة الفلسطينية.

خلاف مكلف

منذ انتخابه للمرة الأولى عام 1996 رئيساً لوزراء إسرائيل، اجتمع نتنياهو، الذي يتولى حالياً منصب رئيس الوزراء الإسرائيلي للمرة السادسة على التوالي، واختلف بنسب متفاوتة، مع الرؤساء الأميركيين السابقين: بيل كلينتون، وجورج دبليو بوش، وباراك أوباما، وجو بايدن. أما الخلاف مع ترمب الآن فـ«يبدو مُكلفاً ومحفوفاً بمحاذير» حيال 3 ملفات رئيسية: الفلسطينيون وحرب غزة، سوريا والرئيس أحمد الشرع، وإيران وبرامجها النووية والباليستية وميليشياتها المزعزعة لاستقرار الشرق الأوسط. أما لبنان، فيعد الآن «الخاصرة الرخوة» في محاولات أميركا لإعادة رسم التوازنات الجديدة في المنطقة.

وقال نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى سابقاً، إيتان غولدريتش، لـ«الشرق الأوسط»: «في الماضي، كان نتنياهو يعترض على خطط الرؤساء الأميركيين»، لكن عليه الآن «ربما أن يكون أكثر حذراً مع الرئيس ترمب» الذي «إذا شعر بأنك لم تعد شخصاً ذا فائدة له، فإنه سيتخلى عنك» كما حدث مع الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي. وعدّ أن هناك «فارقاً كبيراً مع بايدن، وربما معظم الرؤساء الذين تعامل معهم نتنياهو» الذي كان في السابق «يحدِّد ما يعتقد أنه يستطيع الإفلات منه». أما مع ترمب، فربما «لا يرى فرصةً كبيرةً للخروج عن المألوف، ويتوقع عواقب وخيمة إذا فعل ذلك».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يعتمر قبعةً قُدِّمت له من فريق هوكي زاره في البيت الأبيض بواشنطن (أ.ب)

تأييد لإسرائيل... ولكن

وعلى المنوال ذاته، يعتقد خبير الشرق الأوسط، آرون ديفيد ميلر، الذي عمل مع إدارات الرؤساء السابقين: جيمي كارتر، ورونالد ريغان، وجورج بوش الأب، وبيل كلينتون، وجورج بوش الابن، ورافق عهود الرؤساء السابقين: باراك أوباما، ودونالد ترمب، وجو بايدن، أن «ترمب يختلف عن أي رئيس أميركي آخر في معظم الأمور»، مؤكداً أنه «لم يسبق لأي رئيس (أميركي) أن تعامل مع رئيس وزراء إسرائيلي بالطريقة التي تعامل بها ترمب مع نتنياهو». وأشار إلى أن ترمب قام خلال ولايته الأولى وجزء كبير من ولايته الثانية «بسلسلة من المبادرات والسياسات المؤيِّدة لإسرائيل، التي تجاوزت على الأرجح أي شيء فعله أي رئيس أميركي آخر»، وبينهم الرؤساء السابقون: ريتشارد نيكسون، وهاري ترومان، وبيل كلينتون، الذين «كانوا مؤيدين لإسرائيل بشكل كبير».

خبير الشرق الأوسط آرون ديفيد ميلر (إنترنت)

وتشمل هذه المبادرات بحسب ميلر، وهو حالياً زميل في مؤسسة «كارنيغي للسلام الدولي»، اعتراف ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقله السفارة الأميركية إلى القدس، واعترافه بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة، وتجاهله سياسات الضم الإسرائيلية في الضفة الغربية، وإظهاره دعماً عسكرياً في مهاجمة المواقع النووية الإيرانية. ولكن في الوقت ذاته، «انحرف ترمب عن أسلافه وتعامل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بطريقة أشد صرامة وحزماً من أي رئيسٍ آخر»، موضحاً أن ترمب حذَّر نتنياهو في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي من أنه «إذا لم يوافق على خطة النقاط الـ20 لغزة، فإن أميركا ستتخلى عنه»، عادّاً أن ذلك إشارة واضحة إلى أن ترمب «يفتقر إلى الحساسية العاطفية تجاه إسرائيل». على غرار ما كان عليه كلينتون أو بايدن على سبيل المثال. وأكد أيضاً أن «ترمب يتمتع بهامش مناورة سياسية أكبر من أي رئيس أميركي آخر» لأنه «يسيطر على الحزب الجمهوري، مما يحرم رئيس الوزراء الإسرائيلي من الطعن أمام أي جهة أعلى إذا لم تعجبه سياساته».

لا تقل له: «لا»

وقال خبير شؤون لبنان و«حزب الله» لدى مؤسسة «الدفاع عن الديمقراطيات» في واشنطن، ديفيد داود، لـ«الشرق الأوسط» إنه منذ أيام كلينتون الذي كان أول رئيس أميركي تعامل مع نتنياهو بصفته رئيس وزراء لإسرائيل «كان هناك دائماً احتكاك، فنتنياهو عنيد، ولديه فكرته (...) ولديه رؤية». وأوضح أنه «لأن إسرائيل دولة، وأميركا دولة أخرى، لدينا مصالح مختلفة بين دولتين مختلفتين. وعندما يحصل احتكاك، يتعامل زعيما البلدين مع ذلك بطرق مختلفة. كلينتون كان يشتم نتنياهو في جلساته المغلقة. أوباما الذي كان يسارياً أكثر من كلينتون، والذي كانت علاقته العاطفية مع إسرائيل مختلفة، كان أول رئيس يخرج الخلاف إلى العلن». ولاحظ أنه «عندما يكون الرئيس ترمب على حق أو على خطأ، لا يمكن أن تقول له: لا».

نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى سابقاً إيتان غولدريتش (الشرق الأوسط)

وفيما يتعلق بغزة، ذهب غولدريتش إلى أنه يجب أن يكون اللقاء بين ترمب ونتنياهو «مهماً» في ظل «خشية البعض من أن يفقد ترمب تركيزه على المرحلة الثانية» من خطته في غزة، وهذا ما يمثل «فرصةً لإظهار أن ترمب هو صانع السلام الحقيقي، وأنه سيواصل السعي لتحقيق شيء يتجاوز ما كان في جوهره وقفاً لإطلاق النار». وأضاف أنه «ربما لا يكون نتنياهو متحمساً لجميع جوانب ما قد يحدث»، غير أنه «لا يريد أن يكون هناك تباين واضح بينه وبين الرئيس ترمب»، أو أن «يُنظَر إليه على أنه غير موافق تماماً على ما يفعله ترمب».

وتوقَّع ميلر أن يعلن ترمب «مجلس سلام» لغزة، ولجنة تنفيذية تابعة له. وربما يعلن حكومة تكنوقراطية فلسطينية مؤلفة من 15 فلسطينياً قد تكون لهم جذور في غزة والضفة الغربية، لكنهم ليسوا مقيمين هناك، وربما سيطلب من دولة أو دولتين، ربما أذربيجان أو إيطاليا، نشر قوات في الجزء الذي تسيطر عليه إسرائيل من غزة.

حتى نيكسون وكيسنجر

ورداً على أسئلة «الشرق الأوسط»، قال ميلر إن ترمب «كان قادراً، ولا يزال قادراً (...) على ممارسة نفوذه كما لم يسبق لأي رئيس أميركي آخر. لا بوش الأب عندما رفض منح إسرائيل ضمانات قروض بقيمة 10 مليارات دولار. ولا رونالد ريغان، عندما أوقف تسليم طائرات (إف 16)؛ بسبب توسيع إسرائيل نطاق قانونها الإداري إلى مرتفعات الجولان. ولا ريتشارد نيكسون وهنري كيسنجر عندما هدَّدا بالضغط على إسرائيل إذا دمَّرت الجيش المصري الثالث على الضفة الغربية لقناة السويس».

ورأى ميلر أن زيارة مارالاغو «ستسير على ما يرام، لأن لا نتنياهو ولا ترمب يرغبان في حدوث خلاف، فكلاهما بحاجة إلى الآخر. نتنياهو بحاجة إلى إعادة انتخابه عام 2026، وترمب لأنه لا يزال يعتقد أن هناك فرصة، في حال تنفيذ اتفاق غزة، أو في حال وجود أي أمل في التطبيع السعودي - الإسرائيلي، لتحقيق هدف رئيسي، بالإضافة إلى حصوله على جائزة نوبل للسلام». وأضاف: «لا أعتقد أن هذين الرجلين يكنّان لبعضهما مودة حقيقية، ولا أعتقد أنهما يثقان ببعضهما ثقة تامة. أعتقد أنهما يدركان ذلك. كلاهما محتال في نواحٍ كثيرة، لكنهما بحاجة لبعضهما، مع أن نتنياهو، في رأيي، أكثر حاجة إلى ترمب».

خبير شؤون لبنان و«حزب الله» لدى مؤسسة «الدفاع عن الديمقراطيات» في واشنطن ديفيد داود (الشرق الأوسط)

ويرى ديفيد داود أنه «قد يكون ترمب محقاً في قوله إنه تاريخياً أكثر رئيس أميركي مؤيد لإسرائيل، بما يجعله يشعر بأنه يحق له دفع إسرائيل أكثر فأكثر. وفي الوقت ذاته لا يمكن أن تقول له: لا. الأمر لم يكن كذلك مع بايدن، الذي كانت لديه اختلافات مع نتنياهو. وكانا يحتكان مع بعضهما بعضاً من دون الوصول إلى نتيجة فعلية. عندما يقول ترمب شيئاً، عليك أن تستجيب له».

من أجل سوريا

وفيما يتعلق بسوريا، رأى غولدريتش أن «الرئيس ترمب ربط نفسه بشكل وثيق بالحكومة الجديدة هناك، ويرغب في نجاحها». وأضاف أن «ترمب يتفهم مخاوف إسرائيل في شأن سوريا». لكنه «يرغب أيضاً في استقرار الوضع في سوريا، وأن يرى العالم أنه كان محقاً في وقوفه إلى جانب الشرع، وأن نهج ترمب سيجلب السلام».

وفي ما يتعلق بلبنان، قال غولدريتش: «إن القلق يكمن في أن العام يوشك على الانتهاء، ولم يتم نزع سلاح (حزب الله)، والإسرائيليون يضغطون للتحرك». ورجح أن «يضغط الأميركيون بشدة على الحكومة اللبنانية لنزع سلاح (حزب الله) ومواصلة أداء واجباتها». لكنه أكد أنهم «لا يرغبون في عملية إسرائيلية».

وبشكل ما، يوافق داود على أن «لبنان ليس فعلاً على الرادار الأميركي. والطريقة التي تتصرف فيها إسرائيل بالهجمات الدقيقة التي تستهدف بصورة دقيقة (حزب الله) من دون إحداث دمار مشابه لما حصل في غزة. ضربات إسرائيلية يومية تصيب 95 في المائة أفراد من (حزب الله) من دون رد». ورأى أنه «بالنسبة إلى الرئيسين عون وسلام، فسيكون النقص المتواصل في قوة (حزب الله) عاملاً مسهلاً في نزع سلاحه» عوض الذهاب إلى حرب شاملة جديدة.

وعبَّر ميلر عن اعتقاده بأن «التوقعات بتحقيق تقدم سريع على الجبهة اللبنانية ضئيلة للغاية»، مذكراً بأن هناك بنداً جانبياً في اتفاقية وقف النار الموقعة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، «يُلزم الولايات المتحدة بفهم أن لإسرائيل الحق في ردع هجمات حزب الله».


إسرائيل تعترف بـ«جمهورية أرض الصومال»

نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)
نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)
TT

إسرائيل تعترف بـ«جمهورية أرض الصومال»

نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)
نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)

أصبحت إسرائيل، أمس، أولَ دولة تعترف رسمياً بـ«جمهورية أرض الصومال» (صومالي لاند) المعلنة من جانب واحد «دولة مستقلة ذات سيادة»، وهو قرار من شأنه أن يعيدَ تشكيل الديناميكيات الإقليمية ويختبر معارضة ​الصومال الطويلة الأمد للانفصال، ويعطي تل أبيب موطئَ قدم في منطقة القرن الأفريقي الحساسة، في بلد يملك أطولَ حدود بحرية في قارة أفريقيا.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إنَّ إسرائيل ستسعى إلى تعاون فوري مع «أرض الصومال» - التي كانت تُعرف باسم «الصومال البريطاني» سابقاً - وفي بيان له، هنأ نتنياهو رئيس «أرض الصومال» عبد الرحمن محمد عبد الله، وأشادَ بقيادته ودعاه إلى زيارة إسرائيل. وقال نتنياهو إنَّ الإعلان «يتماشى مع روح اتفاقيات إبراهيم، التي وقعت بمبادرة من الرئيس (الأميركي دونالد) ترمب».

وأعلنت مصرُ أنَّ وزير خارجيتها، بدر عبد العاطي، تحدَّث هاتفياً مع نظرائه من الصومال وتركيا وجيبوتي لمناقشة ما وصفوه بالتطورات الخطيرة في القرن الأفريقي عقب الإعلان الإسرائيلي.

وقالت وزارة الخارجية المصرية إنَّ الوزراء ندَّدوا بالاعتراف الإسرائيلي وأكَّدوا دعمَهم الكامل لوحدة الصومال ‌وسلامة أراضيه.

وتتمتَّع منطقة «أرض الصومال» بحكم ذاتي فعلي، وسلام واستقرار نسبيين، منذ عام 1991 حين انزلق الصومال إلى حرب أهلية، إلا أنَّ هذه المنطقة الانفصالية لم تحظَ باعتراف أي دولة أخرى.