إيران تدعم «حماس» وسط تباين داخلي... وتنفي ضلوعها في «عملية الطوفان»

طهران لوَّحت بالرد على أي هجوم بعد تهديد أميركي

جدارية دعائية ضخمة مناهضة لإسرائيل معلقة على جدار في ساحة ولي العصر بطهران اليوم (إ.ب.أ)
جدارية دعائية ضخمة مناهضة لإسرائيل معلقة على جدار في ساحة ولي العصر بطهران اليوم (إ.ب.أ)
TT

إيران تدعم «حماس» وسط تباين داخلي... وتنفي ضلوعها في «عملية الطوفان»

جدارية دعائية ضخمة مناهضة لإسرائيل معلقة على جدار في ساحة ولي العصر بطهران اليوم (إ.ب.أ)
جدارية دعائية ضخمة مناهضة لإسرائيل معلقة على جدار في ساحة ولي العصر بطهران اليوم (إ.ب.أ)

وسط نفي إيران اتهامات بضلوعها في عملية «الطوفان»، جدد مسؤولون إيرانيون كبار تأييدهم لهجوم «حماس» على إسرائيل، وقال قيادي رفيع في «الحرس الثوري» إن وحدة القوات الخاصة المكلفة حماية طهران، مستعدة للقيام بعمليات خارجية، لكنّ نائباً متشدداً قال إن بلاده لا يمكنها المشاركة مباشرة في الحرب، وإنما تستخدم «قوى المقاومة» ضد إسرائيل.

وجاء النفي الإيراني على لسان مندوب إيران لدى الأمم المتحدة في نيويورك، قبل أن يكرر النفي المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني.

وحذر كنعاني من أن بلاده ستوجه على أي هجوم يطال منشآتها رداً «مدمراً»، وذلك بعدما دعا سيناتور جمهوري إلى استهداف منشآت نفطية إيرانية رداً على أي هجوم قد تتعرض له إسرائيل من «حزب الله».

وقال كنعاني: «على كل من يهدد الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن يدرك أن أي عمل أحمق سيقابل برد مدمر»، حسبما أوردت وكالة «رويترز».

وتابع أن الاتهامات «تستند إلى دوافع سياسية»، مضيفاً أن طهران لا تتدخل «في قرارات الدول الأخرى، بما فيها فلسطين»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

بدورها، نقلت وكالة «مهر» الحكومية، عن كنعاني قوله إن «مزاعم مشاركة إيران وحزب الله لا تقلل أبداً من شأن مساعدات الولايات المتحدة للكيان الصهيوني، ودعمها المباشر له». ووصف الاتهامات بأنها «مزاعم لتشويش الرأي العام وصرف الأنظار عن الدعم الأميركي المباشر للكيان الصهيوني وتبرير جرائم إسرائيل».

وقال كنعاني إن إيران دعت إلى عقد اجتماع طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي بشأن التطورات الإقليمية.

وكانت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة قد وزعت بياناً يتحدث عن «دعم إيران الحازم لفلسطين»، لكنه في الوقت نفسه، قال: «إننا لم نشارك في الرد الفلسطيني، وإن هذا العمل فلسطيني حصراً».

وقالت بعثة إيران: «ندعم فلسطين على نحو لا يتزعزع، لكننا لا نشارك في الرد الفلسطيني، لأن فلسطين فقط هي التي تتولى ذلك بنفسها». وأشارت إلى أن «نجاح» عملية «حماس» كان بسبب المباغتة، وهو ما يمثل «أكبر فشل» للأجهزة الأمنية الإسرائيلية. وقالت: «إنهم (الإسرائيليون) يحاولون تبرير فشلهم ونسبه إلى القوة الاستخباراتية الإيرانية والتخطيط العملياتي». وأوردت «رويترز» عن بيان البعثة: «إنهم (الإسرائيليون) يجدون صعوبة بالغة في قبول ما يتردد في أجهزة المخابرات عن هزيمتهم على يد مجموعة فلسطينية».

وتحدّث الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي عبر الهاتف مع قادة حركتي «حماس» إسماعيل هينة، و«الجهاد الإسلامي» زياد النخالة، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي في طهران، الأحد.

وأدى الهجوم المباغت الذي شنته «حماس» على إسرائيل يوم السبت، والرد الإسرائيلي إلى مقتل أكثر من 1100، كما سلط الضوء على الحركة المدعومة من إيران.

وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن ضباطاً كباراً في «الحرس الثوري» شاركوا في التخطيط لهجوم حركة «حماس» منذ أغسطس (آب) الماضي. ونقلت عن مصادر في «حماس» و«حزب الله» أن المسؤولين الإيرانيين أعطوا الضوء الأخضر للهجوم على إسرائيل في اجتماع عقد الأسبوع الماضي.

وقال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام إنه يتفق مع الاتهامات الموجهة لإيران بالوقوف وراء هجوم «حماس»، لافتاً إلى أن «الداعم الأساسي لحزب الله». وأضاف في منشور على منصة «إكس»: «يجب على إيران أن تدفع ثمناً باهظاً مقابل أي تصعيد موجه لإسرائيل».

وحذر غراهام من أن «أي هجوم من قبل حزب الله وغيره من وكلاء إيران سيكون مدمراً لأنظمة الدفاع الإسرائيلية»، وقال: «إذا حدث مثل هذا الهجوم، فيجب على إسرائيل والولايات المتحدة أن تسعى وراء مصافي النفط الإيرانية والبنية التحتية النفطية - التي تمثل شريان الحياة للاقتصاد الإيراني».

وأضاف: «لقد مضى وقت طويل على أن تدفع الدولة الإرهابية الإيرانية ثمن كل الاضطرابات والدمار الذي زرعته في جميع أنحاء المنطقة والعالم».

وذكر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أمس، أنه لا يوجد دليل على أن إيران كانت وراء الهجمات الأخيرة على إسرائيل، لكنه قال إن هناك علاقات طويلة الأمد بين طهران و«حماس». وقال إن إيران «لم تتمكن حتى الآن من صرف دولار واحد من 6 مليارات دولار»، تم الإفراج عنها في إطار اتفاق تبادل سجناء بين الولايات المتحدة وإيران في سبتمبر (أيلول).

والسبت، قال مسؤول أميركي كبير إنه «من السابق لأوانه القول» ما إذا كانت إيران «منخرطة مباشرة» في الهجوم الذي شنته «حماس»، لكنه أضاف أنه «ليس هناك شك» في حقيقة أن «حماس»، «ممولة ومجهزة ومسلحة» من النظام في طهران.

وحاول معظم الجمهوريين، خصوصاً الذين يتنافسون على ترشيح الحزب في انتخابات الرئاسة عام 2024، ربط اتفاق بايدن مع إيران بالهجمات، وزعم البعض خطأ أن بايدن أو دافعي الضرائب الأميركيين مولوا الهجمات على إسرائيل.

وجاء إنكار الخارجية الإيرانية في وقت جدد فيه علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني في الشؤون الدولية، تأييده لهجوم «حماس» على إسرائيل. ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن ولايتي قوله لوزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، إن «الدول التي تظن أن بإمكانها حل مشكلاتها بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، يجب أن تستخلص الدروس من هذه الأحداث».

وقبل ذلك، قال ولايتي إنه يتوقّع أن تعجل «هذه العملية المنتصرة (...) بسقوط النظام الصهيوني».

ماسك يرد على خامنئي

وضع الملياردير الأميركي إيلون ماسك، شارة تحذير على منشور حساب المرشد الإيراني علي خامنئي عبر منصة «إكس».

کان حساب خامنئي یستخدم فیديو يتحدث عن هروب إسرائيليين، معرباً عن أمله في «استئصال سرطان إسرائيل من المنطقة».

وكتب ماسك في منشور: «موقف خامنئي الرسمي واضح بأنه القضاء على إسرائيل وليس فقط دعم الفلسطينيين». وبدورها، نشرت منصة «إكس» ملاحظة على منشور خامنئي بأن «الفيديو يظهر هروب رواد مهرجان موسيقي من (حماس)». وقالت إسرائيل إن 250 من رواد المهرجان قتلوا في الهجوم.

طهران لن تشارك في الحرب مباشرة

وقال النائب المتشدد حسين جلالي إن بلاده لا يمكن أن تخوض مواجهة مباشرة مع إسرائيل، لكنها ستقدم دعماً لحركة «حماس». وأضاف: «نحارب إسرائيل باستخدام القوى المقاومة، هذه سياستنا الاستراتيجية منذ بداية الثورة».

وذكر موقع «ديدبان إيران» أن تصريحات النائب جاءت رداً على متحدث باسم حركة «حماس»، تحدث عن الدعم الإيراني للهجوم.

ومع ذلك، وصف النائب تدخل إيران بـ«الشائعات ونشر الاتهامات». وقال: «مثلما قال الأميركيون لا يوجد دليل على تدخل إيران في الهجوم. عندما يتدخل أحد يجب أن يكون لديه قوات على الأرض، لكن لا يوجد دليل، وترحيب إيران ليس دليلاً على تدخلها».

وحذر النائب من أن «إيران سترد على أي اعتداء»، وأضاف: «إيران لم ولن تكون البادئ بأي حرب، لكن إذا أراد أحدهم التدخل في قضايا إيران، أو تهديدنا، فسوف نرد».

وقال جلالي: «البعض يقول إن إيران تخوض حروباً بالوكلاء، وإن سوريا ولبنان و(حماس) في قبضتها»، مضيفاً أن بلاده «تفكر بالمقاومة وليس الحضور المباشر».

في هذا الصدد، قال المحلل السياسي الإيراني أحمد زيد آبادي، إن السلطات «تتوقّع أن تغيّر (حماس) بنفسها المُعطى» على الأرض، مضيفاً: «لا يبدو الإيرانيون مستعدين للدخول في حرب مماثلة لكنهم قد يكونون مهتمين، في لحظة معينة، بأن يعمد حلفاؤهم مثل (حزب الله) إلى تخفيف الضغط عن غزة عبر فتح جبهة جديدة» في الشمال. وفي رأي زيد آبادي أن «رهانات إيران كبيرة، فاستراتيجيتها ستتعزّز إذا تمكّنت (حماس) من ليّ ذراع إسرائيل». في المقابل «سيكون الأمر فشلاً للجمهورية الإسلامية إذا ضعفت (حماس)، وتمّ تدمير كل بناها التحتية السياسية والاقتصادية والعسكرية»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وقال أحمد زيد آبادي: «إذا هُزمت (حماس) تماماً، ستكون الطريق الى التطبيع سالكة، لأنه لا بديل آخر عملياً للدول العربية في مواجهة إسرائيل. أما إذا انتصرت، فسيكون أي اتفاق في دائرة الخطر لبعض الوقت. وعندها، ستتركز كل الضغوط على البرنامج النووي لإيران».

من جانبه، قال الرئيس السابق للجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية، النائب السابق، حشمت الله فلاحت بيشه، لموقع «رويداد 24» المحلي، إنه «من المحتمل أن تقْدم إسرائيل على حماقات ضد إيران، إذا ما توسعت الحرب بين (حماس) وإسرائيل».

«الحرس الثوري» يستعرض عضلاته

ومع انطلاق الحرب بين «حماس» وإسرائيل، كشف «الحرس الثوري» الإيراني عن تفاصيل جديدة من أحدث وحداته الخاصة المكلفة حماية العاصمة طهران، التي بدأت تدريبات الأحد، على مدى يومين في ضواحي العاصمة طهران.

وأعلن الجنرال حسن حسن زاده قائد «الحرس الثوري» في طهران، جاهزية وحدة «فاتحين» لخوض معارك خارج الأراضي الإيرانية. وقال إن الوحدة «تتولى مهام على نطاق واسع، وإنها لا تتقيد بالزمان أو المكان».

وأفادت وكالة «إيسنا» الحكومية عن حسن زاده قوله إن أهداف الوحدة «بلا حدود»، لافتاً إلى أنها «مستعدة لتنفيذ مهام في أي نقطة من العالم إذا تطلب الأمر».

قناصة خلال تدريبات الوحدات الخاصة في «الحرس الثوري» بضواحي طهران (تسنيم)

وقال حسن زاده: «كلما تقدم الوقت يزداد دور وحدة فاتحين»، متحدثاً عن تنفيذها مهام متعددة في المجالات الدفاعية والأمنية والهجومية. وقال إنها «الوحيدة بالعالم التي لديها أكبر مرونة لتنفيذ المهام الخاصة في أقل فترة ممكنة».

وبحسب مقطع فيديو، نشرته المواقع الإيرانية، تفقد حسن زاده الوحدة صباح الاثنين، في إحدى قواعد «الحرس الثوري»، ويظهر بعض أفراد الوحدة بملابس مدنية، وآخرون يرتدون أزياء مشابهة للقوات البرية في «الحرس الثوري»، كما يظهر رجال بملابس سوداء. وفي جانب من الفيديو، يطلق قناصة النار خلال تدريب.

تباين داخلي

وعلى الرغم من تأييد حكومة إبراهيم رئيسي، ونواب البرلمان ذات الأغلبية المتشددة، فإن الدعم الإيراني أثار انقساماً في الشارع، وأعرب ناشطون سياسيون عن مخاوفهم من تداعيات الحرب على تأزم الداخل الإيراني.

وتساءلت رئيسة «جبهة الإصلاحات» آذر منصوري عن أسباب تراجع التأييد الشعبي لـ«المقاومة الفلسطينية». وكتبت منصوري في مقال رأي تحت عنوان «الازدواجية في الدفاع عن المظلوم»، نشرته صحيفة «اعتماد» الإصلاحية: «لماذا يقتصر التأييد للشعب الفلسطيني ومقاومته على وسائل الإعلام والأجهزة الرسمية والمجاميع المرتبطة بالدولة، ولم يعد يحظى هذا الموقف بالدعم اللازم في الشارع كما في السابق؟».

وشددت منصوري على أن «أي مراقب منصف لا يمكنه إنكار هذا الموضوع». وأشارت في السياق نفسه إلى الانقسام الذي أثاره تأييد السلطات لروسيا في الحرب مع أوكرانيا. وانتقدت منصوري «الازدواجية، التباين» في سلوك الحكام بإيران.

وأعربت منصوري عن اعتقادها بأن «عدم تضامن المجتمع الإيراني مع الشعب الفلسطيني، يعود إلى مجموعة من المعايير المزدوجة والتباينات»، إلى جانب «الانشقاق الناجم عن تراجع الثقة العامة بالحكام».

وظهر الانقسام في الشارع الإيراني، حول الحرب بفلسطين، عندما رفع مجموعة من المشجعين أعلام فلسطين، قبل أن يسمع شعارات منددة برفع الأعلام في الملعب.

وفي مقطع فيديو متداول على نطاق واسع في شبكات التواصل، يظهر مجموعة كبيرة من مشجعي فريق برسبوليس طهران يرددون شعارات منددة برفع العلم الفلسطيني في الملعب.


مقالات ذات صلة

برهم صالح لـ«الشرق الأوسط»: العراق أفضل شاهد على العنف... والمنطقة قريبة من الهاوية

المشرق العربي الرئيس العراقي السابق برهم صالح (الشرق الأوسط)

برهم صالح لـ«الشرق الأوسط»: العراق أفضل شاهد على العنف... والمنطقة قريبة من الهاوية

دشّنت «الشرق الأوسط» سلسلة جلسات حوارية مع صنّاع القرار حول العالم، بدأت مع الرئيس العراقي السابق برهم صالح، الذي قدّم تصوراته عن مستقبل التصعيد في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني خلال مؤتمر صحافي الیوم (جماران)

إيران تنفي استهداف مسؤولين أميركيين سابقين

قالت إيران إن اتهامها باستهداف مسؤولين أميركيين سابقين «لا أساس له من الصحة». وقال محمد جواد ظريف نائب الرئيس الإيراني إن بلاده لم ترسل أشخاصاً لتنفيذ اغتيالات.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
الولايات المتحدة​ المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب (أ.ب)

بعد محاولة اغتياله... ترمب يعود مجدداً لعقد تجمع انتخابي في ولاية بنسلفانيا

أعلن المرشح الجمهوري لرئاسة الولايات المتحدة دونالد ترمب عن نيته الظهور مجدداً في الموقع الذي تعرض فيه لمحاولة اغتيال في يوليو (تموز) الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي 
خامنئي خلال لقائه أمس قدامى المحاربين في الحرب العراقية - الإيرانية (إ.ب.أ)

خامنئي: «حزب الله» تلقّى ضربة... ولن يركع

أقرّ المرشد الإيراني علي خامنئي، أمس (الأربعاء)، بأن «حزب الله» اللبناني تلقّى ضربة باغتيال قادة له من قِبل إسرائيل، لكنه شدّد على أن هذا الحزب «لن يركع».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي (إ.ب.أ)

غروسي إلى صفحة جديدة من محادثات «نووي إيران»

قال مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي إنه «لمس» رغبة كبرى لدى المسؤولين الإيرانيين حول التواصل مع الوكالة بعد محادثات في نيويورك.

«الشرق الأوسط» (لندن)

نتنياهو يتراجع وينأى بنفسه عن اقتراح أميركي لوقف النار في لبنان

TT

نتنياهو يتراجع وينأى بنفسه عن اقتراح أميركي لوقف النار في لبنان

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)

تراجع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم (الخميس)، عن تفاهم خاص مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، ونأى بنفسه عن الاقتراح الذي يهدف إلى وقف إطلاق النار لمدة 21 يوماً في لبنان، الذي قدّمته الولايات المتحدة وفرنسا وحلفاء آخرون، حسب ما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية.

وقال مسؤولون أميركيون إن نتنياهو ومقربين منه شاركوا بشكل مباشر في صياغة اقتراح وقف إطلاق النار المؤقت، وفقاً لما ذكره موقع «أكسيوس» الإخباري الأميركي.

وقد يؤدي تغيير موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي يأتي عقب تهديدات علنية من جانب وزراء من اليمين المتطرف في حكومته وانتقادات من جانب زعماء في المعارضة الإسرائيلية، إلى زيادة التوترات مع إدارة بايدن.

وصباح الخميس، وبينما كان نتنياهو يغادر إسرائيل متوجهاً إلى نيويورك، أصدرت الولايات المتحدة وفرنسا و10 دول غربية وعربية أخرى بياناً يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار لمدة 21 يوماً بين إسرائيل ولبنان. وكان نتنياهو على علم بأن البيان سيصدر.

وجاء في البيان أن الولايات المتحدة والدول الأخرى تتوقع من جميع الأطراف - وبينهم حكومتا لبنان وإسرائيل - أن تعرب عن قبولها للاقتراح.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن مسألة اقتراح وقف إطلاق النار لم يتم بحثها خلال اجتماع مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي، مساء أمس (الأربعاء)، وإن الوزراء اطلعوا بشكل رئيسي على خطط الجيش الإسرائيلي لمواصلة القتال ضد «حزب الله».

وعندما غادر الوزراء الاجتماع تابعوا التقارير الصحافية حول اقتراح وقف إطلاق النار، ونشر بعضهم تصريحات شديدة اللهجة ضد هذه الخطوة.

وأوضح الوزيران القوميان المتطرفان؛ بتسلئيل سموتريتش، وإيتمار بن غفير، أنهما يعارضان وقفاً لإطلاق النار، وهدّدا بالتصويت ضد الائتلاف الحاكم إذا وافق على الاقتراح.

وعلم نتنياهو بهذه التصريحات، وهو على متن طائرة متجهة إلى نيويورك، لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وفي البداية، نشر مكتبه بياناً ينفي فيه أن يكون وقف إطلاق النار وشيكاً، مؤكداً أن رئيس الوزراء لم يقدم ردّه على الاقتراح بعد.

وبعد ساعات قليلة، قال أحد مساعدي نتنياهو للصحافيين، على متن الطائرة، إن «اتجاه إسرائيل حالياً ليس وقف إطلاق النار، بل مزيد من العمل العسكري ضد (حزب الله)». وشدّد نتنياهو من موقفه عندما وصل إلى نيويورك.

وحسب مسؤول إسرائيلي، فقد «تم إبلاغ إسرائيل بالاقتراح الأميركي، لكنها لم توافق عليه قط»، وفق ما ذكرته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

وقال مسؤولون أميركيون إن التفاهم كان يدور حول تصريح رئيس الوزراء نتنياهو علناً بأنه «يرحب» بالاقتراح.

وبدلاً من ذلك، قال نتنياهو إن «سياسة إسرائيل واضحة، فنحن نواصل ضرب (حزب الله) بكل قوتنا. ولن نتوقف حتى نحقق كل أهدافنا، وأولها إعادة سكان الشمال إلى منازلهم بأمان. وهذه هي السياسة، ويجب ألا يخطئ أحد في ذلك».