غضب مسيحي من ظاهرة «بصق» اليهود على المصلين... والفاتيكان يتدخل

وزراء وحاخامات يرفضون ربط الظاهرة بالشريعة اليهودية

وفد من مسيحيي فلسطين التقى البابا فرنسيس في سبتمبر 2019 (راديو بيت لحم)
وفد من مسيحيي فلسطين التقى البابا فرنسيس في سبتمبر 2019 (راديو بيت لحم)
TT

غضب مسيحي من ظاهرة «بصق» اليهود على المصلين... والفاتيكان يتدخل

وفد من مسيحيي فلسطين التقى البابا فرنسيس في سبتمبر 2019 (راديو بيت لحم)
وفد من مسيحيي فلسطين التقى البابا فرنسيس في سبتمبر 2019 (راديو بيت لحم)

عادت ظاهرة «البصق» التي يقوم بها يهود متدينون تجاه المصلين المسيحيين في القدس إلى الواجهة، وازدادت بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة، وتكثفت خلال الأعياد اليهودية الأخيرة حتى اضطرت حاضرة الفاتيكان للتدخل ومخاطبة إسرائيل، ومطالبتها بالتصدي لذلك.

وعلى الرغم من أن «البصق» عادة قديمة، وتكاد تكون تقليداً يتبعه غلاة المتطرفين، فإن مقاطع فيديو نُشرت، الاثنين، أظهرت مجموعة من المتدينين اليهود في البلدة القديمة في القدس يبصقون على مجموعة من المسيحيين الذين كانوا قد خرجوا من الكنيسة يحملون صليباً كبيراً في مسيرة التقت بمسيرة اليهود؛ ما أثار غضباً واستياءً واسعين بين المسيحيين.

منسق منتدى الكنائس في الأراضي المقدسة وديع أبو نصار (يسار) متحدثاً في مركز القدس للدراسات السياسية ديسمبر الماضي

وقال منسق منتدى الكنائس في الأراضي المقدسة، وديع أبو نصار، إن حاخامات يهوداً ضالعون في التحريض للقيام بمثل هذه الأعمال المقيتة، محذراً من أن ظاهرة البصق التي أخذت في الاتساعِ مؤخراً قد تتطور إلى ضرب، ومن ثم إلى جريمة قتل.

وكان يُفترض أن يلتقي أبو نصار بقيادة الشرطة الإسرائيلية، الثلاثاء، للبحث في هذا الموضوع.

وقال لإذاعة «كان» الإسرائيلية، إن «المسيحيين لا يطلبون مِنّة من أحد، بل يطالبون بما يجب القيام به لاجتثاث هذه الظاهرة».

الغضب المسيحي الكبير تُرجم في تدخُل من الفاتيكان وعدد من الدول التي أجرت

اتصالات بإسرائيل، لحضها على التصدي بحزم لظاهرة قيام متدينين يهود بالبصق على مسيحيين وكنائس في البلدة القديمة من القدس. وقالت قناة «كان» العبرية، إن الفاتيكان ودولاً أخرى اشتكت من غياب الردع لدى مؤسسات الدولة.

وجاء الغضب المسيحي الواسع في وقت يشتكي فيه المسيحيون من الحكومة الإسرائيلية الحالية التي جعلت حياتهم أسوأ.

وقال منسق مجلس الكنائس العالمي في القدس، يوسف ظاهر، إن الحجاج المسيحيين في القدس تعرضوا لاعتداءات متكررة في العامين الماضيين، وتحديداً في ظل الحكومة الإسرائيلية الحالية.

وأضاف، في تصريح بثته «وكالة الأنباء الفلسطينية» الرسمية، أن هناك استياءً من رؤساء الكنائس لعدم تدخل العالم لوضع حد لهذه الاعتداءات التي تتكرر بشكل كبير، خصوصاً أن مجسماً للمسيح قد تعرض قبل 6 أشهر للاعتداء والتكسير.

وضرب ظاهر مثلاً بأحد رجال الدين من الطائفة الأرمنية في مدينة القدس، الذي «تعرض للبصق في وجهه 90 مرة خلال عام واحد».

وفد عربي من فلسطينيي 48 يتضامن مع كنيسة مار إلياس بحيفا في يونيو الماضي (لجنة المتابعة - الناصرة)

ومنذ نهاية عام 2021 حتى اليوم ازدادت بشكل ملحوظ الاعتداءات على المسيحيين، وأصدرت الكنائس 12 بياناً على الأقل تدين فيها هذه الظاهرة، لكن مع وصول الحكومة الإسرائيلية اليمينية إلى الحكم أصبح الأمر لا يطاق بالنسبة للمسيحيين.

وفي أبريل (نيسان) الماضي، قال رئيس الكنيسة الرومانية الكاثوليكية في الأراضي المقدسة، إن صعود حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة إلى السلطة جعل الحياة أسوأ بالنسبة للمسيحيين في مسقط رأس المسيحية.

أرشيفية لاستقبال الرئيس الفلسطيني محمود عباس بطريرك اللاتين بالقدس الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا (وفا)

وقال بطريرك اللاتين في القدس، الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، لوكالة «أسوشييتد برس»، إن المجتمع المسيحي الذي يعود تاريخ وجوده في المنطقة إلى 2000 عام، يتعرض لهجوم متنامٍ، حيث جعلت الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل المتطرفين الذين يقومون بمضايقة رجال الدين، والاعتداء على الممتلكات الدينية بوتيرة متسارعة، أكثر جرأة.

وقال بيتسابالا أيضاً: «إن تكرار هذه الهجمات والاعتداءات أصبح شيئاً جديداً. يشعر هؤلاء الأشخاص بأنهم محميون، وأن المناخ الثقافي والسياسي الآن يمكن أن يبرر أو يتسامح مع الأفعال ضد المسيحيين».

لكن مع ذلك، لم تحرك الشرطة الإسرائيلية ساكناً تجاه المعتدين، وقالت وفق وسائل إعلام إسرائيلية، إن هناك عقبات قانونية تحول دون تقديم المشبوهين للعدالة؛ لأنهم يقومون بالبصق على الأرض وليس باتجاه شخص معين.

ويتضح من تصريحات يهود متدينين ومتطرفين، أن غياب الردع ليس الشيء الوحيد الذي يشجعهم على الاستمرار في ظاهرة البصق على المسيحيين، على أساس أن المسألة «تمثل عادة قديمة وتجلب لهم البركة»، وهو تصور أثار الجدل في إسرائيل نفسها.

مؤتمر صحافي لرؤساء الكنائس بالقدس حول إغلاق البلدة القديمة يوم سبت النور في ديسمبر الماضي (وفا)

وقال إليشا (اليشع) يارد، وهو أحد غلاة المستوطنين المتطرفين، المتهم بالمشاركة في قتل الشاب قصي معطان من قرية برقة قرب رام الله في أغسطس (آب) الماضي: «إنه وقت مناسب للتذكير بأن عادة البصق بالقرب من الكهنة أو الكنائس هي عادة قديمة وطويلة الأمد، ومن العادات اليهودية القديمة جداً».

ويارد عمل مع عضو الكنيست ليمون سون هار مليخ، من «حزب القوة اليهودية» الذي يتزعمه المتطرف إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي الإسرائيلي. ووصف يارد البصق بأنه يجلب بركة خاصة. وأضاف محرضاً: «ربما نسينا إلى حد ما، تحت تأثير الثقافة الغربية، ما هي المسيحية، لكنني أعتقد أن ملايين اليهود الذين خاضوا الحروب الصليبية في المنفى، والتعذيب في محاكم التفتيش، والمؤامرات الدموية، والمذابح الجماعية - لن ينسوا أبدًا».

وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين (أ.ب)

لكن سرعان ما حاول وزير الخارجية الإسرائيلي تلطيف الأجواء، متصدياً لفكرة أن البصق عادة يهودية قديمة. وكتب إيلي كوهين على منصة «إكس»، الثلاثاء: «أدين ظاهرة البصق القبيحة على المسيحيين، وإيذاء أي إنسان بسبب دينه أو معتقده. هذه الظاهرة لا تمثل قيم اليهودية».

وأضاف: «حرية الدين والعبادة هي قيمة أساسية في إسرائيل. وأنا أدعو جميع مواطني إسرائيل إلى احترام تقاليد وإيمان كل من يأتي إلى أبواب القدس، المدينة المقدسة».

جاءت تلك التدوينة رداً على أقوال يارد الذي تصدى له أيضاً وزير السياحة حاييم كاتس الذي لفت إلى أن «القول بأن البصق على المسيحيين عادة قديمة وحتى مقبولة، أمر فظيع. إن تصرفات مجموعة من المتطرفين تجعل الناس يكرهون اليهودية، وتضر بصورة إسرائيل، وتؤثر في السياحة».

كما أدان كبير الحاخامات الأشكناز في إسرائيل، ديفيد لاو، الأمر، وقال: «نحترم جميع الأمم التي تأتي لتكريم مدينة القدس المقدسة. من المؤكد أن هذه الظواهر غير الأخلاقية ليست لها أي علاقة بالشريعة اليهودية».


مقالات ذات صلة

33 يوماً أقصر مدة لبابا... أرقام لافتة في تاريخ البابوية

العالم الكرادلة يغادرون بعد القداس الذي ترأسه وزير خارجية الفاتيكان، الكاردينال بييترو بارولين، في اليوم الثاني من تسعة أيام من الحداد على البابا الراحل فرانسيس في ساحة القديس بطرس (أ.ب)

33 يوماً أقصر مدة لبابا... أرقام لافتة في تاريخ البابوية

بعد جنازة البابا فرنسيس أمس (السبت)، تتجه الأنظار إلى من سيخلفه. وقبل انتخاب البابا الجديد، فيما يأتي يعض الأرقام اللافتة في تاريخ البابوية.

«الشرق الأوسط» (الفاتيكان)
أوروبا كرادلة يصلون للمشاركة في قداس على روح البابا فرنسيس بساحة القديس بطرس في الفاتيكان (أ.ب) play-circle

المجمع المغلق لانتخاب البابا المقبل: 135 كاردينالاً متوسط أعمارهم 70 عاماً

يجتمع 135 كاردينالاً يبلغ متوسط أعمارهم 70 عاماً، ومعظمهم عيَّنه البابا فرنسيس، في مجمع انتخابي مغلق لاختيار خليفة له، مع تمثيل أوروبي قوي ولكنه آخذ في التراجع.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا دخان أبيض يتصاعد من مدخنة كنيسة سيستين معلناً انتخاب بابا جديد يوم الأربعاء 13 مارس 2013 (أ.ب) play-circle 01:57

متى وكيف يتم اختيار البابا الجديد؟

يتم اختيار البابا الجديد من خلال ما يُعرف بالمجمع البابوي. ويتألف من الأساقفة والمسؤولين في الفاتيكان المختارين من قبل البابا.

«الشرق الأوسط» (الفاتيكان)
أوروبا زوار أمام قبر البابا فرنسيس بكنيسة سانتا ماريا ماجوري في روما (أ.ف.ب) play-circle

بعد جنازة البابا فرنسيس... الأنظار تتجه إلى من سيخلفه

سيتمكن المسيحيون، بدءاً من صباح الأحد، من زيارة قبر البابا فرنسيس الذي ووري الثرى السبت بكنيسة سانتا ماريا ماجوري في روما بعد جنازة مهيبة.

«الشرق الأوسط» (روما)
ثقافة وفنون البابا في العراق (أ.ب)

أنوار البابا الطيب

لماذا ننعته بـ«الطيب»؟ لأنه جعل من الانفتاح على الإسلام والمسلمين أحد المحاور الأساسية لعهدته البابوية. وقد لقيتْ مبادراته أصداء واسعة

هاشم صالح

رئيس «الشاباك» الإسرائيلي يعلن اعتزامه الاستقالة في يونيو

رونين بار رئيس جهاز الشاباك يشارك في مراسم إحياء ذكرى الجنود الذين سقطوا في حروب إسرائيل وضحايا الهجمات في المقبرة العسكرية في جبل هرتزل بالقدس 13 مايو 2024 (رويترز)
رونين بار رئيس جهاز الشاباك يشارك في مراسم إحياء ذكرى الجنود الذين سقطوا في حروب إسرائيل وضحايا الهجمات في المقبرة العسكرية في جبل هرتزل بالقدس 13 مايو 2024 (رويترز)
TT

رئيس «الشاباك» الإسرائيلي يعلن اعتزامه الاستقالة في يونيو

رونين بار رئيس جهاز الشاباك يشارك في مراسم إحياء ذكرى الجنود الذين سقطوا في حروب إسرائيل وضحايا الهجمات في المقبرة العسكرية في جبل هرتزل بالقدس 13 مايو 2024 (رويترز)
رونين بار رئيس جهاز الشاباك يشارك في مراسم إحياء ذكرى الجنود الذين سقطوا في حروب إسرائيل وضحايا الهجمات في المقبرة العسكرية في جبل هرتزل بالقدس 13 مايو 2024 (رويترز)

أعلن رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) رونين بار أنه سيستقيل في يونيو (حزيران) بسبب فشل جهازه في التحذير من هجمات «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وتأتي خطوة إعلان الاستقالة بمثابة تهدئة للتصعيد في صراع رئيس الجهاز مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

أعلن رونين بار، استقالته مساء الاثنين، قائلاً إنه سيتنحى رسمياً عن منصبه في 15 يونيو. وكان نتنياهو قد أقدم على إقالة بار الشهر الماضي بسبب ما وصفه بأزمة ثقة تحيط بهجمات «حماس»، وقد أثارت خطوة نتنياهو ضجة في إسرائيل.

ويتولى «الشاباك» التعامل مع التحقيقات المرتبطة بمكافحة الإرهاب، وصار محور معركة سياسية متصاعدة بين حكومة نتنياهو الائتلافية اليمينية ومجموعة من منتقديها من أعضاء بالمؤسسة الأمنية وصولاً إلى أسر الرهائن المحتجزين في غزة.
وقال نتنياهو في 16 مارس (آذار) إنه فقد الثقة في بار منذ فترة طويلة، وإن الثقة في رئيس جهاز الأمن العام، الذي تشمل مهامه مكافحة الإرهاب وتأمين المسؤولين الحكوميين، تشتد في أوقات الحرب.
وأوقفت المحكمة العليا في وقت لاحق مؤقتاً مساعي الحكومة لإقالة بار الذي زعم أن نتنياهو أراد إقالته بعد رفضه تلبية طلبات شملت التجسس على المتظاهرين الإسرائيليين وتعطيل محاكمة رئيس الوزراء بتهم الفساد.
ورداً على هذه الاتهامات، اتهم نتنياهو بار بالكذب.